للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَأَمْكَنَ كَوْنُهُ مِنْهُ ظَاهِرًا لِمَا يَأْتِي (لَزِمَهُ نَفْيُهُ) وَإِلَّا لَكَانَ بِسُكُوتِهِ مُسْتَلْحِقًا لِمَنْ لَيْسَ مِنْهُ وَهُوَ مُمْتَنِعٌ كَمَا يَحْرُمُ نَفْيُ مَنْ هُوَ مِنْهُ لِمَا يَأْتِي، وَلِعَظِيمِ التَّغْلِيظِ عَلَى فَاعِلِ ذَلِكَ وَقَبِيحِ مَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِمَا مِنْ الْمَفَاسِدِ كَانَا مِنْ الْقَبَائِحِ الْكَبَائِرِ، بَلْ أُطْلِقَ عَلَيْهِمَا الْكُفْرُ فِي الْأَخْبَارِ الصَّحِيحَةِ وَإِنْ أُوِّلَ بِالْمُسْتَحِلِّ أَوْ بِأَنَّهُمَا سَبَبٌ لَهُ أَوْ بِكُفْرِ النِّعْمَةِ، ثُمَّ إنْ عَلِمَ زِنَاهَا أَوْ ظَنَّهُ ظَنًّا مُؤَكَّدًا قَذَفَهَا وَلَاعَنَ لِنَفْيِهِ وُجُوبًا فِيهِمَا، وَإِلَّا اقْتَصَرَ عَلَى النَّفْيِ بِاللِّعَانِ لِجَوَازِ كَوْنِهِ مِنْ شُبْهَةٍ أَوْ زَوْجٍ سَابِقٍ وَشَمِلَ كَلَامُهُ كَغَيْرِهِ مَا لَوْ أَتَتْ بِوَلَدٍ عَلِمَ أَنَّهُ لَيْسَ مِنْهُ وَلَكِنَّهُ خِفْيَةٌ بِحَيْثُ لَا يَلْحَقُ بِهِ فِي الْحُكْمِ، لَكِنَّ الْأَوْجَهَ قَوْلُ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ: الْأَوْلَى لَهُ السَّتْرُ: أَيْ وَكَلَامُهُمْ إنَّمَا هُوَ حَيْثُ تَرَتَّبَ عَلَى عَدَمِ النَّفْيِ لُحُوقُهُ بِهِ كَمَا اقْتَضَاهُ تَعْلِيلُهُمْ الْمَذْكُورُ (وَإِنَّمَا يَعْلَمُ) أَنَّهُ لَيْسَ مِنْهُ (إذَا لَمْ يَطَأْ) وَلَا اسْتَدْخَلَتْ مَاءَهُ الْمُحْتَرَمَ أَصْلًا (أَوْ) وَطِئَ أَوْ اسْتَدْخَلَتْ مَاءَهُ الْمُحْتَرَمَ وَلَكِنْ (وَلَدَتْهُ لِدُونِ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ الْوَطْءِ) وَلَوْ لِأَكْثَرَ مِنْهَا مِنْ الْعَقْدِ (أَوْ فَوْقَ أَرْبَعِ سِنِينَ) مِنْ الْوَطْءِ لِلْعِلْمِ حِينَئِذٍ بِأَنَّهُ مِنْ مَاءِ غَيْرِهِ، وَلَوْ عَلِمَ زِنَاهَا لَزِمَهُ قَذْفُهَا وَنَفْيُهُ، وَصَرَّحَ جَمْعٌ بِأَنَّ نَحْوَ رُؤْيَتِهِ مَعَهَا فِي خَلْوَةٍ فِي ذَلِكَ الطُّهْرِ مَعَ شُيُوعِ زِنَاهَا بِهِ يَلْزَمُهُ ذَلِكَ أَيْضًا.

وَيُؤَيِّدُهُ مَا يَأْتِي عَنْ الرَّوْضَةِ (فَلَوْ وَلَدَتْهُ لِمَا بَيْنَهُمَا) أَيْ دُونَ السِّتَّةِ وَفَوْقَ الْأَرْبَعَةِ مِنْ الْوَطْءِ (وَلَمْ يَسْتَبْرِئْهَا بِحَيْضَةٍ) بَعْدَ وَطْئِهِ أَوْ اسْتَبْرَأَهَا بِهَا وَكَانَ بَيْنَ الْوِلَادَةِ وَالِاسْتِبْرَاءِ أَقَلُّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ (حُرِّمَ النَّفْيُ) لِلْوَلَدِ لِأَنَّهُ لَاحِقٌ بِفِرَاشِهِ، وَلَا عِبْرَةَ بِرِيبَةٍ يَجِدُهَا فِي نَفْسِهِ، وَفِي خَبَرِ أَبِي دَاوُد وَالنَّسَائِيُّ وَغَيْرِهِمَا «أَيُّمَا رَجُلٍ جَحَدَ وَلَدَهُ وَهُوَ يَنْظُرُ إلَيْهِ احْتَجَبَ اللَّهُ مِنْهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَفَضَحَهُ عَلَى رُءُوسِ الْخَلَائِقِ» (وَإِنْ وَلَدَتْهُ فَوْقَ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ الِاسْتِبْرَاءِ) بِحَيْضَةٍ أَيْ مِنْ ابْتِدَاءِ الْحَيْضِ كَمَا ذَكَرَهُ جَمْعٌ لِأَنَّهُ الدَّالُ عَلَى الْبَرَاءَةِ (حَلَّ النَّفْيُ فِي الْأَصَحِّ) لِأَنَّ الِاسْتِبْرَاءَ أَمَارَةٌ ظَاهِرَةٌ عَلَى أَنَّهُ لَيْسَ مِنْهُ، نَعَمْ يُسَنُّ لَهُ عَدَمُهُ لِأَنَّ الْحَامِلَ قَدْ تَحِيضُ وَمَحَلُّهُ إنْ كَانَ هُنَاكَ تُهْمَةُ زِنًا وَإِلَّا لَمْ يَجُزْ قَطْعًا، وَصُحِّحَ فِي الرَّوْضَةِ أَنَّهُ إنْ رَأَى بَعْدَ الِاسْتِبْرَاءِ قَرِينَةً بِزِنَاهَا مِمَّا مَرَّ لَزِمَهُ نَفْيُهُ بِغَلَبَةِ الظَّنِّ بِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْهُ حِينَئِذٍ وَإِلَّا لَمْ يَجُزْ، وَاعْتَمَدَهُ الْإِسْنَوِيُّ وَغَيْرُهُ، وَيُمْكِنُ حَمْلُ كَلَامِ الْكِتَابِ عَلَى ذَلِكَ.

وَقَوْلُهُ مِنْ الِاسْتِبْرَاءِ تَبِعَ فِيهِ الرَّافِعِيَّ، وَصُحِّحَ فِي الرَّوْضَةِ اعْتِبَارُهَا مِنْ حِينِ الزِّنَا بَعْدَ الِاسْتِبْرَاءِ لِأَنَّهُ مُسْتَنِدُ اللِّعَانِ، فَعَلَيْهِ إذَا وَلَدَتْ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

قَوْلُهُ: لِمَا يَأْتِي) أَيْ فِي قَوْلِهِ: وَفِي خَبَرِ أَبِي دَاوُد وَالنَّسَائِيُّ وَغَيْرِهِمَا «أَيُّمَا رَجُلٍ جَحَدَ وَلَدَهُ وَهُوَ يَنْظُرُ» إلَخْ (قَوْلُهُ: وَقَبِيحِ مَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِمَا) مِنْ اسْتِلْحَاقٍ وَنَفْيٍ وَلَيْسَ مِنْ النَّفْيِ الْمُحَرَّمِ بَلْ وَلَا مِنْ النَّفْيِ مُطْلَقًا مَا يَقَعُ كَثِيرًا مِنْ الْعَامَّةِ أَنَّ الْإِنْسَانَ مِنْهُمْ يَكْتُبُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ وَلَدِهِ حُجَّةً أَوْ يُرِيدُ كِتَابَتَهَا بِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْهُ وَلَا عَلَاقَةَ لَهُ بِهِ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ هَذِهِ الْحُجَّةِ أَنَّ الْوَلَدَ لَيْسَ مُطِيعًا لِأَبِيهِ فَلَا يُنْسَبُ لِأَبِيهِ مِنْ أَفْعَالِهِ شَيْءٌ فَلَا يُطَالَبُ بِشَيْءٍ لَزِمَ الْوَلَدَ مِنْ دَيْنٍ أَوْ إتْلَافٍ أَوْ غَيْرِهِمَا مِمَّا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ دَعْوَى وَيَحْتَاجُ إلَى جَوَابٍ (قَوْلُهُ: وَإِنْ أُوِّلَ) أَيْ الْكُفْرُ (قَوْلُهُ: وَلَكِنَّهُ خِفْيَةٌ) أَيْ بِأَنْ لَمْ تَشْتَهِرْ وِلَادَتُهَا وَأَمْكَنَ تَرْبِيَتُهُ عَلَى أَنَّهُ لَقِيطٌ مَثَلًا (قَوْلُهُ: يَلْزَمُهُ ذَلِكَ) أَيْ الْقَذْفُ وَالنَّفْيُ (قَوْلُهُ وَهُوَ يَنْظُرُ إلَيْهِ) أَيْ يُعْرَفُ بِهِ (قَوْلُهُ: وَصُحِّحَ فِي الرَّوْضَةِ) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: وَيُمْكِنُ حَمْلُ كَلَامِ الْكِتَابِ) قَدْ يُمْنَعُ مِنْ الْحَمْلِ الْمَذْكُورِ أَنَّ هَذَا مُقَابِلُ الْأَصَحِّ الَّذِي جَرَى الْمَتْنُ عَلَى خِلَافِهِ هَذَا وَلَمْ يَذْكُرْ الشَّارِحُ مُقَابِلَ الْأَصَحِّ، وَقَدْ ذَكَرَهُ الْمَحَلِّيُّ وَعِبَارَتُهُ: وَالْوَجْهُ الثَّانِي

ــ

[حاشية الرشيدي]

قَوْلُهُ: وَأَمْكَنَ كَوْنُهُ مِنْهُ ظَاهِرًا) أَيْ بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يُمْكِنْ شَرْعًا كَوْنُهُ مِنْهُ كَأَنْ أَتَتْ بِهِ لِدُونِ سِتَّةِ أَشْهُرٍ فَإِنَّهُ مَنْفِيٌّ عَنْهُ شَرْعًا فَلَا يَلْزَمُهُ النَّفْيُ (قَوْلُهُ: لَزِمَهُ قَذْفُهَا) قَالَ الشِّهَابُ سم: وَنَفْيُهُ صَادِقٌ مَعَ إمْكَانِ كَوْنِهِ مِنْهُ أَيْضًا، وَعَلَيْهِ يَنْبَغِي تَقْيِيدُهُ بِمَا إذَا كَانَ احْتِمَالُ كَوْنِهِ مِنْ الزِّنَا أَقْوَى أَخْذًا مِمَّا يَأْتِي فِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَلَوْ عَلِمَ زِنَاهَا إلَخْ. فَلْيُرَاجَعْ. اهـ. (قَوْلُهُ: وَيُمْكِنُ حَمْلُ كَلَامِ الْكِتَابِ عَلَى ذَلِكَ) أَيْ بِأَنْ يُقَالَ الْحَلُّ فِيهِ صَادِقٌ بِاللُّزُومِ، وَقَدْ مَرَّ تَقْيِيدُهُ بِمِثْلِ مَا قُيِّدَ بِهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>