للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هِيَ هُنَا إذْ لَا حَدَّ عَلَيْهَا بِلِعَانِهِ وَلَوْ ثَبَتَ قَذْفٌ أَنْكَرَهُ قَالَ فِيمَا ثَبَتَ مِنْ قَذْفِي إيَّاهَا بِالزِّنَا وَذَلِكَ لِلْآيَاتِ أَوَائِلِ سُورَةِ النُّورِ وَكُرِّرَتْ لِتَأَكُّدِ الْأَمْرِ وَلِأَنَّهَا مِنْهُ مَنْزِلَةُ أَرْبَعِ شُهُودٍ لِيُقَامَ عَلَيْهَا بِهَا الْحَدُّ، وَلِذَا سُمِّيَتْ شَهَادَاتٌ.

وَأَمَّا الْخَامِسَةُ فَهِيَ مُؤَكِّدَةٌ لِمُفَادِهَا، نَعَمْ الْمُغَلِّبُ فِي تِلْكَ الْكَلِمَاتِ مُشَابَهَتُهَا لِلْأَيْمَانِ كَمَا يَأْتِي (فَإِنْ غَابَتْ) عَنْ الْمَجْلِسِ أَوْ الْبَلَدِ لِعُذْرٍ أَوْ غَيْرِهِ (سَمَّاهَا وَرَفَعَ نَسَبَهَا) أَوْ ذَكَرَ وَصْفَهَا (بِمَا يُمَيِّزُهَا) عَنْ غَيْرِهَا دَفْعًا لِلِاشْتِبَاهِ وَيَكْفِي قَوْلُهُ زَوْجَتِي إذَا عَرَفَهَا الْحَاكِمُ وَلَمْ يَكُنْ تَحْتَهُ غَيْرُهَا (وَالْخَامِسَةُ أَنَّ لَعْنَةَ اللَّهِ عَلَيْهِ إنْ كَانَ مِنْ الْكَاذِبِينَ) عَدَلَ عَنْ عَلَيَّ وَكُنْتُ تَفَاؤُلًا (فِيمَا رَمَاهَا بِهِ مِنْ الزِّنَا وَإِنْ كَانَ وَلَدٌ يَنْفِيهِ؛ ذَكَرَهُ فِي) كُلٍّ مِنْ (الْكَلِمَاتِ) الْخَمْسِ كُلِّهَا لِيَنْتَفِيَ عَنْهُ (فَقَالَ وَأَنَّ الْوَلَدَ الَّذِي وَلَدَتْهُ) إنْ غَابَ (أَوْ هَذَا الْوَلَدُ) إنْ حَضَرَ (مِنْ) زَوْجٍ أَوْ شُبْهَةٍ أَوْ (زِنًا لَيْسَ مِنِّي) وَذِكْرُ لَيْسَ مِنِّي تَأْكِيدٌ كَمَا فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ وَالشَّرْحِ الصَّغِيرِ حَمْلًا لِلزِّنَا عَلَى حَقِيقَتِهِ وَإِنْ ذَهَبَ الْأَكْثَرُونَ إلَى أَنَّهُ شَرْطٌ وَاعْتَمَدَهُ الْأَذْرَعِيُّ لِاحْتِمَالِ أَنْ يَعْتَقِدَ أَنَّ وَطْءَ الشُّبْهَةِ زِنًا، وَلَا يَكْفِي الِاقْتِصَارُ عَلَى لَيْسَ مِنِّي لِاحْتِمَالِ أَنْ يُرِيدَ أَنَّهُ لَا يُشْبِهُهُ خَلْقًا أَوْ خُلُقًا (وَتَقُولُ هِيَ) بَعْدَهُ لِوُجُوبِ تَأَخُّرِ لِعَانِهَا كَمَا سَيَأْتِي (أَشْهَدُ بِاَللَّهِ إنَّهُ لِمَنْ الْكَاذِبِينَ فِيمَا رَمَانِي بِهِ) وَتُشِيرُ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

قَوْلُهُ: مُشَابَهَتُهَا لِلْأَيْمَانِ) أَيْ فَأُعْطِيَتْ حُكْمَهَا فِيمَا تَقَدَّمَ لَهُ مِنْ أَنَّهَا أَيْمَانٌ عَلَى الْأَصَحِّ الْمُرَادُ بِهِ أَنَّهَا كَذَلِكَ حُكْمًا فَلَا يُنَافِي أَنَّهَا لَيْسَتْ أَيْمَانًا فِي الْأَصْلِ وَلَكِنَّهَا تُشْبِهُهَا (قَوْلُهُ: كَمَا يَأْتِي) وَمِنْ ثَمَّ لَوْ كَذَبَ لَزِمَهُ كَفَّارَةُ يَمِينٍ، وَالْأَوْجَهُ أَنَّهَا لَا تَتَعَدَّدُ بِتَعَدُّدِهَا لِأَنَّ الْمَحْلُوفَ عَلَيْهِ وَاحِدٌ وَالْمَقْصُودَ مِنْ تَكْرِيرِهَا مَحْضُ التَّأْكِيدِ لَا غَيْرُ اهـ حَجّ.

قَالَ سم: وَمُقَابِلُ هَذَا الْأَوْجَهِ أَرْبَعُ كَفَّارَاتٍ، وَاعْتَمَدَ شَيْخُنَا الزِّيَادِيُّ مَا قَالَهُ حَجّ (قَوْلُهُ: حَتَّى إذَا عَرَفَهَا الْحَاكِمُ) أَيْ وَعَرَفَ أَنَّهَا تَحْتَهُ الْآنَ (قَوْلُهُ: وَالْخَامِسَةَ) عَطْفٌ عَلَى أَرْبَعٍ فَهُوَ بِالنَّصْبِ وَيَجُوزُ رَفْعُهُ عَطْفًا عَلَى قَوْلِهِ اللِّعَانُ (قَوْلُهُ: لِاحْتِمَالِ أَنْ يُرِيدَ أَنَّهُ لَا يُشْبِهُهُ) فَإِنْ قُلْت: الْيَمِينُ عَلَى نِيَّةِ الْمُسْتَحْلِفِ وَعَلَيْهِ فَنِيَّتُهُ ذَلِكَ لَا تَنْفَعُهُ.

قُلْت: لَعَلَّ الْمُرَادَ بِكَوْنِهَا عَلَى نِيَّةِ الْمُسْتَحْلِفِ بِالنَّظَرِ لِلُزُومِ الْكَفَّارَةِ،

ــ

[حاشية الرشيدي]

قَوْلُهُ: وَلَوْ ثَبَتَ قَذْفٌ أَنْكَرَهُ قَالَ فِيمَا ثَبَتَ مِنْ قَذْفِي إيَّاهَا بِالزِّنَا) أَيْ بِأَنْ يَقُولَ أَشْهَدُ بِاَللَّهِ إنِّي لَمِنْ الصَّادِقِينَ فِيمَا ثَبَتَ إلَخْ. فَلَا يَكْفِيهِ فِي دَفْعِ الْحَدِّ أَشْهَدُ بِاَللَّهِ إنِّي لَمِنْ الصَّادِقِينَ فِي إنْكَارِي مَا ثَبَتَ عَلَيَّ مِنْ رَمْيِي إيَّاهَا بِالزِّنَا خِلَافًا لِمَا فِي الْعُبَابِ.

وَعِبَارَةُ الرَّوْضِ وَشَرْحُهُ: لَوْ ادَّعَتْ امْرَأَةٌ أَنَّ زَوْجَهَا قَذَفَهَا وَلَمْ يَعْتَرِفْ بِهِ بِأَنْ سَكَتَ، أَوْ قَالَ فِي الْجَوَابِ لَا يَلْزَمُنِي الْحَدُّ، فَأَقَامَتْ بَيِّنَةً بِقَذْفِهِ لَهَا لَاعَنَ، وَإِنْ كَانَ قَدْ أَنْكَرَ الْقَذْفَ وَقَالَ مَا رَمَيْتُك لِاحْتِمَالِ التَّأْوِيلِ بِأَنَّ الصِّدْقَ لَيْسَ بِرَمْيٍ أَوْ بِأَنَّ مَا رَمَيْتُك بِهِ لَيْسَ بِقَذْفٍ بَاطِلٌ بَلْ هُوَ صِدْقٌ فَالسُّكُوتُ، وَقَوْلُهُ: لَا يَلْزَمُنِي الْحَدُّ، وَإِنْكَارُهُ الْقَذْفَ مَعَ التَّأْوِيلِ أَوْ احْتِمَالِهِ لَهُ لَيْسَ إنْكَارًا لِلْقَذْفِ وَلَا تَكْذِيبًا لِلْبَيِّنَةِ فِي الْحَقِيقَةِ وَلِأَنَّ قَوْلَهُ مَرْدُودٌ عَلَيْهِ بِالْبَيِّنَةِ فَصَارَ كَأَنَّهُ لَمْ يُنْكِرْ وَيَقُولُ فِي لِعَانِهِ أَشْهَدُ بِاَللَّهِ أَنِّي لَمِنْ الصَّادِقِينَ فِيمَا أَثْبَتَتْ عَلَيَّ مِنْ رَمْيِي إيَّاهَا بِالزِّنَا انْتَهَتْ (قَوْلُهُ: تَفَاؤُلًا) عِبَارَةُ شَرْحِ الرَّوْضِ: وَعَدَلَ عَنْهَا أَدَبًا فِي الْكَلَامِ (قَوْلُهُ: فِي الْمَتْنِ فَقَالَ وَأَنَّ الْوَلَدَ الَّذِي وَلَدَتْهُ إلَخْ.) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ يَأْتِي بِهَذَا اللَّفْظِ حَتَّى فِي الْخَامِسَةِ، وَلَا يَخْفَى مَا فِيهِ فَلَعَلَّ الْمُرَادَ أَنَّهُ يَأْتِي فِي الْخَامِسَةِ بِمَا يُنَاسِبُ كَأَنْ يَقُولَ لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَيْهِ إنْ كَانَ مِنْ الْكَاذِبِينَ فِيمَا رَمَاهَا بِهِ مِنْ الزِّنَا وَفِي أَنَّ الْوَلَدَ مِنْ زِنًا لَيْسَ مِنْهُ فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: لِاحْتِمَالِ أَنْ يَعْتَقِدَ أَنَّ وَطْءَ الشُّبْهَةِ زِنًا) أَيْ فَقَدْ يَكُونُ هُوَ الْوَاطِئَ لَهَا بِالشُّبْهَةِ وَيَعْتَقِدُ أَنَّ وَطْأَهُ زِنًا لَا يُلْحَقُ بِهِ الْوَلَدُ، وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ إنَّمَا اُحْتِيجَ لِذَلِكَ لِأَنَّهُ قَدْ يَكُونُ الْوَاقِعُ أَنَّ الْوَلَدَ مِنْ شُبْهَةِ غَيْرِهِ فَلَا يَكُونُ صَادِقًا فِي شَهَادَتِهِ بِأَنَّهُ مِنْ الزِّنَا فَاحْتِيجَ إلَى ذَلِكَ لِيَشْمَلَ مَا ذَكَرَ وَنَحْوَهُ لِيَكُونَ صَادِقًا، وَإِنْ لَزِمَ مِنْ الِاقْتِصَارِ عَلَى ذِكْرِ الزِّنَا كَوْنُهُ لَيْسَ مِنْهُ فَتَأَمَّلْ

<<  <  ج: ص:  >  >>