اسْتِخْلَافِهِ وَالشَّهَادَةُ لَا تُؤَدَّى إلَّا بِإِذْنِهِ، وَيُشْتَرَطُ مُوَالَاةُ الْكَلِمَاتِ الْخَمْسِ فَيُؤَثِّرُ الْفَصْلُ الطَّوِيلُ وَالْأَوْجَهُ اعْتِبَارُهَا هُنَا، بِمَا مَرَّ فِي الْفَاتِحَةِ، وَمِنْ ثَمَّ لَمْ يَضُرَّ الْفَصْلُ هُنَا بِمَا هُوَ مِنْ مَصَالِحِ اللِّعَانِ وَلَا يَثْبُتُ شَيْءُ مِنْ أَحْكَامِ اللِّعَانِ إلَّا بَعْدَ تَمَامِهَا وَلَا يُشْتَرَطُ الْمُوَالَاةُ بَيْنَ لِعَانِهِ وَلِعَانِهَا كَمَا صَرَّحَ بِهِ الدَّارِمِيُّ (وَأَنْ يَتَأَخَّرَ لِعَانُهَا عَنْ لِعَانِهِ) لِأَنَّ لِعَانَهَا لِدَرْءِ الْحَدِّ عَنْهَا وَهُوَ غَيْرُ لَازِمٍ قَبْلَ لِعَانِهِ
(وَيُلَاعِنُ) مَنْ اُعْتُقِلَ لِسَانُهُ بَعْدَ الْقَذْفِ وَلَمْ يُرْجَ بُرْؤُهُ أَوْ رُجِيَ وَمَضَتْ ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ وَلَمْ يَنْطَلِقْ وَ (أَخْرَسُ) مِنْهُمَا وَيَقْذِفُ (بِإِشَارَةٍ مُفْهِمَةٍ أَوْ كِتَابَةٍ) أَوْ يَجْمَعُ بَيْنَهُمَا كَسَائِرِ تَصَرُّفَاتِهِ، وَلِأَنَّ الْمُغَلَّبَ فِيهِ شَائِبَةُ الْيَمِينِ لَا الشَّهَادَةِ، وَبِفَرْضِ تَغْلِيبِهَا هُوَ مُضْطَرٌّ إلَيْهَا هُنَا لَا ثَمَّ لِأَنَّ النَّاطِقِينَ يَقُومُونَ بِهَا، وَمَا تَقَرَّرَ مِنْ التَّسْوِيَةِ بَيْنَهُمَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ، وَإِنْ نُقِلَ عَنْ النَّصِّ أَنَّهَا لَا تُلَاعِنُ بِهَا لِأَنَّهَا غَيْرُ مُضْطَرَّةٍ إلَيْهَا، وَيُؤْخَذُ مِنْ عِلَّتِهِ أَنَّ مَحَلَّ ذَلِكَ قَبْلَ لِعَانِ الزَّوْجِ لَا بَعْدَهُ لِاضْطِرَارِهَا حِينَئِذٍ إلَى دَرْءِ الْحَدِّ عَنْهَا فَيُكْرَهُ الْإِشَارَةُ أَوْ الْكِتَابَةُ خَمْسًا أَوْ يُشِيرُ لِلْبَعْضِ وَيَكْتُبُ الْبَعْضَ، أَمَّا إذَا لَمْ تَكُنْ لَهُ إشَارَةٌ مُفْهِمَةٌ وَلَا كِتَابَةٌ فَلَا يَصِحَّ مِنْهُ لِتَعَذُّرِ مَعْرِفَةِ مُرَادِهِ
(وَيَصِحُّ) اللِّعَانُ وَالْقَذْفُ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
مُنْعَقِدَةً فِي نَفْسِهَا مُلْزِمَةً لِلْكَفَّارَةِ إنْ كَانَ الْحَالِفُ كَاذِبًا (قَوْلُهُ: قَبْلَ اسْتِحْلَافِهِ وَالشَّهَادَةُ) هَذَا يَقْتَضِي أَنَّهُ لَوْ ذَكَرَ شَيْئًا قَبْلَ أَمْرِ الْقَاضِي أَوْ ذَكَرَهُ عِنْدَ غَيْرِ الْقَاضِي يُسَمَّى شَهَادَةً لَكِنَّهَا غَيْرُ مُعْتَدٍ بِهَا، وَوَجْهُ اقْتِضَائِهِ ذَلِكَ أَنَّهُ لَمْ يَقُلْ وَالشَّهَادَةُ لَا تَكُونُ إلَّا بِإِذْنِهِ، وَيَنْبَنِي عَلَى هَذَا جَوَابُ مَا وَقَعَ السُّؤَالُ عَنْهُ مِنْ أَنَّ إنْسَانًا نُسِبَ إلَيْهِ فِعْلُ شَيْءٍ فَقَالَ إنْ شَهِدَ عَلَيَّ أَحَدٌ بِهَذَا فَزَوْجَتِي طَالِقٌ ثَلَاثًا فَأَخْبَرَ بِذَلِكَ جَمَاعَةً عِنْدَ مُلْتَزَمِ النَّاحِيَةِ وَهُوَ أَنَّهُ إنْ كَانَ الْإِخْبَارُ عِنْدَ غَيْرِ الْقَاضِي يُسَمَّى شَهَادَةً كَمَا يُسَمَّى إخْبَارًا حَنِثَ وَإِلَّا فَلَا يَحْنَثُ هُنَا فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ: فَيُؤْثِرُ الْفَصْلَ الطَّوِيلَ) وَلَعَلَّ الْفَرْقَ بَيْنَ هَذَا وَأَيْمَانِ الْقَسَامَةِ حَيْثُ اكْتَفَى بِهَا وَلَوْ مُتَفَرِّقَةً أَنَّهُ لَمَّا اعْتَبَرُوا هُنَا لَفْظَ اللَّعْنِ بَعْدَ جُمْلَةِ الْأَرْبَعِ دَلَّ عَلَى أَنَّهُمْ جَعَلُوهَا كَالشَّيْءِ الْوَاحِدِ، وَالْوَاحِدُ لَا تُفَرَّقُ أَجْزَاؤُهُ كَمَا فِي الصَّلَاةِ الْمُؤَلَّفَةِ مِنْ رَكَعَاتٍ، وَلَمَّا اعْتَبَرُوا تَمَامَهَا التَّشَهُّدَ وَالسَّلَامَ بَطَلَتْ بِمَا يُنَافِيهَا فِي أَيِّ جُزْءٍ اتَّفَقَ (قَوْلُهُ: بِمَا مَرَّ فِي الْفَاتِحَةِ) أَيْ فَيَضُرُّ السُّكُوتُ وَالْعَمَلُ الطَّوِيلُ وَالْيَسِيرُ الَّذِي قُصِدَ بِهِ قَطْعُ اللِّعَانِ وَذِكْرٌ لَمْ يَتَعَلَّقْ بِمَصْلَحَةِ اللِّعَانِ وَكَتَبَ أَيْضًا لَطَفَ اللَّهُ بِهِ قَوْلُهُ بِمَا مَرَّ فِي الْفَاتِحَةِ يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهُ لَوْ لَمْ يُوَالِ الْكَلِمَاتِ لِجَهْلِهِ بِذَلِكَ أَوْ نِسْيَانِهِ عَدَمَ الضَّرَرِ (قَوْلُهُ: وَلَا تُشْتَرَطُ الْمُوَالَاةُ) هَذَا مُسْتَفَادٌ مِنْ عُمُومِ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ فَإِنْ غَابَتْ سَمَّاهَا فَإِنَّهُ شَامِلٌ لِغَيْبَتِهَا عَنْ الْبَلَدِ وَمِنْ لَازِمِهَا عَدَمُ الْمُوَالَاةِ بَيْنَ لِعَانَيْهِمَا
(قَوْلُهُ: وَلَمْ يُرْجَ بُرْؤُهُ) يَنْبَغِي أَنْ يَكْتَفِيَ فِي ذَلِكَ بِقَوْلِ طَبِيبٍ عَدْلٍ لِأَنَّ الْمَدَارَ عَلَى مَا يَغْلِبُ عَلَى الظَّنِّ ذَلِكَ وَالْوَاحِدُ الْعَدْلُ يَحْصُلُ بِهِ مَا ذُكِرَ، وَكَتَبَ أَيْضًا حَفِظَهُ اللَّهُ تَعَالَى قَوْلُهُ لَمْ يُرْجَ بُرْؤُهُ يَنْبَغِي تَقْيِيدُهُ بِمَا إذَا لَمْ يُرْجَ قَبْلَ مُضِيِّ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ بِدَلِيلِ مَا بَعْدَهُ مِنْ أَنَّهُ إذَا رُجِيَ وَمَضَتْ ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ وَلَمْ يَنْطِقْ لَاعَنَ بِالْإِشَارَةِ (قَوْلُهُ: مِنْهُمَا) أَيْ مِنْ الزَّوْجَيْنِ (قَوْلُهُ الْمُغَلَّبَ فِيهَا) أَيْ فِي كَلِمَاتِ اللِّعَانِ (قَوْلُهُ شَائِبَةُ الْيَمِينِ) وَهِيَ تَنْعَقِدُ بِالْإِشَارَةِ (قَوْلُهُ لَا تُلَاعِنُ بِهَا) أَيْ بِالْإِشَارَةِ (قَوْلُهُ: وَيُؤْخَذُ مِنْ عِلَّتِهِ) هِيَ قَوْلُهُ لِأَنَّهَا غَيْرُ إلَخْ، وَفِيهِ نَظَرٌ، فَإِنَّ شَرْطَ لِعَانِهَا سَبْقُ لِعَانِهِ اهـ سم: أَيْ فَالْأَوْلَى أَنْ يُبَدَّلَ قَوْلُهُ: إنَّ مَحَلَّ ذَلِكَ قَبْلَ لِعَانِ الزَّوْجِ، بِقَوْلِهِ: إنَّ مَحَلَّ ذَلِكَ إنْ لَاعَنَ لِنَفْيِ الْوَلَدِ، فَإِنْ لَاعَنَ لِدَفْعِ الْحَدِّ عَنْهُ لَاعَنَتْ بِالْإِشَارَةِ لِأَنَّهَا حِينَئِذٍ مُضْطَرَّةٌ إلَيْهِ (قَوْلُهُ فَلَا يَصِحُّ مِنْهُ) أَيْ فَيَتَعَذَّرُ ذَلِكَ أَبَدًا مَا دَامَ كَذَلِكَ
[حاشية الرشيدي]
أُولَئِكَ يُقْرَأُ بِفَتْحِ الْمِيمِ مِنْ مَنْ إنْ كَانَ يُلَقَّنُ مَبْنِيًّا لِلْفَاعِلِ وَيَكُونُ مَنْ هُوَ الْفَاعِلُ وَأَحَدُ خَبَرُ مُبْتَدَإٍ مَحْذُوفٍ: أَيْ يُلَقَّنُ كَلِمَاتُ اللِّعَانِ لِلْمُتَلَاعِنَيْنِ مَنْ هُوَ أَحَدُ أُولَئِكَ مِنْ الْقَاضِي وَمَنْ أُلْحِقَ بِهِ، وَإِنْ بُنِيَ يُلَقَّنُ لِلْمَفْعُولِ كَانَ مِنْ بِكَسْرِ الْمِيمِ حَرْفَ جَرٍّ مُتَعَلِّقًا بِيُلَقَّنُ، ثُمَّ إنْ كَانَ نَائِبَ فَاعِلِ يُلَقَّنُ ضَمِيرَ الْمُلَاعِنِ لَمْ يَتَأَتَّ قَوْله لِكُلٍّ مِنْهُمَا، وَإِنْ كَانَ نَائِبُ الْفَاعِلِ كَلِمَاتِهِ تَأْتِي فَتَأَمَّلْ
(قَوْلُهُ: وَيَقْذِفُ) مَعْطُوفٌ عَلَى يُلَاعِنُ فَهُمَا مُتَنَازِعَانِ فِي بِإِشَارَةٍ بِالنِّسْبَةِ لِلْأَخْرَسِ فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: قَبْلَ لِعَانِ الزَّوْجِ) اُنْظُرْهُ مَعَ مَا مَرَّ مِنْ اشْتِرَاطِ تَأَخُّرِ لِعَانِهَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute