للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَقَوْلُ ابْنِ خَيْرَانَ: لَيْسَ لِحَاضِرٍ أَنْ يَتَيَمَّمَ وَيُصَلِّيَ عَلَى الْمَيِّتِ مَرْدُودٌ، قِيلَ حَيْثُ لَمْ يَكُنْ ثَمَّ غَيْرُهُ، وَإِنْ أَمْكَنَ تَوْجِيهُهُ بِأَنَّ صَلَاتَهُ لَا تُغْنِي عَنْ الْإِعَادَةِ وَلَيْسَ هُنَا وَقْتٌ مَضِيقٌ يَكُونُ بَعْدَهُ قَضَاءً حَتَّى يَفْعَلَهَا لِحُرْمَتِهِ بِأَنَّ وَقْتَهَا الْوَاجِبَ فِعْلُهَا فِيهِ أَصَالَةً قَبْلَ الدَّفْنِ فَتَعَيَّنَ فِعْلُهَا قَبْلَهُ لِحُرْمَتِهِ ثَمَّ بَعْدَهُ إذَا رَأَى الْمَاءَ لِإِسْقَاطِ الْفَرْضِ.

عَلَى أَنَّ عِبَارَتَهُ أُوِّلَتْ بِأَنَّهَا فِي حَاضِرٍ: أَيْ أَوْ مُسَافِرٍ وَاجِدٍ لِلْمَاءِ خَافَ لَوْ تَوَضَّأَ فَاتَتْهُ صَلَاةُ الْجِنَازَةِ فَهَذَا لَا يَتَيَمَّمُ عِنْدَنَا خِلَافًا لِأَبِي حَنِيفَةَ.

أَمَّا إذَا كَانَ ثَمَّ مَنْ يَحْصُلُ بِهِ الْفَرْضُ فَلَيْسَ لَهُ التَّيَمُّمُ لِفِعْلِهَا لِأَنَّهُ لَا ضَرُورَةَ بِهِ إلَيْهِ انْتَهَى.

هَذَا وَالْأَوْجَهُ جَوَازُ صَلَاتِهِ عَلَيْهِ مُطْلَقًا وَإِنْ كَانَ ثَمَّ مَنْ يَحْصُل الْفَرْضُ بِهِ.

وَيَبْطُلُ التَّيَمُّمُ بِسَلَامِهِ مِنْ صَلَاةٍ تَسْقُطُ بِهِ بِرُؤْيَتِهِ فِيهَا وَإِنْ عَلِمَ تَلَفَهُ قَبْلَ سَلَامِهِ لِضَعْفِهِ بِرُؤْيَةِ الْمَاءِ وَكَانَ مُقْتَضَى الْحَالِ بُطْلَانُهَا لَكِنْ خَالَفْنَاهُ لِحُرْمَتِهَا، وَيُسَلِّمُ الثَّانِيَةَ لِأَنَّهَا مِنْ جُمْلَةِ الصَّلَاةِ فِي الثَّوَابِ وَلَيْسَتْ مِنْهَا عِنْدَ عُرُوضِ الْمُنَافِي.

وَلَوْ رَأَتْ حَائِضٌ مُتَيَمِّمَةٌ لِفَقْدِ الْمَاءِ مَاءً وَهُوَ يُجَامِعُهَا نَزَعَ وُجُوبًا لِبُطْلَانِ طُهْرِهَا حَيْثُ عَلِمَ بِرُؤْيَتِهَا، لَا إنْ رَآهُ هُوَ فَلَا يَجِبُ نَزْعُهُ لِبَقَاءِ طُهْرِهَا خِلَافًا لِصَاحِبِ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

كَانَ فِي مَحَلٍّ يَغْلِبُ فِيهِ فَقْدُ الْمَاءِ أَوْ يَسْتَوِي فِيهِ الْأَمْرَانِ فَلَا إعَادَةَ، وَإِلَّا وَجَبَ غُسْلُهُ وَالصَّلَاةُ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: وَقَوْلُ ابْنِ خَيْرَانِ) هَذَا قَدْ يُشْعِرُ بِأَنَّهُ تَعَقُّبٌ لِمَا قَبْلَهُ وَلَمْ يَظْهَرْ فِيهِ ذَلِكَ، فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ كَلَامٌ مُسْتَأْنَفٌ قُصِدَ بِهِ بَيَانُ حُكْمِ تَيَمُّمِ الْحَيِّ (قَوْلُهُ: حَيْثُ) ظَرْفٌ لِقَوْلِهِ مَرْدُودٌ (قَوْلُهُ: بِأَنَّ وَقْتَهَا) صِلَةٌ مَرْدُودٌ (قَوْلُهُ: قَبْلَهُ) أَيْ الدَّفْنِ (قَوْلُهُ: جَوَازُ صَلَاتِهِ) أَيْ الْمُتَيَمِّمِ (قَوْلُهُ: عَلَيْهِ) أَيْ الْمَيِّتِ (قَوْلُهُ: مُطْلَقًا) أَيْ فِي مَحَلٍّ يَغْلِبُ فِيهِ فَقْدُ الْمَاءِ أَمْ لَا لَكِنْ إذَا لَمْ تَسْقُطْ الصَّلَاةُ بِفِعْلِهِ وَكَانَ ثَمَّ مَنْ تَسْقُطُ بِفِعْلِهِ وَجَبَ عَلَى مَنْ تَسْقُطُ بِفِعْلِهِ وَصَحَّتْ لِمَنْ لَا تَسْقُطُ بِفِعْلِهِ كَنَافِلَتِهِ (قَوْلُهُ تَسْقُطُ بِهِ) أَيْ التَّيَمُّمِ (قَوْلُهُ: وَيُسَلِّمُ الثَّانِيَةَ) قَالَ حَجّ بَعْدَ مَا ذَكَرَ: لَا سُجُودَ سَهْوٍ تَذَكَّرَهُ بَعْدَهَا وَإِنْ قَرُبَ الْفَصْلُ لِفَصْلِهِ عَنْهَا بِالسَّلَامِ صُورَةً وَإِنْ بَانَ بِالْعَوْدِ لَوْ جَازَ أَنَّهُ لَمْ يَخْرُجْ بِهِ اهـ.

وَمِثْلُهُ فِي حَاشِيَةِ شَيْخِنَا الزِّيَادِيِّ وَفِي ابْنِ عَبْدِ الْحَقِّ وَهُوَ مَفْهُومٌ مِنْ كَلَامِ الشَّارِحِ أَيْضًا حَيْثُ اقْتَصَرَ عَلَى التَّسْلِيمَةِ الثَّانِيَةِ، وَبِهِ يُعْلَمُ مَا فِي كَلَامِ شَيْخِنَا الْعَلَامَةِ الشَّوْبَرِيِّ مِنْ التَّوَقُّفِ فِي حَجّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَبَقِيَ مَا لَوْ تَذَكَّرَ فَوَاتَ رُكْنٍ بَعْدَ سَلَامِهِ هَلْ يَأْتِي بِهِ أَمْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ أَنَّهُ إنْ قَصُرَ الْفَصْلُ أَتَى بِهِ وَإِلَّا فَلَا لِأَنَّهُ كَأَنَّهُ لَمْ يَخْرُجْ مِنْهَا (قَوْلُهُ: لِبَقَاءِ طُهْرِهَا) قَالَ حَجّ لِأَنَّهُ لَا يَبْطُلُ إلَّا بِرُؤْيَتِهَا دُونَ رُؤْيَتِهِ اهـ.

وَكَتَبَ عَلَيْهِ سم قَوْلُهُ لِأَنَّهُ إلَخْ ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ إعْلَامُهَا بِوُجُودِ الْمَاءِ، وَوَجْهُهُ أَنَّ طَهَارَتَهَا بَاقِيَةٌ، وَوَطْؤُهُ جَائِزٌ، وَقِيَاسُ مَا هُنَا أَنَّهُ لَوْ اقْتَدَى بِمُتَيَمِّمٍ تَسْقُطُ صَلَاتُهُ بِالتَّيَمُّمِ، وَقَدْ رَأَى هُوَ أَعْنِي الْمَأْمُومَ الْمَاءَ قَبْلَ إحْرَامِهِ بِهِ دُونَ الْإِمَامِ صَحَّ اقْتِدَاؤُهُ وَلَمْ يَكُنْ إعْلَامُهُ بِوُجُودِهِ لَازِمًا اهـ.

أَقُولُ: وَفِيهِ أَنَّهُ قَدْ يُقَالُ إنَّ الظَّاهِرَ مِنْ كَلَامِهِ أَنَّهُ رَأَى بَعْدَ إحْرَامِ الْإِمَامِ وَقَبْلَ إحْرَامِهِ هُوَ، فَإِنْ كَانَ كَذَلِكَ فَلَا وَجْهَ لِلتَّرَدُّدِ لِأَنَّ الْإِمَامَ لَوْ رَأَى الْمَاءَ لَمْ تَبْطُلْ صَلَاتُهُ وَيَصِحُّ الِاقْتِدَاءُ بِهِ مَعَ الْعِلْمِ بِأَنَّهُ رَأَى الْمَاءَ، فَأَيُّ فَائِدَةٍ فِي إخْبَارِ الْمَأْمُومِ لَهُ بِأَنَّهُ رَأَى الْمَاءَ؟ نَعَمْ إنْ كَانَ

ــ

[حاشية الرشيدي]

كَانَ ابْنُ خَيْرَانَ يُخَالِفُ فِي ذَلِكَ بِالنِّسْبَةِ لِلْحَاضِرِ أَرْدَفَ بِكَلَامِهِ وَرَدَّهُ فَاتَّضَحَ إيرَادُ كَلَامِ ابْنِ خَيْرَانَ عَقِبَ هَذَا وَانْدَفَعَ مَا فِي حَاشِيَةِ الشَّيْخِ هُنَا (قَوْلُهُ: قِيلَ حَيْثُ لَمْ يَكُنْ ثَمَّ غَيْرُهُ) الْقَائِلُ لِهَذَا الْقِيلِ هُوَ الشِّهَابُ ابْنُ حَجَرٍ، فَإِنَّ هَذِهِ عِبَارَتَهُ فِي التُّحْفَةِ إلَى قَوْلِ الشَّيْخِ اهـ. لَكِنْ فِي سِيَاقِ الشَّيْخِ لَهُ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ وَحِكَايَةِ جَمِيعِهِ بِقِيلَ مَعَ أَنَّ الضَّعِيفَ عِنْدَ الشَّارِحِ إنَّمَا هُوَ تَقْيِيدُهُ بِقَوْلِهِ حَيْثُ لَمْ يُمْكِنْ ثَمَّ غَيْرُهُ نَظَرٌ لَا يَخْفَى، وَصَدْرُ عِبَارَةِ الشِّهَابِ الْمَذْكُورِ وَقَوْلِ ابْنِ خَيْرَانَ لَيْسَ لِحَاضِرٍ أَنْ يَتَيَمَّمَ وَيُصَلِّيَ عَلَى الْمَيِّتِ مَرْدُودٌ حَيْثُ لَمْ يَكُنْ ثَمَّ غَيْرُهُ وَإِنْ أَمْكَنَ تَوْجِيهُهُ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَلَوْ رَأَتْ حَائِضٌ) أَيْ مَنْ انْقَطَعَ حَيْضُهَا

<<  <  ج: ص:  >  >>