اللِّعَانُ بَلْ يَلْزَمُهُ إنْ صَدَقَ كَمَا قَالَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ (لِدَفْعِ حَدِّ الْقَذْفِ) إنْ طَلَبَتْهُ هِيَ أَوْ الزَّانِي (وَإِنْ زَالَ النِّكَاحُ وَلَا وَلَدٌ) إظْهَارًا لِصِدْقِهِ وَمُبَالَغَةً فِي الِانْتِقَامِ مِنْهَا (وَ) لِدَفْعِ (تَعْزِيرِهِ) لِكَوْنِهَا ذِمِّيَّةً مَثَلًا وَقَدْ طَلَبَتْهُ (إلَّا تَعْزِيرَ تَأْدِيبٍ) لِصِدْقِهِ ظَاهِرًا كَقَذْفِ مَنْ ثَبَتَ زِنَاهَا بِبَيِّنَةٍ أَوْ إقْرَارٍ أَوْ لِعَانِهِ مَعَ امْتِنَاعِهِ مِنْهُ لِأَنَّ اللِّعَانَ لِإِظْهَارِ الصِّدْقِ وَهُوَ ظَاهِرٌ فَلَا مَعْنَى لَهُ (أَوْ لِكَذِبٍ) ضَرُورِيٍّ (كَقَذْفِ طِفْلَةٍ لَا تُوطَأُ) أَيْ لَا يُمْكِنُ وَطْؤُهَا فَلَا لِعَانَ لِإِسْقَاطِهِ، وَإِنْ بَلَغَتْ وَطَالَبَتْهُ لِلْعِلْمِ بِكَذِبِهِ فَلَمْ يُلْحِقْ بِهَا عَارًا بَلْ يُعَزَّرُ تَأْدِيبًا عَلَى الْكَذِبِ لِئَلَّا يَعُودَ لِلْإِيذَاءِ، وَمِثْلُ ذَلِكَ مَا لَوْ قَالَ زَنَى بِك مَمْسُوحٌ أَوْ ابْنُ شَهْرٍ مَثَلًا، أَوْ لِرَتْقَاءَ أَوْ قُرَنَاءَ زَنَيْت فَيُعَزَّرُ لِلْإِيذَاءِ وَلَا يُلَاعِنُ، وَهُوَ ظَاهِرٌ عِنْدَ التَّصْرِيحِ بِالْفَرْجِ، فَإِنْ أُطْلِقَ اتَّجَهَ السُّؤَالُ عِنْدَ دَعْوَاهَا عَنْ إرَادَتِهِ إذْ وَطْؤُهَا فِي الدُّبُرِ مُمْكِنٌ فَيَلْحَقُ الْعَارُ بِهَا وَيَتَرَتَّبُ عَلَى جَوَابِهِ حُكْمُهُ، وَتَعْزِيرُ التَّأْدِيبِ يَسْتَوْفِيهِ الْقَاضِي لِلطِّفْلَةِ، بِخِلَافِ الْكَبِيرَةِ لَا بُدَّ مِنْ طَلَبِهَا، وَمَا عَدَا هَذَيْنِ: أَعْنِي مَا عَلِمَ صِدْقَهُ أَوْ كَذِبَهُ يُقَالُ لَهُ تَعْزِيرُ التَّكْذِيبِ لِمَا فِيهِ مِنْ إظْهَارِ كَذِبِهِ بِقِيَامِ الْعُقُوبَةِ عَلَيْهِ وَهُوَ مِنْ جُمْلَةِ الْمُسْتَثْنَى مِنْهُ وَلَا يُسْتَوْفَى إلَّا بِطَلَبِ الْمَقْذُوفِ.
(وَلَوْ عَفَتْ عَنْ الْحَدِّ) أَوْ التَّعْزِيرِ (أَوْ أَقَامَ بَيِّنَةً بِزِنَاهَا) أَوْ إقْرَارِهَا بِهِ (أَوْ صَدَّقَتْهُ) فِيهِ (وَلَا وَلَدَ) وَلَا حَمْلَ يَنْفِيهِ (أَوْ سَكَتَتْ عَنْ طَلَبِ الْحَدِّ) بِلَا عَفْوٍ (أَوْ جُنَّتْ بَعْدَ قَذْفِهِ) وَلَا وَلَدَ وَلَا حَمْلَ أَيْضًا (فَلَا لِعَانَ) فِي الْمَسَائِلِ الْخَمْسِ مَا دَامَ السُّكُوتُ أَوْ الْجُنُونُ فِي الْأَخِيرَيْنِ (فِي الْأَصَحِّ) إذْ لَا حَاجَةَ إلَيْهِ فِي الْكُلِّ سِيَّمَا الثَّانِيَةِ وَالثَّالِثَةِ لِثُبُوتِ قَوْلِهِ بِحُجَّةٍ أَقْوَى مِنْ اللِّعَانِ، أَمَّا مَعَ وَلَدٍ أَوْ حَمْلٍ يَنْفِيهِ فَيُلَاعَنُ جَزْمًا، وَإِذَا لَزِمَهُ حَدٌّ بِقَذْفِ مَجْنُونَةٍ بِزِنًا أَضَافَهُ لِحَالِ إفَاقَتِهَا أَوْ تَعْزِيرٌ بِقَذْفِ صَغِيرَةٍ انْتَظَرَ طَلَبَهُمَا بَعْدَ كَمَالِهِمَا، وَلَا تُحَدُّ مَجْنُونَةٌ بِلِعَانِهِ حَتَّى تُفِيقَ وَتَمْتَنِعَ عَنْ اللِّعَانِ، وَالثَّانِي لَهُ اللِّعَانُ فِي ذَلِكَ لِغَرَضِ الْفُرْقَةِ الْمُؤَبَّدَةِ وَالِانْتِقَامِ مِنْهَا بِإِيجَابِ حَدِّ الزِّنَا عَلَيْهَا (وَلَوْ أَبَانَهَا) بِوَاحِدَةٍ أَوْ أَكْثَرَ (أَوْ مَاتَتْ ثُمَّ قَذَفَهَا) فَإِنْ قَذَفَهَا (بِزِنًا مُطْلَقٍ أَوْ مُضَافٍ إلَى مَا) أَيْ زَمَنٍ (بَعْدَ النِّكَاحِ لَاعَنَ) لِلنَّفْيِ (إنْ كَانَ) هُنَاكَ (وَلَدٌ) أَوْ حَمْلٌ عَلَى الْمُعْتَمَدِ (يَلْحَقُهُ) ظَاهِرٌ وَأَرَادَ نَفْيَهُ فِي لِعَانِهِ لِلْحَاجَةِ إلَيْهِ حِينَئِذٍ كَمَا فِي صُلْبِ النِّكَاحِ، وَحِينَئِذٍ فَيَسْقُطُ عَنْهُ حَدُّ قَذْفِهِ لَهَا وَيَلْزَمُهَا بِهِ حَدُّ الزِّنَا إنْ أَضَافَهُ لِلنِّكَاحِ وَلَمْ تُلَاعَنْ هِيَ كَالزَّوْجَةِ، بِخِلَافِ مَا إذَا انْتَفَى الْوَلَدُ عَنْهُ فَيُحَدُّ وَلَا لِعَانَ.
(فَإِنْ أَضَافَ الزِّنَا) الَّذِي رَمَاهَا بِهِ (إلَى مَا) أَيْ زَمَنِ (قَبْلَ نِكَاحِهِ) أَوْ بَعْدَ بَيْنُونَتِهَا (فَلَا لِعَانَ) جَائِزٌ (إنْ لَمْ يَكُنْ وَلَدٌ) وَيُحَدُّ لِعَدَمِ احْتِيَاجِهِ لِقَذْفِهَا حِينَئِذٍ كَالْأَجْنَبِيَّةِ (وَكَذَا) لَا لِعَانَ (إنْ كَانَ) وَلَدٌ (فِي الْأَصَحِّ) لِتَقْصِيرِهِ فِي الْإِسْنَادِ لِمَا قَبْلَ النِّكَاحِ، وَرُجِّحَ فِي الصَّغِيرِ مُقَابِلُهُ وَاعْتَمَدَهُ الْإِسْنَوِيُّ لِكَوْنِ الْأَكْثَرِينَ عَلَيْهِ وَقَدْ يُعْتَقَدُ أَنَّ الْوَلَدَ مِنْ ذَلِكَ الزِّنَا (لَكِنْ لَهُ) بَلْ عَلَيْهِ إنْ عَلِمَ زِنَاهَا
ــ
[حاشية الشبراملسي]
أَيْ فِي الْوَلَدِ (قَوْلُهُ: أَوْ لِكَذِبٍ ضَرُورِيٍّ) عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ تَأْدِيبٌ فَهُوَ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ ظَاهِرَ الْمَتْنِ مِنْ أَنَّ هَذَا تَعْزِيرُ تَأْدِيبٍ غَيْرُ مُرَادٍ، لَكِنْ سَيَأْتِي فِي كَلَامِهِ مَا يُصَرِّحُ بِأَنَّهُ قِسْمٌ مِنْ تَعْزِيرِ التَّكْذِيبِ فَالْأَوْلَى عَطْفُهُ عَلَى قَوْلِهِ لِصِدْقِهِ ظَاهِرًا (قَوْلُهُ يَسْتَوْفِيه الْقَاضِي) ظَاهِرُهُ وَلَوْ مَعَ وُجُودِ وَلِيٍّ لَمْ يُطْلَبْ اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: وَلَا يُسْتَوْفَى) أَيْ تَعْزِيرُ التَّكْذِيبِ (قَوْلُهُ: بِمَا لَمْ يُضِفْهُ) أَيْ بِزِنًا (قَوْلُهُ: إنْ أَضَافَهُ لِلنِّكَاحِ) أَيْ أَمَّا لَوْ أُطْلِقَ فَلَا حَدَّ عَلَيْهَا حَتَّى تَحْتَاجَ إلَى إسْقَاطِهِ (قَوْلُهُ: لِمَا قَبْلَ النِّكَاحِ) أَيْ أَوْ الْبَيْنُونَةِ (قَوْلُهُ فِي الصَّغِيرِ) أَيْ فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ
[حاشية الرشيدي]
كَمَا مَرَّ (قَوْلُهُ: بَلْ يَلْزَمُهُ إنْ صُدِّقَ) فِيهِ مَا مَرَّ أَيْضًا (قَوْلُهُ: إظْهَارًا لِصِدْقِهِ) أَيْ الْمُتَرَتِّبِ عَلَيْهِ دَفْعُ عَارِ الْحَدِّ وَالْفِسْقِ وَغَيْرِ ذَلِكَ، وَأَمَّا قَوْلُهُ: وَمُبَالَغَةٌ فِي الِانْتِقَامِ مِنْهَا فَلَا يَظْهَرُ لَهُ دَخْلٌ فِي اللُّزُومِ (قَوْلُهُ:؛ لِئَلَّا يَعُودَ لِلْإِيذَاءِ) أَيْ لِمَا مِنْ شَأْنِهِ الْإِيذَاءُ، وَإِلَّا فَلَا إيذَاءَ فِي الْقَذْفِ الْمَذْكُورِ، أَوْ الْمُرَادُ مَا يَحْصُلُ مِنْهُ الْإِيذَاءُ عِنْدَ الْكَمَالِ، أَوْ الْمُرَادُ مُطْلَقُ الْإِيذَاءِ: أَيْ حَتَّى لَا يَعُودَ لِإِيذَاءِ أَحَدٍ فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: أَوْ تَعْزِيرٌ بِقَذْفِ صَغِيرَةٍ) أَيْ يُمْكِنُ وَطْؤُهَا بِقَرِينَةِ مَا قَدَّمَهُ إذْ الَّتِي لَا يُمْكِنُ وَطْؤُهَا يَسْتَوْفِي لَهَا الْحَاكِمُ (قَوْلُهُ: بَلْ عَلَيْهِ إنْ عُلِمَ زِنَاهَا) أَيْ بَعْدَ النِّكَاحِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute