للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قِيلَ بِأَنَّهُ مَتَى حَمَلَتْ مِنْهُ تَبَيَّنَّا عَدَمَ تَأْثِيرِ الْهَوَاءِ فِيهِ لَمْ يَبْعُدْ وَمِنْ ثَمَّ لَحِقَ بِهِ النَّسَبُ أَيْضًا، أَمَّا غَيْرُ الْمُحْتَرَمِ عِنْدَ إنْزَالِهِ بِأَنْ أَنْزَلَهُ مِنْ زِنًا فَاسْتَدْخَلَتْهُ زَوْجَتُهُ فَلَا عِدَّةَ وَلَا نَسَبَ يَلْحَقُ بِهِ.

وَلَوْ اسْتَمْنَى بِيَدٍ مَنْ يَرَى حُرْمَتَهُ فَالْأَقْرَبُ عَدَمُ احْتِرَامِهِ، وَتَجِبُ عِدَّةُ الْفِرَاقِ بَعْدَ الْوَطْءِ (وَإِنْ تَيَقَّنَ بَرَاءَةَ الرَّحِمِ) لِكَوْنِهِ عَلَّقَ الطَّلَاقَ بِهَا فَوُجِدَتْ أَوْ لِكَوْنِ الْوَاطِئِ صَغِيرًا أَوْ الْمَوْطُوءَةِ صَغِيرَةً لِعُمُومِ مَفْهُومِ قَوْله تَعَالَى {مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ} [البقرة: ٢٣٧] وَتَعْوِيلًا عَلَى الْإِيلَاجِ لِظُهُورِهِ دُونَ الْمَنِيِّ الْمُسَبِّبِ عَنْهُ الْعُلُوقُ لِخَفَائِهِ فَأَعْرَضَ الشَّرْعُ عَنْهُ وَاكْتَفَى بِسَبَبِهِ وَهُوَ الْوَطْءُ أَوْ دُخُولُ الْمَنِيِّ، كَمَا أَعْرَضَ عَنْ الْمَشَقَّةِ فِي السَّفَرِ وَاكْتَفَى بِهِ لِأَنَّهُ مَظِنَّتُهَا (لَا بِخَلْوَةٍ) مُجَرَّدَةٍ عَنْ وَطْءٍ وَاسْتِدْخَالِ مَنِيٍّ مُحْتَرَمٍ وَمَرَّ بَيَانُهَا فِي الصَّدَاقِ فَلَا عِدَّةَ فِيهَا (فِي الْجَدِيدِ) لِمَفْهُومِ الْآيَةِ، وَمَا جَاءَ عَنْ عَلِيٍّ وَعُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - مِنْ وُجُوبِهَا مُنْقَطِعٌ وَالْقَدِيمُ تُقَامُ مَقَامَ الْوَطْءِ

(وَعِدَّةُ حُرَّةٍ ذَاتِ أَقْرَاءٍ) وَإِنْ اخْتَلَفَتْ وَتَطَاوَلَ مَا بَيْنَهَا (ثَلَاثَةٌ) أَيْ مِنْ الْأَقْرَاءِ، وَكَذَا لَوْ كَانَتْ حَامِلًا مِنْ زِنًا إذْ حَمْلُ الزِّنَا لَا حُرْمَةَ لَهُ، وَلَوْ جَهِلَ حَالَ الْحَمْلِ وَلَمْ يُمْكِنْ لُحُوقُهُ بِالزَّوْجِ حُمِلَ عَلَى أَنَّهُ مِنْ زِنًا كَمَا نَقَلَاهُ وَأَقَرَّاهُ: أَيْ مِنْ حَيْثُ صِحَّةُ نِكَاحِهَا مَعَهُ وَجَوَازُ وَطْءِ الزَّوْجِ لَهَا، أَمَّا مِنْ حَيْثُ عَدَمُ عُقُوبَتِهَا بِسَبَبِهِ فَيُحْمَلُ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

قَوْلُهُ: لَمْ يَبْعُدْ) لَكِنْ هَذَا لَا يَرُدُّ عَلَى الْأَطِبَّاءِ لِأَنَّهُمْ لَا يَعْتَرِفُونَ بِأَنَّ الْوَلَدَ مِنْهُ بَلْ يَزْعُمُونَ أَنَّهُ مِنْ غَيْرِهِ كَزِنًا أَوْ شُبْهَةٍ (قَوْلُهُ: مِنْ يَرَى حُرْمَتَهُ) كَالشَّافِعِيِّ (قَوْلُهُ: فَالْأَقْرَبُ عَدَمُ احْتِرَامِهِ) أَيْ فَلَا يَثْبُتُ النَّسَبُ بِهِ، وَظَاهِرُهُ وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ لِخَوْفِ الزِّنَا وَهُوَ ظَاهِرٌ، وَفِي سم عَلَى حَجّ مَا نَصُّهُ: قَوْلُهُ وَالْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ إلَخْ، وَيُفَارِقُ اسْتِنْزَالُهُ بِالِاسْتِمْتَاعِ بِنَحْوِ الْحَائِضِ بِأَنَّهَا مَحَلُّ الِاسْتِمْتَاعِ وَتَحْرِيمُ الِاسْتِمْتَاعِ بِهَا عَارِضٌ، بِخِلَافِ الِاسْتِنْزَالِ بِالْيَدِ فَإِنَّهُ حَرَامٌ فِي نَفْسِهِ كَالزِّنَا، وَلَا يُنَافِي كَوْنُهُ حَرَامًا فِي نَفْسِهِ أَنَّهُ قَدْ يَحِلُّ، إذَا اُضْطُرَّ لَهُ بِحَيْثُ لَوْلَاهُ وَقَعَ فِي الزِّنَا لِأَنَّ الْحِلَّ حِينَئِذٍ بِتَسْلِيمِهِ عَارِضٌ م ر اهـ (قَوْلُهُ: لِكَوْنِهِ عَلَّقَ الطَّلَاقَ بِمَا) أَيْ بَرَاءَةِ الرَّحِمِ (قَوْلُهُ: فَوُجِدَتْ) أَيْ بِأَنْ حَاضَتْ بَعْدَ التَّعْلِيقِ (قَوْلُهُ: أَوْ لِكَوْنِ الْوَاطِئِ صَغِيرًا) أَيْ يُمْكِنُ وَطْؤُهُ (قَوْلُهُ: وَالْمَوْطُوءَةِ صَغِيرَةً) أَيْ يُمْكِنُ وَطْؤُهَا (قَوْلُهُ: لَا بِخَلْوَةٍ) وَعَلَيْهِ فَلَوْ اخْتَلَى بِهَا ثُمَّ طَلَّقَهَا فَادَّعَتْ أَنَّهُ لَمْ يَطَأْ لِتَتَزَوَّجَ حَالًا صُدِّقَتْ بِيَمِينِهَا بِنَاءً عَلَى أَنَّ مُنْكِرَ الْجِمَاعِ هُوَ الْمُصَدَّقُ وَهُوَ الرَّاجِحُ وَإِنْ ادَّعَى الزَّوْجُ الْوَطْءَ، وَلَوْ ادَّعَى هُوَ عَدَمَ الْوَطْءِ حَتَّى لَا يَجِبَ عَلَيْهِ بِطَلَاقِهِ إلَّا نِصْفُ الْمَهْرِ صُدِّقَ بِيَمِينِهِ، وَيَنْبَغِي فِي هَذِهِ وُجُوبُ الْعِدَّةِ عَلَيْهَا لِاعْتِرَافِهَا بِالْوَطْءِ، وَتَقَدَّمَ قُبَيْلَ الْإِيلَاءِ التَّصْرِيحُ بِهِ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ حَيْثُ قَالَ: وَإِذَا طَلَّقَ الزَّوْجُ دُونَ ثَلَاثٍ وَقَالَ وَطِئْتُ فَلِي الرَّجْعَةَ وَأَنْكَرَتْ صُدِّقَتْ بِيَمِينِهَا أَنَّهُ مَا وَطِئَهَا

(قَوْلُهُ: وَعِدَّةُ حُرَّةٍ) مُسْتَأْنَفٌ (قَوْلُهُ: وَكَذَا لَوْ كَانَتْ حَامِلًا) أَيْ فَإِنَّهَا تَعْتَدُّ بِثَلَاثَةِ أَقْرَاءٍ (قَوْلُهُ: وَلَمْ يُمْكِنْ لُحُوقُهُ بِالزَّوْجِ) أَيْ بِأَنْ وُلِدَ لِأَكْثَر مِنْ أَرْبَعِ سِنِينَ مِنْ وَقْتِ إمْكَانِ وَطْءِ الزَّوْجِ لَهَا كَأَنْ كَانَ مُسَافِرًا بِمَحَلٍّ بَعِيدٍ، وَمَفْهُومُهُ أَنَّهُ لَوْ أَمْكَنَ لُحُوقُهُ بِهِ بِأَنْ وَلَدَتْهُ لِدُونِ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ نِكَاحِ الثَّانِي وَدُونَ أَرْبَعِ سِنِينَ مِنْ طَلَاقِ الْأَوَّلِ حُكِمَ بِلُحُوقِهِ لِلْأَوَّلِ وَبِبُطْلَانِ نِكَاحِ الثَّانِي، وَيُصَرِّحُ بِهِ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ الْآتِي وَلَوْ نَكَحَتْ بَعْدَ الْعِدَّةِ فَوَلَدَتْ لِدُونِ سِتَّةِ أَشْهُرٍ فَكَأَنَّهَا لَمْ تُنْكَحْ (قَوْلُهُ: أَيْ مِنْ حَيْثُ صِحَّةُ نِكَاحِهَا) صَرِيحٌ فِي أَنَّ حَمْلَ الزِّنَا لَا يَقْطَعُ الْعِدَّةَ، وَقَدْ يَرُدُّ عَلَيْهِ مَا مَرَّ فِي فَصْلٌ: الطَّلَاقُ سُنِّيٌّ وَبِدْعِيٌّ مِنْ قَوْلِهِ وَمِنْهُ أَيْضًا مَا لَوْ نَكَحَ حَامِلًا مِنْ زِنًا وَطِئَهَا لِأَنَّهَا لَا تَشْرَعُ فِي الْعِدَّةِ إلَّا بَعْدَ الْوَضْعِ فَفِيهِ تَطْوِيلٌ عَظِيمٌ عَلَيْهَا كَذَا قَالَاهُ، وَمَحَلُّهُ فِيمَنْ لَمْ تَحِضْ كَمَا هُوَ الْغَالِبُ، أَمَّا مَنْ تَحِيضُ حَامِلًا فَنَقْضِي عِدَّتَهَا بِالْأَقْرَاءِ كَمَا ذَكَرَاهُ فِي الْعِدَّةِ فَلَا يَحْرُمُ طَلَاقُهَا فِي طُهْرٍ لَمْ يَطَأْهَا فِيهِ إذْ لَا تَطْوِيلَ حِينَئِذٍ، فَانْدَفَعَ مَا أَطَالَ بِهِ فِي التَّوْشِيحِ مِنْ الِاعْتِرَاضِ عَلَيْهِمَا اهـ.

وَقَدَّمْنَا ثَمَّ أَنَّهُ يُمْكِنُ حَمْلُ مَا تَقَدَّمَ عَلَى حَمْلٍ مِنْ زِنًا مَا لَمْ يَسْبِقْهُ حَيْضٌ

ــ

[حاشية الرشيدي]

قَوْلُهُ: لِمَفْهُومِ الْآيَةِ) الظَّاهِرُ لِمَنْطُوقِهَا كَمَا لَا يَخْفَى

<<  <  ج: ص:  >  >>