فَتُعْتَدُّ بِهِ
(وَ) عِدَّةَ أَمَةٍ حَتَّى (أُمِّ وَلَدٍ وَمُكَاتَبَةٍ وَمَنْ فِيهَا رِقٌّ) وَإِنْ قَلَّ (بِقُرْأَيْنِ) لِأَنَّ الْقِنَّ عَلَى نِصْفِ مَا لِلْحُرِّ وَكَمُلَ الْقُرْءُ لِتَعَذُّرِ تَنْصِيفِهِ كَالطَّلَاقِ، وَلَيْسَ هَذَا مِنْ الْأُمُورِ الْجِبِلِّيَّةِ الَّتِي تَتَسَاوَيَانِ فِيهَا لِأَنَّ مَا زَادَ عَلَى الْقُرْءِ هُنَا لِزِيَادَةِ الِاحْتِيَاطِ وَالِاسْتِظْهَارِ وَهِيَ مَطْلُوبَةٌ فِي الْحُرَّةِ أَكْثَرَ فَخُصَّتْ بِثَلَاثَةٍ، نَعَمْ لَوْ تَزَوَّجَ لَقِيطَةً ثُمَّ أَقَرَّتْ بِالرِّقِّ ثُمَّ طَلَّقَهَا اعْتَدَّتْ عِدَّةَ حُرَّةٍ لِحَقِّهِ أَوْ مَاتَ عَنْهَا اعْتَدَّتْ عِدَّةَ أَمَةٍ لِحَقِّ اللَّهِ تَعَالَى (وَإِنْ) (عَتَقَتْ) أَمَةٌ بِسَائِرِ أَحْوَالِهَا (فِي عَدَّةِ رَجْعَةٍ) بِفَتْحِ الْعَيْنِ بِلَفْظِ الْمَصْدَرِ (كَمَّلَتْ عِدَّةَ حُرَّةٍ فِي الْأَظْهَرِ) لِأَنَّ الرَّجْعِيَّةَ زَوْجَةٌ فِي أَكْثَرِ الْأَحْكَامِ فَكَأَنَّهَا عَتَقَتْ قَبْلَ الطَّلَاقِ، وَالثَّانِي تُتِمُّ عِدَّةَ أَمَةٍ نَظَرًا لِوَقْتِ الْوُجُوبِ (أَوْ) عَتَقَتْ فِي عِدَّةِ (بَيْنُونَةٍ) أَوْ وَفَاةٍ (فَأَمَةٌ) أَيْ فَلْتُكْمِلْ عِدَّةَ أَمَةٍ (فِي الْأَظْهَرِ) لِأَنَّ الْبَائِنَ وَمَنْ فِي حُكْمِهَا كَالْأَجْنَبِيَّةِ.
وَالثَّانِي تُتِمُّ عِدَّةَ حُرَّةٍ اعْتِبَارًا بِوُجُودِ الْعِدَّةِ الْكَامِلَةِ قَبْلَ تَمَامِ النَّاقِصَةِ.
أَمَّا لَوْ عَتَقَتْ مَعَ الْعِدَّةِ كَأَنْ عَلَّقَ طَلَاقَهَا وَعِتْقَهَا بِشَيْءٍ وَاحِدٍ فَتَعْتَدُّ بِعِدَّةِ حُرَّةٍ قَطْعًا، وَالْعِبْرَةُ فِي كَوْنِهَا حُرَّةً أَوْ أَمَةً بِظَنِّ الْوَاطِئِ لَا بِمَا فِي الْوَاقِعِ حَتَّى لَوْ وَطِئَ أَمَةَ غَيْرِهِ ظَانًّا أَنَّهَا زَوْجَتُهُ الْحُرَّةُ اعْتَدَّتْ بِثَلَاثَةِ أَقْرَاءٍ أَوْ حُرَّةً ظَانًّا أَنَّهَا زَوْجَتُهُ الْأَمَةُ أَوْ أَمَتَهُ فَكَذَلِكَ فِيمَا يَظْهَرُ كَمَا هُوَ قَضِيَّةُ الْمَنْقُولِ وَهُوَ الْوَجْهُ.
وَقَالَ فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ: الْمَشْهُورُ الْقَطْعُ بِهِ وَإِنْ جَرَى بَعْضُهُمْ عَلَى خِلَافِهِ، وَلَوْ وَطِئَ أَمَتَهُ يَظُنُّ أَنَّهُ يَزْنِي بِهَا اعْتَدَّتْ بِقُرْءٍ لِحَقِّهِ وَلَا أَثَرَ لَظَنِّهِ هُنَا لِفَسَادِهِ، وَمِنْ ثَمَّ لَمْ يُحَدَّ كَمَا يَأْتِي لِعَدَمِ تَحَقُّقِ الْمَفْسَدَةِ بَلْ وَلَا يُعَاقَبُ فِي الْآخِرَةِ عِقَابَ الزَّانِي بَلْ دُونَهُ كَمَا ذَكَرَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَغَيْرُهُ، نَعَمْ يَفْسُقُ بِذَلِكَ كَمَا قَالَهُ ابْنُ الصَّلَاحِ، وَكَذَا كُلُّ فِعْلٍ أَقْدَمَ عَلَيْهِ ظَانًّا أَنَّهُ مَعْصِيَةٌ فَإِذَا هُوَ غَيْرُهَا: أَيْ وَهُوَ مِمَّا يَفْسُقُ بِهِ لَوْ ارْتَكَبَهُ حَقِيقَةً
(وَ) عِدَّةُ (حُرَّةٍ لَمْ تَحِضْ)
ــ
[حاشية الشبراملسي]
اُطُّلِعَ عَلَى حَيْضِهَا فِي زَمَنِهِ وَعُرِفَ بِأَنَّهُ حَيْضٌ بِعَلَامَاتِ تَظْهَرُ لِمَنْ رَآهُ
(قَوْلُهُ: تَتَسَاوَيَانِ) أَيْ الْحُرَّةُ وَالْأَمَةُ (قَوْلُهُ فَخُصَّتْ) أَيْ الْحُرَّةُ وَقَوْلُهُ لَحِقَهُ أَيْ الزَّوْجَ (قَوْلُهُ بِفَتْحِ الْعَيْنِ) إنَّمَا ضَبَطَهَا بِذَلِكَ إشَارَةً إلَى أَنَّ هَذِهِ النُّسْخَةَ أَوْضَحُ مِنْ الَّتِي وُجِدَ فِيهَا رَجْعِيَّةٌ (قَوْلُهُ: وَمَنْ فِي حُكْمِهَا) أَيْ عِدَّةِ الْوَفَاةِ (قَوْلُهُ أَوْ أَمَتُهُ فَكَذَلِكَ) أَيْ فَتَعْتَدُّ بِثَلَاثَةِ أَقْرَاءٍ إلَّا أَنَّ هَذَا لَا يَتَفَرَّعُ عَلَى مَا قَدَّمَهُ مِنْ أَنَّ الْعِبْرَةَ بِظَنِّ الْوَاطِئِ فَكَانَ الْأَوْلَى جَعْلَهُ مُسْتَأْنِفًا كَأَنْ يَقُولُ لَكِنْ لَوْ وَطِئَ حُرَّةً ظَانًّا أَنَّهَا زَوْجَتُهُ الْأَمَةُ إلَخْ وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْعِبْرَةَ بِالْحُرِّيَّةِ إمَّا فِي نَفْسِ الْأَمْرِ أَوْ بِظَنِّ الْوَاطِئِ، وَفِي سم عَلَى حَجّ: فَرْعٌ: وَطِئَ أَمَةً لِغَيْرِهِ يَظُنُّهَا أَمَتَهُ اعْتَدَّتْ بِقُرْءٍ وَاحِدٍ رَوْضٌ اهـ وَقَوْلُ ابْنِ قَاسِمٍ اعْتَدَّتْ أَيْ اسْتَبْرَأَتْ بِقُرْءٍ إلَخْ (قَوْلُهُ: اعْتَدَّتْ بِقُرْءٍ) يُتَأَمَّلُ وَجْهُهُ فَإِنَّهَا أَمَتُهُ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ وَمَزْنِيٌّ بِهَا بِحَسَبِ الظَّاهِرِ وَكُلٌّ مِنْهُمَا لَا يَقْتَضِي وُجُوبَ عِدَّةٍ، فَلَعَلَّ الْمُرَادَ أَنَّهَا تَعْتَدُّ بِذَلِكَ لِحَقِّهِ إذَا كَانَتْ مُزَوَّجَةً فَيَحْرُمُ عَلَى زَوْجِهَا وَطْؤُهَا قَبْلَ الِاسْتِبْرَاءِ وَأَنَّهُ لَا يَجُوزُ لَهُ تَزْوِيجُهَا إذَا كَانَتْ خَلِيَّةً قَبْلَ الِاسْتِبْرَاءِ أَيْضًا، وَانْظُرْ أَيْضًا مَا وَجْهُ التَّقْيِيدِ بِالْقُرْءِ مَعَ أَنَّ عِدَّةَ الْأَمَةِ قُرْآنِ، إلَّا أَنْ يُقَالَ: أَرَادَ بِالْعِدَّةِ هُنَا الِاسْتِبْرَاءَ (قَوْلُهُ: عِقَابُ الزَّانِي) أَيْ لِأَنَّهَا أَمَتُهُ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ وَإِنْ أَثِمَ بِالْأَقْرَاءِ (قَوْلُهُ وَكَذَا كُلُّ فِعْلٍ) أَيْ يَفْسُقُ بِهِ (قَوْلُهُ: فَإِذَا هُوَ غَيْرُهَا) هَذَا يُشْكِلُ عَلَيْهِ مَا لَوْ زَوَّجَ أَمَةَ مُوَرِّثِهِ ظَانًّا حَيَاتَهُ فَبَانَ مَيِّتًا فَإِنَّهُ صَحِيحٌ مَعَ أَنَّ إقْدَامَهُ عَلَى الْعَقْدِ حَرَامٌ لِأَنَّهُ تَصَرَّفَ فِي مَالِ الْغَيْرِ بِغَيْرِ إذْنِهِ وَهُوَ يَقْتَضِي الْفَسَادَ، وَتَعَاطِي الْعُقُودِ الْفَاسِدَةِ كَبِيرَةٌ وَمُقْتَضَاهُ أَنَّهُ يَفْسُقُ بِهِ فَلَا يَصِحُّ إنْ قُلْنَا تَزْوِيجَهُ بِالْوِلَايَةِ عَلَى الْمَرْجُوحِ وَمَا لَوْ زَوَّجَ مُوَلِّيَتَهُ
[حاشية الرشيدي]
الشِّهَابَ سم اسْتَوْجَهَ حُسْبَانَهُ بِقُرْءٍ قَالَ: إلَّا أَنْ يَمْنَعَ مِنْهُ نَقْلٌ
(قَوْلُهُ: وَالْعِبْرَةُ فِي كَوْنِهَا حُرَّةً أَوْ أَمَةً) سَيَأْتِي أَنَّهُ لَا عِبْرَةَ بِظَنِّهِ فِي كَوْنِهَا أَمَةً، فَالصَّوَابُ إسْقَاطُ قَوْلِهِ أَوْ أَمَةً، وَهُوَ تَابَعَ فِيهِ حَجّ، لَكِنَّ ذَاكَ يَذْهَبُ إلَى أَنَّ الظَّنَّ يُؤَثِّرُ فِيهَا (قَوْلُهُ: فِيمَا يَظْهَرُ) الْأَوْلَى حَذْفُهُ لَإِغْنَاءِ قَوْلِهِ فِيمَا يَأْتِي: وَهُوَ الْوَجْهُ عَنْهُ (قَوْلُهُ: اعْتَدَّتْ بِقُرْءٍ) أَيْ لِزَوْجٍ مَثَلًا سَابِقٍ أَوْ لَاحِقٍ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ: وَلَحِقَهُ) يَعْنِي: الْوَلَدُ كَمَا هُوَ مُصَرَّحٌ بِهِ فِي التُّحْفَةِ، وَلَعَلَّ الْكَتَبَةَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute