عَنْهُ مُرَاعَاةً لِذَلِكَ الْأَمْرِ النَّادِرِ لِلِاحْتِيَاطِ لِلنَّسَبِ وَالِاكْتِفَاءِ فِيهِ بِمُجَرَّدِ الْإِمْكَانِ، وَحِينَئِذٍ يَلْحَقُ الثَّانِي بِذِي الْعِدَّةِ لِأَنَّهُ يَكْتَفِي فِي الْإِلْحَاقِ بِمُجَرَّدِ الْإِمْكَانِ وَيَلْزَمُ مِنْ لُحُوقُهُ بِهِ تَوَقُّفُ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ عَلَى وَضْعِهِ، وَفِي بَعْضِ الشُّرُوحِ هُنَا مَا يُخَالِفُ ذَلِكَ (وَتَنْقَضِي) الْعِدَّةُ (بِمَيِّتٍ) لِإِطْلَاقِ الْآيَةِ، وَلَوْ مَاتَ فِي بَطْنِهَا وَاسْتَمَرَّ أَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعِ سِنِينَ لَمْ تَنْقَضِ إلَّا بِوَضْعِهِ لِعُمُومِ الْآيَةِ كَمَا أَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَلَا مُبَالَاةَ بِتَضَرُّرِهَا بِذَلِكَ (لَا عَلَقَةَ) لِأَنَّهَا تُسَمَّى دَمًا لَا حَمْلًا وَلَا يُعْلَمُ أَنَّهَا أَصْلٌ آدَمِيٌّ (وَ) تَنْقَضِي (بِمُضْغَةٍ فِيهَا صُورَةُ آدَمِيٍّ خِفْيَةً) عَلَى غَيْرِ الْقَوَابِلِ (أَخْبَرَ بِهَا) بِطَرِيقِ الْجَزْمِ أَهْلُ الْخِبْرَةِ وَمِنْهُمْ (الْقَوَابِلُ) لِأَنَّهَا حِينَئِذٍ تُسَمَّى حَمْلًا وَعَبِّرُوا بِأَخْبَرَ لِأَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ لَفْظُ شَهَادَةٍ إلَّا إذَا وُجِدَتْ دَعْوَى عِنْدَ قَاضٍ أَوْ مُحَكَّمٍ وَإِذَا اكْتَفَى بِالْإِخْبَارِ بِالنِّسْبَةِ لِلْبَاطِنِ فَلْيَكْتَفِ بِقَابِلَةٍ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ أَخْذًا مِنْ قَوْلِهِمْ لِمَنْ غَابَ زَوْجُهَا فَأَخْبَرَهَا عَدْلٌ بِمَوْتِهِ أَنْ تَتَزَوَّجَ بَاطِنًا (فَإِنْ لَمْ يَكُنْ) فِيهَا (صُورَةٌ) خِفْيَةً (وَ) لَكِنْ (قُلْنَ) أَيْ الْقَوَابِلُ مَثَلًا لَا مَعَ تَرَدُّدٍ (هِيَ أَصْلٌ آدَمِيٌّ) وَلَوْ بَقِيَتْ تَخَلَّقَتْ (انْقَضَتْ) الْعِدَّةُ بِوَضْعِهَا أَيْضًا (عَلَى الْمَذْهَبِ) لِتَيَقُّنِ بَرَاءَةِ الرَّحِمِ بِهَا كَالدَّمِ بَلْ أَوْلَى، وَإِنَّمَا لَمْ يَعْتَدَّ بِهَا فِي الْغُرَّةِ وَأُمِّيَّةِ الْوَلَدِ لِأَنَّ مَدَارَهُمَا عَلَى مَا يُسَمَّى وَلَدًا، وَتُسَمَّى هَذِهِ مَسْأَلَةَ النُّصُوصِ لِأَنَّهُ نَصَّ هُنَا عَلَى انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ بِهَا وَعَلَى عَدَمِ وُجُوبِ الْغُرَّةِ فِيهَا وَعَدَمِ الِاسْتِيلَادِ، وَالْفَرْقُ مَا مَرَّ
(وَلَوْ) (ظَهَرَ فِي عِدَّةِ أَقْرَاءٍ أَوْ أَشْهُرٍ) أَوْ بَعْدَهَا كَمَا قَالَهُ الصَّيْمَرِيُّ (حَمْلٌ لِلزَّوْجِ اعْتَدَّتْ بِوَضْعِهِ) لِأَنَّهُ أَقْوَى
ــ
[حاشية الشبراملسي]
كَمَا فِي الْمَتْنِ، فَاعْتِرَاضُهُ بِأَنَّهُ لَا تَثْنِيَةَ لَهُ وَهْمٌ لِمَا عَلِمْت مِنْ الْفَرْقِ بَيْنَ التُّومِ بِلَا هَمْزٍ وَالتَّوْأَمِ بِالْهَمْزِ، وَأَنَّ تَثْنِيَةَ الْمَتْنِ إنَّمَا هِيَ لِلْمَهْمُوزِ لَا غَيْرُ اهـ حَجّ (قَوْلُهُ: لَمْ تَنْقَضِ إلَّا بِوَضْعِهِ) أَيْ وَلَوْ خَافَتْ الزِّنَا: قَالَ سم: وَلَمْ تَسْقُطْ نَفَقَتُهَا اهـ.
وَفِي سم عَلَى حَجّ: وَلَوْ اسْتَمَرَّ فِي بَطْنِهَا مُدَّةً طَوِيلَةً وَتَضَرَّرَتْ بِعَدَمِ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ وَكَذَا لَوْ اسْتَمَرَّ حَيًّا فِي بَطْنِهَا وَزَادَ عَلَى أَرْبَعِ سِنِينَ حَيْثُ ثَبَتَ وُجُودُهُ وَلَمْ يُحْتَمَلُ وَضْعٌ وَلَا وَطْءٌ، وَلَا يُنَافِي ذَلِكَ قَوْلَهُمْ أَكْثَرُ مُدَّةِ الْحَمْلِ أَرْبَعُ سِنِينَ لِأَنَّهُ فِي مَجْهُولِ الْبَقَاءِ زِيَادَةٌ عَلَى الْأَرْبَعَةِ حَتَّى لَا يَلْحَقَ نَحْوُ الْمُطَلِّقِ إذَا زَادَ عَلَى الْأَرْبَعِ، وَكَلَامُنَا فِي مَعْلُومِ الْبَقَاءِ زِيَادَةٌ عَلَى الْأَرْبَعِ هَذَا هُوَ الَّذِي يَظْهَرُ وَهُوَ حَقٌّ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى اهـ.
وَهُوَ ظَاهِرٌ حَيْثُ ثَبَتَ وُجُودُهُ كَمَا فَرَضَهُ، لَكِنْ يَبْقَى الْكَلَامُ فِي الثُّبُوتِ بِمَاذَا فَإِنَّهُ حَيْثُ عَلِمَ أَنَّ أَكْثَرَ الْحَمْلِ أَرْبَعُ سِنِينَ وَزَادَتْ الْمُدَّةُ عَلَيْهَا كَانَ الظَّاهِرُ مِنْ ذَلِكَ انْتِفَاءَ الْحَمْلِ، وَأَنَّ مَا تَجِدُهُ فِي بَطْنِهَا مِنْ الْحَرَكَةِ مَثَلًا لَيْسَ مُقْتَضِيًا لِكَوْنِهِ حَمْلًا. نَعَمْ إنْ ثَبَتَ ذَلِكَ بِقَوْلٍ مَعْصُومٍ كَعِيسَى وَجَبَ الْعَمَلُ بِهِ (قَوْلُهُ: فَلْيَكْتَفِ بِقَابِلَةٍ) أَيْ امْرَأَةٍ وَاحِدَةٍ (قَوْلُهُ: أَنْ تَتَزَوَّجَ بَاطِنًا) يُؤْخَذُ مِنْ ذَلِكَ أَنَّ مَحَلَّ الِاكْتِفَاءِ بِالْقَابِلَةِ بِالنِّسْبَةِ لِلْبَاطِنِ، أَمَّا بِالنِّسْبَةِ لِظَاهِرِ الْحَالِ فَلَا يَثْبُتُ إلَّا بِأَرْبَعٍ مِنْ النِّسَاءِ أَوْ رَجُلَيْنِ أَوْ رَجُلٍ وَامْرَأَتَيْنِ، ثُمَّ رَأَيْته فِي شَرْحِ الرَّوْضِ صَرَّحَ بِالْأَرْبَعِ بِالنِّسْبَةِ لِلظَّاهِرِ.
(قَوْلُهُ: بِدَلَالَتِهِ) أَيْ بِسَبَبِ دَلَالَتِهِ إلَخْ (قَوْلُهُ وَإِنْ بَانَ أَنْ لَا حَمْلَ) أَيْ خِلَافًا لحج، وَالْأَقْرَبُ مَا قَالَهُ حَجّ، وَوَجْهُهُ أَنَّ الْعِبْرَةَ فِي الْعُقُودِ بِمَا فِي نَفْسِ الْأَمْرِ. [فَائِدَةٌ جَلِيلَةٌ] مِنْ خَصَائِصِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنْ يَنْكِحَ مَنْ شَاءَ قَبْلَ انْقِضَاءِ عِدَّتِهَا، وَعِبَارَةُ مَتْنِ الْخَصَائِصِ الصُّغْرَى فِي الْفَصْلِ الثَّالِثِ مَا نَصُّهُ: فَلَوْ رَغِبَ فِي نِكَاحِ امْرَأَةٍ خَلِيَّةٍ لَزِمَهَا الْإِجَابَةُ وَأُجْبِرَتْ وَحُرِّمَ عَلَى غَيْرِهِ خِطْبَتُهَا بِمُجَرَّدِ الرَّغْبَةِ، أَوْ زَوْجَةٍ وَجَبَ عَلَى زَوْجِهَا طَلَاقُهَا لِيَنْكِحَهَا.
قَالَ الْغَزَالِيُّ فِي الْخُلَاصَةِ: وَلَهُ حِينَئِذٍ نِكَاحُهَا مِنْ غَيْرِ انْقِضَاءِ عِدَّةٍ، وَكَانَ لَهُ أَنْ يَخْطُبَ عَلَى خِطْبَةِ غَيْرِهِ إلَى آخِرِ مَا ذَكَرَهُ وَأَطَالَ فِيهِ اهـ الْمُرَادُ مِنْهُ.
ثُمَّ رَأَيْت فِي خَصَائِصِ الْخَيْضَرِيِّ مَا نَصُّهُ: هَلْ كَانَ يَحِلُّ لَهُ نِكَاحُ الْمُعْتَدَّةِ؟ فِيهِ وَجْهَانِ: أَحَدُهُمَا الْجَوَازُ حَكَاهُ الْبَغَوِيّ وَالرَّافِعِيُّ.
قَالَ النَّوَوِيُّ فِي الرَّوْضَةِ: هَذَا الْوَجْهُ حَكَاهُ الْبَغَوِيّ وَهُوَ غَلَطٌ، وَلَمْ يَذْكُرْهُ جُمْهُورُ الْأَصْحَابِ وَغَلَّطُوا مَنْ ذَكَرَهُ " بَلْ الصَّوَابُ الْقَطْعُ بِامْتِنَاعِ نِكَاحِ الْمُعْتَدَّةِ مِنْ غَيْرِهِ اهـ.
وَالدَّلِيلُ عَلَى الْمَنْعِ أَنَّهُ لَمْ يُنْقَلْ فِعْلُ ذَلِكَ وَإِنَّمَا نُقِلَ عَنْهُ غَيْرُهُ، فَفِي حَدِيثِ صَفِيَّةَ السَّابِقِ أَنَّهُ سَلَّمَهَا إلَى أُمِّ سَلِيمٍ، وَفِيهِ: وَأَحْسِبُهُ قَالَ تَعْتَدُّ فِي بَيْتِهَا.
وَفِي الصَّحِيحِ أَيْضًا أَنَّهَا لَمَّا بَلَغَتْ سَدَدَ الصَّهْبَاءِ حَلَّتْ فَبَنَى بِهَا فَبَطَلَ هَذَا الْوَجْهُ بِالْكُلِّيَّةِ، وَكَيْفَ يَكُونُ ذَلِكَ وَالْعِدَّةُ وَالِاسْتِبْرَاءُ وُضِعَا فِي الشَّرْعِ لِدَفْعِ اخْتِلَاطِ الْأَنْسَابِ، وَإِذَا كَانَ فِعْلُ ذَلِكَ فِي الْمَسْبِيَّةِ مِنْ نِسَاءِ أَهْلِ الْحَرْبِ فَكَيْفَ بِمَنْ عَلَيْهَا عِدَّةٌ لِزَوْجٍ مِنْ أَهْلِ الْإِسْلَامِ؟ يَطَّرِدُ مِثْلُ ذَلِكَ فِي الْمُسْتَبْرَأَةِ.
وَوَقَعَ فِي خُلَاصَةِ الْغَزَالِيِّ أَنَّهُ كَانَ لَهُ أَنْ يَتَزَوَّجَ مَنْ وَجَبَ عَلَى زَوْجِهَا طَلَاقُهَا إذَا رَغِبَ فِيهَا النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ غَيْرِ انْقِضَاءِ عِدَّةٍ، وَهَذَا قَرِيبٌ مِمَّا ذَكَرْنَاهُ مِنْ الْوَجْهِ فِي نِكَاحِ الْمُعْتَدَّةِ وَجَزْمُهُ بِذَلِكَ عَجِيبٌ وَأَنَّى لَهُ بِذَلِكَ لَا جُرْمَ.
قَالَ ابْنُ الصَّلَاحِ كَمَا نَقَلَهُ ابْنُ الْمُلَقِّنِ عَنْهُ: وَهُوَ غَلَطٌ مُنْكَرٌ وَدِدْت مَحْوَهُ مِنْهُ وَتَبِعَ فِيهِ صَاحِبَ مُخْتَصَرِ الْجُوَيْنِيِّ، وَمُنْشَؤُهُ مِنْ تَضْعِيفِ كَلَامٍ أَتَى بِهِ الْمَزْنِيُّ اهـ.
وَقَوْلُهُ وَجَبَ عَلَى زَوْجِهَا طَلَاقُهَا.
قَالَ فِي الْعُبَابِ: وَلَمْ يَقَعْ ذَلِكَ بَلْ طَلَاقُ زَيْدٍ زَيْنَبَ بِنْتَ جَحْشٍ اتِّفَاقِيٌّ بِإِلْقَاءِ اللَّهِ فِي قَلْبِهِ لَا اضْطِرَارِيٌّ بِحُكْمِ الْوُجُوبِ، وَزَوَّجَهَا اللَّهُ مِنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَحَلَّتْ لَهُ بِلَا لَفْظٍ (قَوْلُهُ: فَيَلْحَقُهُ) أَيْ الْوَاطِئَ بِالشُّبْهَةِ (قَوْلُهُ وَقَفَتْ الرَّجْعَةُ) أَيْ فَيَحْرُمُ عَلَيْهِ قُرْبَانُهَا وَغَيْرُهُ
ــ
[حاشية الرشيدي]
قَوْلُهُ: مُرَاعَاةً لِذَلِكَ) هُوَ مَعْمُولٌ لِنَفْيِهِ
١ -
وَفِي حَجّ: فَرْعٌ: اخْتَلَفُوا فِي التَّسَبُّبِ لِإِسْقَاطِ مَا لَمْ يَصِلْ لَحَدِّ نَفْخِ الرُّوحِ فِيهِ، وَهُوَ مِائَةٌ وَعِشْرُونَ يَوْمًا، وَاَلَّذِي يُتَّجَه وِفَاقًا لِابْنِ الْعِمَادِ وَغَيْرِهِ الْحُرْمَةُ، وَلَا يُشْكِلُ عَلَيْهِ جَوَازُ الْعَزْلِ لِوُضُوحِ الْفَرْقِ بَيْنَهُمَا بِأَنَّ الْمَنِيَّ حَالَ نُزُولِهِ مَحْضُ جَمَادٍ لَمْ يَتَهَيَّأْ لِلْحَيَاةِ بِوَجْهِ، بِخِلَافِهِ بَعْدَ اسْتِقْرَارِهِ فِي الرَّحِمِ وَأَخْذِهِ فِي مَبَادِئِ التَّخَلُّقِ، وَيُعْرَفُ ذَلِكَ بِالْأَمَارَاتِ.
وَفِي حَدِيثِ مُسْلِمٍ «أَنَّهُ يَكُونُ بَعْدَ اثْنَتَيْنِ وَأَرْبَعِينَ لَيْلَةً» أَيْ ابْتِدَاؤُهُ كَمَا مَرَّ فِي الرَّجْعَةِ، وَيَحْرُمُ اسْتِعْمَالُ مَا يَقْطَعُ الْحَبَلَ مِنْ أَصْلِهِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ كَثِيرُونَ، وَهُوَ ظَاهِرٌ اهـ.
وَقَوْلُ حَجّ وَاَلَّذِي يُتَّجَهُ إلَخْ لَكِنْ فِي شَرْحِ م ر فِي أُمَّهَاتِ الْأَوْلَادِ خِلَافُهُ، وَقَوْلُهُ وَأَخْذِهِ فِي مَبَادِئ التَّخَلُّقِ قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَا يَحْرُمُ قَبْلَ ذَلِكَ وَعُمُومُ كَلَامِهِ الْأَوَّلَ يُخَالِفُهُ، وَقَوْلُهُ مِنْ أَصْلِهِ: أَيْ أَمَّا مَا يُبْطِلُ الْحَمْلَ مُدَّةً وَلَا يَقْطَعُهُ مِنْ أَصْلِهِ فَلَا يَحْرُمُ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ، ثُمَّ الظَّاهِرُ أَنَّهُ إنْ كَانَ لِعُذْرٍ كَتَرْبِيَةِ وَلَدٍ لَمْ يُكْرَهْ