للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِالطَّلَاقِ فَلَمْ تَسْقُطْ بِالْمَوْتِ، لَكِنْ حَكَى الْجُرْجَانِيُّ طَرْدَ الْقَوْلَيْنِ فِيهَا وَيُوَافِقُهُ إطْلَاقُ الْكِتَابِ هُنَا

(وَ) يَجِبُ لِمُعْتَدَّةٍ (فَسْخٌ) بِعَيْبٍ أَوْ رِدَّةٍ أَوْ إسْلَامٍ أَوْ رِضَاعٍ أَيْضًا (عَلَى الْمَذْهَبِ) لِأَنَّهَا مُعْتَدَّةٌ عَنْ نِكَاحٍ صَحِيحٍ بِفُرْقَةِ فِي الْحَيَاةِ فَأَشْبَهَتْ الْمُطَلَّقَةَ تَحْصِينًا لِلْمَاءِ، وَالطَّرِيقُ الثَّانِي عَلَى قَوْلَيْنِ كَالْمُعْتَدَّةِ عَنْ وَفَاةٍ، وَسَكَتَ الْمُصَنِّفُ عَنْ اسْتِثْنَاءِ النَّاشِزَةِ فِي عِدَّةِ الْوَفَاةِ وَالْفَسْخِ لِلْعِلْمِ مِمَّا ذَكَرَهُ فِي الطَّلَاقِ لِاسْتِوَائِهِمَا فِي الْحُكْمِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْقَاضِي وَالْمُتَوَلِّي فِيمَنْ مَاتَ عَنْهَا نَاشِزًا، وَتَجِبُ السُّكْنَى لِلْمُلَاعَنَةِ كَمَا نُقِلَ فِي الرَّوْضَةِ عَنْ الْبَغَوِيّ الْقَطْعُ بِهِ، وَلَوْ طَلَبَ الزَّوْجُ إسْكَانَ مُعْتَدَّةٍ لَمْ تَجِبْ سُكْنَاهَا لَزِمَتْهَا الْإِجَابَةُ حِفْظًا لِمَائِهِ وَيَقُومُ وَارِثُهُ مَقَامَهُ لِأَنَّ لَهُ غَرَضًا فِي صَوْنِ مَاءِ وَارِثِهِ بَلْ غَيْرُ الْوَارِثِ فِي ذَلِكَ كَالْوَارِثِ كَمَا قَالَهُ الرُّويَانِيُّ تَبَعًا لِلْمَاوَرْدِيِّ: أَيْ حَيْثُ لَا رِيبَةَ، وَيُفَارِقُ عَدَمَ لُزُومِ إجَابَةِ أَجْنَبِيٍّ بِوَفَاءِ دَيْنِ مَيِّتٍ أَوْ مُفْلِسٍ بِخِلَافِ الْوَارِثِ بِأَنَّ مُلَازَمَةَ الْمُعْتَدَّةِ لِلسُّكْنَى حَقٌّ لِلَّهِ تَعَالَى لَا بَدَلٌ لَهُ فَلَزِمَ الْقَبُولُ لِئَلَّا يَتَعَطَّلَ وَبِأَنَّ حِفْظَ الْأَنْسَابِ مِنْ مُهِمَّاتِ الْأُمُورِ الْمَطْلُوبَةِ بِخِلَافِ الدَّيْنِ وَبِأَنَّهُ إنَّمَا يُرَدُّ لَوْ كَانَ التَّبَرُّعُ عَلَيْهَا وَهُوَ إنَّمَا تَوَجَّهَ عَلَى الْمَيِّتِ، فَإِنْ لَمْ يُوجَدْ مُتَبَرِّعٌ سُنَّ لِلْإِمَامِ إسْكَانُهَا مِنْ بَيْتِ الْمَالِ حَيْثُ لَا تَرِكَةَ لَا سِيَّمَا عِنْدَ اتِّهَامِهَا بِرِيبَةٍ، وَإِنْ لَمْ يُسْكِنْهَا أَحَدٌ سَكَنَتْ حَيْثُ شَاءَتْ

(وَ) إنَّمَا (تُسَكَّنُ) بِضَمِّ أَوَّلِهِ كَمَا بِخَطِّهِ: أَيْ الْمُعْتَدَّةَ حَيْثُ وَجَبَ سُكْنَاهَا (فِي مَسْكَنٍ) مُسْتَحَقٍّ لِلزَّوْجِ لَائِقٍ بِهَا (كَانَتْ فِيهِ عِنْدَ الْفُرْقَةِ) بِمَوْتٍ أَوْ غَيْرِهِ لِلْآيَةِ وَحَدِيثِ فُرَيْعَةَ الْمَارَّيْنِ (وَلَيْسَ لِزَوْجٍ وَغَيْرِهِ إخْرَاجُهَا وَلَا لَهَا خُرُوجٌ) مِنْهُ وَإِنْ رَضِيَ بِهِ الزَّوْجُ حَيْثُ لَا عُذْرَ كَمَا يَأْتِي لِأَنَّ فِي الْعِدَّةِ حَقًّا لَهُ تَعَالَى وَهُوَ لَا يَسْقُطُ بِالتَّرَاضِي لِقَوْلِهِ تَعَالَى {لا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ وَلا يَخْرُجْنَ} [الطلاق: ١] وَشَمِلَ كَلَامُهُ الرَّجْعِيَّةَ، وَبِهِ صَرَّحَ فِي النِّهَايَةِ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

أَيْ السُّكْنَى، وَأَمَّا النَّفَقَةُ فَتَسْقُطُ كَمَا تَقَدَّمَ لَهُ بَعْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَإِنْ مَاتَ عَنْ رَجْعِيَّةٍ إلَخْ اهـ.

وَعَلَيْهِ فَانْظُرْ الْفَرْقَ بَيْنَهُمَا، وَلَعَلَّهُ أَنَّ السُّكْنَى لَمَّا كَانَتْ رَاجِعَةً لِحِفْظِ مَائِهِ كَانَتْ مَنْفَعَتُهَا عَائِدَةً فَاحْتِيطَ فِيهَا مَا لَمْ يُحْتَطْ بِمِثْلِهِ فِي وُجُوبِ النَّفَقَةِ (قَوْلُهُ: فَلَمْ تَسْقُطْ بِالْمَوْتِ) مُعْتَمَدٌ

(قَوْلُهُ وَفَسْخٌ) أَرَادَ بِهِ مَا يَشْمَلُ الِانْفِسَاخَ (قَوْلُهُ: لَمْ تَجِبْ) كَأَنْ كَانَتْ نَاشِزَةً (قَوْلُهُ: وَيَقُومُ وَارِثُهُ) وَهَلْ طَلَبُ ذَلِكَ مِنْهُمَا مُبَاحٌ أَوْ مَسْنُونٌ؟ فِيهِ نَظَرٌ وَالْأَقْرَبُ الثَّانِي (قَوْلُهُ: سَكَنَتْ حَيْثُ شَاءَتْ) وَيَنْبَغِي أَنْ يُتَحَرَّى الْأَقْرَبَ مِنْ الْمَسْكَنِ الَّذِي فُورِقَتْ فِيهِ مَا أَمْكَنَ

(قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا تُسَكَّنُ) وَلَوْ مَضَتْ الْعِدَّةُ أَوْ بَعْضُهَا وَلَمْ تُطَالِبْ بِالسُّكْنَى لَمْ تَصِرْ دَيْنًا فِي الذِّمَّةِ، بِخِلَافِ النَّفَقَةِ لِأَنَّهَا مُعَاوَضَةٌ اهـ حَجّ.

وَكَتَبَ عَلَيْهِ سم مَا نَصُّهُ: قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ: وَكَذَا فِي صُلْبِ النِّكَاحِ اهـ أَيْ وَمِثْلُ الْمُعْتَدَّةِ لِوَفَاةٍ إذَا مَضَتْ الْعِدَّةُ أَوْ بَعْضُهَا وَلَمْ تُطَالِبْ بِالسُّكْنَى فِي أَنَّهَا لَا تَصِيرُ دَيْنًا لِلْمَنْكُوحَةِ إذَا فَاتَ السُّكْنَى فِي حَالَةِ النِّكَاحِ وَلَمْ تُطَالِبْ بِهَا (قَوْلُهُ: كَانَتْ فِيهِ عِنْدَ الْفُرْقَةِ) أَيْ وَتُقَدَّمُ سُكْنَاهَا عَلَى مُؤْنَةِ التَّجْهِيزِ لِأَنَّهُ حَقٌّ تَعَلَّقَ بِعَيْنِ التَّرِكَةِ وَلَيْسَ هُوَ مِنْ الدُّيُونِ الْمُرْسَلَةِ فِي الذِّمَّةِ، وَيَنْبَغِي أَنَّ هَذَا إذَا كَانَ مِلْكَهُ أَوْ يَسْتَحِقُّ مَنْفَعَتَهُ مُدَّةَ عِدَّتِهَا بِإِجَارَةٍ، وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ إذَا خَلَّفَهَا فِي بَيْتٍ مُعَارٍ أَوْ مُؤَجَّرٍ وَانْقَضَتْ الْمُدَّةُ أَنَّهَا تَقَدُّمُ بِأُجْرَةِ الْمَسْكَنِ عَلَى مُؤَنٍ التَّجْهِيزِ أَيْضًا، وَيُحْتَمَلُ وَهُوَ الظَّاهِرُ أَنَّهَا تُقَدَّمُ بِأُجْرَةٍ يَوْمَ الْمَوْتِ فَقَطْ لِأَنَّ مَا بَعْدَهُ لَا يَجِبُ إلَّا بِدُخُولِهِ فَلَمْ يُزَاحِمْ مُؤَنَ التَّجْهِيزِ (قَوْلُهُ: وَبِهِ صَرَّحَ فِي النِّهَايَةِ)

ــ

[حاشية الرشيدي]

(قَوْلُهُ: وَيَقُومُ وَارِثُهُ مَقَامَهُ) هُوَ فِي مَسْأَلَةِ مُعْتَدَّةِ الْوَفَاةِ إذَا لَمْ تَكُنْ تَرِكَةً كَمَا يُعْلَمُ مِنْ الرَّوْضِ وَشَرْحِهِ كَالرَّوْضَةِ هُوَ، وَإِنْ صَحَّ تَنْزِيلُهُ عَلَى مَسْأَلَةِ طَلَبِ الزَّوْجِ الْإِسْكَانَ الْمَذْكُورَةَ قُبَيْلَ هَذَا إلَّا أَنَّهُ لَيْسَ مَوْضُوعَ الْمَسْأَلَةِ الَّتِي فِيهَا كَلَامُ الرُّويَانِيِّ كَالْمَاوَرْدِيِّ كَمَا يُعْلَمُ مِنْ الرَّوْضِ وَشَرْحِهِ (قَوْلُهُ: وَهُوَ إنَّمَا تَوَجَّهَ عَنْ الْمَيِّتِ) هَذَا لَا يَصِحُّ جَوَابًا عَنْ الِاسْتِشْكَالِ بِوَفَاءِ الدَّيْنِ الْمَذْكُورِ، إذْ لَا فَرْقَ بَيْنَ مَا هُنَا وَمَسْأَلَةِ وَفَاءِ الدَّيْنِ فِيمَا ذُكِرَ كَمَا لَا يَخْفَى، وَإِنَّمَا هُوَ جَوَابٌ عَنْ إشْكَالٍ آخَرَ وَهُوَ أَنَّهُ كَيْفَ يَلْزَمُهَا إجَابَةُ الْأَجْنَبِيِّ مَعَ مَا فِيهِ مِنْ الْمِنَّةِ كَمَا يُعْلَمُ مِنْ شَرْحِ الرَّوْضِ (قَوْلُهُ: سَكَنَتْ حَيْثُ شَاءَتْ) وَظَاهِرٌ أَنَّهُ يَلْزَمُهَا مُلَازَمَةُ مَا سَكَنَتْ فِيهِ فَلْيُرَاجَعْ

(قَوْلُهُ: وَشَمِلَ كَلَامَهُ)

<<  <  ج: ص:  >  >>