للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَوْ غَرَقٍ) عَلَى نَفْسِهَا، أَوْ مَالِهَا وَإِنْ قَلَّ أَوْ اخْتِصَاصِهَا فِيمَا يَظْهَرُ (أَوْ عَلَى نَفْسِهَا) مِنْ فُسَّاقٍ لِجِوَارِهَا، فَقَدْ أَرْخَصَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِفَاطِمَةَ بِنْتِ قَيْسٍ فِي الِانْتِقَالِ حَيْثُ كَانَتْ فِي مَكَان مُخِيفٍ كَمَا رَوَاهُ أَبُو دَاوُد (أَوْ تَأَذَّتْ بِالْجِيرَانِ) بِكَسْرِ الْجِيمِ (أَوْ) تَأَذَّوْا (هُمْ بِهَا أَذًى شَدِيدًا) لَا يُحْتَمَلُ عَادَةً كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ (وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) لِلْحَاجَةِ إلَى ذَلِكَ، وَقَدْ فَسَّرَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَغَيْرُهُ قَوْله تَعَالَى {إِلا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ} [الطلاق: ١] بِالْبَذَاءَةِ عَلَى الْأَحْمَاءِ أَوْ غَيْرِهِمْ، وَفِي رِوَايَةٍ لِمُسْلِمٍ «أَنَّ فَاطِمَةَ بِنْتَ قَيْسٍ كَانَتْ تَبْذُو عَلَى أَحْمَائِهَا فَنَقَلَهَا - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إلَى بَيْتِ أُمِّ مَكْتُومٍ» .

وَمَا فِي الرَّافِعِيِّ مِنْ أَنَّهَا فَاطِمَةُ بِنْتُ أَبِي حُبَيْشٍ سَبْقُ قَلَمٍ، وَحَيْثُ نُقِلَتْ سَكَنَتْ فِي أَقْرَبِ الْأَمَاكِنِ إلَى الْأَوَّلِ كَمَا قَالَهُ الرَّافِعِيُّ عَنْ الْجُمْهُورِ، وَقَالَ الزَّرْكَشِيُّ: الْمَنْصُوصُ فِي الْأُمِّ أَنَّ الزَّوْجَ يُحْصِنُهَا حَيْثُ رَضِيَ لَا حَيْثُ شَاءَتْ، وَأَفْهَمَ تَقْيِيدُ الْأَذَى بِالشَّدِيدِ عَدَمَ اعْتِبَارِ الْقَلِيلِ وَهُوَ كَذَلِكَ إذْ لَا يَخْلُو مِنْهُ أَحَدٌ، وَمِنْ الْجِيرَانِ الْأَحْمَاءُ وَهُمْ أَقَارِبُ الزَّوْجِ.

نَعَمْ إنْ اشْتَدَّ أَذَاهَا بِهِمْ أَوْ عَكْسُهُ وَكَانَتْ الدَّارُ ضَيِّقَةً نَقَلَهُمْ الزَّوْجُ عَنْهَا كَمَا لَوْ كَانَ الْمَسْكَنُ لَهَا، وَكَذَا لَوْ كَانَتْ بِدَارِ أَبَوَيْهَا وَبَذَتْ عَلَيْهِمْ نُقِلُوا دُونَهَا لِأَنَّهَا أَحَقُّ بِدَارِ أَبَوَيْهَا كَمَا قَالَاهُ.

قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَلَعَلَّ الْمُرَادَ أَنَّ الْأَوْلَى نَقْلُهُمْ دُونَهَا، وَخَرَجَ بِالْجِيرَانِ مَا لَوْ طَلُقَتْ بِبَيْتِ أَبَوَيْهَا وَتَأَذَّتْ بِهِمْ أَوْ هُمْ بِهَا فَلَا نَقْلَ إذْ الْوَحْشَةُ لَا تَطُولُ بَيْنَهُمْ، وَيَتَعَيَّنُ حَمْلُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ عَلَى مَا إذَا كَانَ تَأَذِّيهمْ مِنْ أَمْرٍ لَمْ تَتَعَدَّ هِيَ بِهِ وَإِلَّا أُجْبِرَتْ هِيَ عَلَى تَرْكِهِ وَلَمْ يَحِلَّ لَهَا الِانْتِقَالُ حِينَئِذٍ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ، وَلَا يَخْتَصُّ الْخُرُوجُ بِمَا ذُكِرَ بَلْ لَوْ لَزِمَهَا حَدٌّ أَوْ يَمِينٌ فِي دَعْوَى خَرَجَتْ لَهُ إنْ كَانَتْ بَرْزَةً، فَإِنْ كَانَتْ مُخَدَّرَةً حُدَّتْ وَحَلَفَتْ فِي مَسْكَنِهَا بِأَنْ يَحْضُرَ الْحَاكِمُ لَهَا أَوْ يَبْعَثَ نَائِبَهُ إلَيْهَا أَوْ لَزِمَهَا الْعِدَّةُ بِدَارِ الْحَرْبِ هَاجَرَتْ مِنْهَا لِدَارِ الْإِسْلَامِ مَا لَمْ تَأْمَنْ عَلَى نَفْسِهَا أَوْ غَيْرِهَا مِمَّا مَرَّ فَلَا تُهَاجِرُ حَتَّى تَعْتَدَّ، أَوْ زَنَتْ الْمُعْتَدَّةُ وَهِيَ بِكْرٌ غُرِّبَتْ وَلَا يُؤَخَّرُ تَغْرِيبُهَا إلَى انْقِضَائِهَا، وَلَا تُعَذَّرُ فِي الْخُرُوجِ لِتِجَارَةٍ وَزِيَارَةٍ وَتَعْجِيلِ حَجَّةِ إسْلَامٍ وَنَحْوِهَا مِنْ الْأَغْرَاضِ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

يَنْبَغِي الْغَالِبَةُ، حَتَّى لَوْ اُعْتِيدَ الْحَدِيثُ جَمِيعَ اللَّيْلِ فَيَنْبَغِي الِامْتِنَاعُ لِأَنَّهُ نَادِرٌ فِي الْعَادَةِ اهـ سم عَلَى حَجّ

(قَوْلُهُ: أَوْ مَالِهَا) وَمِثْلُ مَالِهَا مَالُ غَيْرِهَا اهـ حَجّ.

وَيُمْكِنُ دُخُولُهُ فِي قَوْلِ الشَّارِحِ مَالِهَا بِجَعْلِ الْإِضَافَةِ لِمُجَرَّدِ أَنَّ لَهَا يَدًا عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: أَوْ اخْتِصَاصِهَا) كَذَلِكَ اهـ حَجّ.

قَالَ سم عَلَيْهِ: قَوْلُهُ كَذَلِكَ إطْلَاقُ الْقِلَّةِ هُنَا فِيهِ نَظَرٌ، إذْ لَا وَجْهَ لِجَوَازِ الْخُرُوجِ لِلْخَوْفِ عَلَى كَفٍّ مِنْ سِرْجِينٍ، فَيَنْبَغِي أَنْ لَا يَرْجِعَ قَوْلُهُ كَذَلِكَ لِقَوْلِهِ أَيْضًا وَإِنْ قَلَّ فَتَأَمَّلْ اهـ.

وَلَعَلَّ هَذَا حِكْمَةُ إسْقَاطِ الشَّارِحِ لِهَذَا التَّشْبِيهِ (قَوْلُهُ: إلَى بَيْتِ أُمِّ مَكْتُومٍ) عِبَارَةُ حَجّ: ابْنِ أُمِّ مَكْتُومٍ.

ثُمَّ رَأَيْته فِي بَعْضِ النُّسَخِ كَذَلِكَ (قَوْلُهُ: وَبَذَتْ عَلَيْهِمْ) أَيْ الْأَحْمَاءِ، وَقَوْلُهُ نُقِلُوا دُونَهَا أَيْ الْأَحْمَاءِ (قَوْلُهُ: قَالَ الْأَذْرَعِيُّ إلَخْ) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: فَلَا نَقْلَ) أَيْ لَا يَجُوزُ ذَلِكَ (قَوْلُهُ: إنْ كَانَتْ بَرْزَةً) أَيْ كَثِيرَةَ الْخُرُوجِ (قَوْلُهُ: بِأَنْ يَحْضُرَ الْحَاكِمُ) أَيْ وُجُوبًا (قَوْلُهُ: هَاجَرَتْ مِنْهَا لِدَارِ الْإِسْلَامِ) قِيَاسُ مَا يَأْتِي مِنْ أَنَّهُ لَوْ تَعَذَّرَ سُكْنَاهَا فِي مَحَلِّ الطَّلَاقِ وَجَبَتْ فِي أَقْرَبِ مَحَلٍّ إلَيْهِ أَنْ تَسْكُنَ هُنَا فِي أَقْرَبِ مَحَلٍّ يَلِي بِلَادَ الْحَرْبِ مِنْ بِلَادِ الْإِسْلَامِ حَيْثُ أَمِنَتْ فِيهِ، بَلْ يَنْبَغِي أَنَّهَا لَوْ أَمِنَتْ فِي مَحَلٍّ مِنْ دَارِ الْحَرْبِ غَيْرَ مَحَلِّ الطَّلَاقِ وَجَبَ اعْتِدَادُهَا فِيهِ (قَوْلُهُ وَتَعْجِيلُ حَجَّةِ إسْلَامٍ) خَرَجَ بِهِ مَا لَوْ نَذَرَتْهُ

ــ

[حاشية الرشيدي]

(قَوْلُهُ: يُحْصِنُهَا حَيْثُ رَضِيَ) لَعَلَّهُ مَعَ اعْتِبَارِ الْقُرْبِ فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ: وَكَانَتْ الدَّارُ ضَيِّقَةً) اُنْظُرْ مَا حُكْمُ مَفْهُومِهِ وَهُوَ مَا إذَا كَانَتْ وَاسِعَةً، فَإِنْ كَانَ الْحُكْمُ أَنَّهَا تَنْتَقِلُ هِيَ فَلَا يَظْهَرُ لَهُ مَعْنَى، وَإِنْ كَانَ الْحُكْمُ أَنَّهَا لَا تَنْتَقِلُ هِيَ وَلَا هُمْ فَمَا مَعْنَى قَوْلِهِ وَمِنْ الْجِيرَانِ الْأَحِمَّاءِ (قَوْلُهُ: وَبَذَّتْ عَلَيْهِمْ) أَيْ الْأَحِمَّاءِ (قَوْلُهُ: وَلَعَلَّ الْمُرَادَ أَنَّ الْأَوْلَى نَقْلُهُمْ دُونَهَا) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ عَقِبَ هَذَا: وَإِلَّا فَإِذَا لَمْ تَكُنْ السُّكْنَى مُسْتَحَقَّةً لَهَا فَالْخِيَرَةُ فِي النَّقْلِ إلَى الْأَبَوَيْنِ أَوْ الْمَالِكِ مِنْهُمَا. اهـ. (قَوْلُهُ: وَيَتَعَيَّنُ حَمْلُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ إلَخْ.) قَدْ يُقَالُ: يُنَافِي هَذَا الْحَمْلَ مَا فُسِّرَتْ بِهِ الْآيَةُ السَّابِقَةُ مِمَّا مَرَّ وَكَذَا مَا مَرَّ فِي الْخَبَرِ

<<  <  ج: ص:  >  >>