للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(قُلْت إلَّا أَنْ تَكُونَ) قِنَّةً أَوْ (غَيْرَ رَشِيدَةٍ) لِصِغَرٍ أَوْ جُنُونٍ أَوْ سَفَهٍ وَقَدْ حَجَرَ عَلَيْهَا بِأَنْ اسْتَمَرَّ سَفَهُهَا الْمُقَارِنُ لِلْبُلُوغِ أَوْ طَرَأَ وَحَجَرَ عَلَيْهَا وَإِلَّا لَمْ يَحْتَجْ لِإِذْنِ الْوَلِيِّ (وَلَمْ يَأْذَنْ) سَيِّدُهَا الْمُطْلَقُ التَّصَرُّفَ وَإِلَّا فَوَلِيُّهُ أَوْ (وَلِيُّهَا) فِي أَكْلِهَا مَعَهُ فَلَا تَسْقُطُ قَطْعًا لِتَبَرُّعِهِ فَلَا رُجُوعَ لَهُ عَلَيْهَا بِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ إنْ كَانَ غَيْرَ مَحْجُورٍ عَلَيْهِ، وَإِنْ قَصَدَ بِهِ جَعْلَهُ عِوَضًا عَنْ نَفَقَتِهَا وَإِلَّا فَلِوَلِيِّهِ ذَلِكَ كَمَا أَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَمِثْلُ نَفَقَتِهَا فِيمَا ذُكِرَ كِسْوَتُهَا (وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) وَاسْتِشْكَالُ ذَلِكَ بِإِطْبَاقِ السَّلَفِ السَّابِقِ إذْ لَا اسْتِفْصَالَ فِيهِ مَرْدُودٌ بِأَنَّ غَايَتَهُ أَنَّهُ كَالْوَقَائِعِ الْفِعْلِيَّةِ وَهِيَ تَسْقُطُ بِالِاحْتِمَالَاتِ، فَانْدَفَعَ أَخْذُ الْبُلْقِينِيِّ مِنْ قَضِيَّتِهِ سُقُوطَهَا بِأَكْلِهِ مَعَهُ مُطْلَقًا، وَاكْتَفَى بِإِذْنِ الْوَلِيِّ مَعَ أَنَّ قَبْضَ غَيْرِ الْمُكَلَّفَةِ لَغْوٌ لِأَنَّ الزَّوْجَ بِإِذْنِهِ يَصِيرُ كَالْوَكِيلِ فِي إنْفَاقِهِ عَلَيْهَا، وَظَاهِرٌ أَنَّ مَحَلَّهُ حَيْثُ كَانَ لَهَا حَظٌّ فِيهِ وَإِلَّا لَمْ يَعْتَدَّ بِإِذْنِهِ فَيَرْجِعُ عَلَيْهِ بِمَا هُوَ مُقَدَّرٌ لَهَا.

وَلَوْ اخْتَلَفَ الزَّوْجَانِ فَقَالَتْ قَدْ قَصَدْت التَّبَرُّعَ فَقَالَ بَلْ قَصَدْت كَوْنَهُ عَنْ النَّفَقَةِ صُدِّقَ بِيَمِينِهِ كَمَا لَوْ دَفَعَ لَهَا شَيْئًا ثُمَّ ادَّعَى كَوْنَهُ عَنْ الْمَهْرِ وَادَّعَتْ هِيَ الْهَدِيَّةَ (وَيَجِبُ) لَهَا (أُدْمُ غَالِبِ الْبَلَدِ) أَيْ مَحَلِّ الزَّوْجَةِ نَظِيرَ مَا مَرَّ فِي الْقُوتِ، وَمِنْ ثَمَّ يَأْتِي هُنَا مَا مَرَّ فِي اخْتِلَافِ الْغَالِبِ وَلَمْ يُعْتَبَرْ مَا يَتَنَاوَلُهُ الزَّوْجُ (كَزَيْتٍ) بَدَأَ بِهِ لِخَبَرِ أَحْمَدَ وَالتِّرْمِذِيِّ وَغَيْرِهِمَا «كُلُوا الزَّيْتَ وَادَّهِنُوا بِهِ فَإِنَّهُ مِنْ شَجَرَةٍ مُبَارَكَةٍ» وَفِي رِوَايَةٍ لِلْحَاكِمِ «فَإِنَّهُ طَيِّبٌ مُبَارَكٌ» (وَسَمْنٍ وَجُبْنٍ وَتَمْرٍ) لِأَنَّهُ مِنْ الْمُعَاشَرَةِ بِالْمَعْرُوفِ الْمَأْمُورِ بِهَا لِأَنَّ الطَّعَامَ لَا يَنْسَاغُ غَالِبًا إلَّا بِهِ، وَبَحَثَ الْأَذْرَعِيُّ أَنَّهُ إذَا كَانَ الْقُوتُ نَحْوَ لَحْمٍ أَوْ لَبَنٍ اكْتَفَى بِهِ فِي حَقِّ مَنْ يَعْتَادُ اقْتِيَاتَهُ وَحْدَهُ، وَيَجِبُ لَهَا أَيْضًا مَاءٌ تَشْرَبُهُ كَمَا أَفْهَمَهُ قَوْلُهُ آلَاتُ أَكْلٍ وَشُرْبٍ، لِأَنَّهُ إذَا وَجَبَ الظَّرْفُ وَجَبَ الْمَظْرُوفُ، وَأَمَّا قَدْرُهُ فَقَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَالدَّمِيرِيُّ: الظَّاهِرُ أَنَّهُ الْكِفَايَةُ، قَالَا: وَيَكُونُ إمْتَاعًا لَا تَمْلِيكًا حَتَّى لَوْ مَضَتْ عَلَيْهِ مُدَّةٌ وَلَمْ تَشْرَبْهُ لَمْ تَمْلِكْهُ، وَإِذَا شَرِبَ غَالِبُ أَهْلِ الْبَلَدِ مَاءً مِلْحًا وَخَوَاصُّهَا عَذْبًا وَجَبَ مَا يَلِيقُ بِالزَّوْجِ اهـ لَكِنْ مُقْتَضَى كَلَامِ الشَّيْخَيْنِ وَغَيْرِهِمَا أَنَّهُ تَمْلِيكٌ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ (وَيَخْتَلِفُ) الْأُدْمُ (بِالْفُصُولِ) الْأَرْبَعَةِ فَيَجِبُ فِي كُلِّ فَصْلٍ مَا يَعْتَادُ النَّاسُ فِيهِ حَتَّى الْفَوَاكِهُ فَتَكْفِي عَنْ الْأُدْمِ كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُهُمَا.

نَعَمْ يُتَّجَهُ كَمَا بَحَثَهُ الْأَذْرَعِيُّ الرُّجُوعُ فِيهِ لِلْعُرْفِ وَأَنَّهُ يَجِبُ مِنْ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

بَيَانٌ لِعَدَمِ نَقْلِ خِلَافِهِ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا فَلِوَلِيِّهِ) أَيْ بِأَنْ كَانَ مَحْجُورًا عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: مُطْلَقًا) أَيْ رَشِيدَةً أَوْ سَفِيهَةً (قَوْلُهُ: فَيَرْجِعُ عَلَيْهِ) قَالَ سم عَلَى حَجّ: وَيَكُونُ ذَلِكَ كَمَا لَوْ لَمْ يَأْذَنْ، وَقِيَاسُ ذَلِكَ أَنَّهُ لَا رُجُوعَ عَلَيْهَا إنْ كَانَ غَيْرَ مَحْجُورٍ عَلَيْهِ، وَالظَّاهِرُ عَدَمُ رُجُوعِهِ عَلَى الْوَلِيِّ أَيْضًا إذْ غَايَةُ مَا يُتَخَيَّلُ مِنْهُ مُجَرَّدُ التَّغْرِيرِ وَهُوَ لَا يُوجِبُ شَيْئًا اهـ.

وَقَوْلُهُ لَا رُجُوعَ عَلَيْهَا قَدْ يُقَالُ الْقِيَاسُ الرُّجُوعُ لِأَنَّهُ لَمْ يَدْفَعْ مَجَّانًا وَإِنَّمَا دَفَعَ لِيَسْقُطَ عَنْهُ مَا وَجَبَ عَلَيْهِ فَهُوَ مُعَاوَضَةٌ فَاسِدَةٌ، وَالْمَقْبُوضُ بِهَا مَضْمُونٌ عَلَى مَنْ وَقَعَ الْعِوَضُ فِي يَدِهِ، اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يَفْرِضَ كَلَامَهُ فِيمَا لَوْ كَانَ الزَّوْجُ عَالِمًا بِفَسَادِ إذْنِ الْوَلِيِّ، أَوْ يُقَالُ لَمَّا لَمْ يَكُنْ مِنْهَا مُعَاقَدَةٌ وَالشَّرْطُ إنَّمَا هُوَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْوَلِيِّ أُلْغِيَ فِعْلُهَا وَعُدَّ دَفْعُهُ لَهَا تَبَرُّعًا لِتَقْصِيرِهِ (قَوْلُهُ: نَحْوَ لَحْمٍ) وَيَنْبَغِي أَنْ يَجِبَ لَهَا مُؤْنَةُ نَحْوِ طَبْخِ اللَّحْمِ اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: أَوْ لَبَنٌ) أَيْ وَيَنْبَغِي أَنْ تُعْطَى قَدْرًا يَتَحَصَّلُ مِنْهُ مُدَّانِ مَثَلًا مِنْ الْأَقِطِ كَمَا قِيلَ بِمِثْلِهِ فِي زَكَاةِ الْفِطْرِ إذَا كَانُوا يَقْتَاتُونَ اللَّبَنَ أَنَّ الْوَاجِبَ مِنْ اللَّبَنِ مَا يَتَحَصَّلُ مِنْهُ صَاعٌ مِنْ الْأَقِطِ (قَوْلُهُ وَيَكُونُ) أَيْ الْمَاءُ (قَوْلُهُ: لَا تَمْلِيكًا) وَلَعَلَّ الْفَرْقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمَأْكُولِ تَفَاهَتُهُ (قَوْلُهُ: أَنَّهُ تَمْلِيكٌ) أَيْ الْمَاءُ (قَوْلُهُ: وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ) وَعَلَيْهِ فَيَنْبَغِي أَنْ يُمَلِّكَهَا مَا يَكْفِيهَا غَالِبًا (قَوْلُهُ: فَتَكْفِي عَنْ الْأُدُمِ) أَيْ إنْ اُعْتِيدَ الِاكْتِفَاءُ بِهَا عَنْ الْأُدُمِ (قَوْلُهُ: نَعَمْ يُتَّجَهُ كَمَا بَحَثَهُ الْأَذْرَعِيُّ الرُّجُوعُ فِيهِ لِلْعُرْفِ) .

ــ

[حاشية الرشيدي]

قَوْلُهُ: وَلَوْ اخْتَلَفَ الزَّوْجَانِ) أَيْ الرَّشِيدَانِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ: بَلْ قَصَدْت كَوْنَهُ عَنْ النَّفَقَةِ) اُنْظُرْ هَلْ قَصَدَ كَوْنَهُ عَنْ النَّفَقَةِ مُعْتَبَرٌ فِي سُقُوطِهَا عَنْهُ، وَظَاهِرُ مَا مَرَّ أَنَّهُ غَيْرُ مُعْتَبَرٍ، فَإِنْ كَانَ كَذَلِكَ فَكَانَ يَنْبَغِي أَنْ يَقُولَ هُنَا فَقَالَ لَمْ أَقْصِدْ التَّبَرُّعَ لِيَشْمَلَ حَالَةَ الْإِطْلَاقِ فَلْيُرَاجَعْ.

<<  <  ج: ص:  >  >>