للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تَنَاوُلِهِمْ لَهُ إلَّا نَادِرًا وَعَادَةُ أَهْلِ الْمُدُنِ رُخْصًا وَغَلَاءً، وَقَرَّبَهُ الْبَغَوِيّ بِقَوْلِهِ عَلَى مُوسِرٍ كُلَّ يَوْمٍ رِطْلٌ وَمُتَوَسِّطٍ كُلَّ يَوْمَيْنِ أَوْ ثَلَاثَةٍ وَمُعْسِرٍ كُلَّ أُسْبُوعٍ، وَقَوْلُ طَائِفَةٍ لَا يُزَادُ عَلَى مَا مَرَّ عَنْ النَّصِّ لِأَنَّ فِيهِ كِفَايَةً لِمَنْ قَنَعَ مَرْدُودٌ، وَبَحَثَ الشَّيْخَانِ عَدَمَ وُجُوبِ أُدْمِ يَوْمِ اللَّحْمِ وَلَهُمَا احْتِمَالٌ بِوُجُوبِهِ عَلَى الْمُوسِرِ إذَا أَوْجَبْنَا عَلَيْهِ اللَّحْمَ لِيَكُونَ أَحَدُهُمَا غَدَاءً وَالْآخَرُ عَشَاءً، وَاعْتَمَدَ الْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُ الْأَوَّلَ، وَالْأَقْرَبُ حَمْلُهُ عَلَى مَا إذَا كَانَ كَافِيًا لِلْغَدَاءِ وَالْعَشَاءِ وَالثَّانِي عَلَى خِلَافِهِ (وَلَوْ كَانَتْ تَأْكُلُ الْخُبْزَ وَحْدَهُ وَجَبَ الْأُدْمُ) وَلَمْ يَنْظُرْ لِعَادَتِهَا لِمَا مَرَّ أَنَّهُ مِنْ الْمُعَاشَرَةِ بِالْمَعْرُوفِ

(وَكُسْوَةٌ) بِضَمِّ أَوَّلِهِ وَكَسْرِهِ مَعْطُوفٌ عَلَى أُدْمٍ أَوْ عَلَى جُمْلَةِ مَا مَرَّ أَوَّلَ الْبَابِ: أَيْ وَعَلَى زَوْجٍ بِأَقْسَامِهِ الثَّلَاثَةِ كِسْوَةٌ وَالْأَوَّلُ أَوْلَى وَذَلِكَ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ} [البقرة: ٢٣٣] وَلِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَدَّهَا مِنْ حُقُوقِ الزَّوْجِيَّةِ وَلِأَنَّ الْبَدَنَ لَا يَقُومُ بِدُونِهَا كَالْقُوتِ، وَمِنْ ثَمَّ مَعَ كَوْنِ اسْتِمْتَاعِهِ بِجَمِيعِ الْبَدَنِ لَمْ يَكْفِ فِيهَا مَا يَقَعُ عَلَيْهِ الِاسْمُ بِالْإِجْمَاعِ بِخِلَافِ الْكَفَّارَةِ، بَلْ لَا بُدَّ أَنْ تَكُونَ بِحَيْثُ (تَكْفِيهَا) بِفَتْحِ أَوَّلِهِ بِحَسَبِ بَدَنِهَا وَلَوْ أَمَةً كَمَا هُوَ ظَاهِرُ إطْلَاقِهِمْ حَيْثُ وَجَبَتْ نَفَقَتُهَا، وَالْأَوْجَهُ عَدَمُ اعْتِبَارِ عَادَةِ أَهْلِ بَلَدٍ بِقَصْرِهَا كَثِيَابِ الرِّجَالِ، وَأَنَّهَا لَوْ طَلَبَتْ تَطْوِيلَهَا ذِرَاعًا كَمَا فِي خَبَرِ أُمِّ سَلَمَةَ وَابْتِدَاؤُهُ مِنْ نِصْفِ سَاقِهَا أُجِيبَتْ لِمَا فِيهِ مِنْ زِيَادَةِ سِتْرِهَا الَّذِي حَثَّ الشَّارِعُ عَلَيْهِ وَلَمْ يَحْتَجْ إلَى تَقْدِيرِهَا، بِخِلَافِ النَّفَقَةِ لِمُشَاهَدَةِ كِفَايَةِ الْبَدَنِ الْمَانِعَةِ مِنْ وُقُوعِ تَنَازُعٍ فِيهَا، وَيَخْتَلِفُ عَدَدُهَا بِاخْتِلَافِ مَحَلِّ الزَّوْجَةِ حَرًّا وَبَرْدًا، وَمِنْ ثَمَّ لَوْ اعْتَادُوا لِلنَّوْمِ ثَوْبًا وَجَبَ فِيمَا يَظْهَرُ، وَجَوْدَتُهَا وَضِدُّهَا بِيَسَارِهِ وَضِدِّهِ.

(فَيَجِبُ قَمِيصٌ وَسَرَاوِيلُ) أَوْ مَا يَقُومُ مَقَامَهُ بِالنِّسْبَةِ لِعَادَةِ مَحَلِّهَا (وَخِمَارٌ) لِرَأْسِهَا أَوْ مَا يَقُومُ مَقَامَهُ كَذَلِكَ، وَيَجِبُ الْجَمْعُ بَيْنَ الْخِمَارِ وَالْمِقْنَعَةِ كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ وَيُشِيرُ إلَيْهِ كَلَامُ الرَّافِعِيِّ حَيْثُ اُحْتِيجَ إلَيْهِمَا أَوْ اقْتَضَتْهُ الْعَادَةُ (وَمِكْعَبٍ) بِضَمٍّ فَفَتْحٍ أَوْ بِكَسْرٍ فَسُكُونٍ فَفَتْحٍ أَوْ نَحْوِهِ يُدَاسُ فِيهِ، وَيُلْحَقُ بِهِ الْقَبْقَابُ عِنْدَ اعْتِيَادِهِ إلَّا أَنْ لَا يُعْتَادَ كَأَهْلِ الْقُرَى

ــ

[حاشية الشبراملسي]

وَيُوَجَّهَ بِأَنَّهَا الْمَقْصُودَةُ بِالسِّرَاجِ وَقَدْ رَضِيَتْ بِهِ فَإِنْ أَرَادَهُ لِنَفْسِهِ هَيَّأَهُ (قَوْلُهُ: وَاعْتَمَدَ الْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُ الْأَوَّلَ) هُوَ قَوْلُهُ وَبَحَثَ الشَّيْخَانِ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَجَبَ الْأُدُمُ) وَمِثْلُهُ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ عَكْسِهِ بِأَنْ كَانَتْ تَأْكُلُ الْأُدُمَ وَحْدَهُ فَيَجِبُ الْخُبْزُ: أَيْ بِأَنْ يَدْفَعَ لَهَا الْحَبَّ، وَلَا يُنَافِي ذَلِكَ مَا لَوْ كَانَ قُوتُهُمْ الْغَالِبُ اللَّحْمَ وَالْأَقِطَ مَثَلًا فَإِنَّهُ لَا يَجِبُ غَيْرُهُ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ لِأَنَّ مَا هُنَا قُوتُهُ الْحَبُّ وَهُوَ يَحْتَاجُ لِلْأُدُمِ فَوَجَبَا، وَكَذَا يُقَالُ فِي عَكْسِهِ الَّذِي ذُكِرَ بِأَنْ يُقَالَ هُوَ فِيمَنْ قُوتُهُ الْأُدُمُ وَهُوَ يَحْتَاجُ لِلْخُبْزِ اهـ سم عَلَى حَجّ

(قَوْلُهُ: وَكِسْوَةٌ) يُؤْخَذُ مِنْ ضَبْطِ الْكِسْوَةِ وَالْفِرَاشِ بِمَا ذُكِرَ أَنَّهُ لَا يَجِبُ لَهَا الْمِنْدِيلُ الْمُعْتَادُ لِلْفِرَاشِ وَأَنَّهُ إنْ أَرَادَهُ حَصَّلَهُ لِنَفْسِهِ وَإِلَّا فَلَا يَجِبُ عَلَيْهَا تَحْصِيلُهُ (قَوْلُهُ: وَكَسْرِهِ) أَيْ وَهُوَ أَفْصَحُ اهـ شَرْحُ مُسْلِمٍ لِلنَّوَوِيِّ.

وَمِنْ ثَمَّ قُدِّمَ الْكَسْرُ فِي الْمُخْتَارِ (قَوْلُهُ وَالْأَوَّلُ أَوْلَى) أَيْ لِقُرْبِ الْعَامِلِ، وَعَلَى كُلٍّ فَهُوَ بِالرَّفْعِ (قَوْلُهُ: بِحَيْثُ تَكْفِيهَا) ظَاهِرُهُ أَنَّ الْعِبْرَةَ فِي كِفَايَتِهَا بِأَوَّلِ فَجْرِ الْفَصْلِ، فَلَوْ كَانَتْ هَزِيلَةً عِنْدَهُ وَجَبَ مَا يَكْفِيهَا وَإِنْ سَمِنَتْ فِي بَاقِيهِ مَرَّ.

[فَرْعٌ] لَوْ اعْتَادُوا الْعُرْيَ وَجَبَ سَتْرُ الْعَوْرَةِ لِحَقِّ اللَّهِ تَعَالَى، وَهَلْ تَجِبُ بَقِيَّةُ الْكِسْوَةِ أَوْ لَا كَمَا فِي الْأَرِقَّاءِ إذَا اعْتَادُوا الْعُرْيَ أَوْ يَجِبُ سَتْرُ مَا بَيْنَ السُّرَّةِ وَالرُّكْبَةِ فَقَطْ كَمَا سَيَأْتِي؟ الْمُتَّجَهُ وُجُوبُ الْبَقِيَّةِ هُنَا، وَالْفَرْقُ أَنَّ كِسْوَةَ الزَّوْجَةِ تَمْلِيكٌ وَمُعَاوَضَةٌ وَإِنْ لَمْ تَلْبَسْهَا وَلَمْ تَحْتَجْ إلَيْهَا وَكِسْوَةُ الرَّقِيقِ إمْتَاعٌ مَرَّ اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: أَنْ لَا يُعْتَادَ) أَيْ الْمِكْعَبُ وَنَحْوُهُ (قَوْلُهُ: كَأَهْلِ الْقُرَى) أَيْ مَا لَمْ تَكُنْ مِنْ قَوْمٍ يَعْتَادُونَهُ فِي الْقُرَى كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ

ــ

[حاشية الرشيدي]

لَعَلَّ الْمُرَادَ فِي كَيْفِيَّتِهِ مِنْ كَوْنِهِ مَطْبُوخًا أَوْ مَشْوِيًّا أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ: وَقَرَّبَهُ الْبَغَوِيّ إلَخْ.) اعْلَمْ أَنَّ كَلَامَ الْبَغَوِيّ الْمَذْكُورِ إنَّمَا هُوَ تَقْرِيبٌ لِحَالَةِ الرُّخْصِ خَاصًّا كَمَا أَفْصَحَ بِهِ الْجَلَالُ الْمَحَلِّيُّ. ثُمَّ قَالَ: وَفِي وَقْتِ الْغَلَاءِ فِي أَيَّامٍ مَرَّةً عَلَى مَا يَرَاهُ الْحَاكِمُ. اهـ.

(قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ لَا يُعْتَادَ كَأَهْلِ الْقُرَى) عِبَارَةُ الْمَاوَرْدِيِّ: وَلَوْ جَرَتْ عَادَةُ نِسَاءِ أَهْلِ الْقُرَى أَنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>