للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

غَدْوَةً وَعَشِيَّةً لِإِمْكَانِ الْفَرْقِ بِأَنَّهُ تَخَلَّلَ هُنَا مُسْقِطٌ فَلَمْ يُمْكِنْ التَّوْزِيعُ مَعَهُ لِتَعَدِّيهَا بِهِ غَالِبًا، بِخِلَافِهِ ثَمَّ فَإِنَّهُ لَا يَسْقُطُ فَوَجَبَ تَوْزِيعُهَا عَلَى زَمَنِ التَّمْكِينِ وَعَدَمِهِ إذْ لَا تَعَدِّيَ هُنَا أَصْلًا، وَقِيَاسُ ذَلِكَ أَنَّهَا لَوْ مَنَعَتْهُ مِنْ التَّمْكِينِ بِلَا عُذْرٍ ثُمَّ سَلَّمَتْهُ أَثْنَاءَ الْيَوْمِ مَثَلًا لَمْ تُوَزَّعْ، وَسَيَأْتِي عَنْ الْأَذْرَعِيِّ مَا يُؤَيِّدُهُ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ: وَمُقْتَضَى كَلَامِ الرَّافِعِيِّ فِي الْفَسْخِ بِالْإِعْسَارِ أَنَّ لَيْلَةَ الْيَوْمِ فِي النَّفَقَاتِ هِيَ الَّتِي بَعْدَهُ كَمَا مَرَّ، وَسَبَبُهُ أَنَّ عَشَاءَ النَّاسِ قَدْ يَكُونُ بَعْدَ الْمَغْرِبِ وَقَدْ يَكُونُ قَبْلَهُ فَلْتَكُنْ لَيَالِي النَّفَقَةِ تَابِعَةً لِأَيَّامِهَا (إلَّا الْعَقْدَ) لِأَنَّهُ لَا يُوجِبُ مَجْهُولًا، وَالْقَدِيمُ تَجِبُ بِالْعَقْدِ كَالْمَهْرِ بِدَلِيلِ اسْتِحْقَاقِهَا

ــ

[حاشية الشبراملسي]

وَإِلَّا وَجَبَتْ كَمَا لَوْ سَافَرَتْ مَعَهُ بِلَا إذْنٍ مِنْهُ وَلَكِنَّهُ تَمَتَّعَ بِهَا فِي السَّفَرِ لِأَنَّ تَمَامَهُ فِي الدَّارِ الْمَذْكُورَةِ رِضًا مِنْهُ بِإِقَامَتِهَا فِيهِ كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِهِ الْآتِي بَعْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَلِحَاجَتِهَا تَسْقُطُ مُؤْنَتُهَا إلَخْ وَلَوْ امْتَنَعَتْ مِنْ النُّقْلَةِ إلَخْ (قَوْلُهُ: لِتَعَدِّيهَا بِهِ غَالِبًا) أَيْ وَلَا نَظَرَ إلَى كَوْنِهَا قَدْ لَا تَكُونُ مُتَعَدِّيَةً بِالنُّشُوزِ كَالْمَجْنُونَةِ (قَوْلُهُ: وَقِيَاسُ ذَلِكَ أَنَّهَا لَوْ مَنَعَتْهُ إلَخْ) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ لَمْ تُوَزَّعْ) وَالْفَرْقُ بَيْنَ هَذِهِ وَمَا مَرَّ عَنْ الْإِسْنَوِيِّ أَنَّهُ ثَمَّ لَمْ يَسْبِقْ مِنْهَا نُشُوزٌ وَلَا مَا يُشْبِهُهُ كَمَا مَرَّ، وَأَمَّا هُنَا فَامْتِنَاعُهَا مِنْ التَّمْكِينِ فِي مَعْنَى النُّشُوزِ وَهُوَ مُسْقِطٌ لِنَفَقَةِ الْيَوْمِ وَاللَّيْلَةِ.

[فَائِدَةٌ] سُئِلَ شَيْخُنَا الشِّهَابُ الرَّمْلِيُّ عَنْ امْرَأَةٍ غَابَ عَنْهَا زَوْجُهَا وَتَرَكَ مَعَهَا أَوْلَادًا صِغَارًا وَلَمْ يَتْرُكْ عِنْدَهَا نَفَقَةً وَلَا أَقَامَ لَهَا مُنْفِقًا وَضَاعَتْ مَصْلَحَتُهَا وَمَصْلَحَةُ أَوْلَادِهَا وَحَضَرَتْ إلَى حَاكِمٍ شَرْعِيٍّ وَأَنْهَتْ لَهُ ذَلِكَ وَشَكَتْ وَتَضَرَّرَتْ وَطَلَبَتْ مِنْهُ أَنْ يَفْرِضَ لَهُ وَلِأَوْلَادِهَا عَلَى زَوْجِهَا نَفَقَةً فَفَرَضَ لَهُمْ عَنْ نَفَقَتِهِمْ نَقْدًا مُعَيَّنًا فِي كُلِّ يَوْمٍ وَأَذِنَ لَهَا فِي إنْفَاقِ ذَلِكَ عَلَيْهَا وَعَلَى أَوْلَادِهَا أَوْ فِي الِاسْتِدَانَةِ عَلَيْهِ عِنْدَ تَعَذُّرِ الْأَخْذِ مِنْ مَالِهِ وَالرُّجُوعِ عَلَيْهِ بِذَلِكَ وَقَبِلَتْ ذَلِكَ مِنْهُ فَهَلْ التَّقْدِيرُ وَالْفَرْضُ صَحِيحٌ.

وَإِذَا قَدَّرَ الزَّوْجُ لِزَوْجَتِهِ نَظِيرَ كِسْوَتِهَا عَلَيْهِ حِينَ الْعَقْدِ نَقْدًا كَمَا يَكْتُبُ فِي وَثَائِقِ الْأَنْكِحَةِ وَمَضَتْ عَلَى ذَلِكَ مُدَّةٌ وَطَالَبَتْهُ بِمَا قَدَّرَ لَهَا عَنْ تِلْكَ الْمُدَّةِ وَادَّعَتْ عَلَيْهِ بِهِ عِنْدَ حَاكِمٍ شَافِعِيٍّ وَاعْتَرَفَ بِهِ وَأَلْزَمَهُ بِهِ فَهَلْ إلْزَامُهُ صَحِيحٌ أَمْ لَا، وَهَلْ إذَا مَاتَ الزَّوْجُ وَتَرَكَ زَوْجَتَهُ وَلَمْ يُقَدِّرْ لَهَا كِسْوَةً وَأَثْبَتَتْ وَسَأَلَتْ الْحَاكِمَ الشَّافِعِيَّ أَنْ يُقَدِّرَ لَهَا عَنْ كِسْوَتِهَا الْمَاضِيَةِ الَّتِي حَلَفَتْ عَلَى اسْتِحْقَاقِهَا نَقْدًا وَأَجَابَهَا لِذَلِكَ وَقَدَّرَهُ لَهَا كَمَا تَفْعَلُهُ الْقُضَاةُ الْآنَ فَهَلْ لَهُ ذَلِكَ أَوْ لَا، وَهَلْ مَا تَفْعَلُهُ الْقُضَاةُ مِنْ الْفَرْضِ لِلزَّوْجَةِ وَالْأَوْلَادِ عَنْ النَّفَقَةِ أَوْ الْكِسْوَةِ عِنْدَ الْغَيْبَةِ أَوْ الْحُضُورِ نَقْدًا صَحِيحٌ أَوْ لَا؟ فَأَجَابَ تَقْدِيرُ الْحَاكِمِ فِي الْمَسَائِلِ الثَّلَاثِ صَحِيحٌ إذْ الْحَاجَةُ دَاعِيَةٌ إلَيْهِ وَالْمَصْلَحَةُ تَقْتَضِيهِ فَلَهُ فِعْلُهُ وَيُثَابُ عَلَيْهِ بَلْ قَدْ يَجِبُ عَلَيْهِ اهـ سم عَلَى حَجّ.

وَقَدْ يَتَوَقَّفُ فِي بَعْضِ ذَلِكَ إذْ لَا يَجُوزُ الِاعْتِيَاضُ عَنْ النَّفَقَةِ الْمُسْتَقْبَلَةِ كَمَا تَقَدَّمَ، وَمَا فِي الشَّرْحِ عِنْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَلَا يَصِيرُ دَيْنًا إلَّا بِفَرْضِ قَاضٍ يُنَافِي مَا قَالَهُ وَالِدُهُ.

وَعِبَارَةُ سم عَلَى مَنْهَجٍ: فَرْعٌ: إذَا تَرَاضَيَا أَنْ يُقَرِّرَ الْقَاضِي لَهُمَا دَرَاهِمَ عَنْ الْكِسْوَةِ مَثَلًا جَازَ، فَإِذَا حَكَمَ بِشَيْءٍ لَزِمَ مَا دَامَ رِضَاهُمَا بِذَلِكَ حَتَّى إذَا مَضَى زَمَنٌ اسْتَقَرَّ وَاجِبُهُ بِمُقْتَضَى التَّقْرِيرِ فَيَلْزَمُ بِدَفْعِهِ، فَإِذَا رَجَعَا أَوْ أَحَدُهُمَا عَنْ التَّقْرِيرِ ارْتَفَعَ حُكْمُهُ مِنْ حِينِ الرُّجُوعِ لَا فِيمَا مَضَى أَيْضًا قَالَهُ مَرَّ، ثُمَّ ذَكَرَ مَا يُخَالِفُ ذَلِكَ وَأَنَّهُ يَنْبَغِي أَنَّهَا إذَا قَبَضَتْ لَزِمَ وَإِلَّا فَلَا وَأَنَّ الْحُكْمَ بِذَلِكَ لَيْسَ حُكْمًا حَقِيقَةً وَهُوَ ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ: إنَّ لَيْلَةَ الْيَوْمِ فِي النَّفَقَاتِ هِيَ الَّتِي بَعْدَهُ) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: كَالْمَهْرِ) وَمَعَ وُجُوبِهِ بِالْعَقْدِ لَا يَجِبُ تَسْلِيمُهُ إلَّا بِالتَّمْكِينِ فَلَوْ كَانَتْ صَغِيرَةً لَا تَحْتَمِلُ الْوَطْءَ لَا يَجِبُ تَسْلِيمُهُ حَتَّى تُطِيقَهُ، وَمَعْنَى وُجُوبِهِ بِالْعَقْدِ حِينَئِذٍ أَنَّهُ لَوْ مَاتَ أَحَدُهُمَا قَبْلَ التَّمْكِينِ اسْتَقَرَّ الْمَهْرُ أَوْ طَلَّقَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ اسْتَقَرَّ النِّصْفُ

ــ

[حاشية الرشيدي]

قَوْلُهُ:؛ إذْ لَا تَعَدِّيَ هُنَا أَصْلًا) أَيْ فَصُورَةُ مَسْأَلَةِ الْإِسْنَوِيِّ فِي ابْتِدَاءِ التَّمْكِينِ (قَوْلُهُ: وَالْقَدِيمُ تَجِبُ بِالْعَقْدِ) أَيْ وَتَسْتَقِرُّ بِالتَّمْكِينِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْجَلَالُ ثُمَّ قَالَ عَقِبَهُ: فَإِنْ امْتَنَعَتْ سَقَطَتْ. اهـ. وَلَعَلَّ مَا ذَكَرَهُ الْجَلَالُ أَسْقَطَتْهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>