للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِالْغُلَامِ يُقَالُ غُلَامٌ مُرَاهِقٌ وَجَارِيَةٌ مُعْصِرٌ (عَرْضُ وَلِيٍّ) لَهَا لَا هِيَ لِأَنَّهُ الْمُخَاطَبُ بِذَلِكَ، نَعَمْ لَوْ تَسَلَّمَ الْمُعْصِرَ بَعْدَ عَرْضِهَا نَفْسَهَا وَصَارَ بِهَا فِي مَنْزِلِهِ لَزِمَتْهُ مُؤْنَتُهَا، وَيُتَّجَهُ كَمَا قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ أَنَّ نَقْلَهَا لِمَنْزِلِهِ لَيْسَ بِشَرْطٍ بَلْ الشَّرْطُ التَّسْلِيمُ التَّامُّ، وَالْأَوْجَهُ أَنَّ عَرْضَهَا نَفْسَهَا عَلَيْهِ غَيْرُ شَرْطٍ أَيْضًا بَلْ مَتَى تَسَلَّمَهَا وَلَوْ كُرْهًا عَلَيْهَا وَعَلَى وَلِيِّهَا لَزِمَهُ مُؤْنَتُهُ، وَكَذَا تَجِبُ بِتَسْلِيمِ الْبَالِغَةِ نَفْسَهَا لِزَوْجٍ مُرَاهِقٍ فَتَسَلَّمَهَا هُوَ وَإِنْ لَمْ يَأْذَنْ وَلِيُّهُ لِأَنَّ لَهُ يَدًا عَلَيْهَا بِخِلَافِ نَحْوِ مَبِيعٍ لَهُ

(وَتَسْقُطُ) الْمُؤَنُ كُلُّهَا (بِنُشُوزٍ) مِنْهَا بِالْإِجْمَاعِ أَيْ خُرُوجٍ عَنْ طَاعَةِ زَوْجِهَا وَإِنْ لَمْ تَأْثَمْ كَصَغِيرَةٍ وَمَجْنُونَةٍ وَمُكْرَهَةٍ وَإِنْ قَدَرَ عَلَى رَدِّهَا لِلطَّاعَةِ فَتَرَكَ إلْحَاقًا لِذَلِكَ بِالْجِنَايَةِ وَإِطْلَاقِ دَعْوَى أَنَّ الْمُرَادَ بِالسُّقُوطِ مَنْعُ الْوُجُوبِ دُونَ حَقِيقَتِهِ إذْ لَا يَكُونُ إلَّا بَعْدَ الْوُجُوبِ مَمْنُوعَةً بَلْ الْمُرَادُ بِهِ حَقِيقَتُهُ، إذْ لَوْ نَشَزَتْ أَثْنَاءَ يَوْمٍ أَوْ لَيْلَتَهُ سَقَطَتْ نَفَقَتُهُ الْوَاجِبَةُ بِفَجْرِهِ، أَوْ أَثْنَاءِ فَصْلٍ سَقَطَتْ كِسْوَتُهُ الْوَاجِبَةُ بِأَوَّلِهِ، وَعُلِمَ مِنْ ذَلِكَ سُقُوطُهَا لِمَا بَعْدَ يَوْمٍ وَفَصْلُ النُّشُوزِ بِالْأَوْلَى، وَلَوْ جَهِلَ سُقُوطَهَا بِالنُّشُوزِ فَأَنْفَقَ رَجَعَ عَلَيْهَا إنْ كَانَ مِمَّنْ يَخْفَى عَلَيْهِ ذَلِكَ كَمَا هُوَ قِيَاسُ نَظَائِرِهِ، وَإِنَّمَا لَمْ يَرْجِعْ مَنْ نَكَحَ أَوْ اشْتَرَى فَاسِدًا وَإِنْ جَهِلَ ذَلِكَ: أَيْ وَإِنْ لَمْ يَسْتَمْتِعْ بِهَا لِأَنَّهُ شَرَعَ فِي عَقْدِهِمَا عَلَى أَنْ يَضْمَنَ ذَلِكَ بِوَضْعِ الْيَدِ وَلَا كَذَلِكَ هُنَا، وَيَحْصُلُ (وَلَوْ) بِحَبْسِهَا ظُلْمًا أَوْ حَقًّا وَإِنْ كَانَ الْحَابِسُ هُوَ الزَّوْجُ كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ ابْنِ الْمُقْرِي وَاعْتَمَدَهُ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، وَيُؤْخَذُ مِنْهُ بِالْأَوْلَى سُقُوطُهَا بِحَبْسِهَا لَهُ وَلَوْ بِحَقٍّ لِلْحَيْلُولَةِ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا كَمَا أَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، أَوْ بِاعْتِدَادِهَا بِوَطْءِ شُبْهَةٍ أَوْ بِغَضَبِهَا أَوْ (بِمَنْعِ) الزَّوْجَةِ الزَّوْجَ مِنْ نَحْوِ (لَمْسٍ) أَوْ نَظَرٍ بِتَغْطِيَةِ وَجْهِهَا، أَوْ تَوْلِيَتِهَا عَنْهُ وَإِنْ مَكَّنَتْهُ مِنْ الْجِمَاعِ (بِلَا عُذْرٍ) لِأَنَّهُ حَقُّهُ كَالْوَطْءِ بِخِلَافِهِ بِعُذْرٍ كَأَنْ يَكُونَ بِفَرْجِهَا

ــ

[حاشية الشبراملسي]

الْعُذْرَ وَأَنْكَرَتْ إلَّا بِبَيِّنَةٍ يُقْبَلُ مِنْهُ لِسُهُولَةِ إقَامَتِهَا (قَوْلُهُ: عَرْضُ وَلِيٍّ) قَضِيَّتُهُ أَنَّ الْعِبْرَةَ فِي السَّفِيهَةِ بِعَرْضِهَا دُونَ وَلِيِّهَا لَكِنَّ قَضِيَّةَ قَوْلِ الشَّارِحِ الْمَارِّ بِأَنْ أَرْسَلَتْ لَهُ غَيْرَ الْمَحْجُورَةِ أَوْ وَلِيَّ الْمَحْجُورَةِ خِلَافَهُ، وَاَلَّذِي يَظْهَرُ مَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ وَيُفْهِمُهُ تَعْبِيرُ الشَّيْخِ فِي مَنْهَجِهِ بِالْمُكَلَّفَةِ دُونَ الرَّشِيدَةِ فَإِنَّ السَّفِيهَةَ مُكَلَّفَةٌ (قَوْلُهُ: بَلْ مَتَى تَسَلَّمَهَا) وَعَلَى هَذَا فَالْقِيَاسُ أَنَّهُ لَوْ تَسَلَّمَ الْمَجْنُونَةَ بِنَفْسِهِ كَفَى فِي وُجُوبِ نَفَقَتِهَا (قَوْلُهُ: وَلَوْ كُرْهًا عَلَيْهَا) وَالْقِيَاسُ أَنَّ الْبَالِغَةَ كَالْمُعْصِرِ فِي ذَلِكَ لِمَا يَأْتِي أَنَّهُ لَوْ تَمَتَّعَ بِالنَّاشِزِ لَمْ تَسْقُطْ نَفَقَتُهَا (قَوْلُهُ: وَكَذَا تَجِبُ تَسْلِيمُ الْبَالِغَةِ) قَضِيَّتُهُ أَنَّ الْمُرَاهِقَةَ لَوْ سَلَّمَتْ نَفْسَهَا لِلْمُرَاهِقِ تَسَلُّمُهَا لَا يَعْتَدُّ بِهِ، وَقَضِيَّةُ قَوْلِهِ لِأَنَّ لَهُ يَدًا عَلَيْهَا خِلَافُهُ (قَوْلُهُ: فَتَسَلَّمَهَا هُوَ) قَيْدٌ مُعْتَبَرٌ

(قَوْلُهُ: وَمُكْرَهَةٍ) وَمِنْ ذَلِكَ مَا يَقَعُ كَثِيرًا مِنْ أَهْلِ الْمَرْأَةِ يَأْخُذُونَهَا مُكْرِهِينَ لَهَا مِنْ بَيْتِ زَوْجِهَا وَإِنْ كَانَ قَصْدُهُمْ بِذَلِكَ إصْلَاحَ شَأْنِهَا كَمَنْعِهِمْ لِلزَّوْجِ مِنْ التَّقْصِيرِ فِي حَقِّهَا بِمَنْعِ النَّفَقَةِ أَوْ غَيْرِهَا (قَوْلُهُ: بَلْ الْمُرَادُ بِهِ حَقِيقَتُهُ) أَيْ وَمَجَازُهُ فَهُوَ مُسْتَعْمَلٌ فِي الْأَعَمِّ فَبِالنِّسْبَةِ لِيَوْمِ النُّشُوزِ وَفَصْلِهِ حَقِيقَةٌ وَلِمَا بَعْدَهُمَا مَجَازٌ (قَوْلُهُ: وَلَوْ جَهِلَ سُقُوطَهَا) وَمِثْلُهُ مَا لَوْ جَهِلَ نُشُوزَهَا فَأَنْفَقَ ثُمَّ تَبَيَّنَ لَهُ الْحَالُ بَعْدُ (قَوْلُهُ: وَيَحْصُلُ) أَيْ النُّشُوزُ (قَوْلُهُ: وَإِنْ كَانَ الْحَابِسُ هُوَ الزَّوْجُ) عُمُومُ قَوْلِهِ وَإِنْ كَانَ الْحَابِسُ هُوَ الزَّوْجُ إلَخْ شَامِلٌ لِمَا لَوْ حَبَسَهَا ظُلْمًا، وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّهُ الْمُفَوِّتُ لِحَقِّهِ تَعَدِّيًا، ثُمَّ رَأَيْت فِي حَجّ بَعْدَ مَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ قَالَ: إلَّا إنْ كَانَتْ مُعْسِرَةً وَعُلِمَ عَلَى الْأَوْجَهِ، وَهُوَ يُفِيدُ رُجُوعَهُ لِقَوْلِهِ أَوْ حَقًّا فَقَطْ (قَوْلُهُ: أَوْ بِغَضَبِهَا) وَمِنْهُ مَا يَقَعُ كَثِيرًا فِي زَمَانِنَا مِنْ أَنَّ أَهْلَ الْمَرْأَةِ إذَا عُرِضَ لَهُمْ أَمْرٌ مِنْ الزَّوْجِ أَخَذُوهَا قَهْرًا عَلَيْهَا فَلَا تَسْتَحِقُّ نَفَقَةً مَا دَامَتْ عِنْدَهُمْ (قَوْلُهُ: أَوْ بِمَنْعِ الزَّوْجِ) قَالَ الْإِمَامُ: إلَّا أَنْ يَكُونَ امْتِنَاعَ دَلَالٍ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ (قَوْلُهُ: بِلَا عُذْرٍ) وَلَيْسَ مِنْ الْعُذْرِ

ــ

[حاشية الرشيدي]

قَوْلُهُ: بَلْ الشَّرْطُ التَّسْلِيمُ التَّامُّ) لَعَلَّ الْمُرَادَ التَّسْلِيمُ مِنْهُ فَلْيُرَاجَعْ

(قَوْلُهُ: وَعُلِمَ مِنْ ذَلِكَ سُقُوطُهَا) يَعْنِي: عَدَمَ وُجُوبِهَا إذْ هُوَ الْمُتَعَيَّنُ هُنَا كَمَا لَا يَخْفَى، فَقَوْلُهُ: فِيمَا مَرَّ بَلْ الْمُرَادُ بِهِ حَقِيقَتُهُ لِأَنَّهُ أَيْ مَعَ مَجَازِهِ (قَوْلُهُ: شَرَعَ فِي عَقْدِهِمَا عَلَى أَنْ يَضْمَنَ إلَخْ.) فِيهِ وَقْفَةٌ لَا تَخْفَى (قَوْلُهُ: وَإِنْ كَانَ الْحَابِسُ هُوَ الزَّوْجُ) هُوَ غَايَةٌ فِي قَوْلِهِ أَوْ حَقًّا فَقَطْ كَمَا يُعْلَمُ مِنْ التُّحْفَةِ (قَوْلُهُ: أَوْ بِغَضَبِهَا)

<<  <  ج: ص:  >  >>