للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وُجُوبَهَا هُنَا أَيْضًا لِأَنَّهَا تَحْتَ حُكْمِهِ وَإِنْ أَثِمَتْ، وَبَحَثَ الْأَذْرَعِيُّ أَنَّ مَحَلَّهُ إنْ لَمْ يَمْنَعْهَا وَإِلَّا فَنَاشِزَةٌ.

قَالَ الْبُلْقِينِيُّ وَهُوَ التَّحْقِيقُ، لَكِنَّهُ قَالَ: إنْ لَمْ يَقْدِرْ عَلَى رَدِّهَا، وَالْأَقْرَبُ أَنَّهُ مُجَرَّدُ تَصْوِيرٍ لَا قَيْدٌ لِمَا مَرَّ مِنْ عَدَمِ الْفَرْقِ بَيْنَ قُدْرَتِهِ عَلَى رَدِّهَا لِلطَّاعَةِ وَأَنْ لَا (وَ) سَفَرُهَا (لِحَاجَتِهَا) أَوْ حَاجَةِ أَجْنَبِيٍّ بِإِذْنِهِ لَا مَعَهُ (يُسْقِطُ) مُؤَنَهَا (فِي الْأَظْهَرِ) لِانْتِفَاءِ التَّمْكِينِ.

أَمَّا بِإِذْنِهِ لِحَاجَتِهِمَا فَمُقْتَضَى قَوْلِهِمْ فِي إنْ خَرَجْت لِغَيْرِ الْحَمَّامِ فَأَنْتِ طَالِقٌ فَخَرَجَتْ لَهُ وَلِغَيْرِهِ لَمْ تَطْلُقْ عَدَمُ السُّقُوطِ وَهُوَ كَذَلِكَ وَإِنْ اعْتَمَدَ الْبُلْقِينِيُّ وَغَيْرُهُ مُقَابِلَهُ وَنُسِبَ لِنَصِّ الْأُمِّ وَالْمُخْتَصَرِ، وَالثَّانِي تَجِبُ لِأَنَّهَا سَافَرَتْ بِإِذْنِهِ فَأَشْبَهَ سَفَرَهَا فِي حَاجَتِهِ، وَلَوْ امْتَنَعَتْ مِنْ النُّقْلَةِ مَعَهُ لَمْ تَجِبْ مُؤَنُهَا إلَّا إنْ كَانَ يَتَمَتَّعُ بِهَا فِي زَمَنِ الِامْتِنَاعِ فَتَجِبُ وَيَصِيرُ تَمَتُّعُهُ بِهَا عَفْوًا عَنْ النُّقْلَةِ حِينَئِذٍ كَمَا فِي الْجَوَاهِرِ وَغَيْرِهَا عَنْ الْمَاوَرْدِيِّ وَأَقَرُّوهُ وَأَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، وَمَا مَرَّ فِي مُسَافِرَةٍ مَعَهُ بِغَيْرِ إذْنِهِ مِنْ وُجُوبِ نَفَقَتِهِ بِتَمْكِينِهَا وَإِنْ أَثِمَتْ بِعِصْيَانِهِ صَرِيحٌ فِيهِ، وَقَضِيَّتُهُ جَرَيَانُ ذَلِكَ فِي سَائِرِ صُوَرِ النُّشُوزِ وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمَاوَرْدِيِّ أَنَّهَا لَا تَجِبُ إلَّا زَمَنَ التَّمَتُّعِ دُونَ غَيْرِهِ، نَعَمْ يَكْفِي فِي وُجُوبِ نَفَقَةِ الْيَوْمِ تَمَتُّعُ لَحْظَةٍ مِنْهُ وَكَذَا اللَّيْلُ (وَلَوْ نَشَزَتْ) كَأَنْ خَرَجَتْ مِنْ بَيْتِهِ أَوْ مَنَعَتْهُ مِنْ تَمَتُّعٍ مُبَاحٍ (فَغَابَ فَأَطَاعَتْ) فِي غَيْبَتِهِ بِنَحْوِ عَوْدِهَا لِبَيْتِهِ (لَمْ تَجِبْ) مُؤَنُهَا مَا دَامَ غَائِبًا (فِي الْأَصَحِّ) لِخُرُوجِهَا عَنْ قَبْضَتِهِ فَلَا بُدَّ مِنْ تَجْدِيدِ تَسْلِيمٍ وَتَسَلُّمٍ وَلَا يَحْصُلَانِ مَعَ الْغَيْبَةِ، وَبِهِ فَارَقَ نُشُوزَهَا بِالرِّدَّةِ فَإِنَّهُ يَزُولُ بِإِسْلَامِهَا مُطْلَقًا لِزَوَالِ الْمُسْقِطِ، وَأَخَذَ مِنْهُ الْأَذْرَعِيُّ أَنَّهَا لَوْ نَشَزَتْ فِي الْمَنْزِلِ وَلَمْ تَخْرُجْ مِنْهُ كَأَنْ مَنَعَتْهُ نَفْسَهَا وَغَابَ عَنْهَا ثُمَّ عَادَتْ لِلطَّاعَةِ عَادَتْ نَفَقَتُهَا مِنْ غَيْرِ قَاضٍ وَهُوَ كَذَلِكَ عَلَى الْأَصَحِّ، قَالَ: وَحَاصِلُ ذَلِكَ الْفَرْقُ بَيْنَ النُّشُوزِ الْجَلِيِّ وَالنُّشُوزِ الْخَفِيِّ اهـ.

وَالْأَوْجَهُ أَنَّ مُرَادَهُ بِعَوْدِهَا لِلطَّاعَةِ إرْسَالُ إعْلَامِهِ بِذَلِكَ: بِخِلَافِ نَظِيرِهِ فِي النُّشُوزِ الْجَلِيِّ، وَإِنَّمَا قُلْنَا بِذَلِكَ لِأَنَّ عَوْدَهَا لِلطَّاعَةِ مِنْ غَيْرِ عِلْمِهِ بَعِيدٌ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ، وَالْأَقْرَبُ كَمَا هُوَ قِيَاسُ مَا مَرَّ فِي نَظَائِرِهِ أَنَّ إشْهَادَهَا عِنْدَ غَيْبَتِهِ كَإِعْلَامِهِ، وَمُقَابِلُ الْأَصَحِّ تَجِبُ لِعَوْدِهَا إلَى الطَّاعَةِ فَإِنَّ الِاسْتِحْقَاقَ زَالَ بِخُرُوجِهَا عَنْ الطَّاعَةِ فَإِذَا زَالَ الْعَارِضُ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

قَوْلُهُ: وَإِلَّا فَنَاشِزَةٌ) أَيْ مَا لَمْ يَتَمَتَّعْ بِهَا (قَوْلُهُ: أَوْ حَاجَةِ أَجْنَبِيٍّ بِإِذْنِهِ) أَيْ الزَّوْجُ: أَيْ وَبِغَيْرِ سُؤَالٍ مِنْ الزَّوْجِ وَإِلَّا فَلَا، فَإِنَّ سُؤَالَهُ يَنْزِلُ مَنْزِلَةَ سَفَرِهَا لِحَاجَتِهِ (قَوْلُهُ: أَمَّا بِإِذْنِهِ لِحَاجَتِهِمَا) أَيْ الزَّوْجِ وَالزَّوْجَةِ أَوْ الْأَجْنَبِيِّ، وَقَوْلُهُ وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمَاوَرْدِيِّ إلَخْ مُعْتَمَدٌ، وَقَوْلُهُ نَعَمْ يَكْفِي إلَخْ مُعْتَمَدٌ أَيْضًا (قَوْلُهُ: وَكَذَا اللَّيْلُ) هَلْ ذَلِكَ جَارٍ فِي السَّفَرِ بِلَا إذْنٍ وَغَيْرِهِ أَمْ مَخْصُوصٌ بِغَيْرِ السَّفَرِ، وَعَلَيْهِ فَيَكُونُ تَمَتُّعُهُ بِهَا فِي السَّفَرِ لَحْظَةً كَافٍ فِي بَقِيَّةِ الْمُدَّةِ حَتَّى يُوجَدَ مِنْهَا مُسْقِطٌ أَمْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ.

وَالْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ لِأَنَّ عَدَمَ مَنْعِهِ لَهَا مِنْ مُصَاحَبَتِهِ بَعْدَ التَّمَتُّعِ رِضًا مِنْهُ بِالسَّفَرِ مَعَهُ (قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ يَزُولُ بِإِسْلَامِهَا) أَيْ حَيْثُ أَعْلَمَتْهُ بِهِ كَمَا يَأْتِي فِي قَوْلِهِ وَالْأَوْجَهُ أَيْ مُرَادُهُ إلَخْ، وَقَوْلُهُ مُطْلَقًا: أَيْ سَوَاءٌ جُدِّدَ تَسْلِيمٌ وَتَسَلُّمٌ أَمْ لَا (قَوْلُهُ: عَادَتْ نَفَقَتُهَا) أَيْ حَيْثُ أَعْلَمَتْهُ وَيَنْبَغِي عَدَمُ تَصْدِيقِهَا فِي ذَلِكَ لَوْ اخْتَلَفَا فِيهِ (قَوْلُهُ: النُّشُوزِ الْجَلِيِّ) أَيْ الظَّاهِرُ (قَوْلُهُ: إنَّ إشْهَادَهَا عِنْدَ غَيْبَتِهِ) زَادَ حَجّ وَعَدَمِ حَاكِمٍ وَهُوَ ظَاهِرٌ إنْ كَانَ الْإِشْهَادُ مَظِنَّةً لِبُلُوغِ الْخَبَرِ بِحَيْثُ يَبْعُدُ عَدَمُ وُصُولِ الْخَبَرِ إلَيْهِ بَعْدَ الْإِشْهَادِ، وَإِلَّا فَوُجُوبُ النَّفَقَةِ مَعَ عَدَمِ عِلْمِهِ بِعَوْدِهَا فِيهِ شَيْءٌ

ــ

[حاشية الرشيدي]

قَوْلُهُ: أَوْ مَنَعَتْهُ مِنْ تَمَتُّعٍ مُبَاحٍ) الْأَصْوَبُ عَدَمُ ذِكْرِهِ هُنَا وَسَيَأْتِي قَرِيبًا مَا يُخَالِفُهُ عَنْ الْأَذْرَعِيِّ (قَوْلُهُ: بِنَحْوِ عَوْدِهَا إلَخْ.) أَيْ فِي الثَّانِيَةِ (قَوْلُهُ:؛ لِزَوَالِ الْمُسْقِطِ) أَيْ مَعَ كَوْنِهَا فِي قَبْضَتِهِ لِيُفَارِقَ نَظِيرَهُ (قَوْلُهُ: وَهُوَ كَذَلِكَ عَلَى الْأَصَحِّ) مِنْ جُمْلَةِ كَلَامِ الْأَذْرَعِيِّ فَكَانَ يَنْبَغِي أَنْ يَزِيدَ قَبْلَهُ لَفْظُ قَالَ (قَوْلُهُ: عِنْدَ غَيْبَتِهِ) أَيْ وَعَدَمُ الْحَاكِمِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ حَجّ، وَهَذَا هُوَ قِيَاسُ النَّظَائِرِ، وَظَاهِرٌ أَنَّهُ يَأْتِي فِي النُّشُوزِ الْجَلِيِّ أَيْضًا وَقِيَاسُ النَّظَائِرِ أَيْضًا أَنَّ الْإِشْهَادَ

<<  <  ج: ص:  >  >>