بِهَا، فَإِذَا تَرَكَهُ فَقَدْ فَوَّتَ عَلَى نَفْسِهِ.
وَلَا يُشْكِلُ هَذَا بِمَا يَأْتِي فِي الصَّوْمِ أَنَّهُ يَهَابُ إفْسَادَ الْعِبَادَةِ لِأَنَّهُ يَتَكَرَّرُ، فَلَوْ أَمَرْنَاهُ بِالْإِفْسَادِ لَتَكَرَّرَ مِنْهُ وَفِي ذَلِكَ مَا يُهِيبُ مِنْهُ ذَلِكَ، بِخِلَافِ الْإِحْرَامِ فَإِنَّهُ نَادِرٌ فَلَا تَقْوَى مَهَابَتُهُ (حَتَّى تَخْرُجَ فَمُسَافِرَةٌ لِحَاجَتِهَا) فَإِنْ كَانَ مَعَهَا اسْتَحَقَّهَا وَإِلَّا فَلَا، نَعَمْ مَنْ أَفْسَدَ حَجَّهَا بِجِمَاعٍ وَكَانَ بِإِذْنِهِ يَلْزَمُهَا الْإِحْرَامُ بِقَضَائِهِ فَوْرًا وَالْخُرُوجُ لَهُ وَلَوْ مِنْ غَيْرِ إذْنِهِ، وَحِينَئِذٍ تَلْزَمُهُ مُؤْنَتُهَا بَلْ وَالْخُرُوجُ مَعَهَا، وَلَا يَرُدُّ مَا مَرَّ مِنْ مَنْعِ خُرُوجِهَا بِغَيْرِ إذْنِهِ لِأَنَّ إذْنَهُ السَّابِقَ اسْتَتْبَعَ الْإِذْنَ فِي هَذَا (أَوْ) أَحْرَمَتْ (بِإِذْنٍ) مِنْهُ (فَفِي الْأَصَحِّ لَهَا نَفَقَةٌ مَا لَمْ تَخْرُجْ) لِأَنَّهَا فِي قَبْضَتِهِ وَفَوَاتُ التَّمَتُّعِ نَشَأَ مِنْ إذْنِهِ فَإِنْ خَرَجَتْ فَكَمَا تَقَرَّرَ، وَالثَّانِي لَا تَجِبُ لِفَوَاتِ الِاسْتِمْتَاعِ، وَرُدَّ بِمَا تَقَرَّرَ، وَلَوْ أَجَّرَتْ عَيْنَهَا قَبْلَ النِّكَاحِ لَمْ يَتَخَيَّرْ وَيُقَدَّمُ حَقُّ الْمُسْتَأْجِرِ لَكِنْ لَا مُؤْنَةَ لَهَا مُدَّةَ ذَلِكَ (وَيَمْنَعُهَا) إنْ شَاءَ (صَوْمَ) أَوْ نَحْوَ صَلَاةِ أَوْ اعْتِكَافِ (نَفْلٍ) ابْتِدَاءً وَانْتِهَاءً وَلَوْ قَبْلَ الْغُرُوبِ لِأَنَّ حَقَّهُ مُقَدَّمٌ عَلَيْهِ لِوُجُوبِهِ عَلَيْهَا وَإِنْ لَمْ يُرِدْ تَمَتُّعَهُ بِهَا فِيمَا يَظْهَرُ لِأَنَّهُ قَدْ تَطْرَأُ لَهُ إرَادَتُهُ فَيَجِدُهَا صَائِمَةً فَيَتَضَرَّرُ.
(فَإِنْ أَبَتْ) وَصَامَتْ أَوْ أَتَمَّتْ غَيْرَ نَحْوِ عَرَفَةَ وَعَاشُورَاءَ أَوْ صَلَّتْ غَيْرَ رَاتِبَةٍ (فَنَاشِزَةٌ فِي الْأَظْهَرِ) فَتَسْقُطُ مُؤَنُ جَمِيعِ مُدَّةِ صَوْمِهَا لِامْتِنَاعِهَا مِمَّا وَجَبَ عَلَيْهَا مِنْ التَّمْكِينِ، وَلَا نَظَرَ إلَى تَمَكُّنِهِ مِنْ وَطْئِهَا وَلَوْ مَعَ الصَّوْمِ لِأَنَّهُ قَدْ يَهَابُ إفْسَادَ الْعِبَادَةِ، وَمِنْ ثَمَّ حَرَّمَ صَوْمَهَا نَفْلًا أَوْ فَرْضًا مُوَسَّعًا وَهُوَ حَاضِرٌ بِغَيْرِ إذْنِهِ أَوْ عَلِمَ رِضَاهُ، وَظَاهِرُ امْتِنَاعِهِ مُطْلَقًا إنْ أَضَرَّهَا أَوْ وَلَدَهَا الَّذِي تُرْضِعُهُ، وَأَخَذَ الْعِرَاقِيُّ مِنْ هَذَا التَّعْلِيلِ أَنَّهَا لَوْ اشْتَغَلَتْ فِي بَيْتِهِ بِعَمَلٍ وَلَمْ يَمْنَعْهُ الْحَيَاءُ مِنْ تَبْطِيلِهَا كَخِيَاطَةٍ بَقِيَتْ نَفَقَتُهَا وَإِنْ أَمَرَهَا بِتَرْكِهِ فَامْتَنَعَتْ إذْ لَا مَانِعَ مِنْ تَمَتُّعِهِ: أَيْ وَقْتَ أَرَادَ بِخِلَافِ تَعْلِيمِ صِغَارٍ لِأَنَّهَا تَسْتَحِي عَادَةً مِنْ أَخْذِهَا مِنْ بَيْنَهُنَّ وَقَضَاءِ وَطَرِهِ مِنْهَا، فَإِذَا لَمْ تَنْتَهِ بِنَهْيِهِ كَانَتْ نَاشِزَةً، أَمَّا عَرَفَةُ وَعَاشُورَاءُ فَلَهَا فِعْلُهُمَا بِلَا إذْنٍ مِنْهُ كَرَوَاتِبِ الصَّلَاةِ وَيُلْحَقُ بِهِمَا تَاسُوعَاءُ، بِخِلَافِ نَحْوِ الِاثْنَيْنِ وَالْخَمِيسِ وَبِهِ يَخُصُّ الْخَبَرُ الْحَسَنُ «لَا تَصُومُ الْمَرْأَةُ يَوْمًا سِوَى شَهْرِ رَمَضَانَ وَزَوْجُهَا شَاهِدٌ إلَّا بِإِذْنِهِ» وَلَوْ نَكَحَهَا صَائِمَةً تَطَوُّعًا لَمْ يُجْبِرْهَا عَلَى الْفِطْرِ، وَفِي سُقُوطِ نَفَقَتِهَا بِهِ وَقَدْ زُفَّتْ إلَيْهِ: وَجْهَانِ أَصَحُّهُمَا عَدَمُهُ، وَالْأَقْرَبُ أَنَّ الْمُرَاهِقَةَ الْحَاضِرَةَ كَالْبَالِغِ لَوْ أَرَادَتْ صَوْمَ رَمَضَانَ لِأَنَّهَا مَأْمُورَةٌ بِصَوْمِهِ مَضْرُوبَةٌ عَلَى تَرْكِهِ، وَالْأَوْجَهُ تَقْيِيدُ الْمَنْعِ بِمَنْ يُمْكِنُهُ الْوَطْءُ فَلَا مَنْعَ لِمُتَلَبِّسٍ بِصَوْمٍ.
أَوْ اعْتِكَافٍ وَاجِبَيْنِ، أَوْ كَانَ مُحْرِمًا أَوْ مَرِيضًا مُدْنِفًا لَا يُمْكِنُهُ الْوِقَاعُ أَوْ مَمْسُوحًا أَوْ عِنِّينًا أَوْ كَانَتْ قَرْنَاءَ أَوْ رَتْقَاءَ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
شَمِلَ ذَلِكَ الْمَهْرَ فَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ تَسْلِيمُهُ قَبْلَ إطَاقَةِ الْوَطْءِ وَقَدْ تَقَدَّمَ ذَلِكَ.
(قَوْلُهُ: لَمْ يَتَخَيَّرْ) أَيْ الزَّوْجُ (قَوْلُهُ: لَكِنْ لَا مُؤْنَةَ لَهَا مُدَّةَ ذَلِكَ) يَنْبَغِي أَنَّ مَحَلَّهُ مَا لَمْ يَتَمَتَّعْ بِهَا أَخْذًا مِمَّا مَرَّ فِي النَّاشِزَةِ وَإِلَّا وَجَبَتْ نَفَقَتُهَا مُدَّةَ التَّمَتُّعِ وَأَنَّهُ يَجِبُ نَفَقَةُ الْيَوْمِ وَاللَّيْلَةِ بِالتَّمَتُّعِ فِي لَحْظَةٍ مِنْهُ (قَوْلُهُ أَوْ أَتَمَّتْ غَيْرَ نَحْوِ عَرَفَةَ) مِنْ نَحْوِ تَاسُوعَاءَ لَا الْخَمِيسِ وَالِاثْنَيْنِ وَأَيَّامِ الْبِيضِ كَمَا يَأْتِي فِي كَلَامِهِ (قَوْلُهُ: غَيْرَ رَاتِبَةٍ) أَيْ وَلَوْ غَيْرَ مُؤَكَّدَةٍ (قَوْلُهُ: أَوْ فَرْضًا مُوَسَّعًا) أَيْ وَإِنْ كَانَ لَهَا غَرَضٌ فِي التَّقْدِيمِ كَقَصْرِ النَّهَارِ، وَقَوْلُهُ مُطْلَقًا: أَيْ مُوَسَّعًا أَوْ مُضَيَّقًا (قَوْلُهُ: وَأَخَذَ الْعِرَاقِيُّ مِنْ هَذَا التَّعْلِيلِ) أَيْ قَوْلُهُ لِأَنَّهُ قَدْ يَهَابُ إفْسَادَ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَإِنْ أَمَرَهَا بِتَرْكِهِ) أَيْ مَا لَمْ يَكُنْ أَمْرُهُ التَّرْكَ لِغَرَضٍ آخَرَ غَيْرِ التَّمَتُّعِ كَرِيبَةٍ تَحْصُلُ لَهُ مِمَّنْ لَهُ الْخِيَاطَةُ مَثَلًا كَتَرَدُّدِهِ عَلَى بَابِ بَيْتِهِ لِطَلَبِ مَا يَتَعَلَّقُ بِهِ مِنْ الْخِيَاطَةِ وَنَحْوِهَا.
(قَوْلُهُ: فَلَهَا فِعْلُهُمَا) أَيْ إلَّا فِي أَيَّامِ الزِّفَافِ فَلَهُ مَنْعُهَا مِنْ صَوْمِهَا (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ نَحْوِ الِاثْنَيْنِ) وَمِنْهُ سِتَّةُ شَوَّالٍ وَإِنْ نَذَرَتْهَا بَعْدَ النِّكَاحِ بِلَا إذْنٍ مِنْهُ كَمَا يَأْتِي (قَوْلُهُ: وَزَوْجُهَا شَاهِدٌ) أَيْ حَاضِرٌ (قَوْلُهُ: وَلَوْ نَكَحَهَا) أَيْ عَقَدَ عَلَيْهَا (قَوْلُهُ: أَصَحُّهُمَا عَدَمُهُ) خِلَافًا لحج (قَوْلُهُ: الْحَاضِرَةَ) أَيْ الْمُقِيمَةُ لَا الْمُسَافِرَةُ عَلَى مَا يَأْتِي (قَوْلُهُ: أَوْ مَرِيضًا مُدْنِفًا) أَيْ ثَقِيلًا مَرَضُهُ.
قَالَ فِي الْمُخْتَارِ: وَقَدْ دَنِفَ
[حاشية الرشيدي]
مُتَعَلِّقٌ بِغَيْبَتِهِ (قَوْلُهُ: فَلَوْ أَمَرْنَاهُ) يَعْنِي: لَوْ جَوَّزْنَا لَهَا الصَّوْمَ وَجَعَلْنَا الْإِفْسَادَ عَلَيْهِ إذَا أَرَادَ، وَإِلَّا فَلَا أَمْرَ هُنَا كَمَا لَا يَخْفَى (قَوْلُهُ: وَصَامَتْ) أَيْ أَوْ أَتَمَّتْ الصَّوْمَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute