للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مِنْ عَقَارٍ وَغَيْرِهِ كَمَسْكَنٍ وَخَادِمٍ وَمَرْكُوبٍ وَإِنْ احْتَاجَهُمَا لِتَقَدُّمِهَا عَلَى وَفَائِهِ، فَيُبَاعُ فِيهَا مَا يُبَاعُ فِيهِ بِالْأَوْلَى فَسَقَطَ مَا قِيلَ كَيْفَ يُبَاعُ مَسْكَنُهُ لِاكْتِرَاءِ مَسْكَنٍ لِأَصْلِهِ وَيَبْقَى هُوَ بِلَا مَسْكَنٍ مَعَ خَبَرِ «ابْدَأْ بِنَفْسِك» عَلَى أَنَّ الْخَبَرَ إنَّمَا يَأْتِي فِيمَا إذَا لَمْ يَبْقَ مَعَهُ بَعْدَ بَيْعِ مَسْكَنِهِ إلَّا مَا يَكْفِي أُجْرَةَ مَسْكَنِهِ أَوْ مَسْكَنِ وَالِدِهِ، وَحِينَئِذٍ الْمُقَدَّمُ مَسْكَنُهُ فَذِكْرُ الْخَبَرِ تَأْكِيدًا لِلْإِشْكَالِ وَهَمٌ، وَكَيْفِيَّةُ بَيْعِ الْعَقَارِ لَهَا كَمَا سَيَأْتِي فِي نَفَقَةِ الْعَبْدِ، وَصَحَّحَهُ الْمُصَنِّفُ وَصَوَّبَهُ الْأَذْرَعِيُّ وَأَلْحَقَ غَيْرَ الْعَقَارِ بِهِ فِي ذَلِكَ مِمَّا يَشُقُّ بَيْعُهُ شَيْئًا فَشَيْئًا أَنَّهُ يُسْتَدَانُ لَهَا إلَى اجْتِمَاعِ مَا يَسْهُلُ بَيْعُهُ فَيُبَاعُ، فَإِنْ تَعَذَّرَ بَيْعُ الْجُزْءِ، وَلَمْ يُوجَدْ مَنْ يَشْتَرِي إلَّا الْكُلَّ بِيعَ الْكُلُّ.

أَمَّا مَا لَا يُبَاعُ فِيهِ مِمَّا مَرَّ فِي بَابِ الْفَلَسِ فَلَا يُبَاعُ فِيهَا بَلْ يُتْرَكُ لَهُ وَلِمُمَوَّنِهِ (وَيَلْزَمُ كَسُوبًا كَسْبُهَا) أَيْ الْمُؤَنِ، وَلَوْ لِحَلِيلَةِ الْأَصْلِ كَالْأُدُمِ وَالسُّكْنَى وَالْإِخْدَامِ حَيْثُ وَجَبَ (فِي الْأَصَحِّ) إنْ حَلَّ وَلَاقَ بِهِ وَإِنْ لَمْ تَجْرِ بِهِ عَادَتُهُ؛ لِأَنَّ الْقُدْرَةَ بِالْكَسْبِ كَهِيَ بِالْمَالِ فِي تَحْرِيمِ الزَّكَاةِ وَغَيْرِهِ وَإِنَّمَا لَمْ يَلْزَمْهُ لِوَفَاءِ دَيْنٍ لَمْ يَعْصِ بِهِ؛ لِأَنَّهُ عَلَى التَّرَاخِي وَهَذِهِ فَوْرِيَّةٌ وَلِقِلَّةِ هَذِهِ وَانْضِبَاطِهَا بِخِلَافِهِ، وَمِنْ ثَمَّ لَوْ صَارَتْ دَيْنًا بِفَرْضِ قَاضٍ لَمْ يَلْزَمْهُ الِاكْتِسَابُ لَهَا، وَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ سُؤَالُ زَكَاةٍ وَلَا قَبُولُ هِبَةٍ.

فَإِنْ فَعَلَ وَفَضَلَ مِنْهُ شَيْءٌ عَمَّا مَرَّ أَنْفَقَ عَلَيْهِ مِنْهُ.

وَالثَّانِي لَا كَمَا لَا يَلْزَمُهُ الْكَسْبُ لِوَفَاءِ دَيْنِهِ وَرُدَّ بِمَا مَرَّ، وَمَحَلُّ وُجُوبِ ذَلِكَ فِي حَلِيلَةِ الْأَصْلِ بِقَدْرِ نَفَقَةِ الْمُعْسِرِينَ فَلَا يُكَلَّفُ فَوْقَهَا، وَإِنْ قَدَرَ كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الْإِمَامِ وَالْغَزَالِيِّ وَإِنْ اقْتَضَى كَلَامُ الْمَاوَرْدِيِّ خِلَافَهُ (وَلَا تَجِبُ) الْمُؤَنُ (لِمَالِكِ كِفَايَتِهِ وَلَا) لِشَخْصٍ (مُكْتَسِبِهَا) لِاسْتِعْمَالِهِ، فَإِنْ قَدَرَ عَلَى كَسْبٍ، وَلَمْ يَكْتَسِبْ كُلِّفَهُ إنْ كَانَ حَلَالًا لَائِقًا بِهِ، وَإِلَّا فَلَا، وَلَوْ قَدَرَتْ الْأُمُّ أَوْ الْبِنْتُ عَلَى النِّكَاحِ لَمْ تَسْقُطْ مُؤْنَتُهَا كَمَا جَزَمَ بِهِ ابْنُ الرِّفْعَةِ، وَفَارَقَ الْقُدْرَةَ عَلَى الْكَسْبِ بِأَنَّ حَبْسَ النِّكَاحِ لَا أَمَدَ لَهُ بِخِلَافِ سَائِرِ أَنْوَاعِ الِاكْتِسَابِ، فَلَوْ تَزَوَّجَتْ سَقَطَتْ نَفَقَتُهَا بِالْعَقْدِ، وَإِنْ أَعْسَرَ زَوْجُهَا إلَى فَسْخِهَا لِئَلَّا يَجْمَعَ نَفَقَتَيْنِ كَذَا قِيلَ، وَفِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ نَفَقَتَهَا عَلَى الزَّوْجِ إنَّمَا تَجِبُ بِالتَّمْكِينِ كَمَا مَرَّ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

وَجَبَتْ عَلَى الْأَقَارِبِ لِكَوْنِهِمْ كَالْجُزْءِ مِنْهُ وَهَذَا خَاصٌّ بِالْأَصْلِ وَالْفَرْعِ (قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا لَمْ يَلْزَمْهُ) أَيْ الْكَسْبُ (قَوْلُهُ: وَلِقِلَّةِ هَذِهِ) أَيْ الْمُؤْنَةِ وَانْضِبَاطِهَا: أَيْ إذْ هِيَ مُقَدَّرَةٌ مِنْ جِهَةِ الشَّارِعِ بِخِلَافِهِ: أَيْ بِخِلَافِ الدَّيْنِ فَإِنَّهُ لَا انْضِبَاطَ لَهُ مِنْ جِهَةِ الشَّارِعِ، وَيَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ حَالِ الْمَدْيُونِ، فَقَدْ يَكُونُ قَلِيلًا بِالنِّسْبَةِ لِشَخْصٍ كَثِيرًا بِالنِّسْبَةِ لِآخَرَ، عَلَى أَنَّهُ قَدْ يَطْرَأُ مَا يَقْتَضِي تَجَدُّدَ الدُّيُونِ فِي كُلِّ يَوْمٍ كَعُرُوضِ إتْلَافٍ مِنْهُ لِمَالِ غَيْرِهِ بِغَيْرِ اخْتِيَارٍ مِنْهُ، وَقَوْلُهُ بِخِلَافِهِ: أَيْ الدَّيْنِ

(قَوْلُهُ: وَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ سُؤَالٌ) قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَوْ دُفِعَتْ لَهُ الزَّكَاةُ بِلَا سُؤَالٍ وَجَبَ قَبُولُهَا، وَعَلَيْهِ فَيُفَرَّقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ عَدَمِ وُجُوبِ قَبُولِ الْهِبَةِ بِوُجُودِ الْمِنَّةِ لِلْوَاهِبِ، بِخِلَافِ الْمُزَكِّي فَإِنَّهُ لَا مِنَّةَ لَهُ عَلَى الْفَقِيرِ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا دَفَعَ لَهُ مَا أَوْجَبَهُ الشَّرْعُ عَلَيْهِ فَأَشْبَهَ الدُّيُونَ، وَلَا يَرِدُ عَدَمُ وُجُوبِ قَبُولِهَا بَلْ عَدَمُ جَوَازِهِ لِنَفَقَةِ الْأَقَارِبِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ فِيمَنْ يُنْفِقُ عَلَيْهِمْ مُرُوءَةً وَمَا هُنَا بِخِلَافِهِ

(قَوْلُهُ: كُلِّفَهُ) أَيْ حَيْثُ كَانَ فَرْعًا بِخِلَافِ الْأَصْلِ لِيُوَافِقَ مَا يَأْتِي فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ

(قَوْلُهُ: لَا أَمَدَ لَهُ) أَيْ فَفِيهِ إضْرَارٌ بِهِمَا مَعَ أَنَّهُ قَدْ لَا يَكُونُ لَهُمَا غَرَضٌ فِيهِ لِعَدَمِ الْقُدْرَةِ عَلَى الْقِيَامِ بِحُقُوقِ الزَّوْجِ

(قَوْلُهُ: فَلَوْ تَزَوَّجَتْ سَقَطَتْ) هُوَ وَاضِحٌ إنْ كَانَ الزَّوْجُ حَاضِرًا، فَلَوْ كَانَ غَائِبًا فَقَدْ سَلَفَ أَنَّ الْوُجُوبَ يَتَوَقَّفُ عَلَى الْإِرْسَالِ لِيَحْضُرَ فَتَجِبُ مِنْ وَقْتِ حُضُورِهِ، وَالْمُتَّجِهُ أَنْ تَكُونَ تِلْكَ الْمُدَّةِ عَلَى مَنْ كَانَتْ عَلَيْهِ قَبْلَ النِّكَاحِ وَيَدُلُّ عَلَى هَذَا التَّعْلِيلِ قَوْلُهُمْ: لِئَلَّا يَجْمَعَ بَيْنَ نَفَقَتَيْنِ وَكَمَا فِي الصَّغِيرَةِ وَالْمَجْنُونَةِ إذَا أَعْسَرَ زَوْجُهَا بِهِ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ

ــ

[حاشية الرشيدي]

زَوَالِ مَانِعِهِ، وَيُؤْخَذُ مِنْ فَرْقِهِ أَنَّ تَارِكَ الصَّلَاةِ كَالْحَرْبِيِّ وَالْمُرْتَدِّ فَلَعَلَّهُ مُرَادُ الشَّارِحِ بِالنَّحْوِ فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ: وَإِنْ اعْتَادَهَا) عِبَارَةُ التُّحْفَةِ، وَإِنْ احْتَاجَهَا وَهُوَ كَذَلِكَ فِي نُسْخَةٍ مِنْ الشَّارِحِ (قَوْلُهُ: وَكَيْفِيَّةُ بَيْعِ الْعَقَارِ إلَخْ.) عِبَارَةُ التُّحْفَةِ وَكَيْفِيَّةُ بَيْعِ الْعَقَارِ لَهَا كَمَا صَحَّحَهُ الْمُصَنِّفُ فِي نَظِيرِهِ مِنْ نَفَقَةِ الْعَبْدِ وَصَوَّبَهُ الْأَذْرَعِيُّ إلَخْ.

<<  <  ج: ص:  >  >>