للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَفِي تَمْثِيلِهِ بِابْنِ الْعَمِّ إشَارَةٌ إلَى اعْتِبَارِ الْقَرَابَةِ فِي الْحَاضِنِ فَانْدَفَعَ الْقَوْلُ بِأَنَّ كَلَامَهُ يَشْمَلُ الْمُعْتَقَ فَإِنَّهُ وَارِثٌ غَيْرُ مَحْرَمٍ مَعَ أَنَّهُ لَا حَضَانَةَ لَهُ (وَلَا تُسَلَّمُ إلَيْهِ) أَيْ غَيْرِ الْمَحْرَمِ (مُشْتَهَاةٌ) ؛ لِأَنَّهُ يَحْرُمُ عَلَيْهِ نَظَرُهَا وَالْخَلْوَةُ بِهَا (بَلْ) تُسَلَّمُ (إلَى) امْرَأَةٍ (ثِقَةٍ) لَا إلَيْهِ لَكِنَّهُ هُوَ الَّذِي (يُعَيِّنُهَا) وَلَوْ بِأُجْرَةِ مَالِهِ؛ لِأَنَّ الْحَقَّ لَهُ فِي ذَلِكَ وَلَهُ تَعْيِينُ نَحْوِ ابْنَتِهِ، وَالْأَوْجَهُ اعْتِبَارُ كَوْنِهَا ثِقَةً كَمَا قَالَهُ الْإِسْنَوِيُّ؛ لِأَنَّا نُشَاهِدُ كَثِيرًا مِنْ غَيْرِ الثِّقَةِ جَرَّهَا الْفَسَادُ لِمَحْرَمِهَا فَابْنَةُ عَمِّهَا بِالْأَوْلَى، فَالرَّدُّ عَلَيْهِ بِأَنَّ غَيْرَتَهَا عَلَى قَرِيبَتِهَا تُغْنِي عَنْ كَوْنِهَا ثِقَةً مَرْدُودٌ، وَقَدْ مَرَّ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ خَلْوَةُ رَجُلٍ بِامْرَأَتَيْنِ إلَّا إنْ كَانَتَا ثِقَتَيْنِ يَحْتَشِمُهُمَا، وَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ جَمْعٍ مِنْ تَسْلِيمِهَا لِابْنَتِهِ تَوَقَّفَ فِيهِ الْأَذْرَعِيُّ، ثُمَّ رَجَّحَ قَوْلَ الشَّامِلِ وَغَيْرِهِ أَنَّهَا تُسَلَّمُ لِلْبِنْتِ، وَيُمْكِنُ الْجَمْعُ بِأَنْ يُحْمَلَ الْأَوَّلُ عَلَى مَا إذَا انْفَرَدَتْ عَنْهُ لِكَوْنِهِ مُسَافِرًا وَابْنَتَهُ مَعَهُ لَا فِي رَحْلِهِ وَالثَّانِي عَلَى خِلَافِهِ، وَأَفْهَمَ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ تَضْعِيفَ تَسْلِيمِ الذَّكَرِ لَهُ مُطْلَقًا، وَلَوْ مُشْتَهًى وَهُوَ قَضِيَّةُ كَلَامِ الرَّوْضَةِ وَصَرَّحَ بِهِ ابْنُ الصَّبَّاغِ وَصَوَّبَ الزَّرْكَشِيُّ عَدَمَ تَسْلِيمِ الْمُشْتَهَى لَهُ، وَيُمْكِنُ حَمْلُ الْأَوَّلِ عَلَى عَدَمِ رِيبَةٍ وَالثَّانِي عَلَى خِلَافِهِ (فَإِنْ فُقِدَ) فِي الذَّكَرِ (الْإِرْثُ وَالْمَحْرَمِيَّةُ) كَابْنِ خَالٍ أَوْ خَالَةٍ أَوْ عَمَّةٍ (أَوْ) فُقِدَ (الْإِرْثُ) دُونَ الْمَحْرَمِيَّةِ كَأَبِي أُمٍّ وَخَالٍ وَابْنِ أُخْتٍ وَابْنِ أَخٍ لِأُمٍّ أَوْ الْقَرَابَةِ دُونَ الْإِرْثِ كَمُعْتَقٍ (فَلَا) حَضَانَةَ لَهُمْ (فِي الْأَصَحِّ) لِضَعْفِ قَرَابَتِهِمْ بِانْتِفَاءِ الْإِرْثِ وَالْوِلَايَةِ وَالْعَقْلِ وَلِانْتِفَائِهَا فِي الْأَخِيرَةِ.

وَالثَّانِي لَهُ الْحَضَانَةُ لِشَفَقَتِهِ بِالْقَرَابَةِ

(وَإِنْ اجْتَمَعَ ذُكُورٌ وَإِنَاثٌ فَالْأُمُّ) مُقَدَّمَةٌ عَلَى الْكُلِّ لِلْخَبَرِ الْمَارِّ وَلِزِيَادَتِهَا عَلَى الْأَبِ بِالْوِلَادَةِ الْمُحَقَّقَةِ وَالْأُنُوثَةِ اللَّائِقَةِ بِالْحَضَانَةِ (ثُمَّ أُمَّهَاتُهَا)

ــ

[حاشية الشبراملسي]

فَائِدَةٌ] لَوْ كَانَ كُلٌّ مِنْ الزَّوْجِ وَالزَّوْجَةِ مَحْضُونًا فَالْحَضَانَةُ لِحَاضِنِ الزَّوْجِ؛ لِأَنَّهُ يَجِبُ عَلَى الزَّوْجِ الْقِيَامُ بِحُقُوقِ الزَّوْجَةِ فَيَلِي أَمْرَهَا مَنْ يَتَصَرَّفُ عَنْهُ تَوْفِيَةً لِحَقِّهَا مِنْ قِبَلِ الزَّوْجِ

(قَوْلُهُ: وَالْأَوْجَهُ اعْتِبَارُ كَوْنِهَا) أَيْ نَحْوِ ابْنَتِهِ

(قَوْلُهُ: فَالرَّدُّ عَلَيْهِ بِأَنَّ غَيْرَتَهَا) الْغَيْرَةُ بِالْفَتْحِ مَصْدَرُ قَوْلِك غَارَ الرَّجُلُ عَلَى أَهْلِهِ يَغَارُ غَيْرًا وَغَيْرَةً وَغَارًّا

(قَوْلُهُ: إلَّا إنْ كَانَتَا ثِقَتَيْنِ) أَيْ وَلَوْ كَانَتْ إحْدَاهُمَا زَوْجَةً لَهُ

(قَوْلُهُ: فَلَا حَضَانَةَ لَهُمْ) أَيْ إنْ كَانَ ثَمَّ مَنْ لَهُ حَضَانَةٌ سُلِّمَ لَهُ، وَإِلَّا فَيُعَيِّنُ الْقَاضِي مَنْ يَقُومُ بِهَا

(قَوْلُهُ: وَلِانْتِفَائِهَا) أَيْ الْقَرَابَةِ

(قَوْلُهُ: بِالْوِلَادَةِ الْمُحَقِّقَةِ) أَيْ؛ لِأَنَّهُ مِنْهَا وَلَوْ مِنْ زِنًا

ــ

[حاشية الرشيدي]

الْأَبُ أَوْ نَحْوُهُ، بِخِلَافِ بِنْتِ الْخَالِ فَإِنَّ حَضَانَتَهَا عِنْدَ ضَعْفِ مَنْ بَعْدَهَا بِتَرَاخِي النَّسَبِ، وَقَدْ جُبِرَ ضَعْفُهَا بِإِدْلَائِهَا بِأُمِّ الْأُمِّ، وَإِنْ كَانَ بِوَاسِطَةٍ انْتَهَتْ (قَوْلُهُ: وَفِي تَمْثِيلِهِ بِابْنِ الْعَمِّ إلَخْ.) هُوَ جَوَابٌ ثَانٍ عَمَّا وَرَدَ عَلَى عِبَارَةِ الْمُصَنِّفِ، وَلَوْ ذَكَرَهُ مَعَ الْجَوَابِ الْأَوَّلِ كَانَ أَوْلَى، وَقَدْ يُقَالُ: إنَّ الْأَوْلَى الْجَوَابُ بِأَنَّ قَوْلَهُ كَابْنِ عَمٍّ وَصْفٌ مُخَصِّصٌ لِقَوْلِهِ غَيْرُ مَحْرَمٍ لَا مِثَالَ: أَيْ غَيْرُ مَحْرَمٍ هُوَ كَابْنِ عَمٍّ مِنْ كُلِّ قَرِيبٍ فَخَرَجَ الْمُعْتِقُ فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: لَا إلَيْهِ) لَا حَاجَةَ إلَيْهِ إذْ لَا مَوْقِعَ لَهُ مَعَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَلَا تُسَلَّمُ إلَيْهِ مُشْتَهَاةٌ (قَوْلُهُ: وَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ جَمْعٍ إلَخْ.) فِي هَذَا الْكَلَامِ خَلَلٌ لَا يَخْفَى، وَعِبَارَةُ التُّحْفَةِ وَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ غَيْرِ وَاحِدٍ أَنَّهَا تُسَلَّمُ لِمَنْ لَهُ بِنْتٌ تَوَقَّفَ فِيهِ الْأَذْرَعِيُّ، ثُمَّ رُجِّحَ قَوْلُ الشَّامِلِ وَغَيْرُهُ أَنَّهَا تُسَلَّمُ لِلْبِنْتِ كَمَا تَقَرَّرَ. اهـ.

وَفِي بَعْضِ نُسَخِ الشَّارِحِ زِيَادَةُ لَفْظِ عَدَمُ قَبْلَ قَوْلِهِ تُسَلَّمُ وَهِيَ قَدْ تُوَافِقُ كَلَامَ التُّحْفَةِ لَكِنَّ الْجَمْعَ الْآتِيَ لَا يُلَائِمُهَا، وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ زِيَادَةُ لَا قَبْلَ قَوْلِهِ تُسَلَّمُ لَكِنَّهُ غَيْرُ مَا فِي الشَّامِلِ كَمَا عَرَفْت فَلْيُحَرَّرْ (قَوْلُهُ: وَيُمْكِنُ الْجَمْعُ إلَخْ.) قَدْ عَرَفْت مَا فِيهِ وَهُوَ مَأْخُوذٌ مِنْ شَرْحِ الرَّوْضِ، لَكِنَّ عِبَارَةَ الرَّوْضِ وَابْنِ الْعَمِّ وَنَحْوِهِ يَتَسَلَّمُ الصَّغِيرَةَ لَا مَنْ تُشْتَهَى بَلْ يُعَيِّنُ لَهَا ثِقَةً، فَإِنْ كَانَتْ لَهُ بِنْتٌ سُلِّمَتْ إلَيْهَا بِإِذْنِهِ انْتَهَتْ.

قَالَ شَارِحُهُ: قَوْلُهُ: إلَيْهَا بِإِذْنِهِ أَخَذَهُ مِنْ الْإِسْنَوِيِّ، وَعِبَارَةُ الْأَصْلِ: سُلِّمَتْ إلَيْهِ: أَيْ جُعِلَتْ عِنْدَهُ مَعَ بِنْتِهِ، وَهُوَ حَسَنٌ لَا يُعْدَلُ عَنْهُ. نَعَمْ إنْ كَانَ مُسَافِرًا وَبِنْتُهُ مَعَهُ لَا فِي رَحْلِهِ سُلِّمَتْ إلَيْهَا لَا لَهُ كَمَا لَوْ كَانَ فِي الْحَضَرِ وَلَمْ تَكُنْ بِنْتُهُ فِي بَيْتِهِ، وَبِهَذَا يُجْمَعُ بَيْنَ كَلَامَيْ الْأَصْلِ وَالْمِنْهَاجِ، وَأَصْلُهُ حَيْثُ قَالُوا فِي مَوْضِعٍ تُسَلَّمُ إلَيْهِ وَفِي آخَرَ تُسَلَّمُ إلَيْهَا، وَبِهَذَا تَعْلَمُ مَا فِي كَلَامِ الشَّارِحِ مِنْ الْخَلَلِ (قَوْلُهُ: كَمُعْتِقٍ) لَيْسَ هُوَ مِنْ مَحَلِّ الْخِلَافِ كَمَا يُعْلَمُ مِنْ تَعْلِيلِ الثَّانِي خِلَافًا لِمَا يَقْتَضِيه صَنِيعُ

<<  <  ج: ص:  >  >>