قَتَلَهُ ذِمِّيٌّ) وَالْمُرَادُ بِهِ غَيْرُ الْحَرْبِيِّ أَوْ مُرْتَدٌّ (قُتِلَ) بِهِ؛ لِأَنَّهُ لَا تَسَلُّطَ لَهُ عَلَى الْمُسْلِمِ، وَأَخَذَ مِنْهُ الْبُلْقِينِيُّ أَنَّ الزَّانِيَ الذِّمِّيَّ الْمُحْصَنَ إذَا قَتَلَهُ ذِمِّيٌّ وَلَوْ مَجُوسِيًّا لَيْسَ زَانِيًا مُحْصَنًا وَلَا وَجَبَ قَتْلُهُ بِنَحْوِ قَطْعِ طَرِيقٍ لَا يُقْتَلُ بِهِ، وَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَيْضًا أَنَّ مَحَلَّ عَدَمِ قَتْلِ الْمُسْلِمِ الْمَعْصُومِ بِهِ حَيْثُ قَصَدَ اسْتِيفَاءَ مَا وَجَبَ عَلَيْهِ بِقَتْلِهِ أَوْ لَمْ يَقْصِدْ شَيْئًا، بِخِلَافِ مَا لَوْ قَصَدَ عَدَمَ ذَلِكَ لِصَرْفِهِ فِعْلَهُ عَنْ الْوَاجِبِ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُؤْخَذَ بِإِطْلَاقِهِمْ، وَيُوَجَّهُ بِأَنَّ دَمَهُ لَمَّا كَانَ هَدَرًا لَمْ يُؤَثِّرْ فِيهِ الصَّارِفُ (أَوْ مُسْلِمٌ) لَيْسَ زَانِيًا مُحْصَنًا (فَلَا) يُقْتَلُ بِهِ (فِي الْأَصَحِّ) لِإِهْدَارِهِ لَكِنْ يُعْذَرُ لِافْتِيَاتِهِ عَلَى الْإِمَامِ وَسَوَاءٌ فِي ذَلِكَ أَثْبَتَ زِنَاهُ بِالْبَيِّنَةِ أَمْ بِالْإِقْرَارِ، خِلَافًا لِمَا وَقَعَ فِي تَصْحِيحِ التَّنْبِيهِ لِلْمُصَنِّفِ، وَسَوَاءٌ أَقَتَلَهُ قَبْلَ رُجُوعِهِ عَنْ إقْرَارِهِ أَوْ رُجُوعِ الشُّهُودِ عَنْ شَهَادَتِهِمْ أَمْ بَعْدَهُ، وَشَمِلَ مَا لَوْ رَجَعَ عَنْ إقْرَارِهِ بَعْدَ الْجُرْحِ ثُمَّ مَاتَ بِالسِّرَايَةِ وَلَوْ رَآهُ يَزْنِي وَعَلِمَ إحْصَانَهُ فَقَتَلَهُ لَمْ يُقْتَلْ بِهِ قَطْعًا.
وَالثَّانِي قَالَ اسْتِيفَاءُ الْحَدِّ لِلْإِمَامِ دُونَ الْآحَادِ، وَمَحَلُّ الْخِلَافِ إذَا قَتَلَهُ قَبْلَ أَمْرِ الْإِمَامِ بِقَتْلِهِ، وَإِلَّا فَلَا قِصَاصَ قَطْعًا، وَخَرَجَ بِقَوْلِي: لَيْسَ زَانِيًا مُحْصَنًا الزَّانِي الْمُحْصَنُ فَيُقْتَلُ بِهِ مَا لَمْ يَأْمُرْهُ الْإِمَامُ بِقَتْلِهِ، وَالْأَوْجَهُ إلْحَاقُ كُلِّ مُهْدَرٍ كَتَارِكِ صَلَاةٍ وَقَاطِعِ طَرِيقٍ بِشَرْطِهِ بِالزَّانِي الْمُحْصَنِ.
فَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمُهْدَرَ مَعْصُومٌ عَلَى مِثْلِهِ فِي الْإِهْدَارِ وَإِنْ اخْتَلَفَا فِي سَبَبِهِ وَيَدُ السَّارِقِ مُهْدَرَةٌ إلَّا عَلَى مِثْلِهِ سَوَاءٌ الْمَسْرُوقُ مِنْهُ وَغَيْرُهُ، ثُمَّ ذَكَرَ شُرُوطَ الْقَاتِلِ فَقَالَ
(وَفِي الْقَاتِلِ) شُرُوطُ مِنْهَا التَّكْلِيفُ وَمُحَصِّلُهُ (بُلُوغٌ وَعَقْلٌ) فَلَا يُقْتَلُ صَبِيٌّ وَمَجْنُونٌ حَالَ الْقَتْلِ وَإِنْ تَقَطَّعَ جُنُونُهُ لِخَبَرِ «رُفِعَ الْقَلَمُ عَنْ ثَلَاثٍ» وَلِعَدَمِ تَكْلِيفِهِمَا (وَالْمَذْهَبُ وُجُوبُهُ عَلَى السَّكْرَانِ) وَكُلِّ مَنْ تَعَدَّى بِإِزَالَةِ عَقْلِهِ فَلَا نَظَرَ لِاسْتِتَارِ عَقْلِهِ؛ لِأَنَّهُ مِنْ رَبْطِ الْأَحْكَامِ بِالْأَسْبَابِ، أَمَّا غَيْرُ التَّعَدِّي كَأَنْ أُكْرِهَ عَلَى شُرْبِ مُسْكِرٍ أَوْ شُرْبِ مَا ظَنَّهُ دَوَاءً أَوْ مَاءً فَإِذَا هُوَ مُسْكِرٌ فَلَا قَوَدَ عَلَيْهِ لِعُذْرِهِ، وَفِي قَوْلٍ لَا وُجُوبَ عَلَيْهِ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
سَيَأْتِي: أَيْ فِي قَوْلِ الشَّارِحِ.
وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمُهْدَرَ إلَخْ
(قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ) أَيْ الذِّمِّيَّ
(قَوْلُهُ: وَأَخَذَ مِنْهُ الْبُلْقِينِيُّ) قَدْ يُشْكِلُ الْأَخْذُ بِأَنَّ الذِّمِّيَّ لَا حَقَّ لَهُ فِي الْوَاجِبِ عَلَى الذِّمِّيِّ اهـ سم عَلَى حَجّ، وَيُجَابُ بِأَنَّ الذِّمِّيَّ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ حَقٌّ لَكِنَّ الزَّانِيَ دُونَهُ فَقُتِلَ بِهِ، وَإِنَّمَا لَمْ يُقْتَلْ الْمُسْلِمُ بِهِ؛ لِأَنَّ الْكَافِرَ لَا تَسَلُّطَ لَهُ عَلَى الْمُسْلِمِ (قَوْلُهُ: الْمَعْصُومِ بِهِ) أَيْ بِالْمُسْلِمِ الزَّانِي الْمُحْصَنِ
(قَوْلُهُ: وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُؤْخَذَ إلَخْ) هَذَا الصَّنِيعُ يَقْتَضِي اعْتِمَادَ الْأَوَّلِ، وَلَكِنَّ الِاحْتِمَالَ هُوَ الْمُعْتَمَدُ أَخْذًا مِنْ قَوْلِهِ: وَيُؤْخَذُ
(قَوْلُهُ: فِي ذَلِكَ) أَيْ فِي أَنَّ الْمُسْلِمَ لَا يُقْتَلُ بِهِ
(قَوْلُهُ: وَلَوْ رَآهُ يَزْنِي) أَيْ وَالْحَالُ أَنَّهُ عَلِمَ ذَلِكَ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ، وَإِلَّا فَلَوْ لَمْ يَعْلَمْ ذَلِكَ فَقَتَلَهُ وَادَّعَى أَنِّي إنَّمَا قَتَلْته لِأَنِّي رَأَيْته يَزْنِي، وَهُوَ مُحْصَنٌ لَمْ يُقْبَلْ مِنْهُ ذَلِكَ بَلْ يُقْتَصُّ مِنْهُ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ اهـ سم عَلَى حَجّ
(قَوْلُهُ: فَيُقْتَلُ) أَيْ لِلْمُكَافَأَةِ
(قَوْلُهُ: وَإِنْ اخْتَلَفَا فِي سَبَبِهِ) كَزِنًا وَتَرْكِ صَلَاةٍ أَوْ قَطْعِ طَرِيقٍ
(قَوْلُهُ: وَمُحَصِّلُهُ) بِتَشْدِيدِ الصَّادِ الْمَكْسُورَةِ وَحَقِيقَتُهُ إلْزَامُ مَا فِيهِ كُلْفَةٌ وَقِيلَ طَلَبُ مَا فِيهِ كُلْفَةٌ
(قَوْلُهُ: فَلَا قَوَدَ عَلَيْهِ) وَيُصَدَّقُ
ــ
[حاشية الرشيدي]
قَوْلُهُ: وَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَيْضًا) اُنْظُرْ مَا وَجْهُ الْأَخْذِ، وَعِبَارَةُ التُّحْفَةِ عَقِبَ التَّعْلِيلِ الْمَارِّ: وَلَا حَقَّ لَهُمَا فِي الْوَاجِبِ عَلَيْهِ انْتَهَتْ، وَهَذَا الَّذِي حَذَفَهُ الشَّارِحُ هُوَ مَحَلُّ الْأَخْذِ كَمَا لَا يَخْفَى (قَوْلُهُ: أَمْ بَعْدَهُ) أَيْ لِاخْتِلَافِ الْعُلَمَاءِ فِي صِحَّةِ الرُّجُوعِ لَكِنَّ هَذَا إنَّمَا هُوَ فِي رُجُوعِهِ عَنْ الْإِقْرَارِ كَمَا نَقَلَهُ الشِّهَابُ سم فِي حَوَاشِيهِ عَلَى شَرْحِ الْمَنْهَجِ عَنْ الشَّارِحِ فَلْيُرَاجَعْ الْحُكْمُ فِي رُجُوعِ الشُّهُودِ (قَوْلُهُ: وَشَمِلَ مَا لَوْ رَجَعَ عَنْ إقْرَارِهِ إلَخْ.) اُنْظُرْ مَا الْحَاجَةُ إلَى هَذَا (قَوْلُهُ: لَمْ يُقْتَلْ بِهِ قَطْعًا) يَعْنِي: لَمْ يَسْتَحِقَّ الْقَتْلَ بَاطِنًا كَمَا يُعْلَمُ مِنْ كَلَامِ غَيْرِهِ (قَوْلُهُ: فَالْحَاصِلُ إلَخْ.) يُرَدُّ عَلَيْهِ مَا إذَا كَانَ الْقَتِيلُ مُرْتَدًّا وَالْقَاتِلُ مُسْلِمًا زَانِيًا مُحْصَنًا أَوْ نَحْوَهُ وَقَدْ مَرَّ أَنَّ الْمُسْلِمَ لَا يُقْتَلُ بِالْكَافِرِ إلَّا أَنْ يُقَالَ مُرَادُهُ مَا لَمْ يَمْنَعْ مَانِعٌ لَكِنْ يَبْعُدُ ذَلِكَ أَوْ أَنَّ الْمُرَادَ حَاصِلُ مَا تَقَدَّمَ قَبْلَهُ وَهُوَ بَعِيدٌ أَيْضًا مَعَ جَعْلِهِ ضَابِطًا