للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَإِنْ قَصَدَ الْعَفْوَ حِينَئِذٍ فَلَا، وَذَلِكَ لِلْمُمَاثَلَةِ الْمُفِيدَةِ لِلتَّشَفِّي الدَّالِّ عَلَيْهَا الْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ، وَالنَّهْيُ الْوَارِدُ فِي الْمُثْلَةِ مَخْصُوصٌ بِمَا سِوَى ذَلِكَ، وَلَوْ كَانَتْ الضَّرَبَاتُ الَّتِي قَتَلَ بِهَا غَيْرَ مُؤَثِّرَةٍ فِيهِ ظَنًّا لِضَعْفِ الْمَقْتُولِ وَقُوَّةِ الْقَاتِلِ عَدَلَ إلَى السَّيْفِ، وَلَهُ الْعُدُولُ فِي الْمَاءِ عَنْ الْمِلْحِ لِلْعَذْبِ؛ لِأَنَّهُ أَخَفُّ لَا عَكْسُهُ، فَإِنْ أَلْقَاهُ بِمَاءٍ فِيهِ حِيتَانٌ تَقْتُلُهُ، وَلَمْ يَمُتْ بِهَا بَلْ بِالْمَاءِ لَمْ يَجِبْ إلْقَاؤُهُ فِيهِ، وَإِنْ مَاتَ بِهِمَا أَوْ كَانَتْ تَأْكُلُهُ أُلْقِيَ فِيهِ لِتَفْعَلَ بِهِ الْحِيتَانُ كَالْأَوَّلِ عَلَى أَرْجَحِ الْوَجْهَيْنِ رِعَايَةً لِلْمُمَاثَلَةِ وَلَا تُلْقَى النَّارُ عَلَيْهِ إلَّا إنْ فَعَلَ بِالْأَوَّلِ ذَلِكَ وَيُخْرَجُ مِنْهَا قَبْلَ أَنْ يُشْوَى جِلْدُهُ لِيُتَمَكَّنَ مِنْ تَجْهِيزِهِ، وَإِنْ أَكَلَتْ جَسَدَ الْأَوَّلِ.

وَقَدْ تَمْتَنِعُ الْمُمَاثَلَةُ كَمَا لَوْ كَانَ الْمِثْلُ مُحَرَّمًا كَمَا قَالَ (أَوْ بِسِحْرٍ فَبِسَيْفٍ) غَيْرِ مَسْمُومٍ يَتَعَيَّنُ ضَرْبُ عُنُقِهِ بِهِ مَا لَمْ يُقْتَلْ بِهِ: أَيْ وَلَيْسَ سُمُّهُ مُهْرِيًّا أَخْذًا مِمَّا يَأْتِي لِحُرْمَةِ عَمَلِ السِّحْرِ وَعَدَمِ انْضِبَاطِهِ فَإِنْ قَتَلَهُ بِإِنْهَاشِ أَفْعَى قُتِلَ بِالنَّهْشِ فِي أَرْجَحِ الْوَجْهَيْنِ، وَعَلَيْهِ تَتَعَيَّنُ تِلْكَ الْأَفْعَى، فَإِنْ فُقِدَتْ فَمِثْلُهَا (وَكَذَا خَمْرٌ) أَوْ بَوْلٌ أَوْ جَرَّهُ حَتَّى مَاتَ (وَلِوَاطٌ) بِصَغِيرٍ يَقْتُلُ مِثْلَهُ غَالِبًا وَنَحْوُهَا مِنْ كُلِّ مُحَرَّمٍ يَتَعَيَّنُ فِيهِ السَّيْفُ (فِي الْأَصَحِّ) لِتَعَذُّرِ الْمُمَاثَلَةِ، وَالثَّانِي فِي الْخَمْرِ يُوجَرُ مَائِعًا كَخَلٍّ أَوْ مَاءٍ، وَفِي اللِّوَاطِ يُدَسُّ فِي دُبُرِهِ خَشَبَةٌ قَرِيبَةٌ مِنْ آلَتِهِ وَيُقْتَلُ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

قَوْلُهُ: وَذَلِكَ لِلْمُمَاثَلَةِ) ع: دَلِيلُ ذَلِكَ حَدِيثُ الْجَارِيَةِ الَّتِي رَضَّ الْيَهُودِيُّ رَأْسَهَا، وَقَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «مَنْ حَرَّقَ حَرَّقْنَاهُ وَمَنْ غَرَّقَ غَرَّقْنَاهُ» اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ (قَوْلُهُ: غَيْرَ مُؤَثِّرَةٍ فِيهِ ظَنًّا) أَيْ بِحَسَبِ الظَّنِّ

(قَوْلُهُ: عَدَلَ إلَى السَّيْفِ) وَفِي سم عَلَى مَنْهَجٍ لَوْ وَكَّلَ الْمُسْتَحِقُّ وَكِيلًا وَأَطْلَقَ فَيَنْبَغِي أَنْ يُخَيَّرَ الْوَكِيلُ كَالْمُوَكِّلِ، بِخِلَافِ مَا إذَا عَيَّنَ لَهُ شَيْئًا لَا يَجُوزُ لَهُ مُخَالَفَتُهُ وَإِنْ وَقَعَ الْمَوْقِعَ قَالَهُ طب اهـ

(قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ أَخَفُّ) لَعَلَّ وَجْهَ الْخِفَّةِ أَنَّ الْغَرِيقَ يَصِلُ الْمَاءُ إلَى جَوْفِهِ عَادَةً، وَوُصُولُ الْعَذْبِ لَيْسَ فِيهِ ضَرُورَةٌ كَوُصُولِ الْمِلْحِ

(قَوْلُهُ: وَيَخْرُجُ مِنْهَا) أَيْ وُجُوبًا

(قَوْلُهُ: قُتِلَ بِالنَّهْشِ) أَيْ مَا لَمْ يَكُنْ مُهْرِيًّا أَخْذًا مِنْ مَسْأَلَةِ السَّيْفِ الْمُتَقَدِّمَةِ

(قَوْلُهُ: فِي أَرْجَحِ الْوَجْهَيْنِ) خِلَافًا لحج حَيْثُ سَوَّى بَيْنَ السِّحْرِ وَالْإِنْهَاشِ

(قَوْلُهُ: فَإِنْ فُقِدَتْ) أَيْ فَإِنْ اخْتَلَفَ الْجَانِي وَالْمُسْتَحِقُّ أَوْ لَمْ يُوجَدْ لَهَا مَثَلٌ فَيَنْبَغِي تَعَيُّنُ السَّيْفِ (قَوْلُهُ: وَكَذَا خَمْرٌ) قَالَ الشَّارِحُ فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ: وَظَاهِرُ كَلَامِهِ أَنَّهُ لَوْ قَتَلَهُ بِالْغَمْسِ فِي خَمْرٍ لَمْ يُفْعَلْ بِهِ مِثْلُهُ، وَيُوَجَّهُ بِأَنَّ التَّضَمُّخَ بِالنَّجَاسَةِ حَرَامٌ لَا يُبَاحُ بِحَالٍ إلَّا لِضَرُورَةٍ فَكَانَ كَشُرْبِ الْبَوْلِ، وَلَا نَظَرَ لِجَوَازِ التَّدَاوِي بِهِ كَمَا لَمْ يَنْظُرُوا لِجَوَازِ التَّدَاوِي بِصَرْفِ الْبَوْلِ، فَانْدَفَعَ بِذَلِكَ مَا قَالَهُ: أَيْ مِنْ الْجَوَازِ الشَّارِحُ: يَعْنِي الْجَوْجَرِيَّ اهـ.

وَعَلَى مَا قَالَهُ فَيُفَارِقُ التَّغْرِيقُ فِي الْخَمْرِ نَحْوَ شُرْبِهَا وَاللِّوَاطِ بِأَنَّ إتْلَافَ النَّفْسِ مُسْتَحَقٌّ وَالتَّنْجِيسُ جَائِزٌ لِلْحَاجَةِ كَالتَّوَصُّلِ هُنَا إلَى اسْتِيفَاءِ الْحَقِّ فَلْيُتَأَمَّلْ اهـ سم عَلَى حَجّ

(قَوْلُهُ: وَلِوَاطٌ بِصَغِيرٍ إلَخْ) هَذَا قَدْ يُخْرِجُ الْبَالِغَ فَلَا يَجِبُ الْقِصَاصُ عَلَى مَنْ لَاطَ بِهِ، وَيُمْكِنُ تَوْجِيهُهُ بِأَنَّ تَمْكِينَهُ مِنْ نَفْسِهِ إذْنٌ فِي الْفِعْلِ فَلَا يُضْمَنُ مَا تَوَلَّدَ مِنْهُ، وَيَحْتَمِلُ أَنَّهُ لِمُجَرَّدِ التَّصْوِيرِ فَلَا فَرْقَ بَيْنَ الصَّغِيرِ وَغَيْرِهِ وَهُوَ الظَّاهِرُ مِنْ إطْلَاقِ الْمُصَنِّفِ

(قَوْلُهُ: لِتَعَذُّرِ الْمُمَاثَلَةِ) لَا يُقَالُ: يُشْكِلُ بِجَوَازِ

ــ

[حاشية الرشيدي]

شَاذٌّ وَغَلَطٌ (قَوْلُهُ: فَإِنْ قَصَدَ الْعَفْوَ حِينَئِذٍ فَلَا) أَيْ لِأَنَّ فِيهِ تَعْذِيبًا مَعَ الْإِفْضَاءِ إلَى الْقَتْلِ الَّذِي هُوَ نَقِيضُ الْعَفْوِ قَالَهُ فِي التُّحْفَةِ (قَوْلُهُ: وَهَذَا فِيمَا لَا يُقْتَصُّ بِهِ) كَإِجَافَةٍ وَكَسْرِ عَضُدٍ كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي (قَوْلُهُ: فَإِنْ أَلْقَاهُ بِمَاءٍ فِيهِ حِيتَانٌ إلَخْ.) عِبَارَةُ الْعُبَابِ: أَوْ بِمَاءٍ فِيهِ حِيتَانٌ تَقْتُلُهُ وَلَا تَأْكُلُهُ، فَإِنْ لَمْ يَمُتْ بِهَا بَلْ بِالْمَاءِ لَمْ يَجُزْ إلْقَاؤُهُ فِيهِ، وَإِنْ مَاتَ بِهَا أَوْ كَانَتْ تَأْكُلُهُ إلَخْ. (قَوْلُهُ: لِتَعَذُّرِ الْمُمَاثَلَةِ) قَالَ الشِّهَابُ سم: لَا يُقَالُ يُشْكِلُ بِجَوَازِ الِاقْتِصَاصِ بِنَحْوِ التَّجْوِيعِ وَالتَّغْرِيقِ مَعَ تَحْرِيمِ ذَلِكَ.

لِأَنَّا نَقُولُ: نَحْوُ التَّجْوِيعِ وَالتَّغْرِيقِ إنَّمَا حَرُمَ لِأَنَّهُ يُؤَدِّي إلَى إتْلَافِ النَّفْسِ، وَالْإِتْلَافُ

<<  <  ج: ص:  >  >>