تَلْوِيثَهُ صِيَانَةً لَهُ عَنْ تَلْوِيثِهِ بِالنَّجَاسَةِ، فَإِنْ أَمِنَتْ تَلْوِيثَهُ جَازَ لَهَا الْعُبُورُ مَعَ الْكَرَاهَةِ) كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ وَمَحَلُّهَا عِنْدَ انْتِفَاءِ حَاجَةِ عُبُورِهَا وَلَا يَخْتَصُّ مَا ذَكَرَهُ بِهَا، فَمَنْ بِهِ حَدَثٌ دَائِمٌ كَمُسْتَحَاضَةٍ وَسَلِسِ بَوْلٍ وَمَنْ بِهِ جِرَاحَةٌ نَضَّاخَةٌ بِالدَّمِ أَوْ كَانَ مُنْتَعِلًا بِنَعْلٍ بِهِ نَجَاسَةٌ رَطْبَةٌ وَخَشِيَ تَلْوِيثَ الْمَسْجِدِ بِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
قَوْلُهُ: تَلْوِيثَهُ) قَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ بِمُثَلَّثَةٍ قَبْلَ الْهَاءِ.
قُلْت: وَيُمْكِنُ دَفْعُ تَوَهُّمِ قِرَاءَتِهِ بِالنُّونِ الْمُوهِمِ أَنَّهُ إذَا لَوَّثَهُ مِنْ غَيْرِ ظُهُورِ لَوْنٍ فِيهِ كَحُمْرَةٍ لَمْ يَحْرُمْ (قَوْلُهُ: وَمَحَلُّهَا) أَيْ الْكَرَاهَةِ (قَوْلُهُ: حَاجَةِ عُبُورِهَا إلَخْ) وَهَلْ مِنْ الْحَاجَةِ الْمُرُورُ مِنْ الْمَسْجِدِ بِنَجَاسَةٍ لِبُعْدِ بَيْتِهِ مِنْ طَرِيقٍ خَارِجَ الْمَسْجِدِ وَقُرْبِهِ مِنْ الْمَسْجِدِ أَوْ لَيْسَ ذَلِكَ مِنْ الْحَاجَةِ لِأَنَّ فِيهِ قَطْعَ هَوَاءِ الْمَسْجِدِ بِالنَّجَاسَةِ وَهُوَ حَرَامٌ؟ فِيهِ نَظَرٌ.
وَالْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ وَيُؤَيِّدُهُ تَصْرِيحُهُمْ بِأَنَّهُ يَجُوزُ إدْخَالُ النَّعْلِ الْمُتَنَجِّسِ الْمَسْجِدَ حَيْثُ أَمِنَ وُصُولَ نَجَاسَتِهِ مِنْهُ لِلْمَسْجِدِ، وَكَذَا دُخُولُهُ بِثَوْبٍ مُتَنَجِّسٍ نَجَاسَةً حُكْمِيَّةً وَإِنْ زَادَ عَلَى سَتْرِ الْعَوْرَةِ، وَيَحْتَمِلُ الثَّانِي.
وَيُفَرَّقُ بِأَنَّ النَّعْلَ وَنَحْوَهُ ضَرُورِيٌّ بِخِلَافِ مَا ذُكِرَ وَلَعَلَّهُ الْأَقْرَبُ فَلْيُرَاجَعْ.
[فَائِدَةٌ] قَالَ حَجّ: بُحِثَ حِلُّ دُخُولِ مُسْتَبْرِئٍ يَدَهُ عَلَى ذَكَرِهِ لِمَنْعِ مَا يَخْرُجُ مِنْهُ سَوَاءٌ السَّلَسُ وَغَيْرُهُ اهـ وَأَقَرَّهُ سم.
أَقُولُ: وَيَنْبَغِي أَنْ لَا كَرَاهَةَ فِي دُخُولِهِ أَيْضًا، وَمُرَادُ حَجّ بِالدُّخُولِ مَا يَشْمَلُ الْمُكْثَ، وَمِثْلُ الْمُسْتَبْرِئِ بِالْأَوْلَى الْمُسْتَنْجِي بِالْأَحْجَارِ، وَوَقَعَ فِي كَلَامِ بَعْضِ الْمُتَأَخِّرِينَ خِلَافُهُ وَقَوْلُهُ: يَدَهُ إلَخْ: أَيْ سَوَاءٌ كَانَتْ مَعَ نَحْوِ خِرْقَةٍ عَلَى ذَكَرِهِ أَمْ لَا (قَوْلُهُ: نَضَّاخَةٌ) بِالْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ وَفِي الْمُخْتَارِ عَيْنٌ نَضَّاخَةٌ كَثِيرَةُ الْمِيَاهِ.
وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ فِي قَوْله تَعَالَى نَضَّاخَتَانِ أَيْ فَوَّارَتَانِ اهـ بِحُرُوفِهِ.
وَمِثْلُ ذَلِكَ بِالْأَوْلَى مَا يَقَعُ لِإِخْوَانِنَا الْمُجَاوِرِينَ مِنْ حُصُولِ التَّشْوِيشِ لَهُمْ وَإِقَامَتِهِمْ فِي الْمَسْجِدِ مَعَ غَلَبَةِ نَجَاسَتِهِ فَتَحْرُمُ عَلَيْهِمْ الْإِقَامَةُ فِيهِ وَيَجِبُ إخْرَاجُهُمْ مِنْهُ فَتَنَبَّهْ لَهُ (قَوْلُهُ: وَخَشِيَ إلَخْ) أَيْ فَإِنْ أَمِنَ التَّلْوِيثَ لَمْ يُكْرَهْ عُبُورُهُ بِخِلَافِهَا حَجّ: أَيْ بِخِلَافِ الْحَائِضِ.
[فَرْعٌ] سُئِلَ م ر فِي دَرْسِهِ عَنْ غَسْلِ النَّجَاسَةِ فِي الْمَسْجِدِ وَانْفِصَالِ الْغُسَالَةِ فِيهِ حَيْثُ حَكَمَ بِطَهَارَتِهَا كَأَنْ تَكُونَ النَّجَاسَةُ حُكْمِيَّةً فَقَالَ: يَنْبَغِي التَّحْرِيمُ لِلِاسْتِقْذَارِ وَإِنْ جَوَّزْنَا الْوُضُوءَ فِي الْمَسْجِدِ مَعَ سُقُوطِ مَائِهِ الْمُسْتَعْمَلِ، لِأَنَّ الْمُسْتَعْمَلَ فِي النَّجَاسَةِ يُسْتَقْذَرُ، بِخِلَافِ الْمُسْتَعْمَلِ فِي الْحَدَثِ السَّاقِطِ مِنْ الْوُضُوءِ، وَقَوْلُهُ وَإِنْ جَوَّزْنَا الْوُضُوءَ فِي الْمَسْجِدِ: أَيْ حَيْثُ لَمْ يَكُنْ بِأَعْضَائِهِ مَا يُقَذِّرُ الْمَاءَ.
[فَرْعٌ] يَجُوزُ إلْقَاءُ الطَّاهِرَاتِ كَقُشُورِ الْبِطِّيخِ فِي الْمَسْجِدِ إلَّا إنْ قَذَّرَهُ بِهَا أَوْ قَصَدَ الِازْدِرَاءَ بِهِ وَالِامْتِهَانَ فَيَحْرُمُ، وَيَحْرُمُ إلْقَاءُ الْمُسْتَعْمَلِ فِيهِ، وَيَجُوزُ الْوُضُوءُ فِيهِ وَإِنْ سَقَطَ الْمَاءُ الْمُسْتَعْمَلُ فِيهِ.
وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا أَنَّ فِي الْأَوَّلِ امْتِهَانًا مِنْ غَيْرِ حَاجَةٍ م ر.
[فَرْعٌ] قَالَ م ر: يَحْرُمُ الْبُصَاقُ فِي الْمَسْجِدِ، وَيَجُوزُ إلْقَاءُ مَاءِ الْمَضْمَضَةِ فِي الْمَسْجِدِ وَإِنْ كَانَ مُخْتَلِطًا بِالْبُصَاقِ لِاسْتِهْلَاكِهِ فِيهِ اهـ.
وَخَرَجَ بِاسْتِهْلَاكِهِ فِيهِ مَا إذَا كَانَ الْبُصَاقُ مُتَمَيِّزًا فِي مَاءِ الْمَضْمَضَةِ ظَاهِرًا بِحَيْثُ يُحَسُّ وَيُدْرَكُ مُنْفَرِدًا فَلْيُتَأَمَّلْ.
[فَرْعٌ] الَّذِي يَظْهَرُ حُرْمَةُ الْبُصَاقِ عَلَى حُصْرِ الْمَسْجِدِ أَوْ عَلَى شَيْءٍ نَاتِئٍ فِيهِ كَخَشَبَةٍ وَحَجَرٍ، لِأَنَّهُ فِي هَوَاءِ الْمَسْجِدِ وَهَوَاءُ الْمَسْجِدِ مَسْجِدٌ، وَمِنْ ذَلِكَ الْبُصَاقُ عَلَى بَلَاطِهِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَوْجُودًا حَالَ وَقْفِهِ مَسْجِدًا لِأَنَّهُ فِي هَوَاءِ الْمَسْجِدِ، وَمِنْ ذَلِكَ الْبُصَاقُ عَلَى خَزَائِنِ الْجَامِعِ الْأَزْهَرِ لِأَنَّهَا فِي هَوَاءِ الْمَسْجِدِ.
نَعَمْ إنْ بَصَقَ بَيْنَ خِزَانَتَيْنِ بِحَيْثُ صَارَ مَدْفُونًا غَيْرَ بَارِزٍ فِي الْهَوَاءِ فَلَا يَبْعُدُ الْجَوَازُ لِأَنَّهُ فِي مَعْنَى الدَّفْنِ، وَكَذَا لَوْ بَصَقَ تَحْتَ الْحُصْرِ بِشَرْطِ أَنْ لَا يَتَأَثَّرَ بِهِ بِتَعْفِينِهَا أَوْ غَيْرِهِ وَإِلَّا فَالْوَجْهُ التَّحْرِيمُ.
وَأَمَّا بَصْقُهُ فِي الْمَسْجِدِ فِي ثَوْبٍ عِنْدَهُ فَيَنْبَغِي جَوَازُهُ لِأَنَّهُ مَحَلُّ حَاجَةٍ وَلَيْسَ بَاقِيًا
ــ
[حاشية الرشيدي]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .