(ثُمَّ عَفَا فَاقْتَصَّ الْوَكِيلُ جَاهِلًا) بِعَفْوِهِ (فَلَا قِصَاصَ عَلَيْهِ) ؛ إذْ لَا تَقْصِيرَ مِنْهُ بِوَجْهٍ، وَبِهِ فَارَقَ مَا مَرَّ فِي قَتْلِ مَنْ عَهِدَهُ مُرْتَدًّا فَبَانَ مُسْلِمًا، أَمَّا إذَا عَلِمَ بِالْعَفْوِ فَيُقْتَلُ قَطْعًا، وَيَظْهَرُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْعِلْمِ هُنَا الظَّنُّ كَأَنْ أَخْبَرَهُ ثِقَةٌ أَوْ غَيْرُهُ وَوَقَعَ فِي قَلْبِهِ صِدْقُهُ، وَيُحْتَمَلُ اعْتِبَارُ اثْنَيْنِ دَرْءًا لِلْقَوَدِ بِالشُّبْهَةِ مَا أَمْكَنَ، وَيُقْتَلُ أَيْضًا فِيمَا لَوْ صَرَفَ الْقَتْلَ عَنْ مُوَكِّلِهِ إلَيْهِ بِأَنْ قَالَ: قَتَلْتُهُ بِشَهْوَةِ نَفْسِي لَا عَنْ الْمُوَكِّلِ، وَيُفَرَّقُ بَيْنَ هَذَا وَوَكِيلِ الطَّلَاقِ إذَا أَوْقَعَهُ عَنْ نَفْسِهِ، وَقُلْنَا بِمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الرُّويَانِيِّ أَنَّهُ يَقَعُ بِأَنَّ ذَاكَ لَا يُتَصَوَّرُ فِيهِ الصَّرْفُ فَلَمْ يُؤَثِّرْ، وَهَذَا يُتَصَوَّرُ فِيهِ لِنَحْوِ عَدَاوَةٍ بَيْنَهُمَا فَأَثَّرَ، وَالْأَوْجَهُ الِاكْتِفَاءُ بِأَحَدِ ذَيْنِكَ: أَعْنِي بِشَهْوَتِي وَلَا عَنْ مُوَكِّلِي، وَعَلَيْهِ فَلَوْ شَرِكَ بِأَنْ قَالَ بِشَهْوَتِي وَعَنْ مُوَكِّلِي اُحْتُمِلَ انْتِفَاءُ الْقَوَدِ تَغْلِيبًا لِلْمَانِعِ عَلَى الْمُقْتَضِي وَدَرْءًا بِالشُّبْهَةِ (وَالْأَظْهَرُ وُجُوبُ دِيَةٍ) مُغَلَّظَةٍ عَلَيْهِ لِتَقْصِيرِهِ بِعَدَمِ تَثَبُّتِهِ فَعُلِمَ أَنَّهُ لَا قَوَدَ عَلَيْهِ لِعُذْرِهِ (وَ) مِنْ ثَمَّ كَانَ الْأَظْهَرُ أَيْضًا (أَنَّهَا عَلَيْهِ لَا عَلَى عَاقِلَتِهِ وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ) أَيْ الْوَكِيلَ الْغَارِمَ لِلدِّيَةِ (لَا يَرْجِعُ بِهَا عَلَى الْعَافِي) وَإِنْ تَمَكَّنَ الْمُوَكِّلُ مِنْ إعْلَامِهِ خِلَافًا لِلْبُلْقِينِيِّ؛ لِأَنَّهُ مُحْسِنٌ بِالْعَفْوِ مَعَ كَوْنِ الْوَكِيلِ يُنَاسِبُهُ التَّغْلِيظُ تَنْفِيرًا عَنْ الْوَكَالَةِ فِي الْقَوَدِ لِبِنَائِهِ عَلَى الدَّرْءِ مَا أَمْكَنَ.
وَالثَّانِي يَقُولُ: نَشَأَ عَنْهُ الْغُرْمُ، وَمُقَابِلُ الْأَظْهَرِ يَقُولُ عَفْوُهُ بَعْدَ خُرُوجِ الْأَمْرِ مِنْ يَدِهِ لَغْوٌ
(وَلَوْ) (وَجَبَ) لِرَجُلٍ (قِصَاصٌ عَلَيْهَا) أَيْ الْمَرْأَةِ (فَنَكَحَهَا عَلَيْهِ) (جَازَ) كُلٌّ مِنْ النِّكَاحِ وَالصَّدَاقِ؛ لِأَنَّهُ عِوَضٌ مَقْصُودٌ إذْ كُلُّ مَا جَازَ الصُّلْحُ عَلَيْهِ صَحَّ جَعْلُهُ صَدَاقًا (وَسَقَطَ) الْقَوَدُ لِمِلْكِهَا قَوَدَ نَفْسِهَا (فَإِنْ فَارَقَ) هَا (قَبْلَ وَطْءٍ رَجَعَ بِنِصْفِ الْأَرْشِ) لِتِلْكَ الْجِنَايَةِ؛ لِأَنَّهُ بَدَلُ مَا وَقَعَ الْعَقْدُ بِهِ (وَفِي قَوْلٍ بِنِصْفِ مَهْرِ مِثْلٍ) ؛ لِأَنَّهُ بَدَلُ الْبَضْعِ.
ــ
[حاشية الشبراملسي]
قَوْلُهُ: وَوَقَعَ فِي قَلْبِهِ صِدْقُهُ) مُعْتَمَدٌ
(قَوْلُهُ: وَيُفَرَّقُ بَيْنَ هَذَا إلَخْ) فِي الْفَرْقِ تَحَكُّمٌ اهـ سم عَلَى حَجّ، لَعَلَّ وَجْهَهُ أَنَّهُ كَمَا يُمْكِنُ صَرْفُ الْقَتْلِ عَنْ كَوْنِهِ عَنْ الْمُوَكِّلِ لِعَدَاوَةٍ مَثَلًا يُمْكِنُ صَرْفُ الطَّلَاقِ عَنْ الْمُوَكِّلِ لِسَبَبٍ يَقْتَضِي عَدَمَ إرَادَةِ وُقُوعِ طَلَاقِ الْمُوَكِّلِ فَيَصْرِفُهُ لِنَفْسِهِ حَتَّى يَلْغُوَ، وَقَدْ يُدْفَعُ بِأَنَّ الْقَتْلَ حَصَلَ مِنْ الْوَكِيلِ وَلَا بُدَّ وَبِالصَّرْفِ فَاتَتْ نِسْبَتُهُ لِلْمُوَكِّلِ وَقَامَتْ بِالْوَكِيلِ، وَأَمَّا الصَّرْفُ فِي وُقُوعِ الطَّلَاقِ لَوْ اُعْتُبِرَ كَانَ الطَّلَاقُ لَغْوًا مَعَ صَرَاحَةِ صِيغَتِهِ وَكَوْنُهُ لَغْوًا مَمْنُوعٌ مَعَ الصَّرَاحَةِ فَتَعَذَّرَ الصَّرْفُ
(قَوْلُهُ: وَقُلْنَا بِمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الرُّويَانِيِّ) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: اُحْتُمِلَ انْتِفَاءُ الْقَوَدِ) مُعْتَمَدٌ
(قَوْلُهُ: وَدَرْءًا بِالشُّبْهَةِ) أَيْ وَتَجِبُ الدِّيَةُ مُغَلَّظَةً
(قَوْلُهُ: لِتَقْصِيرِهِ بِعَدَمِ تَثَبُّتِهِ) قَدْ يُقَالُ: لَا حَاجَةَ لِاعْتِبَارِ التَّقْصِيرِ؛ لِأَنَّ الضَّمَانَ يَثْبُتُ مَعَ التَّقْصِيرِ وَعَدَمِهِ اهـ سم عَلَى حَجّ.
وَقَدْ يُقَالُ: التَّقْصِيرُ لِلتَّغْلِيظِ لَا لِأَصْلِ الضَّمَانِ، وَأَيْضًا فَالْوَكِيلُ مَأْذُونٌ لَهُ فِي الْفِعْلِ وَالْمُوَكِّلُ هُوَ الْحَامِلُ لَهُ عَلَيْهِ.
[حاشية الرشيدي]
(قَوْلُهُ: لِنَحْوِ عَدَاوَةٍ) الظَّاهِرُ أَنَّ هَذَا لَا دَخْلَ لَهُ فِي مَلْحَظِ الْفَرْقِ بَلْ ذِكْرُهُ يُوهِمُ خِلَافَ الْمُرَادِ فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: فَعُلِمَ أَنَّهُ لَا قَوَدَ عَلَيْهِ) لَا حَاجَةَ إلَيْهِ لِأَنَّهُ سَبَقَ فِي الْمَتْنِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute