إحْدَى الْعَيْنَيْنِ لِبَقَاءِ أَصْلِ الْمَنْفَعَةِ فِي الْكُلِّ، وَقِيلَ فِي عَيْنِ الْأَعْوَرِ جَمِيعُ الدِّيَةِ؛ لِأَنَّ السَّلِيمَةَ الَّتِي عَطَّلَهَا بِمَنْزِلَةِ عَيْنَيْ غَيْرِهِ، لَا يُقَالُ: مُقْتَضَى كَلَامِهِ وُجُوبُ دِيَةٍ فِي الْعَوْرَاءِ لِأَنَّهُ يَصِحُّ أَنْ يُقَالَ فِي الْأَعْوَرِ فِي كُلِّ عَيْنٍ لَهُ نِصْفُ دِيَةٍ مَعَ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ إلَّا عَيْنٌ وَاحِدَةٌ؛ لِأَنَّا نَمْنَعُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَقُلْ وَلَوْ لِأَعْوَرَ وَإِنَّمَا قَالَ وَلَوْ عَيْنَ أَعْوَرَ، وَالْمُتَبَادَرُ مِنْ ذَلِكَ السَّلِيمَةُ لَا غَيْرُ، وَبِأَنَّ الْغَايَةَ لَيْسَتْ غَايَةً لِكُلِّ عَيْنٍ بَلْ لِعَيْنٍ فَقَطْ (وَكَذَا مَنْ) (بِعَيْنِهِ بَيَاضٌ) عَلَى نَاظِرِهَا أَوْ غَيْرِهِ (لَا يَنْقُصُ) هُوَ بِفَتْحٍ ثُمَّ ضَمٍّ مُخَفَّفًا عَلَى الْأَفْصَحِ (الضَّوْءُ) فَفِيهَا نِصْفُ الدِّيَةِ (فَإِنْ نَقَصَ) وَانْضَبَطَ النَّقْصُ بِالنِّسْبَةِ لِلصَّحِيحَةِ (فَقِسْطٌ) مِنْهُ يَجِبُ فِيهَا (فَإِنْ لَمْ يَنْضَبِطْ) النَّقْصُ (فَحُكُومَةٌ) وَفَارَقَتْ عَيْنَ الْأَعْمَشِ بِأَنَّ بَيَاضَ هَذِهِ نَقْصُ الضَّوْءِ الْخِلْقِيِّ وَلَا كَذَلِكَ تِلْكَ، وَمِنْ ثَمَّ لَوْ تَوَلَّدَ الْعَمَشُ مِنْ آفَةٍ أَوْ جِنَايَةٍ لَمْ تَكْمُلْ فِيهَا الدِّيَةُ كَمَا قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُ، وَلَا يُنَافِيهِ مَا يَأْتِي فِي الْكَلَامِ مِنْ أَنَّ الْفَائِتَ بِالْآفَةِ لَا اعْتِبَارَ بِهِ وَيَجِبُ ثَمَّ كَمَالُ الدِّيَةِ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا كَانَ الْكَلَامُ لَا يُتَصَوَّرُ الْجِنَايَةُ عَلَيْهِ ابْتِدَاءً قَوِيَتْ تَبَعِيَّتُهُ لِلْجِرْمِ، بِخِلَافِ الْبَصَرِ فَإِنَّهُ يُمْكِنُ قَصْدُهُ بِهَا ابْتِدَاءً فَضَعُفَتْ فِيهِ التَّبَعِيَّةُ فَصَارَ مُسْتَقِلًّا بِنَفْسِهِ فَتَأَمَّلْهُ (وَفِي) قَطْعِ أَوْ إيبَاسِ (كُلِّ جَفْنٍ) اُسْتُؤْصِلَ قَطْعُهُ (رُبُعُ دِيَةٍ) لِمَا فِيهَا مِنْ الْجَمَالِ وَالْمَنْفَعَةِ التَّامَّةِ وَانْقَسَمَتْ عَلَى الْأَرْبَعَةِ، لِأَنَّ مَا وَجَبَ فِي الْمُتَعَدِّدِ مِنْ جِنْسٍ يَنْقَسِمُ عَلَى أَفْرَادِهِ (وَلَوْ) كَانَ (الْأَعْمَى) وَتَنْدَرِجُ حُكُومَةُ الْأَهْدَابِ فِيهَا لِتَبَعِيَّتِهَا لَهَا
(وَفِي) قَطْعِ أَوْ إشْلَالِ (مَارِنٍ) وَهُوَ مَا لَانَ مِنْ الْأَنْفِ وَيَشْتَمِلُ عَلَى طَرَفَيْنِ وَحَاجِزٍ (دِيَةٌ) لِخَبَرٍ صَحِيحٍ فِيهِ وَلَوْ قَطَعَ الْقَصَبَةَ مَعَهُ دَخَلَتْ حُكُومَتُهَا فِي دِيَتِهِ؛ لِأَنَّهَا تَابِعَةٌ بِخِلَافِ الْمُوضِحَةِ الْحَاصِلَةِ مِنْ قَطْعِ الْأُذُنَيْنِ، وَفِي تَعْوِيجِهِ حُكُومَةٌ كَتَعْوِيجِ الرَّقَبَةِ أَوْ نَحْوِ تَسْوِيدِ الْوَجْهِ (وَفِي كُلٍّ مِنْ طَرَفَيْهِ وَالْحَاجِزِ ثُلُثٌ) مِنْ الدِّيَةِ لِمَا مَرَّ فِي الْأَجْفَانِ (وَقِيلَ فِي الْحَاجِزِ حُكُومَةٌ وَفِيهِمَا دِيَةٌ) ؛ لِأَنَّ الْجَمَالَ وَالْمَنْفَعَةَ فِيهِمَا دُونَهُ وَيُرَدُّ بِالْمَنْعِ كَمَا هُوَ وَاضِحٌ
(وَ) فِي قَطْعِ أَوْ إشْلَالِ (كُلِّ شَفَةٍ) وَهِيَ كَمَا فِي بَعْضِ النُّسَخِ فِي عَرْضِ الْوَجْهِ إلَى الشِّدْقَيْنِ وَفِي طُولِهِ إلَى مَا يَسْتُرُ اللِّثَةَ (نِصْفٌ) مِنْ الدِّيَةِ لِخَبَرٍ فِيهِ فَفِيهِمَا الدِّيَةُ فَإِنْ كَانَتْ مَشْقُوقَةً فَفِيهَا نِصْفٌ نَاقِصٌ قَدْرُ حُكُومَةٍ وَفِي بَعْضِهَا بِقِسْطِهِ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
(قَوْلُهُ: عَلَى الْأَفْصَحِ) وَغَيْرُ الْأَفْصَحِ ضَمُّ الْيَاءِ مَعَ شَدَّةِ الْقَافِ
(قَوْلُهُ: وَفَارَقَتْ عَيْنَ الْأَعْمَشِ) أَيْ حَيْثُ لَمْ تَنْقُصْ الدِّيَةُ بِضَعْفِ بَصَرِهَا
(قَوْلُهُ: وَلَا كَذَلِكَ تِلْكَ) أَيْ عَيْنُ الْأَعْمَشِ (قَوْلُهُ كَمَا قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُ) أَيْ: فَيُقَالُ إنْ انْضَبَطَ النَّقْصُ فَبِقِسْطِهِ، وَإِلَّا فَحُكُومَةٌ (قَوْلُهُ: لَا اعْتِبَارَ بِهِ) أَيْ فَتَجِبُ فِيهِ دِيَةٌ كَامِلَةٌ
(قَوْلُهُ: كُلِّ جَفْنٍ) فِي قَطْعِ الْجَفْنِ الْمُسْتَحْشِفِ حُكُومَةٌ رَوْضٌ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ
(قَوْلُهُ: لِمَا فِيهَا) أَيْ الْأَجْفَانِ
(قَوْلُهُ: وَتَنْدَرِجُ حُكُومَةُ الْأَهْدَابِ) أَيْ بِخِلَافِ قَطْعِ السَّاعِدِ مَعَ الْكَفِّ يُفْرَدُ بِحُكُومَةٍ كَمَا يَأْتِي اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ
(قَوْلُهُ: وَحَاجِزٍ دِيَةٌ) قَالَ فِي الْعُبَابِ: فَإِنْ ذَهَبَ بَعْضُهُ وَلَوْ بِآفَةٍ فَفِي الْبَاقِي قِسْطُهُ مِنْهَا اهـ.
وَانْظُرْ لَوْ ذَهَبَ بَعْضُهُ خِلْقَةً اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ.
أَقُولُ: الْقِيَاسُ أَنَّهُ لَا تَكْمُلُ فِيهِ الدِّيَةُ أَخْذًا مِمَّا مَرَّ فِي الْأَعْمَشِ أَنَّهُ لَوْ تَوَلَّدَ الْعَمَشُ مِنْ آفَةٍ أَوْ جِنَايَةٍ لَا تَكْمُلُ فِيهِ الدِّيَةُ (قَوْلُهُ وَفِي تَعْوِيجِهِ) أَيْ الْأَنْفِ
(قَوْلُهُ: لِمَا مَرَّ فِي الْأَجْفَانِ) أَيْ مِنْ أَنَّ فِيهَا الْجَمَالَ وَالْمَنْفَعَةَ
(قَوْلُهُ: فِي عَرْضِ الْوَجْهِ إلَى الشِّدْقَيْنِ) قَالَ الشَّيْخُ عَمِيرَةُ: وَقِيلَ مَا يَنْتَأُ: أَيْ يَرْتَفِعُ انْطِبَاقُ الْفَمِ، وَقِيلَ مَا لَوْ قَطَعَ لَمْ يُمْكِنْ انْطِبَاقُ الْفَمِ لِشَفَةٍ أُخْرَى عَلَى الْبَاقِي اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ.
وَفِي الْمِصْبَاحِ: الشِّدْقُ جَانِبُ الْفَمِ بِالْفَتْحِ وَالْكَسْرِ وَالدَّالِ الْمُهْمَلَةِ، قَالَ الْأَزْهَرِيُّ وَجَمْعُ الْمَفْتُوحِ شُدُوقٌ مِثْلُ فَلْسٍ وَفُلُوسٍ وَجَمْعُ الْمَكْسُورِ أَشْدَاقٌ مِثْلُ حِمْلٍ وَأَحْمَالٍ
(قَوْلُهُ: فَإِنْ كَانَتْ مَشْقُوقَةً) ظَاهِرُهُ وَلَوْ خِلْقِيًّا (قَوْلُهُ: وَفِي بَعْضِهَا بِقِسْطِهِ)
ــ
[حاشية الرشيدي]
قَوْلُهُ: لِبَقَاءِ أَصْلِ الْمَنْفَعَةِ) هَذَا التَّعْلِيلُ لَا يُنَاسِبُ حُكْمَ الْأَعْوَرِ كَمَا لَا يَخْفَى (قَوْلُهُ: وُجُوبُ دِيَةٍ) أَيْ دِيَةُ عَيْنٍ (قَوْلُهُ: لِأَنَّا نَمْنَعُ ذَلِكَ) أَيْ كَوْنُ مُقْتَضَى كَلَامِ الْمُصَنِّفِ مَا ذُكِرَ (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّهُ لَمَّا كَانَ الْكَلَامُ لَا يُتَصَوَّرُ إلَخْ) قَالَ الشِّهَابُ سم: قَدْ يُفَرَّقُ بِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ الْحُرُوفِ حُصُولُ كَلَامٍ مَفْهُومٍ وَهُوَ حَاصِلٌ مَعَ النَّقْصِ بِالْآفَةِ وَمِنْ النَّظَرِ إبْصَارُ الْأَشْيَاءِ