فِي أَوْجَهِ الْوَجْهَيْنِ كَمَا صَحَّحَهُ الْبَارِزِيُّ وَالْبُلْقِينِيُّ وَغَيْرُهُمَا لِانْتِفَاءِ عِلَّةِ الِاسْتِتْبَاعِ، وَكَذَا لَوْ أَوْضَحَ جَبِينَهُ فَأَزَالَ حَاجِبَهُ فَعَلَيْهِ الْأَكْثَرُ مِنْ أَرْشِ مُوضِحَةٍ وَحُكُومَةِ الشَّيْنِ وَإِزَالَةِ الْحَاجِبِ، وَكَالْمُوضِحَةِ الْمُتَلَاحِمَةُ نُظِرَ إلَى أَنَّ أَرْشَهَا مُقَدَّرٌ بِالنِّسْبَةِ لِلْمُوضِحَةِ كَذَا قِيلَ، وَلَعَلَّهُ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّهُ يَجِبُ فِيهَا بِقِسْطِ هَذِهِ النِّسْبَةِ، أَمَّا عَلَى الْأَصَحِّ الْمَارِّ أَنَّ الْوَاجِبَ فِيهَا الْأَكْثَرُ فَيَظْهَرُ أَنْ يُقَالَ: إنْ كَانَ الْأَكْثَرُ النِّسْبَةَ فَهِيَ كَالْمُوضِحَةِ أَوْ الْحُكُومَةِ فَلَا، وَعَلَى هَذَا التَّفْصِيلِ يُحْمَلُ قَوْلُهُ (وَمَا لَا يَتَقَدَّرُ) أَرْشُهُ (يُفْرَدُ) الشَّيْنُ حَوْلَهُ (بِحُكُومَةٍ فِي الْأَصَحِّ) لِضَعْفِ الْحُكُومَةِ عَنْ الِاسْتِتْبَاعِ بِخِلَافِ الدِّيَةِ، وَالثَّانِي الْمَذْكُورُ فِي الْوَجِيزِ أَنَّهُ يَتْبَعُ الْجُرْحَ، وَقَضِيَّتُهُ إفْرَادُ الشَّيْنِ بِحُكُومَةٍ غَيْرِ حُكُومَةِ الْجُرْحِ، بَلْ مِنْ ضَرُورِيَّاتِهِ؛ إذْ لَا يَتَأَتَّى بِغَيْرِ مَا يَذْكُرُهُ أَنَّهُ يُقَدَّرُ سَلِيمًا بِالْكُلِّيَّةِ ثُمَّ جَرِيحًا بِلَا شَيْنٍ، وَيَجِبُ مَا بَيْنَهُمَا مِنْ التَّفَاوُتِ وَهَذِهِ حُكُومَةُ الْجُرْحِ ثُمَّ يُقَدَّرُ جَرِيحًا بِلَا شَيْنٍ ثُمَّ جَرِيحًا بِشَيْنٍ وَيَجِبُ مَا بَيْنَهُمَا مِنْ التَّفَاوُتِ، وَهَذِهِ حُكُومَةُ الشَّيْنِ.
وَفَائِدَةُ إيجَابِ حُكُومَتَيْنِ لِذَلِكَ أَنَّهُ لَوْ عَفَا عَنْ إحْدَاهُمَا لَمْ تَسْقُطْ الْأُخْرَى، وَأَنَّهُ يَجُوزُ بُلُوغُ مَجْمُوعِهَا دِيَةً؛ إذْ الْوَاجِبُ نَقْصُهُ عَنْهَا كُلٌّ مِنْهُمَا عَلَى انْفِرَادِهِ لَا مَجْمُوعِهِمَا فَلَا إشْكَالَ فِي ذَلِكَ حُكْمًا وَلَا تَصْوِيرًا
(وَ) يَجِبُ (فِي نَفْسِ الرَّقِيقِ) الْمَعْصُومِ لَوْ أُتْلِفَ، وَإِنْ كَانَ مُكَاتَبًا أَوْ أُمَّ وَلَدٍ وَجَعَلَهُ إثْرَ بَحْثِ الْحُكُومَةِ لِاشْتِرَاكِهِمَا فِي التَّقْدِيرِ، وَلِذَا قَالَ الْأَئِمَّةُ: الْقِنُّ أَصْلُ الْحُرِّ فِي الْحُكُومَةِ وَالْحُرُّ أَصْلُ الْقِنِّ فِيمَا يَتَقَدَّرُ مِنْهُ (قِيمَتُهُ) بَالِغَةً مَا بَلَغَتْ كَبَقِيَّةِ الْأَمْوَالِ الْمُتْلَفَةِ (وَفِي غَيْرِهَا) أَيْ النَّفْسِ مِنْ الْأَطْرَافِ وَاللَّطَائِفِ (مَا نَقَصَ مِنْ قِيمَتِهِ) سَلِيمًا (إنْ لَمْ يَتَقَدَّرْ) ذَلِكَ الْغَيْرُ (فِي الْحُرِّ) وَمَا نَقَلَهُ الْبُلْقِينِيُّ عَنْ الْمُتَوَلِّي مِنْ أَنَّهُ لَوْ كَانَ أَكْثَرَ مِنْ مَتْبُوعِهِ أَوْ مِثْلَهُ لَمْ يَجِبْ كُلُّهُ بَلْ يُوجِبُ الْحَاكِمُ شَيْئًا بِاجْتِهَادِهِ لِئَلَّا يَلْزَمَ الْمَحْذُورُ الْمَارُّ، وَقَالَ: إنَّهُ تَفْصِيلٌ لَا بُدَّ مِنْهُ، وَأَنَّ إطْلَاقَ مَنْ أَطْلَقَ مَحْمُولٌ عَلَيْهِ غَيْرُ مُتَّجَهٍ إذْ النَّظَرُ فِي الْقِنِّ أَصَالَةٌ إلَى نَقْصِ الْقِيمَةِ حَتَّى فِي الْمُقَدَّرِ عَلَى قَوْلٍ فَلَمْ يَنْظُرُوا فِي غَيْرِهِ لِتَبَعِيَّتِهِ وَلَمْ يَلْزَمْ عَلَيْهِ الْفَسَادُ الَّذِي فِي الْحُرِّ (وَإِلَّا) بِأَنْ تُقَدَّرَ فِي الْحُرِّ كَمُوضِحَةٍ وَقَطْعِ طَرَفٍ (فَنِسْبَتُهُ) أَيْ مِثْلِهَا مِنْ الدِّيَةِ (مِنْ قِيمَتِهِ) فَفِي يَدِهِ نِصْفُهَا وَمُوضِحَتُهُ نِصْفُ عُشْرِهَا (وَفِي قَوْلٍ لَا يَجِبُ) هُنَا (إلَّا مَا نَقَصَ) أَيْضًا؛ لِأَنَّهُ مَالٌ فَأَشْبَهَ الْبَهِيمَةَ
(وَلَوْ قُطِعَ ذَكَرُهُ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
فِي هَذَا الْجَوَابِ اهـ سم عَلَى حَجّ
(قَوْلُهُ: فَهِيَ كَالْمُوضِحَةِ) أَيْ فَيَتْبَعُهَا الشَّيْنُ حَوَالَيْهَا، وَقَوْلُهُ أَوْ الْحُكُومَةِ فَلَا: أَيْ فَلَا يَتْبَعُهَا الشَّيْنُ حَوَالَيْهَا
(قَوْلُهُ: الْقِنُّ أَصْلُ الْحُرِّ فِي الْحُكُومَةِ) أَيْ فِيمَا لَا مُقَدَّرَ لَهُ
(قَوْلُهُ: وَفِي غَيْرِهَا أَيْ النَّفْسِ إلَخْ) أَيْ كَأَنْ جَرَحَهُ فِي أُصْبُعِهِ طُولًا فَنَقَصَ قِيمَتَهُ عُشْرَهَا أَوْ أَكْثَرَ فَقَدْ سَاوَى بَدَلَ جُرْحِ الْأُصْبُعِ أَوْ زَادَ عَلَيْهِ، وَهَذَا فَسَادٌ يَنْبَغِي النَّظَرُ إلَيْهِ، وَالِاحْتِرَازُ عَنْهُ فَمَا وَجْهُ قَوْلِهِ فَلَمْ يَنْظُرُوا إلَخْ، وَقَوْلُهُ: وَلَمْ يَلْزَمْ إلَخْ اهـ سم عَلَى حَجّ
(قَوْلُهُ: النَّاشِئَةُ عَنْهُمْ نَفْسًا) أَيْ جِنَايَةَ نَفْسٍ (قَوْلُهُ: وَلَوْ عَادَ الْأَوَّلُ) مُتَّصِلٌ بِقَوْلِهِ وَجَبَتْ الدِّيَةُ إلَخْ
(قَوْلُهُ: فَلِلسَّيِّدِ الْأَقَلُّ) وَذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ جُرِحَ جِرَاحَتَيْنِ: إحْدَاهُمَا فِي الرِّقِّ، وَالْأُخْرَى فِي الْحُرِّيَّةِ، وَالدِّيَةُ تُوَزَّعُ عَلَى عَدَدِ الرُّءُوسِ، فَيَجِبُ عَلَيْهِ ثُلُثُ الدِّيَةِ نِصْفُهُ فِي مُقَابَلَةِ جِرَاحَةِ الرِّقِّ وَالنِّصْفُ الْآخَرُ فِي مُقَابَلَةِ جِرَاحَةِ الْحُرِّيَّةِ، وَالسَّيِّدُ إنَّمَا يَجِبُ لَهُ بَدَلُ مَا وَقَعَ فِي الرِّقِّ وَهُوَ نِصْفُ الثُّلُثِ.
ــ
[حاشية الرشيدي]
كَمَا يُعْلَمُ مِنْ التُّحْفَةِ، وَالْجَوَابُ إنَّمَا هُوَ الْمَذْكُورُ بَعْدُ فِي قَوْلِهِ نَظَرًا لِلْجِنْسِ إلَخْ. (قَوْلُهُ: وَكَذَا لَوْ أَوْضَحَ جَبِينَهُ إلَخْ.) هَذَا مُسْتَثْنًى مِمَّا فِي الْمَتْنِ وَلَيْسَ مِنْ جُمْلَةِ صُوَرِهِ، وَإِنْ أَوْهَمَهُ سِيَاقُ الشَّارِحِ (قَوْلُهُ: وَقَضِيَّتُهُ) يَعْنِي: مَا فِي الْمَتْنِ (قَوْلُهُ: نَقْصُهُ) هُوَ فَاعِلُ الْوَاجِبِ وَخَبَرُهُ قَوْلُهُ: كُلٌّ مِنْهُمَا
(قَوْلُهُ: وَلَمْ يَلْزَمْ إلَخْ.) أَشَارَ الشِّهَابُ سم إلَى التَّوَقُّفِ فِيهِ