للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَوْ مَجْنُونٍ أَوْ مُبَرْسِمٍ أَوْ نَائِمٍ أَوْ مُوَسْوَسٍ أَوْ مَصْعُوقٍ أَوْ مَذْعُورٍ أَوْ امْرَأَةٍ ضَعِيفَةٍ وَلَمْ يَحْتَجْ لِذِكْرِهِمْ لِكَوْنِهِمْ فِي مَعْنَى غَيْرِ الْمُمَيِّزِ، بَلْ الْمُمَيِّزُ الَّذِي لَمْ يَصِرْ مُرَاهِقًا مُتَيَقِّظَا مِثْلَهُمْ كَمَا أَفْهَمَهُ قَوْلُهُ الْآتِي وَمُرَاهِقٌ مُتَيَقِّظٌ كَبَالِغٍ، وَسَوَاءٌ أَكَانَ وَاقِفًا أَمْ جَالِسًا أَمْ مُضْطَجِعًا أَمْ مُسْتَلْقِيًا (عَلَى طَرَفِ سَطْحٍ) أَوْ شَفِيرِ بِئْرٍ أَوْ نَهْرٍ أَوْ جَبَلٍ صَيْحَةً مُنْكَرَةً (فَوَقَعَ) عَقِبَهَا (بِذَلِكَ) الصِّيَاحِ، وَحُذِفَ مِنْ أَصْلِهِ الِارْتِعَادُ اكْتِفَاءً بِقَوْلِهِ بَعْدُ وَلَوْ صَاحَ عَلَى صَيْدٍ فَاضْطَرَبَ صَبِيٌّ؛ لِأَنَّهُ شَرْطٌ لَا بُدَّ مِنْهُ لِكَوْنِهِ دَالًّا عَلَى الْإِحَالَةِ عَلَى السَّبَبِ؛ إذْ لَوْلَا ذَلِكَ لَاحْتُمِلَ كَوْنُهُ مُوَافَقَةَ قَدَرٍ (فَمَاتَ) مِنْهَا وَحَذْفُهَا لِدَلَالَةِ فَاءِ السَّبَبِيَّةِ عَلَيْهَا، لَكِنَّ الْفَوْرِيَّةَ الَّتِي أَشْعَرَتْ بِهَا غَيْرُ شَرْطٍ حَيْثُ بَقِيَ أَثَرُهَا إلَى الْمَوْتِ (فَدِيَةٌ مُغَلَّظَةٌ عَلَى الْعَاقِلَةِ) ؛ لِأَنَّهُ شِبْهُ عَمْدٍ لَا قَوَدٌ لِانْتِفَاءِ غَلَبَةِ إفْضَاءِ ذَلِكَ إلَى الْمَوْتِ، لَكِنَّهُ لَمَّا كَثُرَ إفْضَاؤُهُ إلَيْهِ أَحَلْنَا الْهَلَاكَ عَلَيْهِ وَجَعَلْنَاهُ شِبْهَ عَمْدٍ، وَلَوْ ادَّعَى الْوَلِيُّ الِارْتِعَادَ وَالصَّائِحُ عَدَمَهُ صُدِّقَ الصَّائِحُ بِيَمِينِهِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الِارْتِعَادِ، وَلَوْ لَمْ يَمُتْ لَكِنْ ذَهَبَ عَقْلُهُ أَوْ بَصَرُهُ أَوْ مَشْيُهُ مَثَلًا ضَمِنَتْهُ الْعَاقِلَةُ كَذَلِكَ أَيْضًا بِأَرْشِهِ الْمُتَقَدِّمِ، وَخَرَجَ بِقَوْلِهِ عَلَى صَبِيٍّ صِيَاحُهُ عَلَى غَيْرِهِ الْآتِي وَبِطَرَفِ سَطْحٍ نَحْوُ وَسَطِهِ مَا لَمْ يَكُنْ الطَّرَفُ أَخْفَضَ مِنْهُ بِحَيْثُ يَتَدَحْرَجُ الْوَاقِعُ بِهِ إلَيْهِ فِيمَا يَظْهَرُ (وَفِي قَوْلٍ قِصَاصٌ) فَإِنْ عُفِيَ عَنْهُ فَدِيَةٌ عَلَى الْجَانِي مُغَلَّظَةٌ لِغَلَبَةِ تَأْثِيرِهِ، وَرُدَّ بِمَنْعِ ذَلِكَ

(وَلَوْ) (كَانَ) غَيْرُ الْمُمَيِّزِ وَنَحْوُهُ (بِأَرْضٍ) فَصَاحَ عَلَيْهِ فَمَاتَ (أَوْ صَاحَ عَلَى بَالِغٍ بِطَرَفِ سَطْحٍ) أَوْ نَحْوِهِ فَسَقَطَ وَمَاتَ (فَلَا دِيَةَ فِي الْأَصَحِّ) لِنُدْرَةِ الْمَوْتِ بِذَلِكَ حِينَئِذٍ، وَالثَّانِي فِي كُلٍّ مِنْهُمَا الدِّيَةُ؛ لِأَنَّ الصِّيَاحَ حَصَلَ بِهِ فِي الصَّبِيِّ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

نَوْعٌ مِنْ الْجُنُونِ أَيْضًا

(قَوْلُهُ: أَوْ مُوَسْوَسٍ) أَصْلُهُ وَسْوَسَتْ إلَيْهِ نَفْسُهُ فَهُوَ مُوَسْوَسٌ إلَيْهِ لَكِنَّهُ حَذَفَ الْجَارَّ فَاتَّصَلَ الضَّمِيرُ (قَوْلُهُ: أَوْ امْرَأَةٍ ضَعِيفَةٍ) أَيْ ضَعِيفَةِ الْعَقْلِ

(قَوْلُهُ: اكْتِفَاءً بِقَوْلِهِ) إنَّمَا لَمْ يَجْعَلْ الشَّارِحُ نُكْتَةَ حَذْفِ قَيْدِ الِارْتِعَادِ مَا أَشَارَ إلَيْهِ الْمَحَلِّيُّ مِنْ أَنَّ قَوْلَهُ بِذَلِكَ يَدُلُّ عَلَيْهِ إذْ الْمَعْنَى بِسَبَبِ الصِّيَاحِ وَإِنَّمَا يُعْلَمُ كَوْنُهُ سَبَبَهُ إذَا وُجِدَ مَا يَدُلُّ عَلَى السَّبَبِيَّةِ كَالِارْتِعَادِ؛ لِأَنَّ دَلَالَةَ مَا ذَكَرَهُ الْمَحَلِّيُّ عَلَى الِارْتِعَادِ بِطَرِيقِ الْإِشَارَةِ وَدَلَالَةَ مَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ مِنْ قَوْلِهِ اكْتِفَاءً إلَخْ بِطَرِيقِ التَّصْرِيحِ فَقَدْ حُذِفَ مِنْ الْأَوَّلِ لِلذِّكْرِ فِي الثَّانِي فَيُقَدَّرُ فِي الْأَوَّلِ نَظِيرُهُ

(قَوْلُهُ: إذْ لَوْلَا ذَلِكَ لَاحْتُمِلَ كَوْنُهُ مُوَافَقَةَ قَدَرٍ) أَيْ وَعَلَيْهِ لَوْ اخْتَلَفَا فِي الِارْتِعَادِ وَعَدَمِهِ صُدِّقَ الْجَانِي؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الِارْتِعَادِ وَبَرَاءَةُ الذِّمَّةِ كَمَا سَيَأْتِي

(قَوْلُهُ: فَمَاتَ مِنْهَا) أَيْ أَوْ زَالَ عَقْلُهُ سم عَلَى مَنْهَجٍ وَسَيَأْتِي

(قَوْلُهُ: وَحَذَفَهَا) أَيْ حَذَفَ مِنْهَا (قَوْلُهُ: لِدَلَالَةِ فَاءِ السَّبَبِيَّةِ) فِيهِ أَنَّهُ لَا دَلِيلَ هُنَا عَلَى أَنَّ هَذِهِ الْفَاءَ لِلسَّبَبِيَّةِ حَتَّى يَدُلَّ عَلَيْهَا إلَّا أَنْ يُقَالَ: تَتَبَادَرُ السَّبَبِيَّةُ فِي أَمْثَالِ هَذَا الْمَقَامِ لَا سِيَّمَا مَعَ قَوْلِهِ فَوَقَعَ بِذَلِكَ، أَوْ يُقَالُ وُقُوعُهُ جَوَابَ الشَّرْطِ الْمُحْتَاجَ إلَى تَقْدِيرِهِ دَلِيلُ كَوْنِهِ لِلسَّبَبِيَّةِ اهـ سم عَلَى حَجّ

(قَوْلُهُ: حَيْثُ بَقِيَ أَثَرُهَا) قَالَ م ر: الْمَوْتُ لَيْسَ شَرْطًا، فَلَوْ وَقَعَ فَتَلِفَ عُضْوُهُ أَوْ مَنْفَعَتُهُ ضَمِنَ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ (قَوْلُهُ: فَدِيَةٌ مُغَلَّظَةٌ) أَيْ مِنْ جِهَةِ التَّثْلِيثِ

(قَوْلُهُ: صُدِّقَ الصَّائِحُ بِيَمِينِهِ) أَيْ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ

(قَوْلُهُ: ضَمِنَتْهُ الْعَاقِلَةُ) ذَكَرَ هَذِهِ فِيمَا لَوْ صَاحَ عَلَيْهِ بِطَرَفِ سَطْحٍ يَقْتَضِي أَنَّهُ لَوْ صَاحَ عَلَيْهِ بِالْأَرْضِ أَوْ عَلَى بَالِغٍ مُتَيَقِّظٍ فَزَالَ عَقْلُهُ لَمْ يَضْمَنْ.

وَقَدْ يُقَالُ: الصِّيَاحُ وَإِنْ لَمْ يُؤَثِّرْ الْمَوْتَ لَكِنَّهُ قَدْ يُؤَثِّرُ زَوَالَ الْعَقْلِ فَإِنَّهُ كَثِيرًا مَا يَحْصُلُ مِنْهُ الْإِزْعَاجُ الْمُفْضِي إلَى زَوَالِ الْعَقْلِ (قَوْلُهُ: وَرُدَّ بِمَنْعِ ذَلِكَ) أَيْ وَالْمَانِعُ لَا يُطَالَبُ بِدَلِيلٍ؛ لِأَنَّ مَقْصُودَ الْمَانِعِ مُطَالَبَةُ الْمُسْتَدِلِّ بِصِحَّةِ دَلِيلِهِ، فَلَا يُقَالُ: لِمَ لَمْ يَذْكُرْ سَنَدَ الْمَنْعِ

(قَوْلُهُ: أَوْ صَاحَ عَلَى بَالِغٍ إلَخْ) أَيْ مُتَيَقِّظٍ

(قَوْلُهُ: فَلَا دِيَةَ فِي الْأَصَحِّ) أَيْ ثُمَّ إنْ فَعَلَ ذَلِكَ بِقَصْدِ أَذِيَّةِ غَيْرِهِ عُزِّرَ وَإِلَّا فَلَا

(قَوْلُهُ: فِي كُلٍّ مِنْهُمَا الدِّيَةُ) يُؤْخَذُ مِنْ الِاقْتِصَارِ

ــ

[حاشية الرشيدي]

(قَوْلُهُ: وَسَوَاءٌ أَكَانَ وَاقِفًا إلَخْ.) لَا يَخْفَى مَا فِي هَذَا التَّعْبِيرِ هُنَا، وَعِبَارَةُ التُّحْفَةِ: وَهُوَ وَاقِفٌ أَوْ جَالِسٌ إلَخْ. (قَوْلُهُ: وَحُذِفَ مِنْ أَصْلِهِ) قَرَّرَ سم أَنَّهُ لَمْ يَحْذِفْ مِنْ أَصْلِهِ شَيْئًا، إذْ لَا يُفْهَمُ مِنْ قَوْلِهِ فَوَقَعَ بِذَلِكَ إلَّا مَعْنَى تَسَبُّبِ الصِّيَاحِ، بَلْ ادَّعَى أَنَّ عِبَارَةَ الْمُصَنِّفِ أَصْرَحُ (قَوْلُهُ: اكْتِفَاءً إلَخْ.) فِيهِ تَوَقُّفٌ وَأَشَارَ إلَيْهِ سم (قَوْلُهُ: مِنْهُ)

<<  <  ج: ص:  >  >>