للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فِي نَوْمِهِ ضَمِنَ؛ لِأَنَّهُ سَقَطَ بِفِعْلِهِ، وَلَوْ أَتْلَفَ مَاؤُهُ شَيْئًا ضَمِنَ نِصْفَهُ إنْ كَانَ بَعْضُهُ فِي الْجِدَارِ وَالْبَاقِي خَارِجَهُ، وَلَوْ اتَّصَلَ مَاؤُهُ بِالْأَرْضِ ثُمَّ تَلِفَ بِهِ إنْسَانٌ.

قَالَ الْغَزِّيِّ: فَالْقِيَاسُ التَّضْمِينُ أَيْضًا، وَقِيَاسُ ذَلِكَ أَنَّ مَا لَيْسَ مِنْهُ خَارِجٌ لَا ضَمَانَ فِيهِ لَكِنْ أُطْلِقَ فِي الرَّوْضَةِ الضَّمَانُ بِالْمِيزَابِ، وَيُوَجَّهُ بِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ التَّفْصِيلِ فِي مَحَلِّ الْمَاءِ جَرَيَانُهُ فِي نَفْسِ الْمَاءِ لِتَمَيُّزِ دَاخِلِهِ وَخَارِجِهِ بِخِلَافِ الْمَاءِ، وَمُجَرَّدُ مُرُورِهِ بِغَيْرِ الْمَضْمُونِ لَا يَقْتَضِي سُقُوطَ ضَمَانِهِ لَا سِيَّمَا مَعَ مُرُورِهِ بَعْدُ عَلَى الْمَضْمُونِ وَهُوَ الْخَارِجُ، وَبِهَذَا الْأَخِيرِ يُفَرَّقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَا تَطَايَرَ مِنْ حَطَبٍ كَسَرَهُ فِي مِلْكِهِ، عَلَى أَنَّهُ يُمْكِنُ حَمْلُ إطْلَاقِ الرَّوْضَةِ عَلَى التَّفْصِيلِ، وَلَا يُبَرَّأُ وَاضِعُ مِيزَابٍ وَجَنَاحٍ وَبَانِي جِدَارٍ مَائِلًا لِغَيْرِ مِلْكِهِ بِزَوَالِ مِلْكِهِ.

نَعَمْ إنْ بَنَاهُ مَائِلًا لِمِلْكِ غَيْرِهِ عُدْوَانًا وَبَاعَهُ مِنْهُ وَسَلَّمَهُ لَهُ بَرِئَ كَمَا ذَكَرَهُ الزَّرْكَشِيُّ وَغَيْرُهُ، وَالْمُرَادُ بِالْوَاضِعِ وَالْبَانِي الْمَالِكُ الْآمِرُ لَا الصَّانِعُ؛ لِأَنَّهُ آلَةٌ، نَعَمْ إنْ كَانَتْ عَاقِلَتُهُ يَوْمَ التَّلَفِ غَيْرَهَا يَوْمَ الْوَضْعِ أَوْ الْبِنَاءِ اُخْتُصَّ الضَّمَانُ بِهِ (وَإِنْ) (بَنَى جِدَارَهُ مَائِلًا إلَى شَارِعٍ) أَوْ مَسْجِدًا وَمِلْكِ غَيْرَهُ بِغَيْرِ إذْنِهِ وَمِنْهُ السِّكَّةُ الَّتِي لَا تَنْفُذُ كَمَا مَرَّ (فَكَجَنَاحٍ) فَيَضْمَنُ الْكُلَّ إنْ حَصَلَ التَّلَفُ بِالْمَائِلِ وَالنِّصْفَ إنْ حَصَلَ بِالْكُلِّ.

وَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهُ لَوْ بَنَاهُ مَائِلًا مِنْ أَصْلِهِ ضَمِنَ كُلَّ التَّالِفِ مُطْلَقًا وَهُوَ وَاضِحٌ، أَوْ إلَى مِلْكِهِ أَوْ مَوَاتٍ فَلَا ضَمَانَ لِثُبُوتِ التَّصَرُّفِ لَهُ كَيْفَ شَاءَ، وَمَا تَفَقَّهَهُ الْأَذْرَعِيُّ مِنْ أَنَّهُ لَوْ كَانَ مَلَكَهُ مُسْتَحِقُّ الْمَنْفَعَةِ لِلْغَيْرِ بِنَحْوِ إجَارَةٍ ضَمِنَ؛ لِأَنَّهُ اسْتَعْمَلَ هَوَاءً مُسْتَحَقًّا لِغَيْرِهِ مَرْدُودٌ، وَلِصَاحِبِ الْمِلْكِ مُطَالَبَةُ مَنْ مَالَ جِدَارُهُ إلَى مِلْكِهِ بِنَقْضِهِ أَوْ إصْلَاحِهِ كَأَغْصَانِ شَجَرَةٍ انْتَشَرَتْ إلَى هَوَاءِ مِلْكِهِ فَلَهُ طَلَبُ إزَالَتِهَا

ــ

[حاشية الشبراملسي]

أَيْ لِعُذْرِهِ، وَقَوْلُهُ ضَمِنَ: أَيْ بِدِيَةِ الْخَطَأِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ أَتْلَفَ مَاؤُهُ شَيْئًا) أَيْ مَاءُ الْمِيزَابِ

(قَوْلُهُ: ضَمِنَ نِصْفَهُ إنْ كَانَ بَعْضُهُ فِي الْجِدَارِ إلَخْ) قَدْ يَتَوَقَّفُ فِيهِ إنْ كَانَ الْمَاءُ يَخْرُجُ مِنْ السَّطْحِ وَيَمُرُّ مِنْ الْمِيزَابِ إلَى أَنْ يَصِلَ إلَى الطَّرِيقِ فَإِنَّ جَمِيعَ الْمَاءِ يَمُرُّ عَلَى الْخَارِجِ، أَمَّا إنْ كَانَ الْمُرَادُ أَنَّ الْمَاءَ نَزَلَ بَعْضُهُ مِنْ الْمَطَرِ فِي دَاخِلِ الْمِيزَابِ وَبَعْضُهُ فِي خَارِجِهِ فَتَنْصِيفُ الضَّمَانِ ظَاهِرٌ، ثُمَّ رَأَيْت قَوْلَهُ الْآتِيَ: لَكِنْ أُطْلِقَ فِي الرَّوْضَةِ الضَّمَانُ بِالْمِيزَابِ إلَخْ، وَهُوَ صَرِيحٌ فِي التَّوَقُّفِ الْمَذْكُورِ

(قَوْلُهُ: فَالْقِيَاسُ التَّضْمِينُ أَيْضًا) مُقْتَضَاهُ أَنَّهُ يَضْمَنُ النِّصْفَ حَيْثُ جَرَى الْمَاءُ عَلَى الدَّاخِلِ وَالْخَارِجِ وَفِيهِ مَا قَدَّمْنَاهُ

(قَوْلُهُ: وَقِيَاسُ ذَلِكَ أَنَّ مَا لَيْسَ مِنْهُ) أَيْ الْمِيزَابِ الَّذِي لَيْسَ إلَخْ

(قَوْلُهُ: لَكِنْ أَطْلَقَ فِي الرَّوْضَةِ الضَّمَانَ بِالْمِيزَابِ) مُعْتَمَدٌ: أَيْ فَيَضْمَنُ التَّالِفَ بِمَائِهِ سَوَاءٌ خَرَجَ مِنْ الْمِيزَابِ عَنْ مِلْكِهِ شَيْءٌ أَمْ لَا

(قَوْلُهُ: وَبِهَذَا الْأَخِيرِ) هُوَ قَوْلُهُ لَا سِيَّمَا مَعَ إلَخْ

(قَوْلُهُ: كَسَرَهُ فِي مِلْكِهِ حَيْثُ لَا ضَمَانَ) مَعَ أَنَّ كُلًّا تَصَرَّفَ فِي مِلْكِهِ، وَقَوْلُهُ سَلَّمَهُ أَيْ عَنْ الْبَيْعِ

(قَوْلُهُ: بَرِئَ) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَتَعَرَّضْ لِلْبَرَاءَةِ مِنْهُ؛ لِأَنَّهُ بِدُخُولِهِ فِي مِلْكِهِ صَارَ يَسْتَحِقُّ إبْقَاءَهُ وَلَا يُكَلَّفُ هَدْمَهُ لِمَا فِيهِ مِنْ إزَالَةِ مِلْكِهِ عَنْ مِلْكِهِ (قَوْلُهُ: وَالْمُرَادُ بِالْوَاضِعِ وَالْبَانِي الْمَالِكُ) يَنْبَغِي أَنَّ الْمُرَادَ بِالْمَالِكِ أَعَمُّ مِنْ مَالِكِ الْعَيْنِ وَالْمَنْفَعَةِ حَيْثُ سَاغَ لَهُ إخْرَاجُ الْمِيزَابِ (قَوْلُهُ: اُخْتُصَّ الضَّمَانُ بِهِ) أَيْ الْآمِرِ.

وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا ضَمَانَ عَلَى بَيْتِ الْمَالِ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ (قَوْلُهُ: ضَمِنَ كُلَّ التَّالِفِ مُطْلَقًا) أَيْ سَوَاءٌ تَلِفَ بِكُلِّهِ أَوْ بَعْضِهِ (قَوْلُهُ: مِنْ أَنَّهُ لَوْ كَانَ مَلَكَهُ) أَيْ الَّذِي أَخْرَجَ إلَيْهِ الْمِيزَابَ مَثَلًا، وَقَوْلُهُ مَرْدُودٌ، أَيْ بِأَنَّهُ تَصَرُّفٌ فِي مِلْكِهِ وَاسْتِحْقَاقُ غَيْرِهِ عَارِضٌ لَا اعْتِبَارَ بِهِ (قَوْلُهُ: وَلِصَاحِبِ الْمِلْكِ) وَخَرَجَ بِصَاحِبِ الْمِلْكِ الْحَاكِمُ فَلَيْسَ لَهُ مُطَالَبَةُ مَنْ مَالَ جِدَارُهُ إلَى الشَّارِعِ بِنَقْضِهِ اهـ سم عَلَى حَجّ.

أَقُولُ: وَمِثْلُهُ بِالْأَوْلَى عَدَمُ مُطَالَبَةِ الْحَاكِمِ مَنْ مَالَ جِدَارُهُ إلَى مِلْكِ غَيْرِهِ (قَوْلُهُ: مَنْ مَالَ جِدَارُهُ إلَى مِلْكِهِ) ظَاهِرُهُ وَإِنْ أَمَرَهُ الْقَاضِي بِرَفْعِهِ بِأَنْ كَانَ يَرَاهُ (قَوْلُهُ: فَلَهُ طَلَبُ إزَالَتِهَا) أَيْ فَلَوْ لَمْ يَفْعَلْ فَلِصَاحِبِ الْمِلْكِ نَقْضُهُ

ــ

[حاشية الرشيدي]

ضَمَانَ الْكُلِّ بِسُقُوطِ الْبَعْضِ هُوَ الْأَصْلُ (قَوْلُهُ: وَلَوْ أُتْلِفَ مَاؤُهُ) أَيْ الْمِيزَابِ

(قَوْلُهُ: بُرِئَ) أَيْ لِأَنَّهُ إنَّمَا كَانَ يَضْمَنُ لَهُ فَقَطْ فَحَيْثُ مَلَكَ الْجِدَارَ بَرِئَ هُوَ مِنْ عُهْدَتِهِ (قَوْلُهُ: نَعَمْ إنْ كَانَتْ عَاقِلَتُهُ إلَخْ.) اُنْظُرْ مَا مَوْقِعُ هَذَا الِاسْتِدْرَاكِ (قَوْلُهُ: اخْتَصَّ الضَّمَانُ بِهِ) أَيْ بِالْبَانِي مَثَلًا

<<  <  ج: ص:  >  >>