للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَكَذَا إنْ لَمْ يَأْذَنْ وَلَا نَهَى لَكِنْ جَاوَزَ فِي اسْتِكْثَارِهِ الْعَادَةَ وَهُوَ أَقْرَبُ

(وَلَوْ) (تَعَاقَبَ سَبَبَا هَلَاكٍ فَعَلَى الْأَوَّلِ) أَيْ هُوَ أَوْ عَاقِلَتِهِ الضَّمَانُ؛ لِأَنَّهُ الْمُهْلِكُ بِنَفْسِهِ أَوْ بِوَاسِطَةِ الثَّانِي (بِأَنْ حَفَرَ) وَاحِدٌ بِئْرًا عُدْوَانًا كَمَا فِي الْمُحَرَّرِ؛ إذْ غَيْرُ الْعُدْوَانِ يُعْلَمُ بِالْأَوْلَى (وَضَعَ آخَرُ) أَهْلًا لِلضَّمَانِ قَبْلَ الْحَفْرِ أَوْ بَعْدَهُ (حَجَرًا) وَضْعًا (عُدْوَانًا) نَعْتٌ لِمَصْدَرٍ مَحْذُوفٍ كَمَا قَرَّرْنَاهُ أَوْ حَالٌ بِتَأْوِيلِهِ بِمُتَعَدِّيًا (فَعُثِرَ بِهِ) بِضَمِّ أَوَّلِهِ (وَوَقَعَ) الْعَاثِرُ (بِهَا) فَهَلَكَ (فَعَلَى الْوَاضِعِ) الَّذِي هُوَ السَّبَبُ الْأَوَّلُ؛ إذْ الْمُرَادُ بِهِ الْمُلَاقِي لِلتَّلَفِ أَوَّلًا لَا الْمَفْعُولُ أَوَّلًا؛ لِأَنَّ التَّعَثُّرَ هُوَ الَّذِي أَوْقَعَهُ فَكَأَنَّ وَاضِعَهُ أَخَذَهُ وَرَدَّاهُ فِيهَا، أَمَّا إذَا لَمْ يَكُنْ الْوَاضِعُ أَهْلًا فَسَيَأْتِي (فَإِنْ لَمْ يَتَعَدَّ الْوَاضِعُ) الْأَهْلَ بِأَنْ وَضَعَهُ بِمِلْكِهِ وَحَفَرَ آخَرَ عُدْوَانًا قَبْلَهُ أَوْ بَعْدَهُ فَعَثَرَ شَخْصٌ وَوَقَعَ بِهَا (فَالْمَنْقُولُ تَضْمِينُ الْحَافِرِ) ؛ لِأَنَّهُ الْمُتَعَدِّي، وَفَارَقَ حُصُولَ الْحَجَرِ عَلَى طَرَفِهَا بِنَحْوِ سَبُعٍ أَوْ حَرْبِيٍّ أَوْ سَيْلٍ بِأَنَّ الْوَاضِعَ هُنَا أَهْلٌ لِلضَّمَانِ فِي الْجُمْلَةِ فَإِذَا سَقَطَ عَنْهُ لِانْتِفَاءِ تَعَدِّيهِ تَعَيَّنَ شَرِيكُهُ، بِخِلَافِ السَّيْلِ وَنَحْوِهِ فَإِنَّهُ غَيْرُ أَهْلٍ لِلضَّمَانِ أَصْلًا فَسَقَطَ الضَّمَانُ بِالْكُلِّيَّةِ، وَلَا يُنَافِي كَلَامَ الْمُصَنِّفِ مَا لَوْ حَفَرَ بِئْرًا بِمِلْكِهِ وَوَضَعَ آخَرُ فِيهَا سِكِّينًا فَإِنَّهُ لَا ضَمَانَ عَلَى أَحَدٍ، أَمَّا الْمَالِكُ فَظَاهِرٌ، وَأَمَّا الْوَاضِعُ فَلِأَنَّ السُّقُوطَ فِي الْبِئْرِ هُوَ الْمُفْضِي لِلسُّقُوطِ عَلَى السِّكِّينِ فَكَانَ الْحَافِرُ كَالْمُبَاشِرِ وَالْآخَرُ كَالْمُتَسَبِّبِ فَلَا حَاجَةَ إلَى الْجَوَابِ بِحَمْلِ مَا هُنَا عَلَى تَعَدِّي الْوَاقِعِ بِمُرُورِهِ أَوْ كَانَ النَّاصِبُ غَيْرَ مُتَعَدٍّ.

نَعَمْ قَدْ تُشْكِلُ مَسْأَلَةُ السَّيْلِ وَنَحْوِهِ بِقَوْلِ الْمَاوَرْدِيِّ لَوْ بَرَزَتْ بَقْلَةٌ فِي الْأَرْضِ فَتَعَثَّرَ بِهَا مَارٌّ وَسَقَطَ عَلَى حَدِيدَةٍ مَنْصُوبَةٍ بِغَيْرِ حَقٍّ فَالضَّمَانُ عَلَى وَاضِعِ الْحَدِيدَةِ.

وَأُجِيبَ بِأَنَّ هَذَا شَاذٌّ غَيْرُ مَعْمُولٍ بِهِ أَوْ بِأَنَّ الْبَقْلَةَ لَمَّا كَانَتْ بَعِيدَةَ التَّأْثِيرِ فِي الْقَتْلِ فَزَالَ أَثَرُهَا بِخِلَافِ الْحَجَرِ، وَلَوْ كَانَ بِيَدِهِ سِكِّينٌ فَأَلْقَى رَجُلٌ رَجُلًا عَلَيْهَا فَهَلَكَ ضَمِنَهُ الْمُلْقِي لَا صَاحِبُ السِّكِّينِ إلَّا إنْ تَلَقَّاهُ بِهَا، وَلَوْ وَقَفَا عَلَى بِئْرٍ فَدَفَعَ أَحَدُهُمَا صَاحِبَهُ فَلَمَّا هَوَى جَذَبَ مَعَهُ الدَّافِعَ فَسَقَطَا فَمَاتَا، فَإِنْ جَذَبَهُ طَمَعًا فِي التَّخَلُّصِ وَكَانَتْ الْحَالُ تُوجِبُ ذَلِكَ فَهُمَا ضَامِنَانِ خِلَافًا لِلصَّيْمَرِيِّ، وَإِنْ جَذَبَهُ لَا لِذَلِكَ بَلْ لِإِتْلَافِ الْمَجْذُوبِ وَلَا طَرِيقَ لَهُ إلَّا خَلَاصُ نَفْسِهِ بِمِثْلِ ذَلِكَ فَكَذَلِكَ كَمَا لَوْ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

فِي الْيَوْمِ الثَّانِي

(قَوْلُهُ: وَلَوْ تَعَاقَبَ سَبَبَا هَلَاكٍ) لَعَلَّهُ أَرَادَ بِالسَّبَبِ مَا لَهُ مَدْخَلٌ؛ لِأَنَّ الْحَفْرَ شَرْطٌ لَا سَبَبٌ اصْطِلَاحِيٌّ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ

(قَوْلُهُ: هُوَ) أَيْ إنْ كَانَ التَّالِفُ مَالًا، وَقَوْلُهُ أَوْ عَاقِلَتِهِ: أَيْ إنْ كَانَ التَّالِفُ نَفْسًا

(قَوْلُهُ: فَعَثَرَ) هُوَ بِفَتْحِ الثَّاءِ وَضَمِّهَا وَكَسْرِهَا وَالْأَشْهَرُ الْأَوَّلُ وَمُضَارِعُهُ مِثْلُهُ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ.

وَهُوَ ضَبْطٌ لَهُ مَبْنِيًّا لِلْفَاعِلِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ

(قَوْلُهُ: وَوَضَعَ آخَرُ) أَيْ وَلَوْ تَعَدِّيًا كَمَا يَأْتِي، وَقَوْلُهُ فِيهَا سِكِّينًا: أَيْ وَتَرَدَّى بِهَا شَخْصٌ وَمَاتَ، وَقَوْلُهُ فَإِنَّهُ لَا ضَمَانَ عَلَى أَحَدٍ: أَيْ وَيَكُونُ الْوَاقِعُ هَدَرًا (قَوْلُهُ: غَيْرُ مَعْمُولٍ بِهِ) أَيْ فَلَا ضَمَانَ عَلَى وَاضِعِ الْحَدِيدَةِ وَهَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ (قَوْلُهُ إلَّا إنْ تَلَقَّاهُ) أَيْ فَإِنْ تَلَقَّاهُ فَالضَّمَانُ عَلَيْهِ فَقَطْ

(قَوْلُهُ: فَهُمَا ضَامِنَانِ) أَيْ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا نِصْفُ دِيَةِ الْآخَرِ كَالْمُصْطَدَمِينَ

(قَوْلُهُ: بَلْ لِإِتْلَافِ الْمَجْذُوبِ) أَيْ وَيُعْلَمُ ذَلِكَ بِالْقَرِينَةِ، فَإِنْ لَمْ تَكُنْ قَرِينَةٌ

ــ

[حاشية الرشيدي]

فِي إطْلَاقِهِ ضَمَانَ الْوَاضِعِ فِي الْيَوْمِ الْأَوَّلِ (قَوْلُهُ: لَكِنْ جَاوَزَ فِي إكْثَارِهِ الْعَادَةَ) أَيْ بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يُجَاوِزْ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ، وَانْظُرْ هَلْ يَضْمَنُ الْحَمَّامِيُّ حِينَئِذٍ، وَالظَّاهِرُ لَا، وَسَكَتَ عَمَّا إذَا أَذِنَهُ الْحَمَّامِيُّ فَانْظُرْ حُكْمَهُ

(قَوْلُهُ: عُدْوَانًا كَمَا فِي الْمُحَرَّرِ) عِبَارَةُ التُّحْفَةِ: عُدْوَانًا أَوْ لَا، لَكِنَّ قَوْلَهُ الْآتِيَ فَإِنْ لَمْ يَتَعَذَّرْ إلَخْ. يَدُلُّ عَلَى أَنَّ قَوْلَهُ عُدْوَانًا رَاجِعٌ لِهَذَا أَيْضًا وَهُوَ مَا فِي أَصْلِهِ، وَلَا مَحْذُورَ فِيهِ لِأَنَّ غَيْرَ الْعُدْوَانِ يُفْهَمُ بِالْأَوْلَى انْتَهَتْ (قَوْلُهُ: طَمَعًا فِي التَّخَلُّصِ وَكَانَتْ الْحَالُ تُوجِبُ ذَلِكَ) هَذَانِ قَيْدَانِ لِعَدَمِ الضَّمَانِ لَا لِلضَّمَانِ الَّذِي يُوهِمُهُ كَلَامُ الشَّارِحِ.

وَالْحَاصِلُ أَنَّ الصَّيْمَرِيَّ يَقُولُ بِعَدَمِ الضَّمَانِ بِهَذَيْنِ الْقَيْدَيْنِ وَالشَّارِحُ يَخْتَارُ الضَّمَانَ وَلَوْ مَعَ الْقَيْدَيْنِ، فَكَانَ يَنْبَغِي أَنْ يَأْخُذَهُمَا غَايَةً بَعْدَ قَوْلِهِ فَهُمَا ضَامِنَانِ

<<  <  ج: ص:  >  >>