للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مِنْ أَرْشِ الْجُرْحِ وَالدِّيَةِ عَلَى عَاقِلَتِهِ الْمُسْلِمِينَ وَالْبَاقِي فِي مَالِهِ، وَإِنْ تَخَلَّلَتْ الرِّدَّةُ مِنْ الْجَارِحِ بَيْنَ إسْلَامِهِ وَقَبْلَ مَوْتِ الْجَرِيحِ فَعَلَى عَاقِلَتِهِ أَرْشُ الْجُرْحِ، وَالزَّائِدُ عَلَيْهِ فِي مَالِهِ كَمَا جَرَى عَلَيْهِ الْقُونَوِيُّ وَغَيْرُهُ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ (إلَّا الْأَصْلَ) لِلْجَانِي وَإِنْ عَلَا (وَالْفَرْعَ) لَهُ وَإِنْ سَفَلَ؛ لِأَنَّهُمْ أَبْعَاضُهُ فَأُعْطُوا حُكْمَهُ.

وَصَحَّ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَرَّأَ زَوْجَ الْقَاتِلَةِ وَوَلَدَهَا وَأَنَّهُ بَرَّأَ الْوَالِدَ» (وَقِيلَ يَعْقِلُ ابْنٌ هُوَ ابْنُ ابْنِ عَمِّهَا) أَوْ مُعْتِقِهَا كَمَا يَلِي نِكَاحَهَا، وَرُدَّ بِأَنَّ الْبُنُوَّةَ مَانِعَةٌ هُنَا لِمَا تَقَرَّرَ أَنَّهُ بَعْضُهُ وَالْمَانِعُ لَا أَثَرَ لِوُجُودِ الْمُقْتَضِي مَعَهُ وَثَمَّ غَيْرُ مُقْتَضِيَةٍ فَإِذَا وُجِدَ مُقْتَضٍ آخَرُ أَثَّرَ (وَيُقَدَّمُ الْأَقْرَبُ) مِنْهُمْ عَلَى الْأَبْعَدِ فِي التَّحَمُّلِ كَالْإِرْثِ وَوِلَايَةِ النِّكَاحِ فَيُنْظَرُ فِي الْأَقْرَبِينَ آخِرَ الْحَوْلِ (فَإِنْ) وَفَّوْا بِهِ لِقِلَّتِهِ أَوْ لِكَثْرَتِهِ فَذَاكَ، وَإِنْ (بَقِيَ) مِنْهُ (شَيْءٌ فَمَنْ يَلِيهِ) أَيْ الْأَقْرَبُ يُوَزَّعُ عَلَيْهِ ذَلِكَ الْبَاقِي، وَيُقَدَّمُ الْإِخْوَةُ فَفُرُوعُهُمْ فَالْأَعْمَامُ فَفُرُوعُهُمْ فَأَعْمَامُ الْجَدِّ فَفُرُوعُهُمْ وَهَكَذَا كَالْإِرْثِ (وَمُدْلٍ بِأَبَوَيْنِ) عَلَى مُدْلٍ بِأَبٍ (فِي الْجَدِيدِ) كَالْإِرْثِ، وَالْقَدِيمُ التَّسْوِيَةُ؛ لِأَنَّ الْأُنُوثَةَ لَا دَخْلَ لَهَا فِي التَّحَمُّلِ، وَرُدَّ بِمَنْعِ ذَلِكَ بِدَلِيلِ أَنَّهَا مُرَجَّحَةٌ فِي وِلَايَةِ النِّكَاحِ مَعَ أَنَّهَا لَا دَخْلَ لَهَا فِيهِ وَلَا يَتَحَمَّلُ ذَوُو الْأَرْحَامِ إلَّا إذَا وَرَّثْنَاهُمْ فَيَحْمِلُ ذَكَرٌ مِنْهُمْ لَمْ يُدْلِ بِأَصْلٍ وَلَا فَرْعٍ عِنْدَ عَدَمِ الْعَصَبَةِ أَوْ عَدَمِ وَفَائِهِمْ بِالْوَاجِبِ، وَيُقَدَّمُ الْأَخُ لِلْأُمِّ عَلَيْهِمْ؛ لِأَنَّ إرْثَهُ مُجْمَعٌ عَلَيْهِ (ثُمَّ) بَعْدَ عَصَبَةِ النَّسَبِ لِفَقْدِهِمْ أَوْ عَدَمِ تَحَمُّلِهِمْ لِكَوْنِهِمْ إنَاثًا مَثَلًا أَوْ عَدَمِ وَفَائِهِمْ (مُعْتِقٌ) لِلْجَانِي (ثُمَّ عَصَبَتُهُ) مِنْ النَّسَبِ، فَعُلِمَ أَنَّهُ يُضْرَبُ عَلَى عَصَبَتِهِ فِي حَيَاتِهِ وَلَا يَخْتَصُّ بِأَقْرَبِهِمْ بَعْدَ مَوْتِهِ وَإِنْ نَقَلَ الْإِمَامُ أَنَّ الْأَئِمَّةَ قَيَّدُوا الضَّرْبَ عَلَى عَصَبَاتِهِ بِمَوْتِهِ وَقَالَ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

(قَوْلُهُ: وَالدِّيَةُ عَلَى عَاقِلَتِهِ) أَيْ الْجَارِحِ

(قَوْلُهُ: وَإِنْ تَخَلَّلَتْ الرِّدَّةُ مِنْ الْجَارِحِ) يَعْنِي بِأَنْ جَنَى وَهُوَ مُسْلِمٌ ثُمَّ ارْتَدَّ ثُمَّ أَسْلَمَ قَبْلَ مَوْتِ الْجَرِيحِ فَعَلَى عَاقِلَتِهِ إلَخْ

(قَوْلُهُ: وَالزَّائِدُ عَلَيْهِ) أَيْ لِحُصُولِ بَعْضِ السِّرَايَةِ فِي حَالَةِ الرِّدَّةِ فَيَصِيرُ شُبْهَةً دَارِئَةً لِلتَّحَمُّلِ، وَمُقَابِلُ الْمُعْتَمَدِ أَنَّ عَلَى عَاقِلَتِهِ جَمِيعَ الدِّيَةِ اعْتِبَارًا بِالطَّرَفَيْنِ اهـ سم عَلَى حَجّ.

وَكَتَبَ أَيْضًا حَفِظَهُ اللَّهُ: قَوْلُهُ وَالزَّائِدُ عَلَيْهِ يُفِيدُ أَنَّ الْأَرْشَ أَقَلُّ مِنْ الدِّيَةِ وَإِلَّا لَمْ يَكُنْ ثَمَّ زَائِدٌ وَحِينَئِذٍ فَهَذِهِ مُسَاوِيَةٌ لِمَا قَبْلَهَا فِي وُجُوبِ الْأَقَلِّ

(قَوْلُهُ: فَأُعْطُوا حُكْمَهُ) فِي أَنَّهُ لَا دِيَةَ عَلَيْهِ، كَمَا أَنَّ الْجَانِيَ كَذَلِكَ، وَإِنَّمَا لَمْ يَتَحَمَّلُوا حَيْثُ تَعَذَّرَ بَيْتُ الْمَالِ وَلَا عَاقِلَةَ لِلْجَانِي مَعَ تَنْزِيلِهِمْ مَنْزِلَتَهُمْ وَإِعْطَائِهِمْ حُكْمَهُ لِمَا يَأْتِي لَهُ بَعْدُ مِنْ قَوْلِهِ وَلَا يُحْمَلُ أَصْلُهُ وَلَا فَرْعُهُ؛ لِأَنَّهُ الْأَصْلُ فِي الْإِيجَابِ (قَوْلُهُ: فَالْأَعْمَامُ) أَيْ لِلْجَانِي كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ

(قَوْلُهُ: فَأَعْمَامُ الْجَدِّ) الْأَوْلَى فَأَعْمَامُ الْأَبِ فَفُرُوعُهُمْ فَأَعْمَامُ الْجَدِّ إلَخْ لِتَقَدُّمِ أَعْمَامِ الْأَبِ عَلَى أَعْمَامِ الْجَدِّ

(قَوْلُهُ: وَلَا يَتَحَمَّلُ ذَوُو الْأَرْحَامِ إلَّا إذَا وَرَّثْنَاهُمْ) أَيْ بِأَنْ لَمْ يَنْتَظِمْ أَمْرُ بَيْتِ الْمَالِ كَمَا مَرَّ فِي الْفَرَائِضِ فَلَيْسَ الْمُرَادُ إنْ قُلْنَا بِإِرْثِهِمْ

(قَوْلُهُ: ثُمَّ عَصَبَتُهُ) أَيْ ثُمَّ إنْ لَمْ يَكُنْ مُعْتَقٌ أَوْ لَمْ يَفِ مَا عَلَيْهِ

ــ

[حاشية الرشيدي]

لَا عَاقِلَةَ لَهُ وَلَا مَالَ، فَالْوَجْهُ جَعْلُ الْمَسْأَلَةِ مُنْفَصِلَةً عَنْ الْأُولَى، وَتَصْوِيرُهَا بِمَا إذَا كَانَ الْحَافِرُ مُتَوَلِّدًا بَيْنَ عَتِيقَةٍ وَرَقِيقٍ ثُمَّ عَتَقَ ثُمَّ حَصَلَ الْهَلَاكُ كَمَا صَنَعَ فِي الرَّوْضَةِ اهـ مُلَخَّصًا (قَوْلُهُ: وَالْبَاقِي فِي مَالِهِ) أَيْ الْبَاقِي مِنْ الدِّيَةِ فِيمَا إذَا كَانَتْ أَكْثَرَ.

أَمَّا الْبَاقِي مِنْ أَرْشِ الْجِرَاحَةِ فِيمَا لَوْ كَانَ أَكْثَرَ فَإِنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ، وَعِبَارَةُ الرَّوْضَةِ، وَالْبَاقِي إلَى تَمَامِ الدِّيَةِ فِي مَالِ الْجَانِي (قَوْلُهُ: فَعَلَى عَاقِلَتِهِ أَرْشُ الْجُرْحِ إلَخْ.) لَمْ يُعْتَبَرْ فِي هَذِهِ الْأَقَلُّ كَاَلَّتِي قَبْلَهَا، لَكِنْ يُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِهِ وَالزَّائِدُ إلَخْ. أَنَّ صُورَةَ الْمَسْأَلَةِ أَنَّ الْأَرْشَ أَقَلُّ مِنْ الدِّيَةِ، وَعِبَارَةُ الْعُبَابِ صَرِيحَةٌ فِي مُسَاوَاةِ هَذِهِ لِمَا قَبْلَهَا (قَوْلُهُ: وَرُدَّ بِمَنْعِ ذَلِكَ) الْمَفْهُومُ مِنْ الْعِبَارَةِ أَنَّ الْمُشَارَ إلَيْهِ أَنَّ الْأُنُوثَةَ لَا دَخْلَ لَهَا، وَيُنَافِيهِ قَوْلُهُ: بِدَلِيلِ أَنَّهَا مُرَجَّحَةٌ إذْ صَرِيحُهُ أَنَّ لَهَا دَخْلًا فَكَانَ الْأَظْهَرُ أَنْ يَقُولَ: وَرُدَّ بِأَنَّ ذَلِكَ لَا يَمْنَعُ أَنَّهَا مُرَجَّحَةٌ بِدَلِيلِ إلَخْ. وَقَدْ سَبَقَ سم إلَى نَظَرِ ذَلِكَ فِي عِبَارَةِ التُّحْفَةِ (قَوْلُهُ: إلَّا إذَا وَرَّثْنَاهُمْ) وَظَاهِرٌ أَنَّ رُتْبَتَهُمْ حَيْثُ يَرِثُونَ وَسَيَأْتِي مَا يَدُلُّ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: لَمْ يُدْلِ بِأَصْلٍ وَلَا فَرْعٍ) يَخْرُجُ نَحْوُ الْخَالِ فَإِنَّهُ مُدْلٍ بِأَصْلٍ، وَعِبَارَةُ شَرْحِ الرَّوْضِ: وَظَاهِرٌ أَنَّ مَحَلَّهُ إذَا كَانَ ذَكَرًا غَيْرَ أَصْلٍ وَلَا فَرْعٍ انْتَهَتْ (قَوْلُهُ: عِنْدَ عَدَمِ الْعَصَبَةِ) أَيْ مِنْ النَّسَبِ وَالْوَلَاءِ (قَوْلُهُ: لِكَوْنِهِمْ إنَاثًا) الْوَجْهُ لِكَوْنِهِمْ مَجَانِينَ

<<  <  ج: ص:  >  >>