للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مُضِيِّ أَجَلِ كُلِّ سَنَةٍ (وَمُسْلِمٌ عَنْ كَافِرٍ وَعَكْسُهُ) إذْ لَا مُنَاصَرَةَ كَالْإِرْثِ

(وَيَعْقِلُ) ذِمِّيٌّ (يَهُودِيٌّ) أَوْ مُعَاهَدٌ أَوْ مُؤَمَّنٌ زَادَتْ مُدَّةُ عَهْدِهِ عَلَى أَجَلِ الدِّيَةِ وَلَمْ يَنْقَطِعْ قَبْلَ مُضِيِّ الْأَجَلِ نَعَمْ يَكْفِي فِي تَحَمُّلِ كُلِّ حَوْلٍ عَلَى انْفِرَادِهِ زِيَادَةُ مُدَّةِ الْعَهْدِ عَلَيْهِ (عَنْ) ذِمِّيٍّ (نَصْرَانِيٍّ) أَوْ مُعَاهَدٍ أَوْ مُؤَمَّنٍ (وَعَكْسُهُ فِي الْأَظْهَرِ) كَالْإِرْثِ، وَمِنْ ثَمَّ اخْتَصَّ ذَلِكَ كَمَا قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ بِمَا إذَا كَانُوا فِي دَارِنَا؛ لِأَنَّهُمْ حِينَئِذٍ تَحْتَ حُكْمِنَا، أَمَّا الْحَرْبِيُّ فَلَا يَعْقِلُ عَنْ نَحْوِ ذِمِّيٍّ وَعَكْسِهِ لِانْقِطَاعِ النُّصْرَةِ بَيْنَهُمَا لِاخْتِلَافِ الدَّارِ، وَلِأَنَّ التَّغْرِيمَ تَضْمِينٌ وَالْحَرْبِيُّ لَا يَضْمَنُ مَا يُتْلِفُهُ بِنَفْسِهِ، فَلَأَنْ لَا يَضْمَنَ مَا يُتْلِفُهُ قَرِيبُهُ بِالْأَوْلَى.

وَالثَّانِي نَظَرٌ إلَى انْقِطَاعِ الْمُوَالَاةِ بَيْنَهُمَا (وَعَلَى الْغَنِيِّ) مِنْ الْعَاقِلَةِ (نِصْفُ دِينَارٍ) أَيْ مِثْقَالُ ذَهَبٍ خَالِصٍ؛ لِأَنَّهُ أَقَلُّ مَا وَجَبَ فِي الزَّكَاةِ وَمَرَّ أَنَّ التَّحَمُّلَ مُوَاسَاةٌ مِثْلُهَا (وَالْمُتَوَسِّطُ رُبْعٌ) مِنْهُ؛ لِأَنَّهُ وَاسِطَةٌ بَيْنَ الْفَقِيرِ الَّذِي لَا شَيْءَ عَلَيْهِ، وَالْغَنِيِّ الَّذِي عَلَيْهِ نِصْفٌ فَإِلْحَاقُهُ بِأَحَدِهِمَا تَفْرِيطٌ أَوْ إفْرَاطٌ، وَالنَّاقِصُ عَنْ الرُّبْعِ تَافِهٌ؛ وَلِذَا لَمْ يُقْطَعْ بِهِ سَارِقٌ، وَلَا يَتَعَيَّنُ الذَّهَبُ وَلَا الدَّرَاهِمُ بَلْ يَكْفِي مِقْدَارُ أَحَدِهِمَا إذْ الْوَاجِبُ الْإِبِلُ حَيْثُ وُجِدَتْ حَالَةَ الْأَدَاءِ الْوَاجِبِ كُلَّ نَجْمٍ، وَلَا يُعْتَبَرُ بَعْضُ النُّجُومِ بِبَعْضٍ وَمَا يُوجَدُ يُصْرَفُ إلَيْهَا، وَلَوْ زَادَ عَدَدُهُمْ وَقَدْ اسْتَوَوْا فِي الْقُرْبِ عَلَى قَدْرِ وَاجِبِ سَنَةٍ قُسِّطَ عَلَيْهِمْ وَنَقَصَ كُلٌّ مِنْهُمْ مِنْ النِّصْفِ أَوْ الرُّبْعِ، وَضَابِطُ الْغَنِيِّ هُنَا كَمَا فِي الزَّكَاةِ مَا جَزَمَ بِهِ فِي الْحَاوِي الصَّغِيرِ وَجَرَى عَلَيْهِ الشَّيْخُ فِي مَنْهَجِهِ وَهُوَ مَنْ مَلَكَ آخِرَ السَّنَةِ فَاضِلًا عَنْ حَاجَتِهِ عِشْرِينَ دِينَارًا، وَالْمُتَوَسِّطُ مَنْ مَلَكَ آخِرَهَا فَاضِلًا عَنْ حَاجَتِهِ دُونَ الْعِشْرِينَ وَفَوْقَ رُبْعِ دِينَارٍ (كُلَّ سَنَةٍ مِنْ الثَّلَاثِ) ؛ لِأَنَّهَا مُوَاسَاةٌ تَتَعَلَّقُ بِالْحَوْلِ فَتَكَرَّرَتْ بِتَكَرُّرِهِ وَلَمْ يَتَجَاوَزْ الثَّلَاثَ لِلنَّصِّ كَمَا مَرَّ، فَجَمِيعُ مَا عَلَى كُلِّ غَنِيٍّ فِي الثَّلَاثِ دِينَارٌ وَنِصْفٌ وَمَا عَلَى الْمُتَوَسِّطِ نِصْفٌ وَرُبْعٌ (وَقِيلَ هُوَ) أَيْ النِّصْفُ وَالرُّبْعُ (وَاجِبُ الثَّلَاثِ) فَيُؤَدِّي الْغَنِيُّ آخِرَ كُلِّ سَنَةٍ سُدُسًا وَالْمُتَوَسِّطُ نِصْفَ سُدُسٍ (وَيُعْتَبَرَانِ) أَيْ الْغِنَى وَالتَّوَسُّطُ (آخِرَ الْحَوْلِ) كَالزَّكَاةِ، فَالْمُعْسِرُ آخِرَهُ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

(قَوْلُهُ: زَادَتْ مُدَّةُ عَهْدِهِ) خَرَجَ بِهِ مَا لَوْ سَاوَتْ فَلَا

(قَوْلُهُ: وَلَمْ يَنْقَطِعْ) أَيْ أَمَانُهُ

(قَوْلُهُ: وَعَكْسُهُ فِي الْأَظْهَرِ) وَصُورَتُهُ أَنَّهُ يَتَزَوَّجُ نَصْرَانِيٌّ بِيَهُودِيَّةٍ أَوْ عَكْسُهُ وَيَحْصُلُ بَيْنَهُمَا أَوْلَادٌ فَيَخْتَارُ بَعْضُهُمْ بَعْدَ بُلُوغِهِ الْيَهُودِيَّةَ، وَالْآخَرُ النَّصْرَانِيَّةَ (قَوْلُهُ: وَمِنْ ثَمَّ اُخْتُصَّ ذَلِكَ) أَيْ تَحَمُّلُ الذِّمِّيِّ وَنَحْوِهِ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: بِاخْتِلَافِ الدَّارِ) كَأَنَّهُ؛ لِأَنَّ الْفَرْضَ أَنَّ الذِّمِّيَّ فِي دَارِنَا دُونَ الْحَرْبِيِّ؛ إذْ لَوْ كَانَ الذِّمِّيُّ فِي دَارِ الْحَرْبِ أَيْضًا لَمْ يَعْقِلْ أَحَدُهُمَا عَنْ الْآخَرِ بِالْأَوْلَى مِمَّا لَوْ كَانَ الذِّمِّيَّانِ بِدَارِ الْحَرْبِ فَإِنَّهُ لَا يَعْقِلُ أَحَدُهُمَا عَنْ الْآخَرِ سم عَلَى حَجّ.

وَكُتِبَ أَيْضًا فِيهِ أَنَّهُ قَدْ تَتَّحِدُ الدَّارُ بِأَنْ يُعْقَدَ لِقَوْمٍ فِي دَارِ الْحَرْبِ مَعَ أَنَّ الْحُكْمَ كَذَلِكَ كَمَا يُؤْخَذُ بِالْأَوْلَى مِمَّا لَوْ كَانَ الذِّمِّيَّانِ فِي دَارِ الْحَرْبِ فَإِنَّهُ لَا يَعْقِلُ أَحَدُهُمَا عَنْ الْآخَرِ كَمَا صُرِّحَ بِهِ فِي قَوْلِهِ وَمِنْ ثَمَّ اخْتَصَّ إلَخْ، فَكَانَ قَوْلُهُ بِاخْتِلَافِ الدَّارِ جَرْيٌ عَلَى الْغَالِبِ

(قَوْلُهُ: نِصْفُ دِينَارٍ) وَالدِّينَارُ يُسَاوِي الْآنَ بِالْفِضَّةِ الْمُتَعَامَلِ بِهَا نَحْوَ سَبْعِينَ نِصْفًا فِضَّةً أَوْ أَكْثَرَ وَمَتَى زَادَ سِعْرُهُ أَوْ نَقَصَ اُعْتُدَّ حَالُهُ وَقْتَ الْأَخْذِ مِنْهُ وَإِنْ صَارَ يُسَاوِي مِائَتَيْ نِصْفٍ فَأَكْثَرَ

(قَوْلُهُ: فَإِلْحَاقُهُ بِأَحَدِهِمَا تَفْرِيطٌ) أَيْ تَسَاهُلٌ (قَوْلُهُ: أَوْ إفْرَاطٌ) أَيْ مُجَاوِزٌ فِي الْحَدِّ (قَوْلُهُ عَلَى قَدْرِ وَاجِبِ سَنَةٍ) مُتَعَلِّقٌ بِزَادَ

(قَوْلُهُ: فَاضِلًا عَنْ حَاجَتِهِ) صَرِيحٌ فِي أَنَّهُ لَا بُدَّ فِي الْغَنِيِّ أَنْ يَكُونَ مَالِكًا زِيَادَةً عَلَى كِفَايَتِهِ الْعُمْرَ الْغَالِبَ

ــ

[حاشية الرشيدي]

(قَوْلُهُ: أَوْ مُعَاهَدٍ) مَعْطُوفٌ عَلَى ذِمِّيٍّ وَكَانَ يَنْبَغِي تَأْخِيرُ ذِمِّيٍّ عَنْ يَهُودِيٍّ لِيَظْهَرَ الْعَطْفُ

(قَوْلُهُ: الْوَاجِبُ كُلُّ نَجْمٍ) مُتَعَلِّقٌ بِالْأَدَاءِ، وَيُوجَدُ فِي النُّسَخِ الْوَاجِبُ بِزِيَادَةِ أَلِفٍ قَبْلَ اللَّامِ وَهُوَ غَيْرُ سَدِيدٍ (قَوْلُهُ: مَا جَزَمَ بِهِ فِي الْحَاوِي) كَانَ الْأَوْلَى كَمَا جَزَمَ بِهِ فِي الْحَاوِي (قَوْلُهُ: وَهُوَ مَنْ مَلَكَ آخِرَ السَّنَةِ فَاضِلًا إلَخْ.) فَالتَّشْبِيهُ بِالزَّكَاةِ إنَّمَا هُوَ فِي مُطْلَقِ الْفَضْلِ، وَإِلَّا فَالزَّكَاةُ لَا يُعْتَبَرُ فِي غَنِيِّهَا فَضْلُ عِشْرِينَ دِينَارًا وَالْمُرَادُ بِالْكِفَايَةِ الْكِفَايَةُ لِلْعُمْرِ الْغَالِبِ كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ التَّشْبِيهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>