وَبِسَائِرِ أَمْوَالِ السَّيِّدِ كَمَا نَبَّهَ عَلَيْهِ الْبُلْقِينِيُّ، وَمَعْلُومٌ مِمَّا مَرَّ أَنَّ جِنَايَةَ غَيْرِ الْمُمَيِّزِ بِأَمْرِ سَيِّدِهِ أَوْ غَيْرِهِ عَلَى الْآمِرِ فَيَفْدِيهِ بِأَرْشِ الْجِنَايَةِ بَالِغًا مَا بَلَغَ، وَالْمُبَعَّضُ يَجِبُ عَلَيْهِ مِنْ وَاجِبِ جِنَايَتِهِ بِنِسْبَةِ حُرِّيَّتِهِ، وَمَا فِيهِ مِنْ الرِّقِّ يَتَعَلَّقُ بِهِ بَاقِي الْجِنَايَةِ، وَيَفْدِيهِ السَّيِّدُ بِأَقَلِّ الْأَمْرَيْنِ مِنْ حِصَّتَيْ وَاجِبِهَا وَالْقِيمَةِ كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي
(وَلِسَيِّدِهِ) بِنَفْسِهِ أَوْ نَائِبِهِ (بَيْعُهُ) أَوْ بَيْعُ مَا يَمْلِكُهُ مِنْهُ (لَهَا) أَيْ لِأَجْلِهَا بِإِذْنِ الْمُسْتَحِقِّ أَوْ تَسْلِيمِهِ لِيُبَاعَ فِيهَا (وَفِدَاؤُهُ) كَالْمَرْهُونِ، وَيُقْتَصَرُ فِي الْبَيْعِ عَلَى قَدْرِ الْحَاجَةِ مَا لَمْ يَخْتَرْ السَّيِّدُ بَيْعَ الْجَمِيعِ أَوْ يَتَعَذَّرْ وُجُودُ رَاغِبٍ فِي الْبَعْضِ وَإِذَا اخْتَارَ فِدَاءَهُ لَمْ يَلْزَمْهُ إلَّا (بِالْأَقَلِّ مِنْ قِيمَتِهِ) يَوْمَ الْجِنَايَةِ (وَأَرْشِهَا) ؛ لِأَنَّ الْأَقَلَّ إنْ كَانَ الْقِيمَةَ فَلَيْسَ عَلَيْهِ غَيْرُ تَسْلِيمِ الرَّقَبَةِ وَهِيَ بَدَلُهَا أَوْ الْأَرْشِ فَهُوَ الْوَاجِبُ وَإِنَّمَا اُعْتُبِرَتْ قِيمَتُهُ يَوْمَ الْجِنَايَةِ كَمَا حُكِيَ عَنْ النَّصِّ، وَجَزَمَ بِهِ ابْنُ الْمُقْرِي فِي رَوْضِهِ لِتَوَجُّهِ طَلَبِ الْفِدَاءِ فِيهِ؛ لِأَنَّهُ يَوْمَ تَعَلُّقِهَا، وَاعْتَبَرَ الْقَفَّالُ يَوْمَ الْفِدَاءِ؛ لِأَنَّ النَّقْصَ قَبْلَهُ لَا يَلْزَمُ السَّيِّدَ بِدَلِيلِ مَا لَوْ مَاتَ الْعَبْدُ قَبْلَ اخْتِيَارِ الْفِدَاءِ، وَحُمِلَ النَّصُّ عَلَى مَنْعِ بَيْعِهِ حَالَ الْجِنَايَةِ ثُمَّ نَقَصَتْ الْقِيمَةُ، وَجَرَى عَلَى ذَلِكَ ابْنُ الْمُقْرِي فِي شَرْحِ إرْشَادِهِ وَقَالَ الزَّرْكَشِيُّ إنَّهُ مُتَّجَهٌ، وَاعْتَمَدَهُ الشَّيْخُ أَيْضًا، نَعَمْ إنْ مُنِعَ مِنْ بَيْعِهِ ثُمَّ نَقَصَتْ قِيمَتُهُ عَنْ وَقْتِ الْجِنَايَةِ اُعْتُبِرَتْ قِيمَتُهُ وَقْتَهَا (وَفِي الْقَدِيمِ بِأَرْشِهَا) بَالِغًا مَا بَلَغَ
(وَلَا يَتَعَلَّقُ) مَالُ الْجِنَايَةِ الثَّابِتَةِ بِبَيِّنَةٍ أَوْ إقْرَارِ السَّيِّدِ وَلَا مَانِعَ (بِذِمَّتِهِ) وَلَا بِكَسْبِهِ وَحْدَهُمَا وَلَا (مَعَ رَقَبَتِهِ فِي الْأَظْهَرِ) وَإِنْ أَذِنَ لَهُ سَيِّدُهُ فِي الْجِنَايَةِ فَمَا بَقِيَ عَنْ الرَّقَبَةِ يَضِيعُ عَلَى الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ تَعَلَّقَ بِالذِّمَّةِ لَمَا تَعَلَّقَ بِالرَّقَبَةِ كَدُيُونِ الْمُعَامَلَاتِ.
أَمَّا لَوْ أَقَرَّ بِهَا السَّيِّدُ وَثَمَّ مَانِعٌ كَرَهْنٍ فَأَنْكَرَ الْمُرْتَهِنُ، وَحَلَفَ بِيعَ فِي الدَّيْنِ، وَلَا شَيْءَ عَلَى السَّيِّدِ، وَلَا يُرَدُّ عَلَى الْمُصَنِّفِ مَا لَوْ أَقَرَّ السَّيِّدُ بِأَنَّ الَّذِي جَنَى عَلَيْهِ قِنُّهُ قِيمَتُهُ أَلْفٌ وَقَالَ الْقِنُّ: أَلْفَيْنٍ فَإِنَّهُ وَإِنْ تَعَلَّقَ أَلْفٌ بِالرَّقَبَةِ، وَأَلْفٌ بِالذِّمَّةِ كَمَا فِي الْأُمِّ لَكِنْ اخْتَلَفَتْ جِهَةُ التَّعَلُّقِ
(وَلَوْ فَدَاهُ ثُمَّ جَنَى سَلَّمَهُ لِلْبَيْعِ) أَيْ لِيُبَاعَ أَوْ بَاعَهُ كَمَا مَرَّ (أَوْ فَدَاهُ) مَرَّةً أُخْرَى وَإِنْ تَكَرَّرَ ذَلِكَ مِرَارًا؛ لِأَنَّهُ الْآنَ لَمْ يَتَعَلَّقْ بِهِ غَيْرُ هَذِهِ الْجِنَايَةِ (وَلَوْ جَنَى ثَانِيًا قَبْلَ الْفِدَاءِ بَاعَهُ) أَوْ سَلَّمَهُ لِيُبَاعَ (فِيهِمَا) وَوَزَّعَ الثَّمَنَ عَلَى أَرْشِ الْجِنَايَتَيْنِ (أَوْ فَدَاهُ بِالْأَقَلِّ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
الْوَدِيعَةِ مُقَصِّرٌ بِوَضْعِهَا عِنْدَهُ بِخِلَافِ صَاحِبِ اللُّقَطَةِ تَأَمَّلْ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ
(قَوْلُهُ: وَبِسَائِرِ أَمْوَالِ السَّيِّدِ) اُنْظُرْ هَلْ يَتَعَلَّقُ بِذِمَّةِ السَّيِّدِ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ.
أَقُولُ: الظَّاهِرُ نَعَمْ، بَلْ لَعَلَّ الْمُرَادَ أَنَّ الْمَالَ إنَّمَا يَتَعَلَّقُ بِذِمَّةِ السَّيِّدِ، وَقَوْلُهُمْ: وَبِسَائِرِ أَمْوَالِ السَّيِّدِ الْمُرَادُ مِنْهُ مَا ذَكَرْنَاهُ، وَكَتَبَ أَيْضًا حَفِظَهُ اللَّهُ تَعَالَى: أَيْ أَنَّهُ يَلْزَمُ بِالْإِعْطَاءِ مِنْهَا مَثَلًا لَا أَنَّهُ يَتَعَلَّقُ بِهَا كَالتَّعَلُّقِ بِمَالِ الْمُفْلِسِ
(قَوْلُهُ: وَلِسَيِّدِهِ بَيْعُهُ) ع: فِي تَعْلِيقِ الْقَاضِي أَنَّ الَّذِي ذَكَرَهُ مَنْصُورٌ الْفَقِيهُ أَنَّهُ يُبَاعُ مِنْهُ فِي كُلِّ سَنَةٍ بِقَدْرِ ثُلُثِ الْجِنَايَةِ فِي الْخَطَأِ وَتَكُونُ الدِّيَةُ فِيهِ مُؤَجَّلَةً فِي ثَلَاثِ سِنِينَ فِي رَقَبَتِهِ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ.
وَالظَّاهِرُ مِنْ إطْلَاقِ الْمُصَنِّفِ خِلَافُهُ وَأَنَّهُ يُبَاعُ حَالًّا، وَيُؤَيِّدُهُ أَنَّهُمْ لَمْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ الْعَمْدِ وَغَيْرِهِ.
عَلَى أَنَّهُ قَدْ يُقَالُ فِي ذَلِكَ تَفْوِيتٌ لِبَعْضِ قِيمَتِهِ
(قَوْلُهُ: وَيَقْتَصِرُ) أَيْ الْبَائِعُ (قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا اُعْتُبِرَتْ قِيمَتُهُ إلَخْ) مُعْتَمَدٌ
(قَوْلُهُ: وَقَالَ الزَّرْكَشِيُّ إنَّهُ) أَيْ الْحَمْلَ
(قَوْلُهُ: نَعَمْ إنْ مُنِعَ مِنْ بَيْعِهِ) يُتَأَمَّلُ مَوْقِعُ هَذَا الِاسْتِدْرَاكِ فَإِنَّهُ إنْ كَانَ عَلَى قَوْلِهِ أَوَّلًا يَوْمَ الْجِنَايَةِ لَمْ يَظْهَرْ، وَإِنْ كَانَ عَلَى قَوْلِهِ يَوْمَ الْفِدَاءِ فَهُوَ عَيْنُ الْحَمْلِ السَّابِقِ
(قَوْلُهُ: وَلَا يَتَعَلَّقُ مَالُ الْجِنَايَةِ) مُسْتَأْنَفٌ
(قَوْلُهُ: أَمَّا لَوْ أَقَرَّ بِهَا) أَيْ الْجِنَايَةِ مُحْتَرَزُ قَوْلِهِ: وَلَا مَانِعَ
(قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ وَإِنْ تَعَلَّقَ إلَخْ) الْفَاءُ بِمَعْنَى اللَّامِ
(قَوْلُهُ: وَأَلْفٌ بِالذِّمَّةِ) مُعْتَمَدٌ
(قَوْلُهُ: لَكِنْ اخْتَلَفَتْ جِهَةُ التَّعَلُّقِ) أَيْ فَأَلْفُ السَّيِّدِ لِتَصْدِيقِهِ عَلَى تَعَلُّقِهَا بِالرَّقَبَةِ وَأَلْفُ الْعَبْدِ لِإِنْكَارِ السَّيِّدِ لَهَا وَاعْتِرَافِ الْقِنِّ بِهَا
(قَوْلُهُ: وَلَوْ جَنَى ثَانِيًا قَبْلَ الْفِدَاءِ) .
ــ
[حاشية الرشيدي]
قَوْلُهُ: وَمَعْلُومٌ مِمَّا مَرَّ إلَخْ.) حَقُّ الْعِبَارَةِ: وَمَرَّ أَنَّ جِنَايَةَ الرَّقِيقِ إلَخْ. (قَوْلُهُ: فَيَفْدِيهِ بِأَرْشِ الْجِنَايَةِ) صَوَابُهُ: فَيَلْزَمُهُ أَرْشُ الْجِنَايَةِ إلَخْ. لِأَنَّ الرَّقَبَةَ لَا يَتَعَلَّقُ بِهَا حِينَئِذٍ شَيْءٌ حَتَّى تُفْدَى
(قَوْلُهُ: نَعَمْ إنْ مُنِعَ مِنْ بَيْعِهِ إلَخْ.) أَيْ إذَا قُلْنَا بِكَلَامِ الْقَفَّالِ، عَلَى أَنَّ هَذَا الِاسْتِدْرَاكَ لَا حَاجَةَ إلَيْهِ مَعَ مَا قَدَّمَهُ مِنْ حَمْلِ الْقَفَّالِ لِلنَّصِّ عَلَى ذَلِكَ
(قَوْلُهُ: وَإِنْ أَذِنَ لَهُ سَيِّدُهُ)