للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَنَّ الْأَخِيرَ كَالْإِقْرَارِ، وَمَا قَبْلَهُ كَالْبَيِّنَةِ، وَيَأْتِي أَنَّ السِّحْرَ لَا يَثْبُتُ إلَّا بِالْإِقْرَارِ فَلَا يَرُدُّ عَلَيْهِ (وَ) يَثْبُتُ مُوجِبُ (الْمَالِ) مِمَّا مَرَّ (بِذَلِكَ) أَيْ الْإِقْرَارِ أَوْ شَهَادَةِ عَدْلَيْنِ وَمَا فِي مَعْنَاهُمَا (أَوْ بِرَجُلٍ وَامْرَأَتَيْنِ أَوْ) بِرَجُلٍ (وَيَمِينٍ) مُفْرَدَةٍ أَوْ مُتَعَدِّدَةٍ كَمَا مَرَّ آنِفًا أَوْ بِالْقَسَامَةِ كَمَا عُلِمَ مِمَّا قَدَّمَهُ، وَهَذِهِ الْمَسَائِلُ مِنْ جُمْلَةِ مَا يَأْتِي فِي الشَّهَادَاتِ ذُكِرَتْ هُنَا تَبَعًا لِإِمَامِنَا الشَّافِعِيِّ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - وَيَأْتِي ثَمَّ الْكَلَامُ فِي صِفَةِ الشُّهُودِ وَالْمَشْهُودُ بِهِ مُسْتَوْفًى فِي الْقَضَاءِ، وَشَرْطُ ثُبُوتِهِ بِالْحُجَّةِ النَّاقِصَةِ أَنْ يَدَّعِيَ بِهِ لَا بِالْقَوَدِ وَإِلَّا لَمْ يَثْبُتْ الْمَالُ بِهَا، وَإِنَّمَا وَجَبَ فِي السَّرِقَةِ بِهَا وَإِنْ ادَّعَى الْقَطْعَ؛ لِأَنَّهَا تُوجِبُهُمَا وَالْعَمْدُ لَا يُوجِبُ إلَّا الْقَوَدَ، فَلَوْ أَوْجَبْنَا الْمَالَ أَوْجَبْنَا غَيْرَ الْمُدَّعَى

(وَلَوْ) (عَفَا) الْمُسْتَحِقُّ (عَنْ الْقِصَاصِ) قَبْلَ الدَّعْوَى وَالشَّهَادَةِ عَلَى مَالٍ (لِيَقْبَلَ الْمَالَ رَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ) أَوْ شَاهِدٌ وَيَمِينٌ (لَمْ يُقْبَلْ فِي الْأَصَحُّ) ؛ لِأَنَّ الْعَفْوَ إنَّمَا يُعْتَبَرُ بَعْدَ ثُبُوتِ مُوجِبِ الْقَوَدِ وَلَا يَثْبُتُ بِمَنْ ذُكِرَ، وَالثَّانِي نَعَمْ؛ لِأَنَّ الْقَصْدَ الْمَالُ

(وَلَوْ) (شَهِدَ هُوَ وَهُمَا) أَيْ الرَّجُلُ وَالْمَرْأَتَانِ وَفِي مَعْنَاهُمَا رَجُلٌ مَعَهُ يَمِينٌ (بِهَاشِمَةٍ قَبْلَهَا إيضَاحٌ) (لَمْ يَجِبْ أَرْشُهَا عَلَى الْمَذْهَبِ) ؛ لِأَنَّ الْإِيضَاحَ قَبْلَهَا الْمُوجِبَ لِلْقَوَدِ لَا يَثْبُتُ بِهِمَا، هَذَا كُلُّهُ إذَا كَانَتْ مِنْ جَانٍ مَرَّةً وَاحِدَةً، فَإِنْ كَانَ ذَلِكَ مِنْ جَانِيَيْنِ أَوْ مِنْ وَاحِدٍ فِي مَرَّتَيْنِ ثَبَتَ أَرْشُ الْهَشْمِ بِذَلِكَ وَهُوَ وَاضِحٌ، وَفِي قَوْلٍ مِنْ طَرِيقِهِ وَهُوَ مُخْرَجٌ يَجِبُ أَرْشُهَا؛ لِأَنَّهُ مَالٌ (وَلِيُصَرِّحَ) حَتْمًا (الشَّاهِدُ بِالْمُدَّعَى) بِفَتْحِ الْعَيْنِ كَالْقَتْلِ (فَلَوْ قَالَ) أَشْهَدُ أَنَّهُ (ضَرَبَهُ بِسَيْفٍ فَجَرَحَهُ فَمَاتَ لَمْ يَثْبُتْ) الْمُدَّعَى بِهِ وَهُوَ الْمَوْتُ النَّاشِئُ عَنْ فِعْلِهِ (حَتَّى يَقُولَ فَمَاتَ مِنْهُ) أَيْ مِنْ جُرْحِهِ (أَوْ فَقَتَلَهُ) أَوْ فَمَاتَ مَكَانَهُ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا احْتَمَلَ مَوْتَهُ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

بِعِلْمِهِ بِأَنْ كَانَ مُجْتَهِدًا

(قَوْلُهُ: مِمَّا مَرَّ) أَيْ مِنْ قَتْلٍ

(قَوْلُهُ: وَمَا فِي مَعْنَاهُمَا) وَهُوَ عِلْمُ الْحَاكِمِ، وَالْيَمِينُ الْمَرْدُودَةُ كَمَا تَقَدَّمَ وَقَوْلُهُ: وَيَمِينٍ أَيْ وَهِيَ خَمْسُونَ

(قَوْلُهُ: كَمَا مَرَّ آنِفًا) أَيْ فِي الْيَمِينِ الْمُتَعَدِّدَةِ، وَعَلَيْهِ فَلَا يُرَدُّ مَا قَالَهُ ابْنُ سم عَلَى ابْنِ حَجّ مِنْ قَوْلِهِ أَيْنَ مَرَّ ذَلِكَ بِالنِّسْبَةِ لِلْمُفْرَدِ، وَقَوْلُهُ وَشَرْطُ ثُبُوتِهِ: أَيْ الْمَالِ، وَقَوْلُهُ الْحُجَّةُ النَّاقِصَةُ: رَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ أَوْ رَجُلٌ وَيَمِينٌ

(قَوْلُهُ: وَإِلَّا لَمْ يَثْبُتْ الْمَالُ بِهَا) أَيْ بِالْحُجَّةِ النَّاقِصَةِ وَلَكِنَّهَا تَثْبُتُ لَوْثًا، وَقَوْلُهُ وَإِنَّمَا وَجَبَ: أَيْ الْمَالُ، وَقَوْلُهُ بِهَا: أَيْ بِالْحُجَّةِ النَّاقِصَةِ

(قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّهَا تُوجِبُهُمَا) أَيْ الْمَالَ وَالْقَطْعَ. وَأُجِيبَ عَنْ ذَلِكَ أَيْضًا بِأَنَّ الْمَالَ هُنَا بَدَلٌ عَنْ الْقَوَدِ، وَأَمَّا الْمَالُ وَالْقَطْعُ فَكُلٌّ مِنْهُمَا حَقٌّ مُتَأَصِّلٌ لَا بَدَلٌ وَهُوَ مُسْتَفَادٌ مِنْ قَوْلِهِ: لِأَنَّهَا تُوجِبُهُمَا إلَخْ

(قَوْلُهُ: لَمْ يُقْبَلْ فِي الْأَصَحِّ) قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَوْ أَقَامَ رَجُلَيْنِ بَعْدَ ذَلِكَ لِيَقْتَصَّ لَمْ يَكُنْ لَهُ الْقِصَاصُ لِتَضَمُّنِ مَا ذُكِرَ أَوَّلًا لِعَفْوٍ، وَلَكِنْ فِي الْخَطِيبِ مَا نَصُّهُ: وَعَلَى الْأَوَّلِ لَوْ أَقَامَ بَيِّنَةً بَعْدَ عَفْوِهِ بِالْجِنَايَةِ الْمَذْكُورَةِ هَلْ يَثْبُتُ الْقِصَاصُ؛ لِأَنَّ الْعَفْوَ غَيْرُ مُعْتَبَرٍ أَوْ لَا؛ لِأَنَّهُ أَسْقَطَ حَقَّهُ؟ لَمْ أَرَ مَنْ تَعَرَّضَ لَهُ، وَالظَّاهِرُ الْأَوَّلُ

(قَوْلُهُ: ثَبَتَ أَرْشُ الْهَشْمِ بِذَلِكَ) أَيْ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدَةٍ مِنْ الْجِنَايَتَيْنِ مُنْفَصِلَةٌ عَنْ الْأُخْرَى فَالشَّهَادَةُ بِالْهَاشِمَةِ شَهَادَةٌ بِالْمَالِ وَحْدَهُ

(قَوْلُهُ: وَهُوَ مُخَرَّجٌ) قَالَ الشَّيْخُ عَمِيرَةُ: إيضَاحُ ذَلِكَ أَنَّ الشَّافِعِيَّ كَمَا نَصَّ هُنَا عَلَى مَا تَقَدَّمَ نَصَّ فِيمَا لَوْ مَرَقَ السَّهْمُ مِنْ زَيْدٍ إلَى عَمْرٍو أَنَّهُ يَثْبُتُ الْخَطَأُ فِي عَمْرٍو بِرَجُلٍ وَامْرَأَتَيْنِ فَقِيلَ: قَوْلَانِ بِالنَّقْلِ وَالتَّخْرِيجِ، وَالْمَذْهَبُ تَقْرِيرُ النَّصِّ، وَالْفَرْقُ أَنَّ الْجِنَايَةَ هُنَا مُتَّحِدَةٌ فَاحْتِيطَ لَهَا

(قَوْلُهُ: أَوْ فَمَاتَ مَكَانَهُ) لَعَلَّ وَجْهَ الِاكْتِفَاءِ بِذَلِكَ أَنَّ الْمُتَبَادِرَ مِنْ قَوْلِهِ فَمَاتَ مَكَانَهُ أَنَّ مَوْتَهُ بِسَبَبِ

ــ

[حاشية الرشيدي]

الْمَالُ الْوَاجِبُ بِالْجِنَايَةِ عَلَى الْمَالِ وَهُوَ غَيْرُ مُرَادٍ، فَكَانَ يَنْبَغِي زِيَادَةٌ عَلَى الْبَدَنِ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ (قَوْلُهُ: فَلَا يَرِدُ) وَجْهُ وُرُودِهِ أَنَّهُ ذَكَرَ أَنَّ مُوجَبَ الْقِصَاصِ يَثْبُتُ بِإِقْرَارٍ أَوْ عَدْلَيْنِ مَعَ أَنَّ السِّحْرَ لَا يَثْبُتُ إلَّا بِالْإِقْرَارِ خَاصَّةً. وَحَاصِلُ الْجَوَابِ أَنَّهُ إنَّمَا لَمْ يَتَعَرَّضْ لَهُ هُنَا لِأَنَّهُ سَيَذْكُرُهُ (قَوْلُهُ: كَمَا مَرَّ) اُنْظُرْ أَيْنَ مَرَّ ذَلِكَ بِالنِّسْبَةِ لِلْمُفْرَدَةِ، وَاَلَّذِي مَرَّ يُعْلَمُ مِنْهُ أَنَّ جَمِيعَ أَيْمَانِ الدَّمِ مُتَعَدِّدَةٌ (قَوْلُهُ: فِي الْقَضَاءِ) لَا وَجْهَ لِلْجَمْعِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ قَوْلِهِ قَبْلَهُ ثُمَّ (قَوْلُهُ: أَنْ يَدَّعِيَ بِهِ لَا بِالْقَوَدِ) لَا يَخْفَى أَنَّ صُورَةَ الْمَسْأَلَةِ هُنَا أَنَّ الْعَمْدَ لَا يُوجِبُ إلَّا الْمَالَ كَعَمْدِ الْأَبِ، فَالْقَوَدُ لَا يَصِحُّ دَعْوَاهُ هُنَا أَصْلًا كَمَا هُوَ الْمَوْجُودُ فِي كَلَامِهِمْ وَكَمَا يُعْلَمُ مِنْ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ بَعْدُ وَلَوْ عُفِيَ عَنْ الْقِصَاصِ إلَخْ. وَكَلَامُ الشَّارِحِ يُوهِمُ خِلَافَ ذَلِكَ

<<  <  ج: ص:  >  >>