للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ثُمَّ الِاعْتِرَافُ بِرِسَالَتِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إلَى غَيْرِ الْعَرَبِ مِمَّنْ يُنْكِرُهَا، أَوْ الْبَرَاءَةُ مِنْ كُلِّ دِينٍ يُخَالِفُ دِينَ الْإِسْلَامِ، وَلَا بُدَّ مِنْ رُجُوعِهِ عَنْ اعْتِقَادٍ ارْتَدَّ بِسَبَبِهِ وَلَا يُعَزَّرُ مُرْتَدٌّ تَابَ عَلَى أَوَّلِ مَرَّةٍ، وَمَنْ نُسِبَ إلَيْهِ رِدَّةٌ وَجَاءَنَا يَطْلُبُ الْحُكْمَ بِإِسْلَامِهِ يُكْتَفَى مِنْهُ بِالشَّهَادَتَيْنِ وَلَا يَتَوَقَّفُ عَلَى تَلَفُّظِهِ بِمَا نُسِبَ لَهُ.

وَيُؤْخَذُ مِنْ كَلَامِ الشَّافِعِيِّ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ تَكَرُّرِ لَفْظِ أَشْهَدُ فِي صِحَّةِ الْإِسْلَامِ، وَهُوَ مَا يَدُلُّ عَلَيْهِ كَلَامُهُمَا فِي الْكَفَّارَةِ وَغَيْرِهَا لَكِنْ خَالَفَ فِيهِ جَمْعٌ

(وَوَلَدُ الْمُرْتَدِّ إنْ انْعَقَدَ قَبْلَهَا) أَيْ الرِّدَّةِ (أَوْ بَعْدَهَا) (وَأَحَدُ أَبَوَيْهِ) مِنْ جِهَةِ الْأَبِ أَوْ الْأُمِّ وَإِنْ عَلَا أَوْ مَاتَ (مُسْلِمٌ فَمُسْلِمٌ) تَغْلِيبًا لِلْإِسْلَامِ (أَوْ) وَأَبَوَاهُ (مُرْتَدَّانِ) وَلَيْسَ فِي أُصُولِهِ مُسْلِمٌ (فَمُسْلِمٌ) فَلَا يُسْتَرَقُّ وَيَرِثُهُ قَرِيبُهُ الْمُسْلِمُ وَيُجْزِئُ عَنْ الْكَفَّارَةِ وَإِنْ كَانَ قِنًّا لِبَقَاءِ عَلَقَةِ الْإِسْلَامِ فِي أَبَوَيْهِ (وَفِي قَوْلٍ مُرْتَدٌّ) بِالتَّبَعِيَّةِ (وَفِي قَوْلٍ) هُوَ (كَافِرٌ أَصْلِيٌّ) لِتَوَلُّدِهِ بَيْنَ كَافِرَيْنِ وَلَمْ يُبَاشِرْ إسْلَامًا حَتَّى يُغَلَّظَ عَلَيْهِ فَيُعَامَلَ مُعَامَلَةَ وَلَدِ الْحَرْبِيِّ؛ إذْ لَا أَمَانَ لَهُ، نَعَمْ لَا يُقَرُّ بِجِزْيَةٍ؛ لِأَنَّ كُفْرَهُ لَمْ يَسْتَنِدْ لِشُبْهَةِ دِينٍ كَانَ حَقًّا قَبْلَ الْإِسْلَامِ (قُلْت: الْأَظْهَرُ) هُوَ (مُرْتَدٌّ) وَقَطَعَ بِهِ الْعِرَاقِيُّونَ (وَنَقَلَ الْعِرَاقِيُّونَ) أَيْ إمَامُهُمْ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ (الِاتِّفَاقَ) مِنْ أَهْلِ الْمَذْهَبِ (عَلَى كُفْرِهِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) فَلَا يُقْتَلُ حَتَّى يَبْلُغَ وَيَمْتَنِعَ عَنْ الْإِسْلَامِ وَلَا يُسْتَرَقُّ بِوَجْهٍ، أَمَّا لَوْ كَانَ فِي أَحَدِ أُصُولِهِ مُسْلِمٌ وَإِنْ بَعُدَ وَمَاتَ فَهُوَ مُسْلِمٌ تَبَعًا لَهُ اتِّفَاقًا كَمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ فِي اللَّقِيطِ أَوْ أَحَدُ أَبَوَيْهِ مُرْتَدٌّ، وَالْآخَرُ كَافِرٌ أَصْلِيٌّ فَكَافِرٌ أَصْلِيٌّ، قَالَهُ الْبَغَوِيّ، وَجَزَمَ بِهِ ابْنُ الْمُقْرِي فِي رَوْضِهِ، وَيُوَجَّهُ بِأَنَّ مَنْ يُقِرُّ أَوْلَى بِالنَّظَرِ إلَيْهِ مِمَّنْ لَا يُقِرُّ هَذَا كُلُّهُ فِي أَحْكَامِ الدُّنْيَا، أَمَّا فِي الْآخِرَةِ فَكُلُّ مَنْ مَاتَ قَبْلَ الْبُلُوغِ مِنْ أَوْلَادِ الْكُفَّارِ الْأَصْلِيِّينَ وَالْمُرْتَدِّينَ فِي الْجَنَّةِ فِي الْأَصَحِّ

(وَفِي) (زَوَالِ مِلْكِهِ عَنْ مَالِهِ بِهَا) أَيْ بِالرِّدَّةِ (أَقْوَالٌ) أَحَدُهَا نَعَمْ مُطْلَقًا حَقِيقَةً، وَلَا يُنَافِيهِ عَوْدُهُ بِالْإِسْلَامِ؛ لِأَنَّهُ مُجْمَعٌ عَلَيْهِ. ثَانِيهَا وَثَالِثُهَا وَهُوَ (أَظْهَرُهَا إنْ هَلَكَ مُرْتَدًّا بَانَ زَوَالُ مِلْكِهِ بِهَا وَإِنْ أَسْلَمَ بَانَ أَنَّهُ لَمْ يَزَلْ) ؛ لِأَنَّ بُطْلَانَ عَمَلِهِ يَتَوَقَّفُ عَلَى مَوْتِهِ مُرْتَدًّا فَكَذَا زَوَالُ مِلْكِهِ، وَمَحَلُّ الْخِلَافِ فِي غَيْرِ مَا مَلَكَهُ فِي الرِّدَّةِ بِنَحْوِ اصْطِيَادٍ فَهُوَ إمَّا فَيْءٌ أَوْ بَاقٍ عَلَى إبَاحَتِهِ،

ــ

[حاشية الشبراملسي]

(قَوْلُهُ: وَلَا بُدَّ مِنْ رُجُوعِهِ) أَيْ كَأَنْ يَقُولَ بَرِئْت مِنْ كَذَا فَيُبَرَّأُ مِنْهُ ظَاهِرًا، أَمَّا فِي نَفْسِ الْأَمْرِ فَالْعِبْرَةُ بِمَا فِي نَفْسِهِ

(قَوْلُهُ: أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ تَكَرُّرِ لَفْظِ أَشْهَدُ) أَيْ وَعَلَيْهِ فَلَا يَصِحُّ إسْلَامُهُ بِدُونِهَا وَإِنْ أَتَى بِالْوَاوِ

(قَوْلُهُ: وَهُوَ مَا يَدُلُّ عَلَيْهِ كَلَامُهُمَا) مُعْتَمَدٌ

(قَوْلُهُ: إنْ انْعَقَدَ قَبْلَهَا) أَيْ أَوْ مُقَارِنًا لَهَا اهـ شَيْخُنَا الشَّوْبَرِيُّ عَلَى التَّحْرِيرِ

(قَوْلُهُ: وَإِنْ عَلَا) غَايَةٌ

(قَوْلُهُ: أَوْ مَاتَ) أَيْ فِي الزَّمَنِ الْمَاضِي وَلَوْ قَبْلَ الْحَمْلِ بِهِ بِسِنِينَ عَدِيدَةٍ

(قَوْلُهُ: وَلَيْسَ فِي أُصُولِهِ مُسْلِمٌ) أَيْ وَإِنْ بَعُدَ لَكِنْ حَيْثُ عُدَّ مَنْسُوبًا إلَيْهِ بِحَيْثُ يَرِثُ مِنْهُ

(قَوْلُهُ: فَلَا يُقْتَلُ) أَيْ وَمَعَ ذَلِكَ لَا ضَمَانَ عَلَى قَاتِلِهِ لِلْحُكْمِ بِرِدَّتِهِ مَا لَمْ يُسْلِمْ، وَكَانَ الْأَوْلَى لَهُ أَنْ يَقُولَ: وَلَا يُقْتَلُ إلَخْ؛ لِأَنَّ عَدَمَ الْقَتْلِ قَبْلَ الْبُلُوغِ لَا يَتَفَرَّعُ عَلَى الرِّدَّةِ

(قَوْلُهُ: وَإِنْ بَعُدَ) أَيْ حَيْثُ عُدَّ مَنْسُوبًا إلَيْهِ

(قَوْلُهُ: فِي غَيْرِ مَا مَلَكَهُ) فِي التَّعْبِيرِ بِهِ مُسَامَحَةٌ لِمَا يَأْتِي مِنْ أَنَّهُ إذَا مَاتَ عَلَى الرِّدَّةِ كَانَ بَاقِيًا عَلَى إبَاحَتِهِ، وَالْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ فِيمَا وَضَعَ يَدَهُ عَلَيْهِ فِي الرِّدَّةِ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَإِنْ عَادَ إلَى الْإِسْلَامِ اسْتَقَرَّ مِلْكُهُ) وَعَلَيْهِ فَلَوْ اُنْتُزِعَ مِنْهُ قَبْلَ إسْلَامِهِ مَا صَادَهُ فِي الرِّدَّةِ فَهَلْ يَمْلِكُهُ الْآخِذُ لِعَدَمِ اسْتِقْرَارِ مِلْكِهِ عَلَيْهِ حِينَ الْأَخْذِ فَلَا يُؤْمَرُ بِرَدِّهِ لَهُ بَعْدَ الْإِسْلَامِ أَوْ لَا، وَيَجِبُ رَدُّهُ عَلَيْهِ إذَا أَسْلَمَ؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ، فَإِنْ عَدِمَ الْمِلْكَ غَايَتُهُ أَنَّهُ يَقْتَضِي حُرْمَةَ

ــ

[حاشية الرشيدي]

بِالْمُغَايَرَةِ إلَى الْخِلَافِ، إذْ لَوْ ثَنَّى هُنَا أَيْضًا فَاتَتْ هَذِهِ الْإِشَارَةُ كَمَا لَا يَخْفَى وَحِينَئِذٍ فَمَا صَنَعَهُ الْمُصَنِّفُ أَحْسَنُ مِمَّا أَشَارَ إلَيْهِ الْمُعْتَرِضُ، وَإِنْ قَالَ الشِّهَابُ سم إنَّ مَا ذُكِرَ إنَّمَا هُوَ مُصَحِّحٌ لِلْعِبَارَةِ بِتَكَلُّفٍ لَا دَافِعَ لِأَحْسَنِيَّةِ مَا أَشَارَ إلَيْهِ الْمُعْتَرِضُ

(قَوْلُهُ: وَقَطَعَ بِهِ الْعِرَاقِيُّونَ) الَّذِي قَطَعَ بِهِ الْعِرَاقِيُّونَ إنَّمَا هُوَ أَنَّهُ كَافِرٌ لَا بِخُصُوصِ الرِّدَّةِ كَمَا يُعْلَمُ مِنْ الرَّوْضَةِ (قَوْلُهُ: أَيْ إمَامُهُمْ إلَخْ.) مُرَادُهُ بِهَذَا الْجَوَابِ عَنْ نَقْلِ الْمُصَنِّفِ حِكَايَةَ الِاتِّفَاقِ عَنْ جَمِيعِ الْعِرَاقِيِّينَ مَعَ أَنَّ النَّاقِلَ لَهُ إنَّمَا هُوَ وَاحِدٌ مِنْهُمْ وَهُوَ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ. وَحَاصِلُ الْجَوَابِ أَنَّهُ لِمَا نَقَلَهُ إمَامُهُمْ وَهْم أَتْبَاعُهُ فَكَأَنَّهُمْ نَقَلُوهُ

(قَوْلُهُ: فِي غَيْرِ مَا مَلَكَهُ فِي الرِّدَّةِ)

<<  <  ج: ص:  >  >>