للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

غَرِيبٌ) لَهُ وَطَنٌ (مِنْ بَلَدِ الزِّنَى إلَى غَيْرِ بَلَدِهِ) هُوَ أَيْ وَطَنِهِ وَلَوْ حِلَّةَ بَدَوِيٍّ؛ إذْ الْإِيحَاشُ لَا يَتِمُّ بِدُونِ ذَلِكَ (فَإِنْ عَادَ) الْمُغَرَّبُ (إلَى بَلَدِهِ) الْأَصْلِيِّ أَوْ الَّذِي غُرِّبَ مِنْهُ أَوْ إلَى دُونِ مَسَافَةِ الْقَصْرِ (مُنِعَ فِي الْأَصَحِّ) مُعَامَلَةً لَهُ بِنَقِيضِ قَصْدِهِ، وَقِيَاسُ مَا مَرَّ اسْتِئْنَافُ الْعَامِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ، أَمَّا غَرِيبٌ لَا وَطَنَ لَهُ كَأَنْ زَنَى مَنْ هَاجَرَ لِدَارِنَا عَقِبَ وُصُولِهَا فَيُمْهَلُ حَتَّى يَتَوَطَّنَ مَحَلًّا ثُمَّ يُغَرَّبَ مِنْهُ وَفَارَقَ تَغْرِيبَ مُسَافِرٍ زَنَى بِغَيْرِ مَقْصِدِهِ.

وَإِنْ فَاتَهُ الْحَجُّ مَثَلًا؛ لِأَنَّ الْقَصْدَ تَنْكِيلُهُ وَإِيحَاشُهُ وَلَا يَتِمُّ بِدُونِ ذَلِكَ بِأَنَّ هَذَا لَهُ وَطَنٌ فَالْإِيحَاشُ حَاصِلٌ بِبُعْدِهِ عَنْهُ وَذَاكَ لَا وَطَنَ لَهُ فَاسْتَوَتْ الْأَمَاكِنُ جَمِيعُهَا بِالنِّسْبَةِ إلَيْهِ فَتَعَيَّنَ إمْهَالُهُ لِيَأْلَفَ ثُمَّ يُغَرَّبَ لِيَتِمَّ الْإِيحَاشُ، وَاحْتِمَالُ عَدَمِ تَوَطُّنِهِ بَلَدًا فَيُؤَدِّي إلَى سُقُوطِ الْحَدِّ بَعِيدٌ جِدًّا فَلَا يُلْتَفَتُ إلَيْهِ كَاحْتِمَالِ الْمَوْتِ وَنَحْوِهِ، وَمَا وَقَعَ لِابْنِ الرِّفْعَةِ وَالْبُلْقِينِيِّ هُنَا مِمَّا يُخَالِفُ ذَلِكَ غَيْرُ سَدِيدٍ وَلَوْ زَنَى فِيمَا غُرِّبَ إلَيْهِ غُرِّبَ لِغَيْرِهِ بَعِيدًا عَنْ وَطَنِهِ وَمَحَلِّ زِنَاهُ وَدَخَلَ فِيهِ بَقِيَّةُ الْأَوَّلِ وَمُقَابِلُ الْأَصَحِّ لَا يَتَعَرَّضُ لَهُ (وَلَا تُغَرَّبُ امْرَأَةٌ وَحْدَهَا فِي الْأَصَحِّ بَلْ مَعَ زَوْجٍ أَوْ مَحْرَمٍ) أَوْ نِسْوَةٍ ثِقَاتٍ مَعَ أَمْنِ الْمَقْصِدِ وَالطَّرِيقِ، وَيَجُوزُ مَعَ وَاحِدٍ ثِقَةٍ أَوْ مَمْسُوحٍ كَذَلِكَ أَوْ عَبْدِهَا الْأَمِينِ إنْ كَانَتْ هِيَ ثِقَةً أَيْضًا بِأَنْ حَسُنَ حَالُهَا لِمَا مَرَّ فِي الْحَجِّ مِنْ الِاكْتِفَاءِ فِي السَّفَرِ الْوَاجِبِ بِذَلِكَ، وَوُجُوبُ الْمُسَافَرَةِ عَلَيْهَا لَا يُلْحِقُهَا بِالْمُسَافِرَةِ لِلْهِجْرَةِ حَتَّى يَلْزَمَهَا السَّفَرُ وَلَوْ وَحْدَهَا؛ إذْ الْفَرْقُ أَنَّ تِلْكَ تَخْشَى عَلَى نَفْسِهَا أَوْ بُضْعِهَا لَوْ أَقَامَتْ، وَهَذِهِ لَيْسَتْ كَذَلِكَ فَانْتَظَرَتْ مَنْ يَجُوزُ لَهَا السَّفَرُ مَعَهُ (وَلَوْ بِأُجْرَةٍ) طَلَبَهَا مِنْهَا فَيَلْزَمُهَا كَأُجْرَةِ الْجَلَّادِ، فَإِنْ كَانَتْ مُعْسِرَةً فَفِي بَيْتِ الْمَالِ، فَإِنْ تَعَذَّرَ أُخِّرَ التَّغْرِيبُ إلَى أَنْ تُوسِرَ كَأَمْنِ الطَّرِيقِ، وَمِثْلُهَا فِي جَمِيعِ ذَلِكَ أَمْرَدُ جَمِيلٌ فَلَا يُغَرَّبُ إلَّا مَعَ مَحْرَمٍ أَوْ سَيِّدٍ (فَإِنْ امْتَنَعَ) وَلَوْ بِأُجْرَةٍ (لَمْ يُجْبَرْ فِي الْأَصَحِّ) إذْ فِي إجْبَارِهِ تَعْذِيبُ مَنْ لَمْ يُذْنِبْ بِجَرِيمَةِ غَيْرِهِ.

وَالثَّانِي يُجْبَرُ لِإِقَامَةِ الْوَاجِبِ وَبِهَذَا وُجِّهَ تَغْرِيبُهَا وَحْدَهَا.

(وَ) حَدُّ (الْعَبْدِ) يَعْنِي مَنْ فِيهِ رِقٌّ وَإِنْ قَلَّ كَافِرًا كَانَ أَوْ مُسْلِمًا (خَمْسُونَ وَيُغَرَّبُ نِصْفَ سَنَةٍ) عَلَى النِّصْفِ مِنْ الْحُرِّ لِآيَةِ {فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ مَا عَلَى الْمُحْصَنَاتِ مِنَ الْعَذَابِ} [النساء: ٢٥] أَيْ غَيْرُ الرَّجْمِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُنَصَّفُ وَلَا مُبَالَاةَ بِضَرَرِ السَّيِّدِ كَمَا يُقْتَلُ بِنَحْوِ رِدَّتِهِ، وَلَا بِكَوْنِ الْكَافِرِ لَمْ يَلْتَزِمْ الْجِزْيَةَ كَمَا فِي الْمَرْأَةِ الذِّمِّيَّةِ، وَيَأْتِي هُنَا مَا مَرَّ مِنْ فُرُوعِ التَّغْرِيبِ، وَمِنْهُ خُرُوجُ نَحْوِ مَحْرَمٍ مَعَ الْأَمَةِ وَالْعَبْدِ الْأَمْرَدِ (وَفِي قَوْلٍ) يُغَرَّبُ (سَنَةً) لِتَعَلُّقِهِ بِالطَّبْعِ فَلَمْ يَخْتَلِفْ فِيهِ الْحُرُّ وَغَيْرُهُ كَمُدَّةِ الْإِيلَاءِ (وَ) فِي (قَوْلٍ لَا يُغَرَّبُ) لِتَفْوِيتِ حَقِّ السَّيِّدِ.

(وَيَثْبُتُ) الزِّنَى (بِبَيِّنَةٍ) فَصَّلَتْ بِذِكْرِ الْمَزْنِيِّ بِهَا

ــ

[حاشية الشبراملسي]

مِنْهُ بِالْفِعْلِ

(قَوْلُهُ: وَقِيَاسُ مَا مَرَّ) الْقِيَاسُ إنَّمَا يُحْتَاجُ إلَيْهِ إذَا عَادَ إلَى بَلَدِهِ (قَوْلُهُ: فَيُمْهَلُ) أَيْ وُجُوبًا (قَوْلُهُ فَتَعَيَّنَ إمْهَالُهُ لِيَأْلَفَ) أَيْ مُدَّةً جَرَتْ الْعَادَةُ بِحُصُولِ الْإِلْفِ فِيهَا (قَوْلُهُ: غُرِّبَ لِغَيْرِهِ) ظَاهِرُهُ وَإِنْ لَمْ يَتَوَطَّنْ مَا غُرِّبَ إلَيْهِ فَيُسْتَثْنَى هَذَا مِمَّا قُدِّمَ آنِفًا اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ

(قَوْلُهُ: بَلْ مَعَ زَوْجٍ أَوْ مَحْرَمٍ) ع: لِحَدِيثِ «لَا يَحِلُّ لِامْرَأَةٍ تُؤْمِنُ بِاَللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ أَنْ تُسَافِرَ مَسِيرَةَ يَوْمٍ إلَّا مَعَ ذِي مَحْرَمٍ» اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ (قَوْلُهُ: وَلَوْ بِأُجْرَةٍ) أَيْ بِشَرْطِ أَنْ تَكُونَ أُجْرَةَ الْمِثْلِ عَادَةً

(قَوْلُهُ: وَمِثْلُهَا فِي جَمِيعِ ذَلِكَ أَمْرَدُ) وَمِنْهُ مَا مَرَّ فِي نَفَقَةِ مَنْ تَخْرُجُ مَعَهُ

(قَوْلُهُ: لَمْ يُجْبَرْ فِي الْأَصَحِّ) أَيْ ثُمَّ لَوْ أَرَادَ السَّفَرَ مَعَهَا أَوْ خَلْفَهَا لِيَتَمَتَّعَ بِهَا لَمْ يُمْنَعْ مِنْ ذَلِكَ وَعَلَيْهِ النَّفَقَةُ حِينَئِذٍ، بِخِلَافِ مَا لَوْ لَمْ يُسَافِرْ مَعَهَا أَوْ سَافَرَ لِغَرَضٍ آخَرَ وَاتَّفَقَ مُصَاحَبَتُهُ لَهَا مِنْ غَيْرِ قَصْدٍ وَلَا تَمَتُّعٍ، وَلَا مُنَافَاةَ بَيْنَ هَذِهِ وَبَيْنَ مَا بِالْهَامِشِ أَيْضًا؛ لِأَنَّ تِلْكَ فِيمَا لَوْ قَصَدَ صُحْبَتَهَا بِخِلَافِ هَذِهِ، وَكَتَبَ أَيْضًا حَفِظَهُ اللَّهُ قَوْلَهُ لَمْ يُجْبَرْ فِي الْأَصَحِّ: أَيْ ثُمَّ إنْ سَافَرَتْ لَا مَعَهُ لَمْ تَسْتَحِقَّ نَفَقَةً وَلَا كِسْوَةً وَلَا غَيْرَهَا مُدَّةَ غَيْبَتِهَا، وَإِنْ سَافَرَ مَعَهَا وَلَوْ بِأُجْرَةٍ اسْتَمَرَّتْ النَّفَقَةُ وَغَيْرُهَا وَلَوْ لَمْ يَتَمَتَّعْ بِهَا فِي الْمُدَّةِ الْمَذْكُورَةِ.

(قَوْلُهُ: وَمِنْهُ خُرُوجُ نَحْوِ مَحْرَمٍ) أَيْ وَنَفَقَتُهُ فِي بَيْتِ الْمَالِ؛ لِأَنَّهُ لَا مَالَ لِلرَّقِيقِ وَالسَّيِّدُ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ.

١ -

(قَوْلُهُ: وَالْعَبْدِ الْأَمْرَدِ) قَدْ مَرَّ مَا يُغْنِي هَذَا فِي قَوْلِهِ أَوْ سَيِّدٍ

(قَوْلُهُ: بِذِكْرِ الْمَزْنِيِّ بِهَا)

ــ

[حاشية الرشيدي]

قَوْلُهُ: أَوْ إلَى دُونَ مَسَافَةِ الْقَصْرِ) أَيْ مِنْ أَحَدِهِمَا (قَوْلُ الْمَتْنِ بَلْ مَعَ زَوْجٍ) أَيْ كَأَنْ كَانَتْ أَمَةً أَوْ حُرَّةً قَبْلَ الدُّخُولِ أَوْ طَرَأَ التَّزْوِيجُ بَعْدَ الزِّنَى فَلَا يُقَالُ إنَّ مَنْ لَهَا زَوْجٌ مُحْصَنَةٌ (قَوْلُهُ: إلَّا مَعَ مَحْرَمٍ أَوْ سَيِّدٍ) أَيْ أَوْ نَحْوِهِمَا

<<  <  ج: ص:  >  >>