فَمَحْمُولٌ عَلَى بَيْضَةِ الْحَدِيدِ، وَحَبْلٍ يُسَاوِي نِصَابًا أَوْ الْجِنْسِ، أَوْ أَنَّ مِنْ شَأْنِ السَّرِقَةِ تَدَرُّجَ صَاحِبِهَا مِنْ الْقَلِيلِ إلَى الْكَثِيرِ حَتَّى تُقْطَعَ يَدُهُ (خَالِصًا) وَإِنْ تَحَصَّلَ مِنْ مَغْشُوشٍ، بِخِلَافِ الرُّبْعِ الْمَغْشُوشِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ رُبْعَ دِينَارٍ حَقِيقَةً (أَوْ قِيمَتَهُ) أَيْ مُقَوَّمًا بِهِ، فَإِنْ لَمْ يُعْرَفْ قِيمَتُهُ بِالدَّنَانِيرِ قُوِّمَ بِالدَّرَاهِمِ ثُمَّ هِيَ بِالدَّنَانِيرِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ بِمَحَلِّ السَّرِقَةِ دَنَانِيرُ انْتَقَلَ لِأَقْرَبِ مَحَلٍّ إلَيْهَا فِيهِ ذَلِكَ كَمَا هُوَ قِيَاسُ نَظَائِرِهِ، وَيُقْطَعُ بِرُبْعِ دِينَارٍ قِرَاضَةً (وَلَوْ) (سَرَقَ رُبْعًا) ذَهَبًا (سَبِيكَةً) فَانْدَفَعَ الْقَوْلُ بِأَنَّ سَبِيكَةً مُؤَنَّثٌ فَلَا يَصِحُّ كَوْنُهُ نَعْتًا لِرُبْعٍ أَوْ حُلِيًّا (لَا يُسَاوِي رُبْعًا مَضْرُوبًا فَلَا قَطْعَ) بِهِ (فِي الْأَصَحِّ) نَظَرًا إلَى الْقِيمَةِ فِيمَا هُوَ كَالسِّلْعَةِ، وَالثَّانِي يُنْظَرُ إلَى الْوَزْنِ، وَلَوْ سَرَقَ خَاتَمًا وَزْنُهُ دُونَ رُبْعٍ وَقِيمَتُهُ بِالصَّنْعَةِ رُبْعٌ فَلَا قَطْعَ نَظَرًا إلَى الْوَزْنِ.
وَالْحَاصِلُ أَنَّ الذَّهَبَ يُعْتَبَرُ فِيهِ أَمْرَانِ الْوَزْنُ وَبُلُوغُ قِيمَتِهِ رُبْعَ دِينَارٍ مَضْرُوبٍ وَغَيْرُهُ يُعْتَبَرُ فِيهِ الْقِيمَةُ فَقَطْ فَقَوْلُ الشَّارِحِ وَالتَّقْوِيمُ يُعْتَبَرُ بِالْمَضْرُوبِ، فَلَوْ سَرَقَ شَيْئًا يُسَاوِي رُبْعَ مِثْقَالٍ مِنْ غَيْرِ الْمَضْرُوبِ كَالسَّبِيكَةِ وَالْحُلِيِّ وَلَا يَبْلُغُ رُبْعًا مَضْرُوبًا فَلَا قَطْعَ بِهِ لَا يُخَالِفُهُ مَا قَرَّرْنَاهُ.
نَعَمْ قَوْلُهُ مِنْ غَيْرِ الْمَضْرُوبِ مُتَعَلِّقٌ بِيُسَاوِي، وَلَوْ اخْتَلَفَتْ قِيمَةُ نَقْدَيْنِ خَالِصَيْنِ اُعْتُبِرَ أَدْنَاهُمَا لِوُجُودِ الِاسْمِ عَلَى أَحَدِ وَجْهَيْنِ، وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَا مَرَّ فِيمَا لَوْ نَقَصَ النِّصَابُ فِي مِيزَانٍ وَتَمَّ فِي آخَرَ بِأَنَّ الْوَزْنَ أَمْرٌ حِسِّيٌّ وَالتَّقْوِيمَ أَمْرٌ اجْتِهَادِيٌّ وَاخْتِلَافُ الْحِسِّيِّ أَقْوَى فَأَثَّرَ دُونَ اخْتِلَافِ الِاجْتِهَادِيِّ، لَكِنَّ الْأَوْجَهَ تَقْوِيمُهُ بِالْأَعْلَى دَرْءًا لِلْقَطْعِ وَعَلَيْهِ فَلَا قَطْعَ، وَلَا بُدَّ مِنْ قَطْعِ الْمُقَوِّمِ وَإِنْ كَانَ مُسْتَنَدُ شَهَادَتِهِ الظَّنَّ، وَبِهِ فَارَقَ شَاهِدَيْ الْقَتْلِ فَإِنَّ مُسْتَنَدَ شَهَادَتِهِمَا الْمُعَايَنَةُ فَلَمْ يَحْتَجْ لِلْقَطْعِ مِنْهُمَا وَإِنْ اسْتَوَى الْبَابَانِ فِي أَنَّ الشَّهَادَةَ فِي كُلٍّ إنَّمَا تُفِيدُ الظَّنَّ لَا الْقَطْعَ، فَانْدَفَعَ مَا لِلْبُلْقِينِيِّ هُنَا، وَأَنْ لَا يَتَعَارَضَ بَيِّنَتَانِ وَإِلَّا أُخِذَ بِالْأَقَلِّ (وَلَوْ سَرَقَ دَنَانِيرَ ظَنَّهَا فُلُوسًا) مَثَلًا (لَا تُسَاوِي رُبْعًا قُطِعَ) لِوُجُودِ سَرِقَةِ الرُّبْعِ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
وَرُبْعُ الدِّينَارِ يَبْلُغُ الْآنَ نَحْوَ ثَمَانِيَةٍ وَعِشْرِينَ نِصْفَ فِضَّةٍ
(قَوْلُهُ: وَحَبْلٍ يُسَاوِي نِصَابًا) أَيْ كَحَبْلِ السَّفِينَةِ الَّذِي يُسَاوِي ذَلِكَ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ الرُّبْعِ الْمَغْشُوشِ) يَنْبَغِي فِي مَغْشُوشٍ لَا يَبْلُغُ خَالِصُهُ نِصَابًا أَنْ يُقْطَعَ بِهِ اهـ سم عَلَى حَجّ
(قَوْلُهُ: وَيُقْطَعُ بِرُبْعِ دِينَارٍ قِرَاضَةً) أَيْ يُسَاوِي رُبْعَ دِينَارٍ مَضْرُوبٍ بِدَلِيلِ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَلَوْ سَرَقَ إلَخْ
(قَوْلُهُ: فَانْدَفَعَ الْقَوْلُ) .
أَقُولُ: يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مَفْعُولُ سَرَقَ سَبِيكَةً وَرُبْعًا حَالًا مُقَدَّمَةً أَيْ حَالَ كَوْنِهَا مُقَدَّرَةً بِالرُّبْعِ اهـ سم عَلَى حَجّ
(قَوْلُهُ: فَلَا يَصِحُّ كَوْنُهُ نَعْتًا) أَيْ وَصَحَّ كَوْنُهُ نَعْتًا لِذَهَبًا؛ لِأَنَّ الذَّهَبَ رُبَّمَا أُنِّثَ كَمَا فِي الْمُخْتَارِ
(قَوْلُهُ: وَلَوْ اخْتَلَفَتْ قِيمَةُ نَقْدَيْنِ) أَيْ مِنْ النُّقُودِ الَّتِي يَقْتَضِي الْحَالُ التَّقْوِيمَ بِهَا
(قَوْلُهُ: اُعْتُبِرَ أَدْنَاهُمَا) أَيْ فَيُقْطَعُ
(قَوْلُهُ: لِوُجُودِ الِاسْمِ) أَيْ اسْمِ الرُّبْعِ (قَوْلُهُ وَتَمَّ فِي آخَرَ) أَيْ حَيْثُ لَا تَجِبُ فِيهِ الزَّكَاةُ (قَوْلُهُ وَلَا بُدَّ مِنْ قَطْعِ الْمُتَقَوِّمِ) أَيْ بِأَنْ يَقُولَ تَبْلُغُ قِيمَتُهُ كَذَا قَطْعًا أَوْ يَقِينًا مَثَلًا
(قَوْلُهُ: وَبِهِ فَارَقَ شَاهِدَيْ الْقَتْلِ) الْأَوْلَى حَذْفُ بِهِ؛ لِأَنَّ الضَّمِيرَ فِيهَا رَاجِعٌ لِقَطْعِ الْمُتَقَوِّمِ وَهَذَا هُوَ نَفْسُ الْحُكْمِ الْمُحَوِّجِ لِلْفَرْقِ، وَالْفَرْقُ إنَّمَا حَصَلَ بِقَوْلِهِ فَإِنَّ مُسْتَنَدَ شَهَادَتِهِمَا الْمُعَايَنَةُ إلَخْ، وَكَتَبَ أَيْضًا حَفِظَهُ اللَّهُ: وَبِهِ فَارَقَ شَاهِدَيْ الْقَتْلِ: أَيْ حَيْثُ اكْتَفَى مِنْهُمَا بِقَوْلِهِمَا قَتَلَهُ وَلَمْ يَكْتَفِ هُنَا بِقَوْلِهِمَا سَرَقَ مَا قِيمَتُهُ كَذَا بَلْ لَا بُدَّ مِنْ قَوْلِهِمَا قِيمَتُهُ كَذَا قَطْعًا (قَوْلُهُ: وَإِلَّا أُخِذَ) أَيْ وَإِلَّا بِأَنْ تَعَارَضَتَا أُخِذَ بِالْأَقَلِّ
ــ
[حاشية الرشيدي]
نَازَعَهُ سم (قَوْلُهُ: فَإِنْ لَمْ يَكُنْ بِمَحَلِّ السَّرِقَةِ دَنَانِيرُ) يَعْنِي: بِأَنْ كَانُوا لَا يَتَعَارَفُونَ التَّعَامُلَ بِهَا كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ: مُتَعَلِّقٌ بِيُسَاوِي) يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ وَصْفًا لِرُبْعٍ بِقَرِينَةِ مُقَابَلَتِهِ بِقَوْلِهِ وَلَا يَبْلُغُ رُبْعًا مَضْرُوبًا وَهَذَا هُوَ الْأَقْعَدُ، وَهُوَ لَا يُخَالِفُ مَا قَالَهُ الشَّارِحُ مِنْ جِهَةِ الْمَعْنَى.
وَحَاصِلُ كَلَامِ الْجَلَالِ حِينَئِذٍ أَنَّهُ إذَا سَرَقَ شَيْئًا كَالسَّبِيكَةِ وَالْحُلِيِّ يُسَاوِي رُبْعَ مِثْقَالٍ غَيْرَ مَضْرُوبٍ وَلَا يُسَاوِيهِ مَضْرُوبًا لَا يُقْطَعُ.
وَاعْلَمْ أَنَّ الشَّارِحَ إنَّمَا نَبَّهَ عَلَى هَذَا التَّعْلِيقِ الَّذِي ذَكَرَهُ احْتِرَازًا عَنْ جَعْلِهِ وَصْفًا لِقَوْلِهِ شَيْئًا إذْ تَلْزَمُ عَلَيْهِ الْمُخَالَفَةُ (قَوْلُهُ: وَلَا بُدَّ مِنْ قَطْعِ الْمُقَوَّمِ) بِأَنْ يَقُولَ قِيمَتُهُ كَذَا قَطْعًا كَمَا صَوَّرَهُ حَجّ