للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

مَالِ الْمَصَالِحِ؛ لِأَنَّهَا قَدْ تُصْرَفُ لِمَا يُنْتَفَعُ بِهِ كَعِمَارَةِ الْمَسَاجِدِ وَمِنْ ثَمَّ يُقْطَعُ الذِّمِّيُّ بِمَالِ بَيْتِ الْمَالِ مُطْلَقًا إذْ لَا يُنْتَفَعُ بِهِ إلَّا تَبَعًا لَنَا وَالْإِنْفَاقُ عَلَيْهِ مِنْهُ عِنْدَ الْحَاجَةِ مَضْمُونٌ، وَمَا وَقَعَ فِي اللَّقِيطِ مِنْ نَفْيِ ضَمَانِهِ مَحْمُولٌ عَلَى صَغِيرٍ لَا مَالَ لَهُ، وَقَوْلُ الْبُلْقِينِيِّ مَحَلُّ مَا ذُكِرَ فِي طَائِفَةٍ لَهَا مُسْتَحَقٌّ مُقَدَّرٌ بِالْأَجْزَاءِ فِي مَالٍ مُشَاعٍ بِصِفَةٍ، فَأَمَّا لَوْ أَفْرَزَ الْإِمَامُ مِنْ سَهْمِ الْمَصَالِحِ لِطَائِفَةٍ مِنْ الْعُلَمَاءِ أَوْ الْقُضَاةِ أَوْ الْمُؤَذِّنِينَ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ فَلَا أَثَرَ لِهَذَا الْإِفْرَازِ، إذْ لَا سَهْمَ لَهُمْ مُقَدَّرٌ يَتَوَلَّى الْإِمَامُ إفْرَازَهُ لَهُمْ، وَالْحُكْمُ فِيهِ كَمَا لَوْ كَانَ مُشَاعًا يُرَدُّ بِأَنَّهُ لَا دَخْلَ لِتَقْدِيرِ السَّهْمِ وَعَدَمِ تَقْدِيرِهِ فِي إفْرَازِ الْإِمَامِ، فَمَا عَيَّنَهُ لِطَائِفَةٍ مِمَّا هُوَ مُشْتَرَكٌ بَيْنَهَا وَبَيْنَ غَيْرِهَا يَتَعَيَّنُ لَهَا الْإِفْرَازُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا سَهْمٌ مُقَدَّرٌ، وَقَدْ عُلِمَ مِمَّا قَرَّرْنَاهُ أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إنْ كَانَ لَهُ حَقٌّ إلَخْ احْتِرَازٌ عَنْ الذِّمِّيِّ، وَحِينَئِذٍ فَيُفِيدُ أَنَّ الْمُسْلِمَ مَعَ عَدَمِ الْإِفْرَازِ لَا يُقْطَعُ مُطْلَقًا وَإِيهَامُهُ تَخْصِيصَ ذَلِكَ بِبَعْضِ أَمْوَالِ بَيْتِ الْمَالِ غَيْرُ مُرَادٍ أَيْضًا، عَلَى أَنَّهُ إنْ أَوَّلَ كَلَامَهُ بِجَعْلِهِ مِنْ بَابِ ذِكْرِ النَّظِيرِ وَإِنْ لَمْ يَصْدُقْ عَلَيْهِ الْمُقْسَمُ فَلَا إيهَامَ أَصْلًا.

(وَالْمَذْهَبُ) (قَطْعُهُ بِبَابِ مَسْجِدٍ وَجِذْعِهِ) وَتَأْزِيرِهِ وَسَوَارِيهِ وَسُقُوفِهِ وَقَنَادِيلِهِ الْمُعَدَّةِ لِلزِّينَةِ لِعَدَمِ إعْدَادِ ذَلِكَ لِانْتِفَاعِ النَّاسِ بَلْ لِتَصْحِينِهِ وَعِمَارَتِهِ وَأُبَّهَتِهِ.

وَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّ الْكَلَامَ فِي غَيْرِ الْمِنْبَرِ وَدِكَّةِ الْمُؤَذِّنِ وَكُرْسِيِّ الْوَاعِظِ فَلَا يُقْطَعُ بِهَا وَإِنْ كَانَ السَّارِقُ لَهَا غَيْرَ خَطِيبٍ وَلَا مُؤَذِّنٍ وَلَا وَاعِظٍ، وَيُقْطَعُ بِسَرِقَةِ سِتْرِ الْكَعْبَةِ إنْ أُحْرِزَ بِالْخِيَاطَةِ عَلَيْهَا (لَا) بِنَحْوِ (حُصْرِهِ وَقَنَادِيلَ تُسْرَجُ) فِيهِ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ فِي حَالَةِ الْأَخْذِ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

مَا يُجَوِّزُ الْأَخْذَ بِالظَّفَرِ

(قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّهَا قَدْ تُصْرَفُ) أَيْ سَوَاءٌ أَخَذَ مِنْ مَالِ الْمَصَالِحِ أَوْ مِنْ غَيْرِهَا

(قَوْلُهُ: لِتَقْدِيرِ السَّهْمِ) أَيْ فَيُقْطَعُ آخِذُهُ

(قَوْلُهُ: لَا يُقْطَعُ مُطْلَقًا) أَيْ غَنِيًّا كَانَ أَوْ فَقِيرًا حَيْثُ أَخَذَ مِنْ سَهْمِ الْمَصَالِحِ، بِخِلَافِ مَا لَوْ أَخَذَ مِنْ مَالِ الزَّكَاةِ عَلَى مَا مَرَّ.

(قَوْلُهُ: وَتَأْزِيرِهِ) وَمِثْلُهُ الشَّبَابِيكُ

(قَوْلُهُ: وَسُقُوفِهِ) أَيْ لِأَنَّهُ إنَّمَا يُقْصَدُ بِوَضْعِهِ صِيَانَتُهُ لَا انْتِفَاعُ النَّاسِ، فَلَوْ جَعَلَ فِيهِ نَحْوَ سَقِيفَةٍ بِقَصْدِ وِقَايَةِ النَّاسِ نَحْوِ الْحَرِّ فَلَا قَطْعَ بِهَا، وَمِنْ ذَلِكَ مَا يُغَطَّى بِهِ نَحْوُ فَتْحَةٍ فِي سَقْفِهِ لِدَفْعِ نَحْوِ الْبَرْدِ الْحَاصِلِ مِنْهَا عَنْ النَّاسِ م ر اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ

(قَوْلُهُ: وَقَنَادِيلِهِ الْمُعَدَّةِ لِلزِّينَةِ) مَفْهُومُ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ تُسْرَجُ وَلَوْ أَخَّرَهُ كَانَ أَوْلَى لَكِنَّهُ ضَمَّهُ لِمَا فِيهِ الْقَطْعُ اخْتِصَارًا أَوْ لِلْمُنَاسَبَةِ، وَكَتَبَ أَيْضًا حَفِظَهُ اللَّهُ: (قَوْلُهُ: وَقَنَادِيلِهِ الْمُعَدَّةِ لِلزِّينَةِ) ، وَيَنْبَغِي أَنَّ مِثْلَ ذَلِكَ الرُّخَامِ الْمُثَبَّتِ بِالْجُدْرَانِ

(قَوْلُهُ: وَلَا وَاعِظٍ) أَيْ؛ لِأَنَّهَا إنَّمَا تُتَّخَذُ لِنَفْعِ عَامَّةِ النَّاسِ بِسَمْعِ مَا يُقَالُ عَلَيْهَا

(قَوْلُهُ: وَيُقْطَعُ بِسَرِقَةِ سِتْرِ الْكَعْبَةِ) وَيَنْبَغِي أَنْ يَقُولَ مِثْلَ ذَلِكَ فِي سِتْرِ الْأَوْلِيَاءِ

(قَوْلُهُ: لَا بِنَحْوِ حُصْرِهِ)

ــ

[حاشية الرشيدي]

الْوَاقِعِ (قَوْلُهُ: احْتِرَازٌ عَنْ الذِّمِّيِّ) لَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا لَيْسَ هُوَ الَّذِي قَرَّرَهُ فِيمَا مَرَّ.

بَلْ حَاصِلُ مَا قَرَّرَهُ أَنَّهُ احْتِرَازٌ عَنْ الْغَنِيِّ مَثَلًا إذَا أَخَذَ مِنْ الْمُفْرِزِ لِلصَّدَقَاتِ.

وَاعْلَمْ أَنَّ مَا ذَكَرَهُ هُنَا إلَى آخِرِ السِّوَادَةِ تَبِعَ فِيهِ ابْنَ حَجَرٍ إلَّا أَنَّهُ تَصَرَّفَ فِي عِبَارَتِهِ وَأَسْقَطَ مِنْهَا مَا أَوْجَبَ الْخَلَلَ، وَعِبَارَةُ ابْنِ حَجَرٍ فِي تُحْفَتِهِ: وَاعْتُرِضَ هَذَا التَّفْصِيلُ: أَيْ الَّذِي ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ بِأَنَّ الْمُعْتَمَدَ الَّذِي دَلَّ عَلَيْهِ كَلَامُ الشَّيْخَيْنِ فِي غَيْرِ هَذَا الْكِتَابِ وَكَلَامُ غَيْرِهِمَا أَنَّهُ لَا قَطْعَ بِسَرِقَةِ مُسْلِمٍ مَالَ بَيْتِ الْمَالِ مُطْلَقًا لِأَنَّ لَهُ فِيهِ حَقًّا فِي الْجُمْلَةِ إلَّا إنْ أُفْرِزَ لِمَنْ لَيْسَ هُوَ مِنْهُمْ.

وَيُمْكِنُ حَمْلُ الْمَتْنِ عَلَيْهِ بِجَعْلِ قَوْلِهِ إنْ كَانَ لَهُ فِيهِ حَقٌّ فِي الْمُسْلِمِ وَقَوْلُهُ: وَإِلَّا فِي الذِّمِّيِّ وَقَوْلُهُ: وَهُوَ فَقِيرٌ لِلْغَالِبِ فَلَا مَفْهُومَ لَهُ.

وَقَوْلُ شَارِحِ إنَّ الذِّمِّيَّ يُقْطَعُ بِلَا خِلَافٍ بِرَدِّهِ حِكَايَةَ غَيْرِهِ لِلْخِلَافِ فِيهِ وَلَوْ فِي بَعْضِ أَحْوَالِهِ،

وَحِينَئِذٍ فَيُفِيدُ الْمَتْنُ أَنَّ الْمُسْلِمَ مَعَ عَدَمِ الْإِفْرَازِ لَا يُقْطَعُ مُطْلَقًا، وَإِيهَامُهُ تَخْصِيصَ ذَلِكَ بِبَعْضِ أَمْوَالِ بَيْتِ الْمَالِ غَيْرُ مُرَادٍ،

كَمَا أَنَّ إيهَامَهُ أَنَّ مَالَ الصَّدَقَةِ بِسَائِرِ أَنْوَاعِهَا مِنْ أَمْوَالِ بَيْتِ الْمَالِ غَيْرُ مُرَادٍ أَيْضًا، وَإِنْ لَمْ يُنَبِّهْ عَلَيْهِ أَحَدٌ مِنْ الشُّرَّاحِ فِيمَا عَلِمْت، وَقَدْ تُؤَوَّلُ عِبَارَتُهُ بِجَعْلِهِ مِنْ بَابِ ذِكْرِ النَّظِيرِ، وَإِنْ لَمْ يَصْدُقْ عَلَيْهِ الْمُقْسَمُ وَيَرْتَفِعُ بِهَذَا الْإِيهَامُ مِنْ أَصْلِهِ انْتَهَتْ

(قَوْلُهُ: وَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّ الْكَلَامَ فِي غَيْرِ الْمِنْبَرِ إلَخْ.) أَيْ لِأَنَّهُ لَيْسَ لِتَحْصِيلِ الْمَسْجِدِ وَلَا لِزِينَتِهِ بَلْ لِانْتِفَاعِ النَّاسِ بِسَمَاعِهِمْ الْخَطِيبَ عَلَيْهِ لِأَنَّهُمْ يَنْتَفِعُونَ

<<  <  ج: ص:  >  >>