للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

النَّقْبِ (قُطِعَ فِي الْأَصَحِّ) كَمَا لَوْ نَقَبَ أَوَّلَ اللَّيْلِ وَسَرَقَ آخِرَهُ إبْقَاءً لِلْحِرْزِ بِالنِّسْبَةِ إلَيْهِ.

أَمَّا إذَا أُعِيدَ الْحِرْزُ أَوْ سَرَقَ عَقِبَ النَّقْبِ فَيُقْطَعُ قَطْعًا (قُلْت: هَذَا إذَا لَمْ يَعْلَمْ الْمَالِكُ النَّقْبَ وَلَمْ يَظْهَرْ لِلطَّارِقِينَ وَإِلَّا) بِأَنْ عَلِمَ أَوْ ظَهَرَ لَهُمْ (فَلَا يُقْطَعُ قَطْعًا) وَقِيلَ فِيهِ خِلَافٌ (وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) لِانْتِهَاكِ الْحِرْزِ فَصَارَ كَمَا لَوْ نَقَبَ وَأَخْرَجَ غَيْرُهُ، وَفَارَقَ إخْرَاجَ نِصَابٍ مِنْ حِرْزٍ دَفْعَتَيْنِ بِأَنَّهُ ثَمَّ مُتَمِّمٌ لِأَخْذِهِ الْأَوَّلِ الَّذِي هَتَكَ بِهِ الْحِرْزَ فَوَقَعَ الْأَخْذُ الثَّانِي تَابِعًا فَلَمْ يَقْطَعْهُ عَنْ مَتْبُوعِهِ إلَّا قَاطِعٌ قَوِيٌّ، وَهُوَ الْعِلْمُ وَالْإِعَادَةُ السَّابِقَانِ دُونَ أَحَدِهِمَا وَدُونَ مُجَرَّدِ الظُّهُورِ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يُؤَكِّدُ الْهَتْكَ الْوَاقِعَ فَلَا يَصْلُحُ قَاطِعًا لَهُ، وَهُنَا مُبْتَدِئٌ سَرِقَةً مُسْتَقِلَّةً لَمْ يَسْبِقْهَا هَتْكُ الْحِرْزِ بِأَخْذِ شَيْءٍ مِنْهُ لَكِنَّهَا مُتَرَتِّبَةٌ عَلَى فِعْلِهِ الْمُرَكَّبِ مِنْ جُزْأَيْنِ مَقْصُودَيْنِ لَا تَبَعِيَّةٌ بَيْنَهُمَا نَقْبٍ سَابِقٍ وَإِخْرَاجٍ لَاحِقٍ، وَإِنَّمَا يَتَرَكَّبُ مِنْهُمَا إنْ لَمْ يَقَعْ بَيْنَهُمَا فَاصِلٌ أَجْنَبِيٌّ عَنْهُمَا، وَإِنْ ضَعُفَ فَكَفَى تَخَلُّلُ عِلْمِ الْمَالِكِ أَوْ الْإِعَادَةِ بِالْأَوْلَى أَوْ الظُّهُورِ، وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ: وَإِلَّا فَيُقْطَعُ قَطْعًا وَهُوَ غَلَطٌ، وَمُقَابِلُ الْأَصَحِّ وَجْهٌ بِأَنَّهُ عَادٍ بَعْدَ انْتِهَاكِ الْحِرْزِ.

(وَلَوْ نَقَبَ وَاحِدٌ وَأَخْرَجَ غَيْرُهُ) وَلَوْ بِأَمْرِهِ حَيْثُ لَمْ يَكُنْ غَيْرَ مُمَيِّزٍ أَوْ أَعْجَمِيًّا يَعْتَقِدُ وُجُوبَ الطَّاعَةِ، بِخِلَافِ نَحْوِ قِرْدٍ مُعَلَّمٍ؛ لِأَنَّ لَهُ اخْتِيَارًا وَإِدْرَاكًا، وَإِنَّمَا ضَمَّنَّا مَنْ أَرْسَلَهُ عَلَى غَيْرِهِ؛ لِأَنَّ الضَّمَانَ يَجِبُ بِالسَّبَبِ، بِخِلَافِ الْقَطْعِ (فَلَا قَطْعَ) عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمَا إذْ الْأَوَّلُ لَمْ يَسْرِقْ، وَالثَّانِي أَخَذَ مِنْ غَيْرِ حِرْزٍ، نَعَمْ إنْ سَاوَى الْمُخْرَجُ مِنْ آلَاتِ الْجِدَارِ نِصَابًا قُطِعَ النَّاقِبُ كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ الْجِدَارَ حِرْزٌ لِآلَةِ الْبِنَاءِ، وَكَذَا لَوْ كَانَ الْمَالُ مُحْرَزًا بِمُلَاحِظٍ قَرِيبٍ مِنْ النَّقْبِ لَا نَائِمٍ فَيُقْطَعُ الْآخِذُ لَهُ.

(وَلَوْ) (تَعَاوَنَا فِي النَّقْبِ وَانْفَرَدَ أَحَدُهُمَا بِالْإِخْرَاجِ أَوْ وَضَعَهُ نَاقِبٌ بِقُرْبِ النَّقْبِ فَأَخْرَجَهُ آخَرُ) نَاقِبٌ أَيْضًا، وَقَوْلُهُ أَوْ وَضَعَهُ عَطْفٌ عَلَى وَانْفَرَدَ فَيُفِيدُ أَنَّ الْمُخْرِجَ شَرِيكٌ فِي النَّقْبِ (قُطِعَ الْمُخْرِجُ) فِيهِمَا؛ لِأَنَّهُ السَّارِقُ (وَلَوْ) تَعَاوَنَا فِي النَّقْبِ ثُمَّ أَخَذَهُ أَحَدُهُمَا وَ (وَضَعَهُ بِوَسَطِ نَقْبِهِ فَأَخَذَهُ خَارِجٌ وَهُوَ يُسَاوِي نِصَابَيْنِ) أَوْ أَكْثَرَ (لَمْ يُقْطَعَا فِي الْأَظْهَرِ) ؛ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا لَمْ يُخْرِجْهُ مِنْ تَمَامِ الْحِرْزِ، وَكَذَا لَوْ نَاوَلَهُ الدَّاخِلُ لِلْخَارِجِ فِيهِ.

وَالثَّانِي يُقْطَعَانِ لِاشْتِرَاكِهِمَا فِي النَّقْبِ وَالْإِخْرَاجِ كَذَا وَجَّهَهُ الرَّافِعِيُّ، وَقَوْلُ الشَّارِحِ وَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّ الْخِلَافَ فِي الْمُشْتَرِكَيْنِ فِي النَّقْبِ لِأَجْلِ جَرَيَانِ الْخِلَافِ.

(وَلَوْ) (رَمَاهُ إلَى خَارِجِ حِرْزٍ) مِنْ نَقْبٍ أَوْ بَابٍ أَوْ فَوْقَ جِدَارٍ وَلَوْ إلَى حِرْزٍ آخَرَ لِغَيْرِ الْمَالِكِ أَوْ إلَى نَارٍ فَأَحْرَقَتْهُ عَلَى الْأَصَحِّ وَإِنْ رَمَاهُ لَهَا عَالِمٌ بِالْحَالِ سَوَاءٌ أَخَذَهُ غَيْرُهُ أَمْ لَا تَلِفَ بِالرَّمْيِ أَمْ لَا (أَوْ) (وَضَعَهُ بِمَاءٍ جَارٍ) فَأَخْرَجَهُ مِنْهُ أَوْ رَاكِدٍ وَحَرَّكَهُ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

ذَلِكَ أَنَّهُ أَخَصُّ مِنْهُ، وَالْأَخَصُّ مَشْمُولٌ لِلْأَعَمِّ قَطْعًا.

أَلَا تَرَى أَنَّ لِلْإِنْسَانِ شُرُوطًا يَتَمَيَّزُ بِهَا عَنْ مُطْلَقِ الْجِسْمِ مَعَ شُمُولِ تَفْسِيرِ مُطْلَقِ الْجِسْمِ لَهُ قَطْعًا فَلْيُتَأَمَّلْ م ر اهـ سم عَلَى حَجّ.

(قَوْلُهُ: أَمَّا إذَا أُعِيدَ الْحِرْزُ) أَيْ مِنْ الْمَالِكِ أَوْ نَائِبِهِ أَخْذًا مِمَّا مَرَّ فِيمَا لَوْ أَخْرَجَ نِصَابًا مَرَّتَيْنِ فِي لَيْلَةٍ (قَوْلُهُ: بَيْنَهُمَا نَقْبٍ سَابِقٍ وَإِخْرَاجٍ) بِالْجَرِّ أَيْضًا بَدَلٌ مِنْ الْجُزْأَيْنِ

(قَوْلُهُ: بِأَنَّهُ عَادَ بَعْدَ انْتِهَاكِ الْحِرْزِ) أَيْ فَلَا قَطْعَ.

(قَوْلُهُ: وَلَوْ بِأَمْرِهِ حَيْثُ لَمْ يَكُنْ غَيْرَ مُمَيِّزٍ) شَمِلَ مَا لَوْ كَانَ الْمُخْرِجُ مُكْرَهًا فَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ يُقْطَعُ دُونَ الْمُكْرِهِ وَفِي كَلَامِ سم عَلَى مَنْهَجٍ أَوَّلَ الْبَابِ أَنَّهُ لَا قَطْعَ عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمَا وَهُوَ ظَاهِرٌ، وَسَيَأْتِي التَّصْرِيحُ بِهِ فِي أَوَّلِ الْفَصْلِ الْآتِي

(قَوْلُهُ: بِخِلَافِ نَحْوِ قِرْدٍ) شَمِلَ قَوْلُهُ: " نَحْوِ " غَيْرَهُ مِنْ سَائِرِ الْحَيَوَانَاتِ الْمُعَلَّمَةِ، وَمِنْهُ مَا لَوْ عُلِّمَ عُصْفُورٌ أَخْذَ شَيْءٍ فَأَخَذَهُ فَلَا قَطْعَ عَلَى مَا تُفِيدُهُ هَذِهِ الْعِبَارَةُ.

وَمِثْلُ ذَلِكَ مَا لَوْ عَزَّمَ عَلَى عِفْرِيتٍ كَمَا ذَكَرَهُ الْخَطِيبُ.

(قَوْلُهُ: وَكَذَا لَوْ نَاوَلَهُ الدَّاخِلُ لِلْخَارِجِ فِيهِ) فَفِيهِ حَالٌ مِنْ الْخَارِجِ.

وَالْمَعْنَى أَنَّ الْخَارِجَ عَنْ النَّقْبِ، أَوْ مَدَّ يَدَهُ مَثَلًا، أَوْ دَخَلَ فِي الْجِدَارِ، وَتَنَاوَلَ مِمَّنْ هُوَ فِي الْحِرْزِ لَمْ يُقْطَعْ إلَخْ.

(قَوْلُهُ: أَوْ رَاكِدٍ) يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ

ــ

[حاشية الرشيدي]

(قَوْلُهُ: وَقَوْلُهُ: إلَخْ.) الْأَوْلَى فَقَوْلُهُ: بِالْفَاءِ بَدَلَ الْوَاوِ (قَوْلُهُ: يُسَاوِي نِصَابَيْنِ) إنَّمَا صُوِّرَ بِذَلِكَ لِلِاخْتِلَافِ فِي قَطْعِهِمَا إذَا بَلَغَ نِصَابَيْنِ كَمَا نَبَّهَ عَلَيْهِ ابْنُ قَاسِمٍ: أَيْ لِأَنَّهُ إذَا لَمْ يَبْلُغْ نِصَابَيْنِ فَلَا قَطْعَ جَزْمًا كَمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ (قَوْلُهُ: فِيهِ) يَتَعَلَّقُ بِنَا وَلَهُ وَخَرَجَ بِهِ مَا إذَا أَخْرَجَ يَدَهُ إلَى خَارِجِ الْحِرْزِ وَنَاوَلَهُ وَالضَّمِيرُ فِيهِ لِلنَّقْبِ

(قَوْلُهُ: سَوَاءٌ أَخَذَهُ غَيْرُهُ أَمْ لَا إلَخْ.) هَذَا بِالنِّسْبَةِ لِمَا قَبْلَ مَسْأَلَةِ الْإِحْرَاقِ

<<  <  ج: ص:  >  >>