للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إذَا عَبَرَ أَيَّامَ عَادَتِهَا اغْتَسَلَتْ وَصَامَتْ وَصَلَّتْ لِظُهُورِ الِاسْتِحَاضَةِ لِأَنَّهَا تَثْبُتُ بِمَرَّةٍ جَزْمًا، وَلَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ تَكُونَ عَادَتُهَا أَنْ تَحِيضَ أَيَّامًا مِنْ كُلِّ شَهْرٍ أَوْ مِنْ كُلِّ سَنَةٍ أَوْ أَكْثَرَ، وَشَمِلَ كَلَامُهُمْ هُنَا الْآيِسَةَ إذَا حَاضَتْ وَجَاوَزَ دَمُهَا خَمْسَةَ عَشَرَ فَتَرُدُّ لِعَادَتِهَا قَبْلَ الْيَأْسِ لِمَا يَأْتِي فِي الْعَدَدِ أَنَّهَا تَحِيضُ بِرُؤْيَةِ الدَّمِ وَيَتَبَيَّنُ أَنَّهَا غَيْرُ آيِسَةٍ فَلَزِمَ كَوْنُهَا مُسْتَحَاضَةً بِمُجَاوَزَةِ دَمِهَا الْأَكْثَرَ، وَقَوْلُ الْفَتَى وَكَثِيرِينَ مِنْ مُعَاصِرِيهِ إنَّهُ دَمٌ فَسَادٍ غَفْلَةٌ عَمَّا ذَكَرُوهُ فِي الْعَدَدِ أَنَّهُمْ أَرَادُوا الْحُكْمَ عَلَى جَمِيعِهِ بِذَلِكَ وَإِلَّا فَهُوَ تَحَكُّمٌ مُخَالِفٌ لِتَصْرِيحِهِمْ هُنَا أَنَّ دَمَ الْحَيْضِ الْمُجَاوِزَ اسْتِحَاضَةٌ، وَيُمْكِنُ الْجَوَابُ عَنْهُمْ بِأَنَّهُ يُطْلَقُ عَلَى الِاسْتِحَاضَةِ أَنَّهَا دَمُ فَسَادٍ فَلَمْ يُخَالِفُوا غَيْرَهُمْ (وَتَثْبُتُ) الْعَادَةُ إنْ لَمْ تَخْتَلِفْ (بِمَرَّةٍ فِي الْأَصَحِّ) لِأَنَّهَا فِي مُقَابَلَةِ الِابْتِدَاءِ فَمَنْ حَاضَتْ فِي شَهْرٍ خَمْسَةً ثُمَّ اُسْتُحِيضَتْ رَدَّتْ إلَى الْخَمْسَةِ كَمَا تَرُدُّ إلَيْهَا لَوْ تَكَرَّرَتْ.

وَمُقَابِلُ الْأَصَحِّ لَا تَثْبُتُ إلَّا بِمَرَّتَيْنِ لِأَنَّ الْعَادَةَ مُشْتَقَّةٌ مِنْ الْعَوْدِ.

وَأَجَابَ الْأَوَّلُ بِأَنَّ لَفْظَ الْعَادَةِ لَمْ يَرِدْ بِهِ نَصٌّ فَيَتَعَلَّقُ بِهِ، أَمَّا إذَا اخْتَلَفَتْ عَادَتُهَا وَانْتَظَمَتْ بِأَنْ كَانَتْ تَحِيضُ فِي شَهْرٍ ثَلَاثَةً مَثَلًا، وَفِي الثَّانِي خَمْسَةً، وَفِي الثَّالِثِ سَبْعَةً، وَفِي الرَّابِعِ ثَلَاثَةً، وَفِي الْخَامِسِ خَمْسَةً، وَفِي السَّادِسِ سَبْعَةً ثَبَتَ هَذَا الدَّوَرَانُ بِمَرَّةٍ نَشَأَ مِنْ عَادَةٍ ثَبَتَتْ بِمَرَّتَيْنِ وَالْعَادَةُ الْمُخْتَلِفَةُ إنَّمَا تَثْبُتُ بِمَرَّتَيْنِ، وَأَقَلُّ مَا يَحْصُلُ مَا مَثَّلْنَا فِي سِتَّةِ أَشْهُرٍ.

وَإِنْ اُسْتُحِيضَتْ فِي شَهْرٍ بَنَتْ عَلَيْهِ فَإِنْ لَمْ يَدُرْ الدَّوْرُ الثَّانِي عَلَى النَّظْمِ السَّابِقِ كَأَنْ اُسْتُحِيضَتْ فِي الشَّهْرِ الرَّابِعِ رَدَّتْ إلَى السَّبْعَةِ دُونَ الْعَادَاتِ السَّابِقَةِ، فَإِنْ لَمْ تَنْتَظِمْ بِأَنْ كَانَتْ تَتَقَدَّمُ هَذِهِ مَرَّةً وَهَذِهِ أُخْرَى رَدَّتْ إلَى مَا قَبْلَ شَهْرِ الِاسْتِحَاضَةِ إنْ ذَكَرَتْهُ لِثُبُوتِ الْعَادَةِ بِمَرَّةٍ.

وَيَلْزَمُهَا الِاحْتِيَاطُ إلَى آخِرِ أَكْثَرِ عَادَتِهَا إنْ لَمْ يَكُنْ هُوَ الَّذِي قَبْلَ شَهْرِ اسْتِحَاضَتِهَا، فَإِنْ نَسِيَتْ مَا قَبْلَ شَهْرِ الِاسْتِحَاضَةِ أَوْ نَسِيَتْ كَيْفِيَّةَ الدَّوَرَانِ دُونَ الْعَادَةِ حِيضَتْ فِي كُلِّ شَهْرٍ ثَلَاثَةً لِكَوْنِهَا الْمُتَيَقَّنَ وَتَحْتَاطُ إلَى آخِرِ أَكْثَرِ الْعَادَاتِ وَتَغْتَسِلُ آخِرَ كُلِّ نَوْبَةٍ لِاحْتِمَالِ انْقِطَاعِ دَمِهَا عِنْدَهُ.

ثُمَّ شَرَعَ فِي الْمُسْتَحَاضَةِ الرَّابِعَةِ وَهِيَ الْمُعْتَادَةُ الْمُمَيِّزَةُ فَقَالَ (وَيُحْكَمُ لِلْمُعْتَادَةِ) الْمُمَيِّزَةِ (بِالتَّمْيِيزِ لَا الْعَادَةِ) الْمُخَالِفَةِ لَهُ (فِي الْأَصَحِّ) إنْ لَمْ يَتَخَلَّلْ بَيْنَهُمَا أَقَلُّ الطُّهْرِ، لِأَنَّ التَّمْيِيزَ أَقْوَى مِنْ الْعَادَةِ لِظُهُورِهِ وَلِأَنَّهُ عَلَامَةٌ فِي الدَّمِ وَهِيَ عَلَامَةٌ فِي صَاحِبَتِهِ وَلِأَنَّهُ عَلَامَةٌ حَاضِرَةٌ وَالْعَادَةُ عَلَامَةٌ مُنْقَضِيَةٌ، فَلَوْ كَانَتْ عَادَتُهَا خَمْسَةً مِنْ أَوَّلِ الشَّهْرِ وَبَقِيَّتُهُ طُهْرٌ فَرَأَتْ عَشَرَةً أَسْوَدَ مِنْ أَوَّلِ الشَّهْرِ وَبَقِيَّتَهُ أَحْمَرَ حُكِمَ بِأَنَّ حَيْضَهَا الْعَشَرَةُ لَا الْخَمْسَةُ الْأُولَى مِنْهَا وَالثَّانِي تَأْخُذُ كَالْعَادَةِ لِأَنَّهَا قَدْ ثَبَتَتْ وَاسْتَقَرَّتْ وَصِفَةُ الدَّمِ بِصَدَدِ الزَّوَالِ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

أَيْ عَلَى رَأْسِ الْخَمْسَةَ عَشَرَ.

وَالْمُرَادُ أَنْ لَا يُجَاوِزَهَا (قَوْلُهُ: إذَا عَبَرَ) أَيْ جَاوَزَ (قَوْلُهُ: أَنَّهُ) أَيْ مَا تَرَاهُ الْآيِسَةُ (قَوْلُهُ: غَفْلَةٌ إلَخْ) قَدْ يُمْنَعُ بِمَنْعِ أَنَّ مَا قَالُوهُ غَفْلَةٌ وَأَنَّ مَا يَأْتِي فِي الْعَدَدِ يَرُدُّ مَا قَالُوهُ لِجَوَازِ أَنْ يَكُونَ مَا فِي الْعَدَدِ فِيمَا إذَا عُلِمَ وُجُودُ دَمِ الْحَيْضِ بِشُرُوطِهِ بَعْدَ سِنِّ الْيَأْسِ وَالدَّمُ فِيمَا نَحْنُ فِيهِ مَشْكُوكٌ فِيهِ اهـ سم عَلَى حَجّ.

أَقُولُ: وَقَدْ يُتَوَقَّفُ فِي قَوْلِهِ مَشْكُوكٌ فِيهِ مَعَ قَوْلِهِمْ إنَّ الْآيِسَةَ إذَا رَأَتْ دَمًا لَمْ يَنْقُصْ عَنْ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ حُكِمَ بِأَنَّهُ حَيْضٌ فَمَا مَعْنَى كَوْنِهِ مَشْكُوكًا فِيهِ مَعَ أَنَّ هَذَا لَوْ وُجِدَ مِثْلُهُ لِغَيْرِ الْآيِسَةِ لَمْ يُجْعَلْ مَشْكُوكًا فِيهِ بَلْ يُحْكَمُ بِأَنَّهُ حَيْضٌ بِالنِّسْبَةِ لِقَدْرِ عَادَتِهَا وَلِمَا زَادَ بِأَنَّهُ اسْتِحَاضَةٌ، إلَّا أَنْ يُقَالَ: لَمَّا خَالَفَتْ مَنْ ثَبَتَ لَهُنَّ بِالِاسْتِقْرَاءِ الْيَأْسُ فِي هَذِهِ الْمَرَّةِ أَوْرَثَنَا الشَّكَّ فِيمَا رَأَتْهُ مِنْ الدَّمِ حَيْثُ جَاوَزَ أَكْثَرَ الْحَيْضِ (قَوْلُهُ: ثَبَتَتْ بِمَرَّتَيْنِ) أَيْ فَتَرُدُّ إلَيْهَا عَلَى هَذَا الْوَجْهِ الَّذِي ثَبَتَ لَهَا قَبْلَ الِاسْتِحَاضَةِ (قَوْلُهُ: رَدَّتْ إلَى السَّبْعَةِ) السَّبْعَةُ فِي هَذَا الْمِثَالِ هِيَ أَكْثَرُ النُّوَبِ، فَلَوْ كَانَ الشَّهْرُ الثَّالِثُ ثَلَاثَةً أَوْ خَمْسَةً رَدَّتْ إلَيْهِ وَاحْتَاطَتْ فِي الزَّائِدِ عَلَى مَا يُفِيدُهُ كَلَامُ الْمَنْهَجِ، لَكِنْ قَالَ سم عَلَيْهِ: الَّذِي فِي الْعُبَابِ وَغَيْرِهِ أَنَّهُ حَيْثُ لَمْ يَتَكَرَّرْ الدَّوْرُ تَرُدُّ لِلنَّوْبَةِ الْأَخِيرَةِ وَلَا احْتِيَاطَ عَلَيْهَا مُطْلَقًا وَهُوَ مُقْتَضَى إطْلَاقِ الْمِنْهَاجِ.

(قَوْلُهُ: الْمُمَيِّزَةِ) بِأَنْ رَأَتْ قَوِيًّا وَضَعِيفًا.

ــ

[حاشية الرشيدي]

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

<<  <  ج: ص:  >  >>