للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لِعُذْرِهِ بِالْحَمِيَّةِ وَالْغَيْظِ، وَمَحَلُّ ذَلِكَ إنْ ثَبَتَ عَلَيْهِ مَا ذُكِرَ وَإِلَّا جَازَ لَهُ قَتْلُهُ بَاطِنًا، وَأُقِيدَ بِهِ ظَاهِرًا كَمَا فِي الْأُمِّ، وَكَقَطْعِ الشَّخْصِ أَطْرَافَ نَفْسِهِ وَكَقَذْفِهِ مَنْ لَاعَنَهَا وَتَكْلِيفِ قِنِّهِ فَوْقَ طَاقَتِهِ وَضَرْبِ حَلِيلَتِهِ تَعَدِّيًا وَوَطِئَهَا فِي دُبُرِهَا أَوَّلَ مَرَّةٍ فِي الْجَمِيعِ وَلَا يُنَافِي الْأَخِيرَةَ تَعْزِيرُهُ عَلَى وَطْءِ الْحَائِضِ؛ لِأَنَّهُ أَفْحَشُ لِلْإِجْمَاعِ عَلَى تَحْرِيمِهِ، وَكَفَرَ مُسْتَحِلُّهُ مَعَ أَنَّ الْوَطْءَ فِي الدُّبُرِ رَذِيلَةٌ يَنْبَغِي عَدَمُ إذَاعَتِهَا، وَكَالْأَصْلِ لَحِقَ فَرْعُهُ مَا سِوَى قَذْفِهِ كَمَا مَرَّ، وَكَتَأْخِيرِ قَادِرٍ نَفَقَةَ زَوْجَةٍ طَلَبَتْهَا أَوَّلَ النَّهَارِ، فَإِنَّهُ لَا يُحْبَسُ وَلَا يُوَكِّلُ بِهِ وَإِنْ أَثِمَ كَمَا قَالَهُ الْإِمَامُ، وَكَتَعْرِيضِ أَهْلِ الْبَغْيِ بِسَبِّ الْإِمَامِ، عَلَى أَنَّهُ قَدْ يُقَالُ انْتِفَاءُ تَعْزِيرِهِمْ؛ لِأَنَّ التَّعْرِيضَ عِنْدَنَا غَيْرُ مُلْحَقٍ بِالتَّصْرِيحِ فَلَا يَكُونُ مِمَّا نَحْنُ فِيهِ، لَكِنَّ قَضِيَّةَ قَوْلِ الْبَحْرِ رُبَّمَا هَيَّجَهُمْ التَّعْزِيرُ لِلْقِتَالِ فَيُتْرَكُ أَنَّ تَرْكَهُ لَيْسَ لِكَوْنِ سَبَبِهِ غَيْرَ مَعْصِيَةٍ، وَكَمَنْ لَا يُفِيدُ فِيهِ إلَّا الضَّرْبُ الْمُبَرِّحُ فَلَا يُضْرَبُ أَصْلًا كَمَا نَقَلَهُ الْإِمَامُ عَنْ الْمُحَقِّقِينَ، وَهُوَ الْأَصَحُّ وَإِنْ بَحَثَ فِيهِ الرَّافِعِيُّ بِأَنَّهُ يَنْبَغِي ضَرْبُهُ غَيْرَ مُبَرِّحٍ إقَامَةً لِصُورَةِ الْوَاجِبِ وَاعْتَمَدَهُ جَمْعٌ، وَقَدْ يُجَامِعُ التَّعْزِيرُ الْكَفَّارَةَ كَمُجَامِعِ حَلِيلَتِهِ نَهَارَ رَمَضَانَ وَكَالْمُظَاهِرِ وَحَالِفِ يَمِينٍ غَمُوسٍ وَكَقَتْلِ مَنْ لَا يُقَادُ بِهِ، وَمِنْ اجْتِمَاعِهِمَا تَعْلِيقُ يَدِ السَّارِقِ فِي عُنُقِهِ سَاعَةً زِيَادَةً فِي نَكَالِهِ وَكَالزِّيَادَةِ عَلَى

ــ

[حاشية الشبراملسي]

لِلْحَاكِمِ، وَبَيْنَ مَنْ لَمْ يَثْبُتْ زِنَاهُ فَيَجُوزُ قَتْلُهُ لِعُذْرِهِ حَيْثُ رَآهُ يَزْنِي بِأَهْلِهِ، وَعَجَزَ عَنْ إثْبَاتِهِ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ لِعُذْرِهِ بِالْحَمِيَّةِ) أَيْ إرَادَةِ الْمَنْعِ عَمَّا يُطْلَبُ مِنْهُ حِمَايَتُهُ، وَفِي الْمُخْتَارِ: الْحَمِيَّةُ: الْعَارُ وَالْأَنَفَةُ (قَوْلُهُ وَتَكْلِيفِ قِنِّهِ) أَيْ أَوْ دَابَّتِهِ (قَوْلُهُ: وَوَطْئِهَا فِي دُبُرِهَا) قِيلَ هَذَا بِالنِّسْبَةِ لَهُ.

أَمَّا هِيَ فَتُعَزَّرُ، وَهُوَ مَمْنُوعٌ إلَّا بِنَقْلٍ م ر اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: أَوَّلَ مَرَّةٍ) الْمُرَادُ قَبْلَ نَهْيِ الْحَاكِمِ لَهُ، وَلَوْ أَكْثَرَ مِنْ مَرَّةٍ انْتَهَى سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ فِي الْجَمِيعِ) الظَّاهِرُ رُجُوعُهُ لِمَا مَرَّ مِنْ قَوْلِهِ كَذَوِي الْهَيْئَاتِ إلَى هُنَا، وَمَعْلُومٌ أَنَّ التَّقْيِيدَ لَا يَأْتِي فِي مَسْأَلَةِ الزَّانِي، وَيَدْخُلُ فِيهِ حِينَئِذٍ مَنْ قَطَعَ أَطْرَافَ نَفْسِهِ مُرَتِّبًا (قَوْلُهُ: وَكَفَرَ مُسْتَحِلُّهُ) قَضِيَّتُهُ أَنَّ وَطْءَ الْحَلِيلَةِ فِي دُبُرِهَا غَيْرُ مُجْمَعٍ عَلَى تَحْرِيمِهِ وَعَدَمِ كُفْرِ مُسْتَحِلِّهِ (قَوْلُهُ: لَحِقَ فَرْعُهُ) أَيْ فَلَا يُعَزَّرُ لَهُ (قَوْلُهُ: مَا سِوَى قَذْفِهِ) أَيْ فَيُعَذَّرُ فِيهِ.

(قَوْلُهُ: غَيْرُ مُلْحَقٍ بِالتَّصْرِيحِ) لَا يَخْفَى أَنَّ التَّعْرِيضَ بِالْغَيْرِ بِمَا يُكْرَهُ مِنْ أَفْرَادِ الْغَيْبَةِ أَخْذًا مِنْ قَوْلِ الشَّارِحِ السَّابِقِ فِي مَبْحَثِ خُطْبَةِ النِّكَاحِ فِي حَدِّ الْغَيْبَةِ وَلَوْ بِإِشَارَةٍ أَوْ إيمَاءٍ بَلْ وَبِالْقَلْبِ بِأَنْ أَصَرَّ عَلَى اسْتِحْضَارِهِ اهـ، فَهُوَ مَعْصِيَةٌ لَا حَدَّ فِيهَا وَلَا كَفَّارَةَ، فَعَدَمُ التَّعْزِيرِ عَلَيْهِ هُنَا إذَا اعْتَرَفَ بِقَصْدِهِ الْمُعْرِضِ بِهِ يُوجِبُ الِاسْتِثْنَاءَ فَقَوْلُ لَيْسَ كَالتَّصْرِيحِ فِيهِ نَظَرٌ، نَعَمْ لَيْسَ هُوَ كَالتَّصْرِيحِ فِي حُكْمِ الْقَذْفِ، وَلَيْسَ الْكَلَامُ فِيهِ فَلْيَتَأَمَّلْ اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: لِكَوْنِ سَبِّهِ غَيْرَ مَعْصِيَةٍ) أَيْ فَهُوَ مَعْصِيَةٌ، وَهَذَا يُفِيدُ أَنَّ التَّعْرِيضَ بِسَبِّ غَيْرِ الْإِمَامِ مِنْ غَيْرِ الْبُغَاةِ أَيْضًا مَعْصِيَةٌ، وَقَضِيَّةُ تَوْجِيهِ الْبَحْرِ ثُبُوتُ التَّعْزِيرِ لِعَدَمِ الْمَعْنَى الَّذِي انْتَفَى بِسَبَبِهِ تَعْزِيرُهُمْ عَلَى سَبِّ الْإِمَامِ، وَكَذَا ثُبُوتُ تَعْزِيرِ غَيْرِهِمْ بِسَبَبِ الْإِمَامِ لِذَلِكَ اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: وَحَالِفِ يَمِينٍ غَمُوسٍ) أَيْ كَاذِبَةٍ.

وَمَحَلُّ ذَلِكَ إذَا اعْتَرَفَ بِحَلِفِهِ كَاذِبًا، وَأَمَّا إذَا حَلَفَ، وَأُقِيمَتْ عَلَيْهِ الْبَيِّنَةُ فَلَا تَعْزِيرَ لِاحْتِمَالِ كَذِبِ الْبَيِّنَةِ (قَوْلُهُ: وَكَقَتْلِ مَنْ لَا يُقَادُ بِهِ) يَشْمَلُ قَتْلَ الْوَالِدِ وَلَدَهُ، وَقَدْ مَثَّلَ بِهِ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ اهـ سم عَلَى حَجّ: أَيْ وَهُوَ مُخَالِفٌ لِعُمُومِ قَوْلِهِ السَّابِقِ مَا سِوَى قَذْفِهِ فَتُضَمُّ هَذِهِ الصُّورَةُ إلَى الْقَذْفِ (قَوْلُهُ وَمِنْ اجْتِمَاعِهِمَا) أَيْ الْحَدِّ وَالتَّعْزِيرِ

ــ

[حاشية الرشيدي]

أَوَّلُ زَلَّةٍ وَهِيَ وَاقِعَةُ حَالٍ فِعْلِيَّةٍ اهـ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا جَازَ لَهُ قَتْلُهُ بَاطِنًا إلَى آخِرِهِ) أَيْ بِخِلَافِ مَا إذَا ثَبَتَ عَلَيْهِ فَإِنَّهُ يَصِيرُ مِنْ الْأُمُورِ الظَّاهِرَةِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِالْإِمَامِ فَقَتْلُهُ حِينَئِذٍ فِيهِ افْتِيَاتٌ عَلَى الْإِمَامِ فَحَرُمَ، فَمَا ذَكَرَهُ الشِّهَابُ ابْنُ قَاسِمٍ هُنَا غَيْرُ ظَاهِرٍ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ التَّعْرِيضَ عِنْدَنَا لَيْسَ كَالتَّصْرِيحِ) قَالَ ابْنُ قَاسِمٍ: لَا يَخْفَى أَنَّ التَّعْرِيضَ بِمَا يُكْرَهُ مِنْ أَفْرَادِ الْغِيبَةِ فَهُوَ مَعْصِيَةٌ لَا حَدَّ فِيهَا وَلَا كَفَّارَةَ (قَوْلُهُ: وَمِنْ اجْتِمَاعِهِمَا تَعْلِيقُ يَدِ السَّارِقِ إلَخْ) هَذَا مِنْ اجْتِمَاعِ الْحَدِّ مَعَ التَّعْزِيرِ

<<  <  ج: ص:  >  >>