للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لِمُخَالَفَتِهِ لِلْعَادَةِ فِي رَبْطِهَا لَيْلًا (وَهِرَّةٌ تُتْلِفُ طَيْرًا أَوْ طَعَامًا إنْ عُهِدَ ذَلِكَ مِنْهَا) وَلَوْ مَرَّةً كَمَا بَحَثَهُ بَعْضُهُمْ، وَيُحْتَمَلُ ضَبْطُهُ بِمَا يُعْلَمُ بِهِ تَأَدُّبُ جَارِحَةِ الصَّيْدِ (ضَمِنَ مَالِكُهَا) يَعْنِي مَنْ يُؤْوِيهَا؛ لِأَنَّهُ كَانَ مِنْ حَقِّهِ رَبْطُهَا لِيَكْفِيَ غَيْرَهُ شَرَّهَا، نَعَمْ لَوْ رَبَطَهَا فَانْفَلَتَتْ بِغَيْرِ تَقْصِيرٍ مِنْهُ فَلَا ضَمَانَ (فِي الْأَصَحِّ لَيْلًا وَنَهَارًا) لِمَا مَرَّ، وَمِثْلُهَا كُلُّ حَيَوَانٍ عُرِفَ بِالْإِضْرَارِ، وَإِنْ لَمْ يَمْلِكْ فَيَضْمَنُ ذُو جَمَلٍ أَوْ كَلْبٍ عَقُورٍ مَا يُتْلِفُهُ إنْ أَرْسَلَهُ أَوْ قَصَّرَ فِي رَبْطِهِ، وَالثَّانِي لَا يَضْمَنُ لَيْلًا وَلَا نَهَارًا؛ لِأَنَّ الْعَادَةَ أَنَّ الْهِرَّةَ لَا تُرْبَطُ (وَإِلَّا) بِأَنْ لَمْ يَعْهَدْ ذَلِكَ مِنْهَا (فَلَا) يَضْمَنُ (فِي الْأَصَحِّ) ؛ لِأَنَّ الْعَادَةَ حِفْظُ الطَّعَامِ عَنْهَا لَا رَبْطُهَا وَلَا يَجُوزُ قَتْلُ مَنْ عَهِدَ ذَلِكَ مِنْهَا، إلَّا حَالَةَ عَدْوِهَا فَقَطْ حَيْثُ تَعَيَّنَ قَتْلُهَا طَرِيقًا لِدَفْعِهَا، وَإِلَّا دَفَعَهَا كَالصَّائِلِ وَشَمَلَ ذَلِكَ مَا لَوْ خَرَجَتْ أَذِيَّتُهَا عَنْ عَادَةِ الْقِطَطِ وَتَكَرَّرَ ذَلِكَ مِنْهَا.

وَالثَّانِي يَضْمَنُ فِي اللَّيْلِ دُونَ النَّهَارِ كَالدَّابَّةِ، وَشَمَلَ مَا تَقَرَّرَ مَا لَوْ كَانَتْ حَامِلًا فَتُدْفَعُ كَمَا لَوْ صَالَتْ وَهِيَ حَامِلٌ، وَسُئِلَ الْبُلْقِينِيُّ عَمَّا جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ مِنْ وِلَادَةِ هِرَّةٍ فِي مَحَلٍّ وَتَأَلَّفَ ذَلِكَ الْمَحَلُّ بِحَيْثُ تَذْهَبُ وَتَعُودُ إلَيْهِ لِلْإِيوَاءِ فَهَلْ يَضْمَنُ مَالِكُ الْمَحَلِّ مُتْلَفَهَا؟ وَأَجَابَ بِعَدَمِهِ حَيْثُ لَمْ تَكُنْ فِي يَدِ أَحَدٍ، وَإِلَّا ضَمِنَ ذُو الْيَدِ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

قَوْلُهُ: وَلَوْ مَرَّةً كَمَا بَحَثَهُ بَعْضُهُمْ) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: يُعْنَى مَنْ يُؤْوِيهَا) أَيْ بِحَيْثُ لَوْ غَابَتْ تَفَقَّدَهَا وَفَتَّشَ عَلَيْهَا (قَوْلُهُ: فَانْفَلَتَتْ بِغَيْرِ تَقْصِيرٍ مِنْهُ) أَيْ وَيُصَدَّقُ فِي ذَلِكَ (قَوْلُهُ: وَمِثْلُهَا كُلُّ حَيَوَانٍ) أَيْ فَيَضْمَنُ ذُو الْيَدِ مَا أَتْلَفَهُ الْحَيَوَانُ، وَإِنْ سَلَّمَهُ لِصَغِيرٍ لَا يَقْدِرُ عَلَى مَنْعِهِ مِنْ الْإِضْرَارِ، بِخِلَافِ مَا إذَا سَلَّمَهُ لِمَنْ يَقْدِرُ عَلَى حِفْظِهِ فَأَتْلَفَ شَيْئًا فَلَا ضَمَانَ عَلَى الْمُسَلِّمِ وَلَا عَلَى مَنْ هِيَ مَعَهُ إنْ انْفَلَتَتْ مِنْهُ وَأَتْلَفَتْ قَهْرًا عَلَيْهِ، وَإِلَّا فَالضَّمَانُ عَلَى مَنْ هِيَ فِي يَدِهِ كَمَا عُلِمَ مِنْ قَوْلِهِ مَنْ كَانَ مَعَ دَابَّةٍ (قَوْلُهُ: حَيْثُ تَعَيَّنَ قَتْلُهَا طَرِيقًا) أَيْ أَمَّا إذَا لَمْ يَتَعَيَّنْ بِأَنْ أَمْكَنَ دَفْعُهَا بِضَرْبٍ أَوْ زَجْرٍ فَلَا يَجُوزُ قَتْلُهَا بَلْ يَدْفَعُهَا بِالْأَخَفِّ فَالْأَخَفِّ كَدَفْعِ الصَّائِلِ، وَمِنْهُ مَا لَوْ كَانَتْ الْهِرَّةُ صَغِيرَةً لَا يُفِيدُ مَعَهَا الدَّفْعُ بِالضَّرْبِ الْخَفِيفِ وَلَكِنْ يُمْكِنُ دَفْعُهَا بِأَنْ يُخْرِجَهَا مِنْ الْبَيْتِ وَيُغْلِقَهُ دُونَهَا أَوْ بِأَنْ يُكَرِّرَ دَفْعَهَا عَنْهُ مَرَّةً بَعْدَ أُخْرَى فَلَا يَجُوزُ قَتْلُهَا وَلَا ضَرْبُهَا ضَرْبًا شَدِيدًا (قَوْلُهُ فَتُدْفَعُ) أَيْ وَإِنْ سَقَطَ حَمْلُهَا.

ــ

[حاشية الرشيدي]

مُتَعَلِّقٌ بِصَدْرِ الْمَسْأَلَةِ فَأَوْرَدَهُ مِنْ غَيْرِ تَأَمُّلٍ فَلَمْ يَكُنْ لَهُ مَوْقِعٌ (قَوْلُهُ: يَعْنِي مَنْ يُؤْوِيهَا) أَيْ فَلَيْسَ مِلْكُهَا قَيْدًا حَتَّى لَوْ كَانَتْ مَمْلُوكَةً لِلْغَيْرِ وَآوَاهَا غَيْرُهُ تَعَلَّقَ الضَّمَانُ بِهِ وَإِلَّا فَالْهِرَّةُ تُمْلَكُ كَمَا صَرَّحُوا بِهِ، وَهُوَ ظَاهِرٌ لِأَنَّهَا مِنْ جُمْلَةِ الْمُبَاحَاتِ تُمْلَكُ بِوَضْعِ الْيَدِ، هَكَذَا ظَهَرَ مِنْ تَفْسِيرِ الشَّارِحِ فَانْظُرْ هَلْ الْحُكْمُ كَذَلِكَ؟

<<  <  ج: ص:  >  >>