للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وِلَادَةٍ أَوْ نَسَبٍ أَوْ وِلَايَةٍ مَصْحُوبَةٍ بِصِيَانَةٍ قَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ: أَوْ لِمَنْ يُرْجَى خَيْرُهُ أَوْ يُخَافُ مِنْ شَرِّهِ وَلَوْ كَافِرًا خُشِيَ مِنْهُ ضَرَرًا لَا يُحْتَمَلُ عَادَةً، وَيَكُونُ عَلَى جِهَةِ الْبِرِّ وَالْإِكْرَامِ لَا الرِّيَاءِ وَالْإِعْظَامِ، وَيَحْرُمُ عَلَى دَاخِلٍ حُبُّ قِيَامِ الْقَوْمِ لَهُ لِلْحَدِيثِ الْحَسَنِ «مَنْ أَحَبَّ أَنْ يَتَمَثَّلَ النَّاسُ لَهُ قِيَامًا فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنْ النَّارِ» كَمَا فِي الرَّوْضَةِ، وَحَمَلَهُ بَعْضُهُمْ عَلَى مَا إذَا أَحَبَّ قِيَامَهُمْ وَاسْتِمْرَارَهُ وَهُوَ جَالِسٌ أَوْ طَلَبًا لِلتَّكَبُّرِ عَلَى غَيْرِهِ، وَهَذَا أَخَفُّ تَحْرِيمًا مِنْ الْأَوَّلِ، إذْ هُوَ التَّمَثُّلُ فِي الْخَبَرِ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ الْبَيْهَقِيُّ.

وَأَمَّا مَنْ أَحَبَّهُ جُودًا مِنْهُمْ عَلَيْهِ لِمَا أَنَّهُ صَارَ شِعَارًا لِلْمَوَدَّةِ فَلَا حُرْمَةَ فِيهِ وَلَا بَأْسَ بِتَقْبِيلِ وَجْهِ صَبِيٍّ رَحْمَةً وَمَوَدَّةً.

وَيُنْدَبُ تَقْبِيلُ قَادِمٍ مِنْ سَفَرٍ وَمُعَانَقَتِهِ، وَيَحْرُمُ تَقْبِيلُ أَمْرَدَ حَسَنٍ لَا مَحْرَمِيَّةَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ وَنَحْوُهَا وَمَسُّ شَيْءٍ مِنْ بَدَنِهِ بِلَا حَائِلٍ كَمَا مَرَّ

وَيُسَنُّ تَشْمِيتُ عَاطِسٍ إذَا حَمِدَ بِيَرْحَمُكَ اللَّهُ أَوْ رَبُّك، وَإِنَّمَا سُنَّ ضَمِيرُ الْجَمْعِ فِي السَّلَامِ وَلَوْ لِوَاحِدٍ لِلْمَلَائِكَةِ الَّذِينَ مَعَهُ وَلِصَغِيرٍ بِنَحْوِ أَصْلَحَك اللَّهُ، أَوْ بَارَكَ فِيكَ وَيُكْرَهُ قَبْلَ الْحَمْدِ، فَإِنْ سَكَتَ قَالَ يَرْحَمُ اللَّهُ مَنْ حَمِدَهُ أَوْ يَرْحَمُكَ اللَّهُ إنْ حَمِدْتَهُ.

وَيُسَنُّ تَذْكِيرُهُ الْحَمْدَ، وَمَنْ سَبَقَ الْعَاطِسَ بِالْحَمْدِ أَمِنَ مِنْ الشَّوَصِ وَهُوَ وَجَعُ الضِّرْسِ، وَاللَّوَصِ وَهُوَ وَجَعُ الْأُذُنِ، وَالْعِلَّوْصِ وَهُوَ وَجَعُ الْبَطْنِ كَمَا جَاءَ بِذَلِكَ الْخَبَرُ الْمَشْهُورُ، وَيُكَرَّرُ التَّشْمِيتُ إلَى ثَلَاثٍ، ثُمَّ يَدْعُو لَهُ بَعْدَهَا بِالشِّفَاءِ، وَلَا حَاجَةَ لِتَقْيِيدِ بَعْضِهِمْ ذَلِكَ بِمَا إذَا عُلِمَ كَوْنُهُ مَزْكُومًا؛ لِأَنَّ الزِّيَادَةَ الْمَذْكُورَةَ مَعَ تَتَابُعِهَا عُرْفًا مَظِنَّةَ الزُّكَامِ وَنَحْوِهِ، وَالْأَوْجَهُ أَنَّهَا لَوْ لَمْ تَتَتَابَعْ كَذَلِكَ سُنَّ التَّشْمِيتُ بِتَكَرُّرِهَا مُطْلَقًا.

وَيُسَنُّ لِلْعَاطِسِ وَضْعُ شَيْءٍ عَلَى وَجْهِهِ وَخَفْضُ صَوْتِهِ مَا أَمْكَنَ وَإِجَابَةُ مُشَمِّتِهِ بِنَحْوِ يَهْدِيكُمْ اللَّهُ وَلَمْ يَجِبْ؛ لِأَنَّهُ لَا إخَافَةَ بِتَرْكِهِ، بِخِلَافِ رَدِّ السَّلَامِ

(وَلَا جِهَادَ عَلَى صَبِيٍّ وَمَجْنُونٍ) لِعَدَمِ تَكْلِيفِهِمَا (وَامْرَأَةٍ) لِخَبَرِ الْبُخَارِيِّ «جِهَادُكُنَّ الْحَجُّ وَالْعُمْرَةُ» وَلِأَنَّهَا مَجْبُولَةٌ عَلَى الضَّعْفِ وَمِثْلُهَا الْخُنْثَى (وَمَرِيضٍ) مَرَضًا يَمْنَعُهُ الرُّكُوبَ أَوْ الْقِتَالَ بِأَنْ تَحْصُلَ لَهُ مَشَقَّةٌ لَا تُحْتَمَلُ عَادَةً، وَإِنْ لَمْ تُبِحْ التَّيَمُّمَ فِيمَا يَظْهَرُ، وَمِثْلُهُ بِالْأَوْلَى الْأَعْمَى، وَكَالْمَرِيضِ مَنْ لَهُ مَرِيضٌ لَا مُتَعَهِّدَ لَهُ غَيْرُهُ، وَكَالْأَعْمَى ذُو رَمَدٍ وَضَعِيفِ بَصَرٍ لَا يُمْكِنُهُ مَعَهُ اتِّقَاءُ السِّلَاحِ (وَذِي عَرَجٍ بَيِّنٍ) وَلَوْ فِي رِجْلٍ وَإِنْ قَدَرَ عَلَى الرُّكُوبِ وَخَرَجَ بِبَيِّنِ يَسِيرِهِ الَّذِي لَا يَمْنَعُ الْعَدْوَ (وَأَقْطَعَ وَأَشَلَّ) وَلَوْ لِمُعْظَمِ أَصَابِعِ يَدٍ وَاحِدَةٍ، إذْ لَا بَطْشَ لَهُمَا وَلَا نِكَايَةَ، وَمِثْلُهُمَا فَاقِدُ الْأَنَامِلِ، وَيُفَرَّقُ بَيْنَ اعْتِبَارِ مُعْظَمِ الْأَصَابِعِ هُنَا

ــ

[حاشية الشبراملسي]

الْمُعَلِّمِ الْمُسْلِمِ (قَوْلُهُ أَوْ وِلَايَةٍ) كَالْقَاضِي (قَوْلُهُ: مَصْحُوبَةٍ بِصِيَانَةٍ) رَاجِعٌ لِلْجَمِيعِ (قَوْلُهُ: وَيَكُونُ عَلَى جِهَةٍ) أَيْ وُجُوبًا (قَوْلُهُ: وَلَا بَأْسَ بِتَقْبِيلِ وَجْهٍ) أَيْ فِي أَيِّ مَحَلٍّ فِيهِ وَلَوْ فِي الْفَمِ، وَقَوْلُهُ صَبِيٍّ لَا يُشْتَهَى أَوْ صَبِيَّةٍ (قَوْلُهُ: وَيُنْدَبُ تَقْبِيلُ) أَيْ فِي وَجْهِهِ (قَوْلُهُ: وَنَحْوُهَا) كَالْمِلْكِ: أَيْ مِنْ غَيْرِ شَهْوَةٍ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ: كَمَا مَرَّ) عِبَارَتُهُ فِيمَا مَرَّ: وَلَوْ بِحَائِلٍ وَنَصُّهَا فِي كِتَابِ النِّكَاحِ

. (قَوْلُهُ: وَيُسَنُّ تَشْمِيتُ عَاطِسٍ) ظَاهِرُهُ، وَلَوْ كَانَ كَافِرًا وَلَوْ قِيلَ بِالْحُرْمَةِ؛ لِأَنَّ فِيهِ تَعْظِيمًا لَهُ لَمْ يَبْعُدْ (قَوْلُهُ: وَلِصَغِيرٍ بِنَحْوِ أَصْلَحَكَ اللَّهُ) مِنْهُ أَنْشَأَك اللَّهُ إنْشَاءً صَالِحًا (قَوْلُهُ وَيُكْرَهُ قَبْلَ الْحَمْدِ) أَيْ فَلَا يُعْتَدُّ بِهِ، وَيَأْتِي بِهِ ثَانِيًا بَعْدَ الْحَمْدِ (قَوْلُهُ: أَوْ يَرْحَمُك اللَّهُ إنْ حَمِدْتَهُ) أَيْ وَتَحْصُلُ بِهَا سُنَّةُ التَّشْمِيتِ (قَوْلُهُ: وَمَنْ سَبَقَ الْعَاطِسَ إلَخْ) وَنَظَمَهَا بَعْضُهُمْ فَقَالَ:

مَنْ يَبْتَدِئْ عَاطِسًا بِالْحَمْدِ يَأْمَنْ مِنْ ... شَوَصٍ وَلَوَصٍ وَعِلَّوْصٍ كَذَا وَرَدَا

(قَوْلُهُ: ثُمَّ يَدْعُو بَعْدَهَا بِالشِّفَاءِ) أَيْ كَأَنْ يَقُولَ لَهُ عَافَاك اللَّهُ أَوْ شَفَاك (قَوْلُهُ: وَالْأَوْجَهُ أَنَّهَا لَوْ لَمْ تُتَابَعْ كَذَلِكَ) أَيْ عُرْفًا (قَوْلُهُ بِنَحْوِ يُهْدِيكُمْ اللَّهُ) كَغَفَرَ اللَّهُ لَكُمْ، وَلَوْ زَادَ عَلَيْهِ وَيُصْلِحُ بَالكُمْ كَانَ حَسَنًا

(قَوْلُهُ لَا يُمْكِنُهُ مَعَهُ) قَيَّدَ فِي كُلٍّ مِنْ قَوْلِهِ ذُو رَمَدٍ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَمِثْلُهُمَا فَاقِدُ الْأَنَامِلِ) أَيْ أَكْثَرَ الْأَنَامِلِ عُبَابٌ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ.

أَمَّا فَاقِدُ أُصْبُعَيْنِ

ــ

[حاشية الرشيدي]

قَوْلُهُ: أَوْ وِلَايَةِ) أَيْ وِلَايَةِ حُكْمٍ (قَوْلُهُ وَيَكُونُ عَلَى جِهَةِ الْبِرِّ إلَخْ) أَيْ أَصْلِ السَّلَامِ. وَانْظُرْ مَا الْمُرَادُ بِالْإِعْظَامِ الْمَنْفِيِّ

<<  <  ج: ص:  >  >>