للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فِي ذَلِكَ أَخْرَجَ وَحْدَهُ أَمْ مَعَ غَيْرِهِ، كَانَ بِبَلَدِهِ مُتَعَدِّدُونَ صَالِحُونَ لِإِفْتَاءٍ أَمْ لَا، وَفَارَقَ الْجِهَادَ بِخَطَرِهِ.

نَعَمْ يَتَّجِهُ أَنْ يَتَوَقَّعَ فِيهِ بُلُوغَ مَا قَصَدَهُ، وَإِلَّا كَبَلِيدٍ لَا يَتَأَتَّى مِنْهُ ذَلِكَ فَلَا إذْ سَفَرُهُ لِأَجْلِهِ كَالْعَبَثِ، وَيُشْتَرَطُ لِخُرُوجِهِ لِفَرْضِ الْكِفَايَةِ أَنْ يَكُونَ رَشِيدًا، وَأَنْ لَا يَكُونَ أَمْرَدَ جَمِيلًا إلَّا أَنْ يَكُونَ مَعَهُ مَحْرَمٌ يَأْمَنُ بِهِ عَلَى نَفْسِهِ، وَلَوْ لَزِمَتْهُ كِفَايَةُ أَصْلِهِ احْتَاجَ لِإِذْنِهِ إنْ لَمْ يَنُبْ مَنْ يُمَوِّنُهُ مِنْ مَالٍ حَاضِرٍ، وَأَخَذَ مِنْهُ الْبُلْقِينِيُّ أَنَّ الْفَرْعَ لَوْ لَزِمَتْ أَصْلَهُ مُؤْنَتُهُ امْتَنَعَ سَفَرُهُ إلَّا بِإِذْنِ فَرْعِهِ إنْ لَمْ يَنُبْ كَمَا مَرَّ، ثُمَّ بَحَثَ أَنَّهُ لَوْ أَدَّى نَفَقَةَ يَوْمٍ حَلَّ لَهُ السَّفَرُ فِيهِ كَالدَّيْنِ الْمُؤَجَّلِ وَهُوَ مُتَّجِهٌ، وَإِنْ نَظَرَ فِيهِ بَعْضُهُمْ، وَفَرَّقَ بِأَنَّ الْمُؤَجَّلَ التَّقْصِيرُ فِيهِ مِنْ الْمُسْتَحِقِّ لِرِضَاهُ بِذِمَّتِهِ مَعَ أَنَّهُ خَصْلَةٌ وَاحِدَةٌ لَا يَتَجَدَّدُ بِهِ الضَّرَرُ، وَلَا كَذَلِكَ فِي الْأَصْلِ أَوْ الْفَرْعِ، ثُمَّ قَالَ: فَالْأَوْجَهُ مَنْعُهُ فِيهِمَا، وَكَذَا فِي الزَّوْجَةِ إلَّا بِإِذْنٍ أَوْ إنَابَةٍ كَمَا أَطْلَقُوهُ، وَيُرَدُّ الْفَرْقُ الْمَذْكُورُ بِأَنَّهُ إذَا لَمْ يَمْنَعْ مَا تَعَلَّقَتْ بِهِ الذِّمَّةُ فَلَأَنْ لَا يَمْنَعَ مَا لَمْ تَتَعَلَّقْ بِهِ بِالْأَوْلَى، وَلَا فَرْقَ فِي جَوَازِ مَنْ مَنَعَهُ السَّفَرَ الْمَخُوفَ كَبَحْرٍ بَيْنَ غَلَبَةِ السَّلَامَةِ أَوْ لَا وَكَسُلُوكِ بَادِيَةٍ مُخْطِرَةٍ وَلَوْ لِعِلْمٍ أَوْ تِجَارَةٍ، وَمُقَابِلُ الْأَصَحِّ يَقِيسُهُ عَلَى الْجِهَادِ، وَفَرَّقَ الْأَوَّلَ بِخَطَرِ الْهَلَاكِ فِي الْجِهَادِ.

(فَإِنْ) (أَذِنَ أَبَوَاهُ) أَوْ سَيِّدُهُ (وَالْغَرِيمُ) فِي الْجِهَادِ (ثُمَّ) بَعْدَ خُرُوجِهِ (رَجَعُوا) أَوْ كَانَ الْأَصْلُ كَافِرًا ثُمَّ أَسْلَمَ وَصَرَّحَ بِالْمَنْعِ (وَجَبَ) عَلَيْهِ إنْ عَلِمَ، وَلَمْ يَخْشَ خَوْفًا وَلَا كَسْرَ قَلْبِ الْمُسْلِمِينَ بِرُجُوعِهِ (الرُّجُوعُ) كَمَا لَوْ خَرَجَ مِنْ غَيْرِ إذْنٍ (إنْ لَمْ يَحْضُرْ الصَّفَّ) وَإِلَّا حَرُمَ إلَّا عَلَى الْعَبْدِ بَلْ يُنْدَبُ، وَذَلِكَ لِأَنَّ طُرُوُّ الْمَانِعِ كَابْتِدَائِهِ، فَإِنْ لَمْ يُمْكِنْهُ الرُّجُوعُ لِنَحْوِ خَوْفٍ عَلَى مَعْصُومٍ، وَأَمْكَنَهُ الْمُسَافَرَةُ لِمَأْمَنٍ أَوْ الْإِقَامَةُ بِهِ إلَى أَنْ يَرْجِعَ مَعَ الْجَيْشِ أَوْ غَيْرِهِمْ لَزِمَهُ، وَلَوْ حَدَثَ عَلَيْهِ دَيْنٌ فِي السَّفَرِ لَمْ يُمْنَعْ اسْتِمْرَارُهُ فِيهِ مَا لَمْ يُصَرِّحْ رَبُّهُ بِمَنْعِهِ، وَفَارَقَ مَا مَرَّ فِي الِابْتِدَاءِ بِأَنَّهُ يُغْتَفَرُ دَوَامًا مَا لَا يُغْتَفَرُ ابْتِدَاءً (فَإِنْ) الْتَقَى الصَّفَّانِ أَوْ (شَرَعَ فِي قِتَالٍ) ثُمَّ طَرَأَ ذَلِكَ وَعَلِمَهُ (حَرُمَ الِانْصِرَافُ فِي الْأَظْهَرِ) لِعُمُومِ الْأَمْرِ بِالثَّبَاتِ وَلِانْكِسَارِ الْقُلُوبِ بِانْصِرَافِهِ، نَعَمْ يَأْتِي فِيهِ مَا مَرَّ مِنْ وُقُوفِهِ آخِرَ الصَّفِّ وَنَحْوِهِ.

وَالثَّانِي لَا يَحْرُمُ بَلْ يَجِبُ.

وَالثَّالِثُ يُخَيَّرُ بَيْنَ الِانْصِرَافِ وَالْمُصَابَرَةِ، وَالْخِلَافُ فِي الرَّوْضَةِ أَوْجَهُ وَفِي أَصْلِهَا أَقْوَالٌ أَوْ أَوْجُهٌ

(الثَّانِي) مِنْ حَالِ الْكُفَّارِ (يَدْخُلُونَ) أَيْ دُخُولُهُمْ عُمْرَانَ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

عَادَةُ أَهْلِ بَلَدٍ بِأَنَّهُمْ لَا يَتَعَلَّمُونَ مِنْ بَعْضِهِمْ لِعَدَاوَةٍ أَوْ نَحْوِهَا.

(قَوْلُهُ: وَفَارَقَ الْجِهَادَ) أَيْ حَيْثُ تَوَقَّفَ عَلَى إذْنِ الْأَبَوَيْنِ إلَّا إذَا دَخَلُوا بَلْدَةً لَنَا (قَوْلُهُ: أَنْ يَكُونَ رَشِيدًا) أَيْ أَمَّا غَيْرُهُ فَلَا يَجُوزُ لَهُ السَّفَرُ، يَنْبَغِي أَنَّ مَحَلَّهُ مَا لَمْ يَكُنْ مَعَهُ مَنْ يَتَعَهَّدُهُ فِي السَّفَرِ، وَإِلَّا جَازَ الْخُرُوجُ وَعَلَى وَلِيِّهِ أَنْ يَأْذَنَ لِمَنْ يَتَعَهَّدُهُ حَيْثُ لَمْ تَكُنْ لَهُ وِلَايَةٌ (قَوْلُهُ امْتَنَعَ سَفَرُهُ) أَيْ الْأَصْلِ (قَوْلُهُ: أَنَّهُ لَوْ أَدَّى نَفَقَةَ يَوْمٍ) أَيْ لِلزَّوْجَةِ أَوْ الْأَصْلِ (قَوْلُهُ: وَهُوَ مُتَّجِهٌ) هَذَا يُخَالِفُ مَا ذَكَرَهُ فِي كِتَابِ الْحَجِّ مِنْ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ لِجَوَازِ سَفَرِهِ أَنْ يَتْرُكَ لِمُمَوَّنِهِ نَفَقَةَ الذَّهَابِ وَالْإِيَابِ، وَعِبَارَتُهُ ثَمَّ بَعْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَمُؤْنَةُ مَنْ عَلَيْهِ إلَخْ.

وَمَا أَوْهَمَهُ كَلَامُهُمَا مِنْ جَوَازِ الْحَجِّ عِنْدَ فَقْدِ مُؤْنَةِ مَنْ عَلَيْهِ نَفَقَتُهُ لِجَعْلِهِمَا ذَلِكَ شَرْطًا لِلْوُجُوبِ لَيْسَ بِمُرَادٍ كَمَا قَالَهُ الْإِسْنَوِيُّ، إذْ لَا يَجُوزُ لَهُ حَتَّى يَتْرُكَ لَهُمْ نَفَقَةَ الذَّهَابِ وَالْإِيَابِ، وَإِلَّا فَيَكُونُ مُضَيِّعًا لَهُمْ كَمَا فِي الِاسْتِذْكَارِ وَغَيْرِهِ، لَكِنَّ ذِكْرَهُ هُنَا يَدُلُّ عَلَى اعْتِمَادِهِ لَهُ؛ لِأَنَّهُ فِي مَقَامِ بَيَانِ سَفَرِ مَنْ عَلَيْهِ الدَّيْنُ مُطْلَقًا.

(قَوْلُهُ: ثُمَّ قَالَ) أَيْ الْمُنْظَرُ وَقَوْلُهُ فِيهِمَا أَيْ الْأَصْلِ وَالْفَرْعِ (قَوْلُهُ: مَا تَعَلَّقَتْ) أَيْ اسْتَقَلَّتْ، وَقَوْلُهُ بِهِ هُوَ الدَّيْنُ الْمُؤَجَّلُ، وَقَوْلُهُ فَلَأَنْ بِفَتْحِ اللَّامِ (قَوْلُهُ: مَا لَمْ تَتَعَلَّقْ بِهِ) وَهُوَ نَفَقَةُ الْغَدِ فِي حَقِّ الْأَبَوَيْنِ وَالزَّوْجَةِ (قَوْلُهُ: بَلْ يُنْدَبُ) ظَاهِرُهُ وَإِنْ حَصَلَ بِانْصِرَافِهِ كَسْرُ قُلُوبِ الْمُسْلِمِينَ، هَذَا وَلَوْ قِيلَ بِوُجُوبِ الِانْصِرَافِ عَلَى الْعَبْدِ حَيْثُ رَجَعَ سَيِّدُهُ لَمْ يَبْعُدْ (قَوْلُهُ: مَا لَمْ يُصَرِّحْ)

ــ

[حاشية الرشيدي]

قَوْلُهُ: وَلَا فَرْقَ فِي جَوَازِ مَنْعِهِ إلَخْ) عِبَارَةُ التُّحْفَةِ: وَلَا فَرْقَ فِي الْمَنْعِ مِنْ السَّفَرِ الْمَخُوفِ كَبَحْرٍ: أَيْ وَإِنْ غَلَبَتْ السَّلَامَةُ فِيهِ كَمَا اقْتَضَاهُ إطْلَاقُهُمْ، ثُمَّ رَأَيْت الْإِمَامَ وَغَيْرَهُ صَرَّحُوا بِذَلِكَ، وَكَسُلُوكِ بَادِيَةٍ مُخْطِرَةٍ وَلَوْ لِعِلْمٍ

<<  <  ج: ص:  >  >>