للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَتِسْعِينَ أَبْطَالًا (فِي الْأَصَحِّ) اعْتِبَارًا بِالْمَعْنَى بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يُسْتَنْبَطَ مِنْ النَّصِّ مَعْنًى يُخَصِّصُهُ؛ لِأَنَّهُمْ يُقَاوِمُونَهُمْ لَوْ ثَبَتُوا لَهُمْ، وَإِنَّمَا يُرَاعَى الْعَدَدُ عِنْدَ تَقَارُبِ الْأَوْصَافِ، وَمِنْ ثَمَّ لَمْ يَخْتَصَّ الْخِلَافُ بِزِيَادَةِ الْوَاحِدِ وَنَقْصِهِ وَلَا بِرَاكِبٍ وَمَاشٍ.

بَلْ الضَّابِطُ كَمَا قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ كَالْبُلْقِينِيِّ أَنْ يَكُونَ فِي الْمُسْلِمِينَ مِنْ الْقُوَّةِ مَا يَغْلِبُ عَلَى الظَّنِّ أَنَّهُمْ يُقَاوِمُونَ الزَّائِدَ عَلَى مِثْلَيْهِمْ، وَيَرْجُونَ الظَّفْرَ بِهِمْ، أَوْ مِنْ الضَّعْفِ مَا لَا يُقَاوِمُونَهُمْ، وَحَيْثُ جَازَ الِانْصِرَافُ، فَإِنْ غَلَبَ الْهَلَاكُ بِلَا نِكَايَةٍ وَجَبَ أَوْ بِهَا اُسْتُحِبَّ، وَالثَّانِي يَقِفُ مَعَ الْعَدَدِ

(وَتَجُوزُ) أَيْ تُبَاحُ (الْمُبَارَزَةُ) كَمَا وَقَعَتْ بِبَدْرٍ وَغَيْرِهَا، وَتَمْتَنِعُ عَلَى مَا بَحَثَهُ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ عَلَى مَدِينٍ وَفَرْعٍ مَأْذُونٍ لَهُمَا فِي الْجِهَادِ مِنْ غَيْرِ تَصْرِيحٍ بِالْإِذْنِ فِي الْمُبَارَزَةِ وَقِنٍّ لَمْ يَأْذَنْ لَهُ فِي خُصُوصِهَا، لَكِنْ ذَهَبَ الْبُلْقِينِيُّ وَغَيْرُهُ إلَى كَرَاهَتِهَا (فَإِنْ طَلَبَهَا كَافِرٌ اُسْتُحِبَّ الْخُرُوجُ إلَيْهِ) لِمَا فِي تَرْكِهَا حِينَئِذٍ مِنْ عَدَمِ مُبَالَاتِهِمْ بِنَا (وَإِنَّمَا تَحْسُنُ مِمَّنْ جَرَّبَ نَفْسَهُ) فَعَرَفَ قُوَّتَهُ وَجَرَاءَتَهُ (وَبِإِذْنِ الْإِمَامِ) أَوْ أَمِيرِ الْجَيْشِ لِكَوْنِهِ أُعْرَفَ بِالْمَصْلَحَةِ مِنْ غَيْرِهِ، وَإِنْ انْتَفَى شَرْطٌ مِنْ ذَلِكَ كُرِهَتْ ابْتِدَاءً وَإِجَابَةً، وَجَازَتْ مِنْ غَيْرِ إذْنٍ لِكَوْنِ التَّغْرِيرِ بِالنَّفْسِ فِي الْجِهَادِ جَائِزًا، وَذَهَبَ الْمَاوَرْدِيُّ إلَى تَحْرِيمِهَا عَلَى مَنْ يُؤَدِّي قَتْلُهُ لِهَزِيمَةِ الْمُسْلِمِينَ.

وَاعْتَمَدَهُ الْبُلْقِينِيُّ ثُمَّ أَبْدَى احْتِمَالًا بِكَرَاهَتِهَا مَعَ ذَلِكَ وَالْأَوْجَهُ مُدْرَكًا الْأَوَّلُ

(وَيَجُوزُ إتْلَافُ بِنَائِهِمْ وَشَجَرِهِمْ لِحَاجَةِ الْقِتَالِ وَالظَّفَرِ بِهِمْ) لِلِاتِّبَاعِ فِي نَخْلِ بَنِي النَّضِيرِ النَّازِلِ فِيهِ أَوَّلَ الْحَشْرِ لِمَا زَعَمُوهُ فَسَادًا، رَوَاهُ الشَّيْخَانِ، وَفِي كَرْمِ أَهْلِ الطَّائِفِ رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ وَأَوْجَبَ جَمْعٌ ذَلِكَ عِنْدَ تَوَقُّفِ اللُّقْطَةِ بِهِمْ عَلَيْهِ (وَكَذَا) يَجُوزُ إتْلَافُهَا (إنْ لَمْ يُرْجَ حُصُولُهَا لَنَا) إغَاظَةً وَإِضْعَافًا لَهُمْ (فَإِنْ رُجِيَ) أَيْ ظُنَّ حُصُولُهَا لَنَا (نُدِبَ التَّرْكُ) وَكُرِهَ الْفِعْلُ حِفْظًا لِحَقِّ الْغَانِمِينَ (وَيَحْرُمُ إتْلَافُ الْحَيَوَانِ) الْمُحْتَرَمِ بِغَيْرِ ذَبْحٍ يُجَوِّزُ أَكْلَهُ حِفْظًا لِحُرْمَةِ رُوحِهِ، وَمِنْ ذَلِكَ امْتَنَعَ عَلَى مَالِكِهِ تَرْكُهُ بِلَا مُؤْنَةٍ وَسَقْيٍ بِخِلَافِ نَحْوِ الشَّجَرِ (إلَّا مَا يُقَاتِلُونَ عَلَيْهِ) فَيَجُوزُ لَنَا إتْلَافُهُ (لِدَفْعِهِمْ أَوْ أُقْرِعَ بِهِمْ) قِيَاسًا عَلَى مَا مَرَّ فِي ذَرَارِيِّهِمْ بَلْ أَوْلَى (أَوْ غَنِمْنَاهُ وَخِفْنَا رُجُوعَهُ إلَيْهِمْ وَضَرَرَهُ) فَيَجُوزُ إتْلَافُهُ أَيْضًا دَفْعًا لِهَذِهِ الْمَفْسَدَةِ. أَمَّا إذَا خِفْنَا رُجُوعَهُ فَقَطْ فَلَا يَجُوزُ إتْلَافُهُ بَلْ يُذْبَحُ لِلْأَكْلِ.

وَأَمَّا غَيْرُ الْمُحْتَرَمِ كَكَلْبٍ عَقُورٍ فَيَجُوزُ بَلْ يُنْدَبُ إتْلَافُهُ مُطْلَقًا إلَّا إنْ كَانَ فِيهِ عَدُوٌّ فَيَجِبُ.

ــ

[حاشية الشبراملسي]

قَوْلُهُ بَلْ الضَّابِطُ) أَيْ وَهَذَا الضَّابِطُ يَصْدُقُ عَلَى مَا لَوْ زَادَ الْكُفَّارُ عَلَى الضَّعْفِ بِنَحْوِ عِشْرِينَ أَوْ أَكْثَرَ (قَوْلُهُ: بِلَا نِكَايَةٍ) أَيْ لِلْكُفَّارِ، وَقَوْلُهُ وَجَبَ: أَيْ الِانْصِرَافُ

(قَوْلُهُ وَيَمْتَنِعُ) عِبَارَةُ سم عَلَى مَنْهَجٍ: قَوْلُهُ وَإِلَّا كُرِهَتْ، قَالَ الْبُلْقِينِيُّ وَغَيْرُهُ أَيْضًا: إلَّا أَنْ يَكُونَ عَبْدًا أَوْ فَرْعًا مَأْذُونًا لَهُمَا فِي الْجِهَادِ مِنْ غَيْرِ تَصْرِيحٍ فِي الْإِذْنِ فِي الْبِرَازِ فَيُكْرَهُ لَهُمَا ابْتِدَاءً وَإِجَابَةً.

قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ: وَمِثْلُهُمَا فِيمَا يَظْهَرُ الْمَدِينُ.

وَأَقُولُ: يُؤَيِّدُهُ مَا قَالُوهُ إنَّهُ يُسْتَحَبُّ لَهُ تَوَقِّي مَظَانِّ الشَّهَادَةِ فَرَاجِعْهُ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ.

وَمِثْلُهُ فِي حَاشِيَتِهِ عَلَى حَجّ.

وَفِي الزِّيَادِيِّ نَقْلًا عَنْ شَيْخِ الْإِسْلَامِ: لَكِنْ مَا فِي الشَّرْحِ مِنْ الْحُرْمَةِ مُقَدَّمٌ عَلَى غَيْرِهِ عَلَى أَنَّهُ قَدْ يُمْنَعُ التَّأْبِيدُ بِقَوْلِهِمْ إنَّهُ يُسْتَحَبُّ لَهُ تَوَقِّي مَظَانِّ الشَّهَادَةِ لِإِمْكَانِ حَمْلِهِ عَلَى غَيْرِ مَسْأَلَةِ الْبِرَازِ؛ لِأَنَّهَا أَقْرَبُ إلَى الْهَلَاكِ مِنْ الْوُقُوفِ فِي وَسْطِ الصَّفِّ وَنَحْوِهِ فَتَنْزِلُ مَنْزِلَةَ الْيَقِينِ، وَقَوْلُ سم وَإِلَّا كُرِهَتْ: أَيْ بِأَنْ كَانَ الْمُبَارِزُ عَبْدًا أَوْ فَرْعًا لَمْ يُؤْذَنْ لَهُ فِي الْبِرَازِ (قَوْلُهُ وَقِنٌّ لَمْ يَأْذَنْ لَهُ) أَيْ سَيِّدُهُ (قَوْلُهُ: وَالْأَوْجَهُ مُدْرَكًا الْأَوَّلُ) أَيْ الْحُرْمَةُ

(قَوْلُهُ: فَيَجِبُ) ظَاهِرُهُ أَنَّ مُجَرَّدَ اتِّصَافِهِ بِالْعَدُوِّ مُوجِبٌ لِقَتْلِهِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي وَقْتِ الْعَدُوِّ، وَتَقَدَّمَ فِي أَوَّلِ الْبَيْعِ مَا يُخَالِفُهُ.

ــ

[حاشية الرشيدي]

(قَوْلُهُ: وَتَمْتَنِعُ عَلَى مَا بَحَثَهُ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ إلَخْ) فِي نُسْخَةٍ: نَعَمْ يَمْتَنِعُ كَمَا بَحَثَهُ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ

(قَوْلُهُ: وَمِنْ ذَلِكَ امْتَنَعَ إلَخْ) لَعَلَّ مِنْ تَعْلِيلِيَّةٌ.

<<  <  ج: ص:  >  >>