للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَلَيْهِ دَيْنٌ مُعَاوَضَةً كَعَقْدِ صَدَاقٍ (ثُمَّ أَسْلَمَا أَوْ قَبِلَا) أَوْ أَحَدُهُمَا (جِزْيَةً) أَوْ أَمَانًا مَعًا أَوْ مُرَتَّبًا (دَامَ الْحَقُّ) الَّذِي يَصِحُّ طَلَبُهُ لِالْتِزَامِهِ بِعَقْدٍ صَحِيحٍ بِخِلَافِ نَحْوِ خِنْزِيرٍ وَخَمْرٍ

(وَلَوْ) (أَتْلَفَ) حَرْبِيٌّ (عَلَيْهِ) أَيْ الْحَرْبِيِّ شَيْئًا، أَوْ غَصَبَهُ مِنْهُ فِي حَالِ الْحِرَابَةِ (فَأَسْلَمَا) أَوْ أَسْلَمَ الْمُتْلِفُ (فَلَا ضَمَانَ فِي الْأَصَحِّ) لِعَدَمِ الْتِزَامِهِ شَيْئًا بِعَقْدٍ يُسْتَدَامُ حُكْمُهُ، وَلِأَنَّ الْحَرْبِيَّ لَوْ أَتْلَفَ مَالَ مُسْلِمٍ أَوْ ذِمِّيٍّ لَمْ يَضْمَنْهُ فَأَوْلَى مَالُ الْحَرْبِيِّ، وَالثَّانِي قَالَ هُوَ لَازِمٌ عِنْدَهُمْ

(وَالْمَالُ) وَمِثْلُهُ الِاخْتِصَاصُ (الْمَأْخُوذُ) أَيْ الَّذِي أَخَذَهُ الْمُسْلِمُونَ (مِنْ أَهْلِ الْحَرْبِ) وَلَمْ يَكُنْ لِمُسْلِمٍ، فَإِنْ كَانَ لَمْ يَزُلْ مِلْكُهُ عَنْهُ يَأْخُذُهُمْ لَهُ قَهْرًا مِنْهُ فَعَلَى مَنْ وَصَلَ إلَيْهِ وَلَوْ بِشِرَاءٍ رَدَّهُ إلَيْهِ (قَهْرًا) حَتَّى سَلَّمُوهُ أَوْ جَلَوْا عَنْهُ (غَنِيمَةً) كَمَا مَرَّ فِي بَابِهَا، وَأَعَادَهَا هُنَا تَوْطِئَةً لِقَوْلِهِ (وَكَذَا مَا أَخَذَهُ وَاحِدٌ) مُسْلِمٌ (أَوْ جَمْعٌ) مُسْلِمُونَ (مِنْ دَارِ الْحَرْبِ) أَوْ مِنْ أَهْلِهِ وَلَوْ بِبِلَادِنَا حَيْثُ لَا أَمَانَ لَهُمْ (سَرِقَةً) أَوْ اخْتِلَاسًا أَوْ سَوْمًا (أَوْ وُجِدَ كَهَيْئَةِ اللُّقَطَةِ) مِمَّا يُظَنُّ أَنَّهُ لِكَافِرٍ فَأُخِذَ فَالْكُلُّ غَنِيمَةٌ مُخَمَّسَةٌ أَيْضًا (عَلَى الْأَصَحِّ) إذْ تَغْرِيرُهُ بِنَفْسِهِ قَائِمٌ مَقَامَ الْقِتَالِ، فَإِنْ كَانَ الْمَأْخُوذُ ذَكَرًا كَامِلًا تَخَيَّرَ فِيهِ الْإِمَامُ، أَمَّا مَا أَخَذَ ذِمِّيٌّ أَوْ أَهْلُ ذِمَّةٍ كَذَلِكَ فَإِنَّهُ مَمْلُوكٌ كُلُّهُ لِآخِذِهِ.

وَالثَّانِي يَخْتَصُّ بِهِ مَنْ أَخَذَهُ (فَإِنْ) (أَمْكَنَ) كَوْنُهُ أَيْ الْمُلْتَقِطِ (لِمُسْلِمٍ) أَوْ ذِمِّيٍّ فِيمَا يَظْهَرُ (وَجَبَ تَعْرِيفُهُ) سَنَةً حَيْثُ لَمْ يَكُنْ حَقِيرًا، فَإِنْ كَانَ عَرَّفَهُ بِحَسَبِ مَا يَلِيقُ بِهِ، وَبَعْدَ التَّعْرِيفِ يَكُونُ غَنِيمَةً.

وَاعْلَمْ أَنَّهُ كَثُرَ اخْتِلَافُ النَّاسِ فِي السَّرَارِي وَالْأَرِقَّاءِ الْمَجْلُوبِينَ.

وَحَاصِلُ الْأَصَحِّ عِنْدَنَا أَنَّ مَنْ لَمْ يُعْلَمْ كَوْنُهُ مِنْ غَنِيمَةٍ لَمْ تُخَمَّسْ يَحِلُّ شِرَاؤُهُ وَسَائِرُ التَّصَرُّفَاتِ فِيهِ لِاحْتِمَالِ أَنَّ آسِرَهُ الْبَائِعَ لَهُ أَوَّلًا حَرْبِيٌّ أَوْ ذِمِّيٌّ فَإِنَّهُ لَا تَخْمِيسَ عَلَيْهِ، وَهَذَا كَثِيرٌ لَا نَادِرٌ، فَإِنْ تَحَقَّقَ أَنَّ آخِذَهُ مُسْلِمٌ بِنَحْوِ سَرِقَةٍ أَوْ اخْتِلَاسٍ لَمْ يَجُزْ شِرَاؤُهُ إلَّا عَلَى الْقَوْلِ الْمَرْجُوحِ أَنَّهُ لَا تَخْمِيسَ، وَقَوْلُ جَمْعٍ مُتَقَدِّمِينَ ظَاهِرُ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَالْإِجْمَاعِ عَلَى مَنْعِ وَطْءِ السَّرَارِي الْمَجْلُوبَةِ مِنْ الرُّومِ وَالْهِنْدِ وَالتُّرْكِ إلَّا أَنْ يُنَصَّبَ مَنْ يَقْسِمُ الْقَائِمَ وَلَا حَيْفَ يَتَعَيَّنُ حَمْلُهُ عَلَى مَا عُلِمَ أَنَّ الْغَانِمَ لَهُ الْمُسْلِمُونَ، وَأَنَّهُ لَمْ يَسْبِقْ مِنْ أَمِيرِهِمْ قَبْلَ الِاغْتِنَامِ قَوْلُهُ مَنْ أَخَذَ شَيْئًا فَهُوَ لَهُ، نَعَمْ الْوَرَعُ لِمُرِيدِ الشِّرَاءِ أَنْ يَشْتَرِيَ ثَانِيًا مِنْ وَكِيلِ بَيْتِ الْمَالِ؛ لِأَنَّ الْغَالِبَ عَدَمُ التَّخْمِيسِ وَالْيَأْسُ مِنْ مَعْرِفَةِ مَالِكِهَا فَيَكُونُ مِلْكًا لِبَيْتِ الْمَالِ

(وَلِلْغَانِمِينَ) وَلَوْ أَغْنِيَاءَ وَبِغَيْرِ إذْنِ الْإِمَامِ سَوَاءٌ مَنْ لَهُ سَهْمٌ أَوْ رَضَخَ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ إطْلَاقِ الشَّافِعِيِّ وَالْأَصْحَابِ، وَاعْتَمَدَهُ الْبُلْقِينِيُّ،

ــ

[حاشية الشبراملسي]

قَوْلُهُ: لَمْ يَزُلْ مِلْكُهُ) أَيْ مِلْكُ الْمُسْلِمِ عَنْهُ بِأَخْذِ أَهْلِ الْحَرْبِ لَهُ مِنْهُ قَهْرًا (قَوْلُهُ: فَعَلَى مَنْ وَصَلَ إلَيْهِ وَلَوْ بِشِرَاءٍ إلَخْ) وَمِنْ هَذَا مَا وَقَعَ السُّؤَالُ عَنْهُ مِنْ أَنَّ جَمَاعَةً مِنْ أَهْلِ الْحَرْبِ اسْتَوْلَوْا عَلَى مَرْكَبٍ مِنْ الْمُسْلِمِينَ وَتَوَجَّهُوا بِهَا إلَى بِلَادِهِمْ فَاشْتَرَاهَا مِنْهُمْ نَصْرَانِيٌّ، وَدَخَلَ بِهَا بِلَادَ الْإِسْلَامِ فَعَرَفَهَا مَنْ أُخِذَتْ مِنْهُ، وَأَثْبَتَهَا بِبَيِّنَةٍ فَتُؤْخَذُ مِمَّنْ هِيَ بِيَدِهِ وَتُسَلَّمُ لِصَاحِبِهَا الْأَصْلِيِّ وَلَا مُطَالَبَةَ لِلْحَرْبِيِّ عَلَى مَالِكِهَا بِشَيْءٍ لِبَقَائِهَا عَلَى مِلْكِهِ، أَمَّا لَوْ تَلِفَتْ بِيَدِ الْحَرْبِيِّ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: أَمَّا مَا أَخَذَهُ ذِمِّيٌّ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ مَعَنَا أَوْ وَحْدَهُ دَخَلَ بِلَادَهُمْ بِأَمَانٍ أَوْ غَيْرِهِ.

(قَوْلُهُ: فَإِنْ كَانَ) أَيْ حَقِيرًا (قَوْلُهُ: أَنْ يَشْتَرِيَ ثَانِيًا) أَيْ بِثَمَنٍ ثَانٍ غَيْرِ الَّذِي اشْتَرَى بِهِ أَوَّلًا، وَيُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ ثَمَنَ مِثْلِهَا

(قَوْلُهُ: وَلَوْ أَغْنِيَاءَ) أَخَذَهُ مِنْ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ الْآتِي، وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ لَا يَخْتَصُّ الْجَوَازُ بِمُحْتَاجٍ إلَى طَعَامٍ وَعَلَفٍ (قَوْلُهُ: سَوَاءٌ مَنْ لَهُ سَهْمٌ أَوْ رَضَخَ) هَذَا التَّعْمِيمُ قَصَدَ بِهِ التَّقْيِيدَ فَخَرَجَ بِهِ مَنْ لَا سَهْمَ لَهُ وَلَا رَضْخَ كَالذِّمِّيِّ الْمُسْتَأْجَرِ لِلْجِهَادِ

ــ

[حاشية الرشيدي]

(قَوْلُ الْمَتْنِ ثُمَّ أَسْلَمَا) أَيْ أَوْ أَحَدُهُمَا كَمَا فِي التُّحْفَةِ

(قَوْلُهُ: مِمَّا يُظَنُّ أَنَّهُ لِكَافِرٍ) أَيْ وَإِنْ تُوُهِّمَ أَنَّهُ لِمُسْلِمٍ كَمَا هُوَ قَضِيَّةُ الظَّنِّ فَانْظُرْهُ مَعَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ الْآتِي فَإِنْ أَمْكَنَ كَوْنُهُ لِمُسْلِمٍ، وَعِبَارَةُ الْجَلَالِ: مِمَّا يُعْلَمُ أَنَّهُ لِكَافِرٍ (قَوْلُهُ: وَأَنَّهُ لَمْ يَسْبِقْ مِنْ أَمِيرِهِمْ) قَبْلَ الِاغْتِنَامِ (قَوْلُهُ: مَنْ أَخَذَ شَيْئًا فَهُوَ لَهُ) أَيْ إذْ بِقَوْلِهِ الْمَذْكُورِ كُلُّ مَنْ أَخَذَ شَيْئًا اخْتَصَّ بِهِ: أَيْ عِنْدَ الْأَئِمَّةِ الثَّلَاثَةِ لَا عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إلَّا فِي قَوْلٍ ضَعِيفٍ لَهُ خِلَافًا لِمَا يُوهِمُهُ كَلَامُ الشَّارِحِ (قَوْلُهُ: وَالْيَأْسُ مِنْ مَعْرِفَةِ مَالِكِهَا فَتَكُونُ مِلْكًا لِبَيْتِ الْمَالِ) أَيْ كَكُلِّ مَا أَيِسَ مِنْ مَعْرِفَةِ مَالِكِهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>