للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

عَدَمُ اعْتِبَارِ ذِكْرِ كَوْنِهَا أَوَّلَ الْحَوْلِ أَوْ آخِرَهُ، فَيُحْمَلُ قَوْلُ الْجُرْجَانِيِّ بِذِكْرِ ذَلِكَ عَلَى الْأَكْمَلِ (وَتَنْقَادُوا لِحُكْمِ الْإِسْلَامِ) أَيْ لِكُلِّ حُكْمٍ مِنْ أَحْكَامِهِ غَيْرَ نَحْوِ الْعِبَادَاتِ مِمَّا لَا يَرَوْنَهُ كَالزِّنَا وَالسَّرِقَةِ لَا كَشُرْبِ الْمُسْكِرِ وَنِكَاحِ الْمَجُوسِ لِلْمَحَارِمِ، وَمِنْ عَدَمِ تَظَاهُرِهِمْ مِمَّا يَعْتَقِدُونَ إبَاحَتَهُ، وَفَسَّرَ الصَّغَارَ فِي الْآيَةِ بِالْتِزَامِ ذَلِكَ، وَإِنَّمَا وَجَبَ التَّعَرُّضُ لِهَذَا مَعَ أَنَّهُ مِنْ مُقْتَضَيَاتِ عَقْدِهَا؛ لِأَنَّهُ مَعَ الْجِزْيَةِ عِوَضٌ عَنْ تَقْرِيرِهِمْ فَأَشْبَهَ الثَّمَنَ فِي الْبَيْعِ وَالْأُجْرَةَ فِي الْإِجَارَةِ، وَلَا يُشْتَرَطُ التَّعَرُّضُ لِنَفْيِ اجْتِمَاعِهِمْ عَلَى قِتَالِنَا كَمَا أُمِّنُوا مِنَّا خِلَافًا لِلْمَاوَرْدِيِّ وَغَيْرِهِ لِدُخُولِهِ فِي الِانْقِيَادِ، وَلَا يَرُدُّ عَلَى الْمُصَنِّفِ صِحَّةُ قَوْلِ الْكَافِرِ، أَقِرُّونِي بِكَذَا إلَى آخِرِهِ فَيَقُولُ لَهُ الْإِمَامُ أَقْرَرْتُكَ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا أَرَادَ صُورَةَ عَقْدِهَا الْأَصْلِيِّ مِنْ الْمُوجِبِ، أَمَّا النِّسَاءُ فَيَكْفِي فِيهِنَّ الِانْقِيَادُ لِحُكْمِ الْإِسْلَامِ لِانْتِفَاءِ الْجِزْيَةِ عَنْهُنَّ، وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ صَرَاحَةً هَذِهِ الْأَشْيَاءُ، وَأَنَّهُ لَا كِنَايَةَ هُنَا لَفْظًا، وَلَوْ قِيلَ إنَّ كِنَايَاتِ الْأَمَانِ لَوْ ذُكِرَ مَعَهَا عَلَى أَنْ تَبْذُلُوا إلَى آخِرِهِ تَكُونُ كِنَايَةً هُنَا لَمْ يَبْعُدْ (وَالْأَصَحُّ اشْتِرَاطُ ذِكْرِ قَدْرِهَا) أَيْ الْجِزْيَةِ كَالثَّمَنِ وَالْأُجْرَةِ وَسَيَأْتِي أَقَلُّهَا.

وَالثَّانِي لَا يُشْتَرَطُ ذِكْرُهُ وَيَنْزِلُ الْمُطْلَقُ عَلَى الْأَقَلِّ (لَا كَفُّ اللِّسَانِ) مِنْهُمْ (عَنْ اللَّهِ تَعَالَى وَرَسُولِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَدِينِهِ) بِسُوءٍ فَلَا يُشْتَرَطُ ذِكْرُهُ لِدُخُولِهِ فِي الِانْقِيَادِ

(وَلَا يَصِحُّ الْعَقْدُ) لِلْجِزْيَةِ مُعَلَّقًا وَلَا (مُؤَقَّتًا) (عَلَى الْمَذْهَبِ) ؛ لِأَنَّهُ بَدَلٌ عَنْ الْإِسْلَامِ فِي الْعِصْمَةِ وَهُوَ لَا يُؤَقَّتُ فَلَا يَكْفِي أُقِرُّكُمْ مَا شَاءَ اللَّهُ، وَأَمَّا قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «أُقِرُّكُمْ مَا أَقَرَّكُمْ اللَّهُ» فَلِأَنَّهُ كَانَ يَعْلَمُ مَا عِنْدَ اللَّهِ بِالْوَحْيِ، وَكَذَا مَا شِئْتُ أَوْ شَاءَ فُلَانٌ، بِخِلَافِ مَا شِئْتُمْ لِلُزُومِهَا مِنْ جِهَتِنَا وَجَوَازِهَا مِنْ جِهَتِهِمْ بِخِلَافِ الْهُدْنَةِ، وَفِي قَوْلٍ أَوْ وَجْهٍ يَصِحُّ.

وَالطَّرِيقُ الثَّانِي الْقَطْعُ بِالْأَوَّلِ

(وَيُشْتَرَطُ لَفْظُ قَبُولٍ) مِنْ كُلٍّ مِنْهُمْ لِمَا أَوْجَبَهُ الْعَاقِدُ وَلَوْ بِنَحْوِ رَضِيتُ وَبِإِشَارَةِ أَخْرَسَ مُفْهِمَةٍ وَبِكِنَايَةٍ بَيِّنَةٍ، وَمِنْهَا الْكِتَابَةُ، وَيُشْتَرَطُ هُنَا أَيْضًا سَائِرُ مَا مَرَّ فِي الْبَيْعِ مِنْ نَحْوِ اتِّصَالِ قَبُولٍ بِإِيجَابٍ وَتَوَافُقٍ فِيهِمَا فِيمَا يَظْهَرُ، وَأُفْهِمَ اشْتِرَاطُ الْقَبُولِ أَنَّهُ لَوْ دَخَلَ حَرْبِيٌّ دَارَنَا، ثُمَّ عَلِمْنَاهُ لَمْ يَلْزَمْهُ شَيْءٌ، بِخِلَافِ مَنْ سَكَنَ دَارًا مُدَّةً غَصْبًا؛ لِأَنَّ عِمَادَ الْجِزْيَةِ الْقَبُولُ، وَلَوْ فَسَدَ عَقْدُهَا مِنْ الْإِمَامِ أَوْ نَائِبِهِ لَزِمَ لِكُلِّ سَنَةٍ دِينَارٌ؛ لِأَنَّهُ أَقَلُّهَا، بِخِلَافِ مَا لَوْ بَطَلَ كَأَنْ صَدَرَ مِنْ الْآحَادِ فَإِنَّهُ لَا يَلْزَمُ شَيْءٌ، وَبِهَذَا عُلِمَ أَنَّ لَنَا مَا يُفَرَّقُ فِيهِ بَيْنَ الْبَاطِلِ وَالْفَاسِدِ سِوَى الْأَرْبَعَةِ الْمَشْهُورَةِ

(وَلَوْ وُجِدَ كَافِرٌ بِدَارِنَا فَقَالَ دَخَلْتُ لِسَمَاعِ كَلَامِ اللَّهِ)

ــ

[حاشية الشبراملسي]

وَأَنَّ الْأَكْمَلَ أَنْ يَقُولَ أَوَّلَ الْحَوْلِ أَوْ آخِرَهُ (قَوْلُهُ لَا كَشُرْبِ الْمُسْكِرِ) أَيْ بِالْفِعْلِ (قَوْلُهُ: وَمِنْ عَدَمِ تَظَاهُرِهِمْ) لَعَلَّهُ عَطَفَ عَلَى مِنْ أَحْكَامٍ بِجَعْلِ مِنْ فِيهِ بَيَانِيَّةً لَا تَبْعِيضِيَّةً لِتَعَذُّرِهَا هُنَا أَوْ تَبْعِيضِيَّةً بِجَعْلِ الْمُبَعَّضِ مِنْهُ مَجْمُوعَ أَحْكَامِهِ وَعَدَمَ التَّظَاهُرِ اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ) أَيْ الْمُصَنِّفَ (قَوْلُهُ: إنَّمَا أَرَادَ صُورَةَ عَقْدِهَا) قَدْ يُجَابُ أَيْضًا بِأَنَّ مِنْ صُوَرِ الْأَصْلِيِّ عَلَى الْإِطْلَاقِ تَقَدُّمَ الْإِيجَابِ اهـ سم عَلَى حَجّ.

يُتَأَمَّلْ فَإِنَّهُ لَمْ يَظْهَرْ مِنْ هَذَا جَوَابٌ عَنْ الْإِيرَادِ بَلْ هَذَا اعْتِرَاضٌ عَلَى الْجَوَابِ، نَعَمْ يُمْكِنُ دَفْعُ الِاعْتِرَاضِ عَلَى الشَّارِحِ بِأَنَّهُ إنْ جَعَلَهُ صُورَةَ عَقْدِهِ الْأَصْلِيِّ مِنْ الْمُوجِبِ وَهَذَا لَيْسَ هَذَا أَصْلِيًّا بِالنِّسْبَةِ لَهُ (قَوْلُهُ: لَفْظًا) أَيْ بِخِلَافِهِ فِعْلًا فَإِنَّهَا مَوْجُودَةٌ كَالْكِتَابَةِ وَإِشَارَةِ الْأَخْرَسِ إذَا فَهِمَهَا الْفَطِنُ دُونَ غَيْرِهِ (قَوْلُهُ: عَلَى الْأَقَلِّ) وَهُوَ دِينَارٌ

(قَوْلُهُ: كَانَ يَعْلَمُ مَا عِنْدَ اللَّهِ بِالْوَحْيِ) أَيْ وَقَدْ عَلِمَ أَنَّ اللَّهَ أَرَادَ إقْرَارَهُمْ لَا إلَى غَايَةٍ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ الْهُدْنَةِ) يَنْبَغِي أَوْ مِنْ وَكِيلِهِمْ اهـ سم عَلَى حَجّ

(قَوْلُهُ: سِوَى الْأَرْبَعَةِ) وَهِيَ الْحَجُّ وَالْعُمْرَةُ

ــ

[حاشية الرشيدي]

عَلَى لِأَنَّ إلَخْ وَكَانَ الْمُنَاسِبُ اللَّامَ (قَوْلُهُ كَالزِّنَا وَالسَّرِقَةِ) أَيْ تَرْكِهِمَا (قَوْلُهُ: وَمِنْ عَدَمِ تَظَاهُرِهِمْ) الظَّاهِرُ أَنَّهُ مَعْطُوفٌ عَلَى مِمَّا يَرَوْنَهُ إذْ هُوَ مِنْ جُمْلَةِ الْأَحْكَامِ كَمَا لَا يَخْفَى فَهُوَ أَوْلَى مِنْ جَعْلِ الشِّهَابِ ابْنِ قَاسِمٍ لَهُ مَعْطُوفًا عَلَى مِنْ أَحْكَامِهِ (قَوْلُهُ: أَمَّا النِّسَاءُ) أَيْ الْمُسْتَقِلَّاتُ (قَوْلُهُ: هُنَا) أَيْ فِي الْإِيجَابِ بِدَلِيلِ مَا سَيَأْتِي فِي الْقَبُولِ (قَوْلُهُ: بِسُوءٍ)

<<  <  ج: ص:  >  >>