للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مَالُهُ فَيْئًا، أَمَّا مَا يَتَدَيَّنُ بِهِ كَزَعْمِهِمْ أَنَّ الْقُرْآنَ لَيْسَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ أَوْ أَنَّ اللَّهَ ثَالِثُ ثَلَاثَةٍ فَلَا نَقْضَ بِهِ مُطْلَقًا قَطْعًا (وَمَنْ انْتَقَضَ عَهْدُهُ بِقِتَالٍ جَازَ) بَلْ وَجَبَ (دَفْعُهُ بِهِ وَقِتَالُهُ) وَلَا يُبَلَّغُ الْمَأْمَنَ لِعِظَمِ خِيَانَتِهِ وَمِنْ ثَمَّ جَازَ قَتْلُهُ وَإِنْ أَمْكَنَ دَفْعُهُ بِغَيْرِهِ كَمَا يَظْهَرُ مِنْ كَلَامِهِمْ، وَيُتَّجَهُ أَيْضًا أَنَّ مَحَلَّهُ فِي كَامِلٍ فَفِي غَيْرِهِ يُدْفَعُ بِالْأَخَفِّ لِأَنَّهُ إذَا انْدَفَعَ بِهِ كَانَ مَالًا لِلْمُسْلِمِينَ، فَفِي عَدَمِ الْمُبَادَرَةِ إلَى قَتْلِهِ مَصْلَحَةٌ لَهُمْ فَلَا يَفُوتُ عَلَيْهِمْ (أَوْ بِغَيْرِهِ) أَيْ الْقِتَالِ (لَمْ يَجِبْ إبْلَاغُهُ مَأْمَنَهُ فِي الْأَظْهَرِ بَلْ يَخْتَارُ الْإِمَامُ فِيهِ) إنْ لَمْ يَطْلُبْ تَجْدِيدَ عَقْدِ الذِّمَّةِ وَإِلَّا وَجَبَتْ إجَابَتُهُ (قَتْلًا وَرِقًّا) الْوَاوُ هُنَا وَبَعْدُ بِمَعْنَى أَوْ وَآثَرَهَا لِأَنَّهَا أَجْوَدُ فِي التَّقْسِيمِ عِنْدَ غَيْرِ وَاحِدٍ مِنْ الْمُحَقِّقِينَ (وَمَنًّا وَفِدَاءً) لِأَنَّهُ حَرْبِيٌّ أُبْطِلَ أَمَانُهُ، وَبِهِ فَارَقَ مَنْ دَخَلَ بِأَمَانٍ نَحْوِ الصَّبِيِّ ظَنَّهُ أَمَانًا، وَلَا يُنَافِي هَذَا قَوْلَهُمَا فِي الْهُدْنَةِ مَنْ دَخَلَ دَارَنَا بِأَمَانٍ أَوْ هُدْنَةٍ لَا يُقَاتَلُ وَإِنْ انْتَقَضَ عَهْدُهُ بَلْ يُبَلَّغُ الْمَأْمَنَ مَعَ أَنَّ حَقَّ الذِّمِّيِّ آكَدُ لِأَنَّ جِنَايَةَ الذِّمِّيِّ أَفْحَشُ لِمُخَالَطَتِهِ لَنَا خُلْطَةً أَلْحَقَتْهُ بِأَهْلِ الدَّارِ فَغُلِّظَ عَلَيْهِ أَكْثَرُ (فَإِنْ) (أَسْلَمَ) مَنْ انْتَقَضَ عَهْدُهُ (قَبْلَ الِاخْتِيَارِ) (امْتَنَعَ الرِّقُّ) وَالْقَتْلُ وَالْفِدَاءُ، بِخِلَافِ الْأَسِيرِ لِأَنَّهُ لَمْ يَحْصُلْ فِي يَدِ الْإِمَامِ بِالْقَهْرِ وَلَهُ أَمَانٌ مُتَقَدِّمٌ فَخَفَّ أَمْرُهُ.

وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ يَتَعَيَّنُ الْمَنُّ (وَإِذَا بَطَلَ أَمَانُ رِجَالٍ) حَصَلَ بِجِزْيَةٍ أَوْ غَيْرِهَا (لَمْ يَبْطُلْ أَمَانُ) ذَرَارِيِّهِمْ مِنْ نَحْوِ (نِسَائِهِمْ وَالصِّبْيَانُ فِي الْأَصَحِّ) لِانْتِفَاءِ جِنَايَةٍ مِنْهُمْ نَاقِضَةٍ أَمَانَهُمْ، وَإِنَّمَا تَبِعُوا فِي الْعَقْدِ دُونَ النَّقْضِ تَغْلِيبًا لِلْعِصْمَةِ فِيهِمَا، وَالثَّانِي يَبْطُلُ تَبَعًا لَهُمْ كَمَا تَبِعُوهُمْ فِي الْأَمَانِ وَرُدَّ بِمَا مَرَّ، وَلَوْ طَلَبُوا دَارَ الْحَرْبِ أُجِيبَ النِّسَاءُ دُونَ الصِّبْيَانِ إذْ لَا اخْتِيَارَ لَهُمْ (وَإِذَا اخْتَارَ ذِمِّيٌّ نَبْذَ الْعَهْدِ وَاللُّحُوقَ بِدَارِ الْحَرْبِ بُلِّغَ الْمَأْمَنَ) وَهُوَ الْمَحَلُّ الَّذِي يَأْمَنُ فِيهِ عَلَى نَفْسِهِ وَمَالِهِ مِنْ أَقْرَبِ بِلَادِهِمْ لِعَدَمِ ظُهُورِ جِنَايَةٍ مِنْهُ.

ــ

[حاشية الشبراملسي]

قَوْلُهُ فَلَا يَفُوتُ عَلَيْهِمْ) أَيْ فَلَوْ خَالَفَ وَقَتَلَهُ ابْتِدَاءً لَمْ يَضْمَنْهُ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا وَجَبَتْ إجَابَتُهُ) ظَاهِرُهُ وَإِنْ تَكَرَّرَ مِنْهُ ذَلِكَ، وَيَنْبَغِي أَنَّ مَحَلَّهُ حَيْثُ لَمْ تَدُلَّ قَرِينَةٌ عَلَى أَنَّ سُؤَالَهُ نَفْيُهُ فَقَطْ.

ــ

[حاشية الرشيدي]

مِنْ الْقَبِيحِ وَهُوَ الْمُرَادُ

كِتَابُ الْهُدْنَةِ (قَوْلُهُ: لِمُخَالَطَتِهِ لَنَا) جَرَى عَلَى الْغَالِبِ (قَوْلُهُ: بَلَغَ الْمَأْمَنَ) قَالَ الْبَنْدَنِيجِيُّ وَغَيْرُهُ: وَالْمُرَادُ بِهِ أَقْرَبُ بِلَادِ الْحَرْبِ مِنْ دَارِنَا.

قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: هَذَا فِي النَّصْرَانِيِّ ظَاهِرٌ، وَأَمَّا الْيَهُودِيُّ فَلَا مَأْمَنَ لَهُ نَعْلَمُهُ بِالْقُرْبِ مِنْ دِيَارِ الْإِسْلَامِ بَلْ دِيَارُ الْحَرْبِ كُلُّهُمْ نَصَارَى فِيمَا أَحْسِبُ وَهْم أَشَدُّ عَلَيْهِمْ مِنَّا، فَيَجُوزُ أَنْ يُقَالَ لِلْيَهُودِيِّ اخْتَرْ لِنَفْسِك مَأْمَنًا وَاللُّحُوقَ بِأَيِّ دِيَارِ الْحَرْبِ شِئْت.

<<  <  ج: ص:  >  >>