للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أَبِي هُرَيْرَةَ «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَعَثَ بَدِيلًا يَصِيحُ فِي فِجَاجِ مِنًى: أَلَا إنَّ الذَّكَاةَ فِي الْحَلْقِ وَاللَّبَّةِ» فَلَا يَحِلُّ شَيْءٌ مِنْ الْحَيَوَانِ الْمَأْكُولِ مِنْ غَيْرِ ذَكَاةٍ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَقْدِرْ عَلَيْهِ (فَبِعَقْرٍ مُزْهِقٍ حَيْثُ كَانَ) وَالْكَلَامُ فِي الذَّبْحِ اسْتِقْلَالًا، فَلَا يَرِدُ الْجَنِينُ لِأَنَّ ذَبْحَهُ بِذَبْحِ أُمِّهِ تَبَعًا لِخَبَرِ «ذَكَاةُ الْجَنِينِ ذَكَاةُ أُمِّهِ»

(وَشَرْطُ ذَابِحٍ وَصَائِدٍ حِلُّ مُنَاكَحَتِهِ) بِأَنْ يَكُونَ مُسْلِمًا أَوْ كِتَابِيًّا بِشَرْطِهِ الْمَذْكُورِ فِي كِتَابِ النِّكَاحِ فَتَحْرُمُ ذَبِيحَةُ مَجُوسِيٍّ وَمُرْتَدٍّ وَعَابِدِ وَثَنٍ، وَلَوْ أَكْرَهَ مَجُوسِيٌّ مُسْلِمًا عَلَى الذَّبْحِ أَوْ مُحْرِمٌ حَلَالًا حَلَّ، وَشَمَلَ كَلَامُهُ زَوْجَاتِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَتَحِلُّ ذَبِيحَتُهُنَّ لِحِلِّهِنَّ لَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَهُوَ رَأْسُ الْمُسْلِمِينَ (وَتَحِلُّ ذَكَاةُ أَمَةٍ كِتَابِيَّةٍ) وَإِنْ حَرُمَتْ مُنَاكَحَتُهَا لِعُمُومِ الْآيَةِ، وَلِأَنَّ الرِّقَّ لَا أَثَرَ لَهُ فِي الذَّبِيحَةِ بِخِلَافِ الْمُنَاكَحَةِ (وَلَوْ شَارَكَ مَجُوسِيٌّ) أَوْ وَثَنِيٌّ أَوْ مُرْتَدٌّ (مُسْلِمًا فِي ذَبْحٍ أَوْ اصْطِيَادٍ حَرُمَ) بِلَا خِلَافٍ، وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ مَتَى شَارَكَ مَنْ لَا تَحِلُّ ذَكَاتُهُ مَنْ تَحِلُّ حَرُمَ لِأَنَّهُ مَتَى اجْتَمَعَ الْمُبِيحُ وَالْمُحَرِّمُ غُلِّبَ الثَّانِي (وَلَوْ) (أَرْسَلَا كَلْبَيْنِ أَوْ سَهْمَيْنِ، فَإِنْ سَبَقَ آلَةُ الْمُسْلِمِ فَقَتَلَ) الصَّيْدَ (أَوْ أَنْهَاهُ إلَى حَرَكَةِ مَذْبُوحٍ) (حَلَّ) كَمَا لَوْ ذَبَحَ الْمُسْلِمُ شَاةً فَقَدَهَا الْمَجُوسِيُّ (وَلَوْ انْعَكَسَ) الْحَالُ (أَوْ جَرَحَاهُ مَعًا أَوْ جَهِلَ) ذَلِكَ (أَوْ مُرَتَّبًا وَلَمْ يَذْفِفْ أَحَدُهُمَا) بِإِعْجَامٍ وَإِهْمَالٍ: أَيْ لَمْ يُقْتَلْ سَرِيعًا فَهَلَكَ بِهِمَا (حَرُمَ) تَغْلِيبًا لِلْحُرْمَةِ وَقَوْلُهُ أَوْ جَهِلَ مِنْ زِيَادَتِهِ. أَمَّا مَا اصْطَادَهُ الْمُسْلِمُ بِكَلْبِ الْمَجُوسِيِّ فَحَلَالٌ قَطْعًا، وَلَوْ أَرْسَلَ نَحْوَ مَجُوسِيٍّ سَهْمًا عَلَى صَيْدٍ ثُمَّ أَسْلَمَ وَوَقَعَ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

إلَى حَرَكَةِ مَذْبُوحٍ وَهُنَاكَ إذَا لَمْ يَتَبَيَّنْ.

وَقَالَ النَّوَوِيُّ: هَذَا خِلَافُ مَا سَبَقَ تَصْرِيحُ الْإِمَامِ بِهِ، بَلْ الْجَوَابُ أَنَّ هَذَا مُقَصِّرٌ بِالتَّأَنِّي بِخِلَافِ الْأَوَّلِ اهـ (قَوْلُهُ: بَعَثَ بَدِيلًا) هُوَ بَدِيلُ بْنُ وَرْقَاءَ الْخُزَاعِيُّ كَمَا فِي الْمُنْتَقَى لِابْنِ تَيْمِيَّةَ وَلَفْظُهُ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ «بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَدِيلَ بْنَ وَرْقَاءَ الْخُزَاعِيَّ عَلَى جَمَلٍ أَوْرَقَ يَصِيحُ فِي فِجَاجِ مِنًى: أَلَا وَإِنَّ الذَّكَاةَ فِي الْحَلْقِ وَاللَّبَّةِ، وَلَا تُعَجِّلُوا الْأَنْفُسَ أَنْ تَذْهَبَ، وَأَيَّامُ مِنًى أَيَّامُ أَكْلٍ وَشُرْبٍ وَبِعَالٍ» رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيّ اهـ. وَقَدْ ذَكَرَهُ الْحَافِظُ ابْنُ حَجَرٍ فِي الْإِصَابَةِ فِي الْقِسْمِ الْأَوَّلِ مِنْ الَّذِينَ لَهُمْ صُحْبَةٌ، وَذَكَرَ بَعْضَ الْحَدِيثِ الْمَذْكُورِ مِنْ طُرُقٍ أُخْرَى (قَوْلُهُ: فِي فِجَاجِ مِنًى) أَيْ نَوَاحِيهَا (قَوْلُهُ: أَلَا إنَّ الذَّكَاةَ فِي الْحَلْقِ) أَيْ لَمَّا قَصُرَ عُنُقُهُ، وَاللَّبَّةُ: أَيْ لَمَّا طَالَ عُنُقُهُ، وَالْمُرَادُ أَنَّ هَذَا هُوَ الْأَوْلَى (قَوْلُهُ: فَلَا يَرِدُ الْجَنِينُ) وَمِثْلُ الْجَنِينِ جَنِينٌ فِي بَطْنِهِ إنْ تُصُوِّرَ (قَوْلُهُ ذَكَاةُ أُمِّهِ) هُوَ بِالرَّفْعِ: يَعْنِي أَنَّ الذَّكَاةَ الَّتِي أَحَلَّتْ أُمَّهُ أَحَلَّتْهُ وَيَجُوزُ نَصْبُهُ بِنَزْعِ الْخَافِضِ وَهُوَ الْبَاءُ لَا الْكَافُ كَمَا تَقُولُهُ الْحَنَفِيَّةُ

(قَوْلُهُ: كِتَابِيًّا بِشَرْطِهِ) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَعْتَقِدْ حِلَّهُ حَجّ، زَادَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ كَالْإِبِلِ، وَعِبَارَتُهُ: وَسَوَاءٌ اعْتَقَدُوا إبَاحَتَهُ: أَيْ الْمَذْبُوحِ كَالْبَقَرِ وَالْغَنَمِ أَوْ تَحْرِيمَهُ كَالْإِبِلِ (قَوْلُهُ: غُلِّبَ الثَّانِي) أَيْ فِي هَذَا الْبَابِ وَغَيْرِهِ (قَوْلُهُ: فَإِنْ سَبَقَ آلَةُ الْمُسْلِمِ) أَيْ يَقِينًا أَخَذَهُ مِنْ قَوْلِهِ الْآتِي أَوْ جَهِلَ (قَوْلُهُ أَمَّا مَا اصْطَادَهُ) أَيْ وَمَا صَادَهُ الْمَجُوسِيُّ بِكَلْبِ الْمُسْلِمِ فَحَرَامٌ قَطْعًا (قَوْلُهُ: فَحَلَالٌ قَطْعًا) وَبَقِيَ مَا لَوْ أَرْسَلَ الْمَجُوسِيُّ كَلْبًا وَالْمُسْلِمُ آخَرَ فَسَبَقَ كَلْبُ الْمَجُوسِيِّ وَمَسَكَ الصَّيْدَ فَجَاءَ كَلْبُ الْمُسْلِمِ وَقَتَلَهُ فَهَلْ يَحِلُّ أَوْ لَا؟ قَالَ ابْنُ حَجَرٍ: الْأَقْرَبُ عَدَمُ الْحِلِّ لِأَنَّهُ بِإِمْسَاكِ كَلْبِ الْمَجُوسِيِّ صَارَ مَقْدُورًا عَلَيْهِ اهـ بِالْمَعْنَى.

أَقُولُ: فَإِنْ لَمْ يَصِرْ مَقْدُورًا عَلَيْهِ بِكَلْبِ الْمَجُوسِيِّ حَلَّ بِكَلْبِ

ــ

[حاشية الرشيدي]

الْأَذْرَعِيُّ، لَكِنْ رَوَاهُ الشَّافِعِيُّ مَوْقُوفًا عَلَى ابْنِ عُمَرَ وَابْنِ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ -.

قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَلَا نَعْلَمُ لَهُمَا مُخَالِفًا مِنْ الصَّحَابَةِ (قَوْلُهُ: وَالْكَلَامُ فِي الذَّبْحِ اسْتِقْلَالًا) الْأَصْوَبُ وَالْكَلَامُ فِي الزَّكَاةِ إلَخْ (قَوْلُهُ لِأَنَّ ذَبْحَهُ بِذَبْحِ أُمِّهِ) عِبَارَةُ التُّحْفَةِ: لِأَنَّ الشَّارِعَ جَعَلَ ذَبْحَ أُمِّهِ زَكَاتَهُ

(قَوْلُ الْمَتْنِ فَقَتَلَ) أَيْ الْكَلْبُ أَوْ السَّهْمُ الْمُعَبَّرُ عَنْهُ بِالْآلَةِ

<<  <  ج: ص:  >  >>