عَلَيْهِ لَا يَحِلُّ إلَّا بِذَبْحِهِ وَاسْتَعْمَلَ الْمُصَنِّفُ نَدَّ فِي الْبَعِيرِ وَشَرَدَ بِالشَّاةِ لِاسْتِعْمَالِ الْأَوَّلِ فِيهِ دُونَ الثَّانِي، نَعَمْ الشِّرَادُ يُسْتَعْمَلُ فِي سَائِرِ الدَّوَابِّ (وَلَوْ) (تَرَدَّى بَعِيرٌ وَنَحْوُهُ فِي بِئْرٍ وَلَمْ يُمْكِنْ قَطْعُ حُلْقُومِهِ) وَمَرِيئِهِ (فَكَنَادٍّ) فِي حِلِّهِ بِالرَّمْيِ لِتَعَذُّرِ الْوُصُولِ إلَيْهِ.
فَفِي السُّنَنِ الْأَرْبَعَةِ مِنْ حَدِيثِ أَبِي الْعُشَرَاءِ الدَّارِمِيِّ عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ قَالَ «يَا رَسُولَ اللَّهِ أَمَا تَكُونُ الذَّكَاةُ إلَّا فِي الْحَلْقِ وَاللَّبَّةِ؟ فَقَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: لَوْ طَعَنْتَ فِي فَخِذِهَا لَأَجْزَأَكَ» قَالَ أَبُو دَاوُد: هَذَا لَا يَصِحُّ إلَّا فِي الْمُتَرَدِّيَةِ وَالْمُتَوَحِّشِ (قُلْت: الْأَصَحُّ لَا يَحِلُّ) الْمُتَرَدِّي (بِإِرْسَالِ الْكَلْبِ) الْجَارِحِ (وَنَحْوِهِ وَصَحَّحَهُ الرُّويَانِيُّ وَالشَّاشِيُّ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) وَالْفَرْقُ أَنَّ الْحَدِيدَ يُسْتَبَاحُ بِهِ الذَّبْحُ فِي الْقُدْرَةِ بِخِلَافِ فِعْلِ الْجَارِحَةِ (وَمَتَى تَيَسَّرَ) يَعْنِي أَمْكَنَ وَلَوْ بِعُسْرٍ (لُحُوقُهُ) أَيْ النَّادُّ أَوْ الصَّيْدُ (بِعَدْوٍ أَوْ اسْتِغَاثَةٍ) بِغَيْنٍ وَثَاءٍ مُعْجَمَتَيْنِ أَوْ مُهْمَلَةٍ وَنُونٍ (بِمَنْ يَسْتَقْبِلُهُ فَمَقْدُورٌ عَلَيْهِ) لَا يَحِلُّ إلَّا بِذَبْحِهِ فِي مَذْبَحِهِ.
أَمَّا إذَا تَعَذَّرَ لُحُوقُهُ حَالًا فَيَحِلُّ بِأَيِّ جُرْحٍ كَانَ كَمَا مَرَّ (وَيَكْفِي فِي) الصَّيْدِ الْمُتَوَحِّشِ (النَّادِّ وَالْمُتَرَدِّي جُرْحٌ يُفْضِي إلَى الزَّهُوقِ) كَيْفَ كَانَ إذْ الْقَصْدُ حِينَئِذٍ جِرَاحَةٌ تُفْضِي إلَى الْمَوْتِ غَالِبًا (وَقِيلَ يُشْتَرَطُ مُذَفِّفٌ) لِيَنْزِلَ مَنْزِلَةَ قَطْعِ الْحُلْقُومِ وَالْمَرِيءِ فِي الْمَقْدُورِ عَلَيْهِ، وَلَوْ تَرَدَّى بَعِيرٌ فَوْقَ بَعِيرٍ فَغَرَزَ رُمْحًا فِي الْأَوَّلِ فَنَفَذَ إلَى الثَّانِي حَلَّ عَالِمًا كَانَ أَوْ جَاهِلًا كَمَا لَوْ رَمَى صَيْدًا فَأَصَابَهُ وَنَفَذَ مِنْهُ إلَى آخَرَ.
(وَإِذَا) (أَرْسَلَ سَهْمًا أَوْ كَلْبًا) وَنَحْوَهُ (أَوْ طَائِرًا عَلَى صَيْدٍ) أَوْ بَعِيرٍ أَوْ نَحْوِهِ تَعَذَّرَ لُحُوقُهُ وَلَوْ بِالِاسْتِعَانَةِ (فَأَصَابَهُ) وَجَرَحَهُ (وَمَاتَ) (فَإِنْ لَمْ يُدْرِكْ فِيهِ حَيَاةً مُسْتَقِرَّةً) كَأَنْ رَمَاهُ فَقَدَّهُ نِصْفَيْنِ (أَوْ أَدْرَكَهَا وَتَعَذَّرَ ذَبْحُهُ بِلَا تَقْصِيرٍ بِأَنْ سَلَّ السِّكِّينَ فَمَاتَ قَبْلَ إمْكَانٍ) لِذَبْحِهِ (أَوْ امْتَنَعَ) بِقُوَّتِهِ (وَمَاتَ قَبْلَ الْقُدْرَةِ عَلَيْهِ حَلَّ) إجْمَاعًا فِي الصَّيْدِ، وَلِخَبَرِ الشَّيْخَيْنِ فِي الْبَعِيرِ بِالسَّهْمِ، وَقِيسَ بِمَا فِيهِ غَيْرُهُ، وَيُنْدَبُ فِيمَا إذَا لَمْ يُدْرِكْ فِيهِ حَيَاةً مُسْتَقِرَّةً إمْرَارُ السِّكِّينِ عَلَى مَذْبَحِهِ لِيَذْبَحَهُ، فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ وَتَرَكَهُ حَتَّى مَاتَ حَلَّ لِقُدْرَتِهِ عَلَيْهِ فِي حَالَةٍ لَا يَحْتَاجُ فِيهَا لِتَذْكِيَةٍ، وَلَا يُشْتَرَطُ عَدْوٌ بَعْدَ إصَابَةِ سَهْمٍ أَوْ كَلْبٍ وَلَوْ اشْتَغَلَ بِطَلَبِ الْمَذْبَحِ أَوْ وَقَعَ مُنَكَّسًا فَاحْتَاجَ إلَى قَلْبِهِ أَوْ أُشْغِلَ بِتَوْجِيهِهِ إلَى الْقِبْلَةِ فَمَاتَ حَلَّ (وَإِنْ مَاتَ لِتَقْصِيرِهِ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
سَكَنَ الْقَلْبُ وَلَمْ يَنْفِرْ (قَوْلُهُ: دُونَ الثَّانِي) أَيْ فَلَا يُسْتَعْمَلُ فِيهِ نِدٌّ، بِخِلَافِ الشِّرَادِ فَيُسْتَعْمَلُ فِي كُلٍّ مِنْهُمَا (قَوْلُهُ: وَلَمْ يُمْكِنْ قَطْعُ حُلْقُومِهِ) أَيْ لَمْ يَتَيَسَّرْ وَلَوْ بِعُسْرٍ أَخْذًا مِنْ قَوْلِهِ الْآتِي يَعْنِي أَمْكَنَ وَلَوْ بِعُسْرٍ (قَوْلُهُ أَبِي الْعُشَرَاءِ) قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ فِي الْكُنَى: أَبُو الْعُشَرَاءِ بِالضَّمِّ الدَّارِمِيُّ أُسَامَةُ بْنُ مَالِكِ بْنِ قَحْطَمٍ، وَيُقَالُ عُطَارِدُ بْنُ بَدْرٍ، وَيُقَالُ ابْنُ بِلَزٍّ، وَضَبَطَهُ فِي الْقَامُوسِ بِالضَّمِّ وَالْمَدِّ أَيْضًا: أَيْ بِالْقَلَمِ (قَوْلُهُ: أَمَّا إذَا تَعَذَّرَ لُحُوقُهُ حَالًا) أَيْ بِحَسَبِ الْعُرْفِ كَأَنْ لَا يُدْرِكَهُ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ وَلَوْ بِشِدَّةِ الْعَدْوِ وَرَاءَهُ، وَإِذَا تُرِكَ رُبَّمَا اسْتَقَرَّ فِي مَحَلٍّ آخَرَ فَيُدْرِكُهُ فِي غَيْرِ الْوَقْتِ الَّذِي نَدَّ فِيهِ فَلَا يُكَلَّفُ الصَّبْرُ إلَى صَيْرُورَتِهِ كَذَلِكَ، وَمِنْهُ مَا لَوْ أَرَادَ ذَبْحَ دَجَاجَةٍ فَفَرَّتْ مِنْهُ وَلَمْ يُمْكِنْ قُدْرَتُهُ عَلَيْهَا لَا بِنَفْسِهِ وَلَا بِمُعِينٍ (قَوْلُهُ: فَلَوْ رَمَى غَيْرَ مَقْدُورٍ عَلَيْهِ) هَذَا إلَى قَوْلِ الْمُصَنِّفِ: وَيَكْفِي مُكَرَّرٌ مَعَ مَا تَقَدَّمَ ثُمَّ رَأَيْتُهَا سَاقِطَةً فِي نُسْخَةٍ صَحِيحَةٍ (قَوْلُهُ: جَرْحٌ) الْجَرْحُ بِفَتْحِ الْجِيمِ مَصْدَرُ جَرَحَهُ، وَأَمَّا الْجُرْحُ بِالضَّمِّ فَهُوَ اسْمٌ اهـ عِصَامٌ عَلَى الْجَامِيِّ.
وَقَوْلُهُ فَهُوَ اسْمٌ: أَيْ لِلْأَثَرِ الْحَاصِلِ مِنْ فِعْلِ الْجَارِحِ (قَوْلُهُ: عَالِمًا كَانَ) أَيْ بِالثَّانِي
(قَوْلُهُ: لِيَذْبَحَهُ) أَيْ إنَّ اسْتَمَرَّتْ حَيَاتُهُ إلَى تَمَامِ الذَّبْحِ (قَوْلُهُ: وَلَا يُشْتَرَطُ عَدْوٌ) أَيْ سُرْعَةُ سَيْرٍ مِنْ الرَّامِي وَالْمُرْسِلِ بَعْدَ الرَّمْيِ
ــ
[حاشية الرشيدي]
قَوْلُهُ: لِاسْتِعْمَالِ الْأَوَّلِ فِيهِ) أَيْ فِي الْبَعِيرِ دُونَ الثَّانِي: أَيْ الشَّاةِ، فَلَا يُسْتَعْمَلُ فِيهِ النُّدُودُ وَإِنَّمَا يُسْتَعْمَلُ فِيهِ الشِّرَادُ
(قَوْلُهُ: وَجُرْحُهُ) لَيْسَ بِقَيْدٍ فِي الْكَلْبِ وَنَحْوِهِ كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي وَمِنْ ثَمَّ لَمْ يَذْكُرْهُ غَيْرُهُ هُنَا (قَوْلُهُ لِيَذْبَحَهُ) كَذَا فِي النُّسَخِ وَهُوَ مُحَرَّفٌ عَنْ قَوْلِهِ لِيُرِيحَهُ مِنْ الْإِرَاحَةِ كَمَا هُوَ فِي الدَّمِيرِيِّ (قَوْلُهُ: وَلَا يُشْتَرَطُ عَدْوٌ) أَيْ مِنْ الْمُرْسِلِ بِكَسْرِ