للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

انْقَضَتْ الْعِدَّةُ بِالْحَيْضِ مَعَ وُجُودِ الْحَمْلِ وَإِنْ كَانَ مِنْ غَيْرِ زِنًا كَأَنْ طَلَّقَهَا حَامِلًا مِنْهُ فَوَطِئَهَا غَيْرُهُ بِشُبْهَةٍ أَوْ بِالْعَكْسِ لَمْ تَنْقَضِ بِهِ خِلَافًا لِلْقَاضِي.

وَالثَّانِي وَهُوَ الْقَدِيمُ أَنَّهُ لَيْسَ بِحَيْضٍ بَلْ هُوَ حَدَثٌ دَائِمٌ كَسَلَسِ الْبَوْلِ لِأَنَّ الْحَمْلَ يَسُدُّ مَخْرَجَ الْحَيْضِ وَقَدْ جُعِلَ دَلِيلًا عَلَى بَرَاءَةِ الرَّحِمِ فَدَلَّ عَلَى أَنَّ الْحَامِلَ لَا تَحِيضُ، وَالْأَوَّلُ أَجَابَ عَنْهُ بِأَنَّهُ إنَّمَا حُكِمَ بِبَرَاءَةِ الرَّحِمِ عَمَلًا بِالْغَالِبِ كَمَا مَرَّ (وَ) أَنَّ (النَّقَاءَ بَيْنَ) دِمَاءِ (أَقَلِّ الْحَيْضِ) فَأَكْثَرَ (حَيْضٌ) تَبَعًا لِنَقْصِ النَّقَاءِ عَنْ أَقَلِّ الطُّهْرِ فَأَشْبَهَ الْفَتْرَةَ بَيْنَ دَفَعَاتِ الدَّمِ وَيُسَمَّى قَوْلَ السَّحْبِ.

وَالثَّانِي أَنَّهُ طُهْرٌ لِأَنَّهُ إذَا دَلَّ الدَّمُ عَلَى الْحَيْضِ وَجَبَ أَنْ يَدُلَّ النَّقَاءُ عَلَى الطُّهْرِ، وَيُسَمَّى هَذَا قَوْلَ اللَّقَطِ وَقَوْلَ التَّلْفِيقِ، وَمَحَلُّ الْقَوْلَيْنِ فِي الصَّلَاةِ وَالصَّوْمِ وَنَحْوِهِمَا فَلَا يُجْعَلُ النَّقَاءُ طُهْرًا فِي انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ إجْمَاعًا.

وَشَرْطُ جَعْلِ النَّقَاءِ بَيْنَ الدَّمِ حَيْضًا أَنْ لَا يُجَاوِزَ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا وَلَا يَنْقُصَ مَجْمُوعُ الدِّمَاءِ عَنْ أَقَلِّ الْحَيْضِ، وَأَنْ يَكُونَ النَّقَاءُ زَائِدًا عَلَى الْفَتَرَاتِ الْمُعْتَادَةِ بَيْنَ دَفَعَاتِ الْحَيْضِ فَإِنَّ تِلْكَ حَيْضٌ قَطْعًا.

وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْفَتْرَةِ وَالنَّقَاءِ أَنَّ الْفَتْرَةَ هِيَ الْحَالَةُ الَّتِي يَنْقَطِعُ فِيهَا جَرَيَانُ الدَّمِ وَيَبْقَى أَثَرٌ لَوْ أَدْخَلَتْ قُطْنَةً فِي فَرْجِهَا لَخَرَجَتْ مُلَوَّثَةً.

وَالنَّقَاءُ أَنْ تُخْرَجَ نَقِيَّةً لَا شَيْءَ عَلَيْهَا وَلَوْ عَبَرَ التَّقَطُّعُ خَمْسَةَ عَشَرَ جَاءَ مَا مَرَّ فِي الْمُسْتَحَاضَاتِ وَالدَّمُ الْمَرْئِيُّ بَيْنَ التَّوْأَمَيْنِ بِشُرُوطِ الْحَيْضِ حَيْضٌ كَالْخَارِجِ بَعْدَ عُضْوٍ مُنْفَصِلٍ مِنْ الْوَلَدِ الْمُجْتَنِّ لِأَنَّهُ خَرَجَ قَبْلَ فَرَاغِ الرَّحِمِ كَدَمِ الْحَامِلِ، بَلْ أَوْلَى بِكَوْنِهِ حَيْضًا إذْ إرْخَاءُ الدَّمِ بَيْنَ الْوِلَادَتَيْنِ أَقْرَبُ مِنْهُ قَبْلَهُمَا لِانْفِتَاحِ فَمِ الرَّحِمِ بِالْوِلَادَةِ، وَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ بَيْنَ الدَّمِ.

قَالَ الْبُرْهَانُ الْفَزَارِيّ: كَذَا هُوَ فِي عِدَّةِ نُسَخٍ، وَقِيلَ إنَّهُ كَانَ هَكَذَا فِي نُسْخَةِ الْمُؤَلِّفِ ثُمَّ أَصْلَحَهُ بَعْضُهُمْ عَلَى مَا ذَكَرْنَاهُ بِقَوْلِهِ بَيْنَ أَقَلِّ الْحَيْضِ لِأَنَّ الرَّاجِحَ أَنَّهُ إنَّمَا يَنْسَحِبُ إذَا بَلَغَ مَجْمُوعُ الدِّمَاءِ أَقَلَّ الْحَيْضِ اهـ وَهَذِهِ النُّسْخَةُ هِيَ الَّتِي شَرَحَ عَلَيْهَا السُّبْكِيُّ.

وَقَالَ المنكت: قَدْ رَأَيْت نُسْخَةَ الْمُصَنِّفِ الَّتِي بِخَطِّهِ وَأُصْلِحَتْ كَمَا قَالَ بِغَيْرِ خَطِّهِ.

ثُمَّ شَرَعَ يَتَكَلَّمُ عَلَى النِّفَاسِ، فَقَالَ (وَأَقَلُّ النِّفَاسِ لَحْظَةٌ) يُقَالُ فِي فِعْلِهِ نُفِسَتْ الْمَرْأَةُ بِضَمِّ النُّونِ وَفَتْحِهَا وَبِكَسْرِ الْفَاءِ فِيهِمَا وَالضَّمُّ أَفْصَحُ، وَعَبَّرَ بَدَلَ اللَّحْظَةِ فِي التَّحْقِيقِ كَالتَّنْبِيهِ بِالْمَجَّةِ: أَيْ الدَّفْعَةِ.

وَفِي الرَّوْضَةِ لَا حَدَّ لِأَقَلِّهِ: أَيْ لَا يَتَقَدَّرُ بَلْ مَا وُجِدَ مِنْهُ وَإِنْ قَلَّ يَكُونُ نِفَاسًا، وَلَا يُوجَدُ أَقَلُّ مِنْ مَجَّةٍ وَيُعَبَّرُ عَنْ زَمَنِهَا بِاللَّحْظَةِ، فَالْمُرَادُ مِنْ الْعِبَارَاتِ وَاحِدٌ.

وَهُوَ لُغَةً: الْوِلَادَةُ، وَشَرْعًا مَا مَرَّ أَوَّلَ الْبَابِ.

وَسُمِّيَ بِذَلِكَ لِأَنَّهُ يَخْرُجُ عَقِبَ النَّفْسِ أَوْ مِنْ قَوْلِهِمْ تَنَفَّسَ الصُّبْحُ إذَا ظَهَرَ.

وَأَوَّلُ وَقْتِهِ بَعْدَ خُرُوجِ الْوَلَدِ، وَقِيلَ أَقَلُّ الطُّهْرِ، وَإِنْ كَانَ عَلَقَةً أَوْ مُضْغَةً قَالَ الْقَوَابِلُ إنَّهُ مَبْدَأُ خَلْقٍ آدَمِيٍّ، فَإِنْ تَأَخَّرَ خُرُوجُهُ عَنْ الْوِلَادَةِ فَأَوَّلُهُ مِنْ خُرُوجِهِ لَا مِنْهَا كَمَا صَحَّحَهُ فِي التَّحْقِيقِ وَمَوْضِعٍ مِنْ الْمَجْمُوعِ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ وَإِنْ صَحَّحَ فِي الرَّوْضَةِ، وَمَوْضِعٍ آخَرَ مِنْ الْمَجْمُوعِ عَكْسَ ذَلِكَ، إذْ يَلْزَمُ عَلَيْهِ جَعْلُ النَّقَاءِ الَّذِي لَمْ يَسْبِقْهُ دَمٌ نِفَاسًا فَتَجِبُ عَلَيْهَا الصَّلَاةُ فِي النَّقَاءِ الْمَذْكُورِ، وَقَدْ صَحَّحَ فِي الْمَجْمُوعِ أَنَّهُ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

قَوْلُهُ: انْقَضَتْ الْعِدَّةُ بِالْحَيْضِ) أَيْ وَيَحْرُمُ طَلَاقُهَا فِيهِ لِتَضَرُّرِهَا بِطُولِ الْعِدَّةِ فَإِنَّ زَمَنَهُ لَا يُحْسَبُ مِنْهَا (قَوْلُهُ: لَمْ تَنْقَضِ بِهِ) أَيْ الْحَيْضِ (قَوْلُهُ: وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْفَتْرَةِ وَالنَّقَاءِ) أَيْ عَلَى الثَّانِي (قَوْلُهُ: وَهَذِهِ النُّسْخَةُ) هِيَ قَوْلُهُ: بَيْنَ أَقَلِّ الْحَيْضِ إلَخْ.

(قَوْلُهُ: يُقَالُ فِي فِعْلِهِ) أَيْ فِي الْفِعْلِ الدَّالِّ عَلَى الدَّمِ الْخَارِجِ بَعْدَ فَرَاغِ الرَّحِمِ. أَمَّا نَفِسَتْ بِمَعْنَى حَاضَتْ فَيُقَالُ فِيهِ بِفَتْحِ النُّونِ وَكَسْرِ الْفَاءِ كَمَا قَالَهُ بَعْضُهُمْ، وَقَدْ مَرَّ مَا فِيهِ (قَوْلُهُ: الدُّفْعَةُ) أَيْ بِضَمِّ الدَّالِ عَمِيرَةُ (قَوْلُهُ: مِنْ الْعِبَارَاتِ) هِيَ مَجَّةٌ وَلَحْظَةٌ وَدَفْعَةٌ (قَوْلُهُ: قَالَ الْقَوَابِلُ) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ أَرْبَعٍ مِنْهُنَّ، وَيَنْبَغِي الِاكْتِفَاءُ بِوَاحِدَةٍ لِأَنَّ الْمَدَارَ عَلَى مَا يُفِيدُ الظَّنَّ وَالْوَاحِدَةُ تُحَصِّلُهُ.

وَعِبَارَةُ حَجّ عَلَقَةً أَوْ مُضْغَةً فِيهَا صُوَرٌ خَفِيَّةٌ أَخْذًا مِمَّا مَرَّ فِي الْغُسْلِ، إذْ لَا تُسَمَّى وِلَادَةً إلَّا حِينَئِذٍ كَمَا صَرَّحُوا بِهِ، فَلَا تَخَالُفَ بَيْنَ مَا ذَكَرُوهُ هُنَا وَفِي الْعَدَدِ خِلَافًا لِمَنْ ظَنَّهُ (قَوْلُهُ: فَأَوَّلُهُ مِنْ خُرُوجِهِ) أَيْ مِنْ حَيْثُ الْأَحْكَامُ وَقَوْلُهُ: لَا مِنْهَا أَيْ الْوِلَادَةِ (قَوْلُهُ: فِي النَّقَاءِ الْمَذْكُورِ) أَيْ الَّذِي بَيْنَ الْوِلَادَةِ وَرُؤْيَةِ الدَّمِ

ــ

[حاشية الرشيدي]

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

<<  <  ج: ص:  >  >>