للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَلَى أَحَدٍ اصْطِيَادٌ وَاسْتِقَاءٌ مِنْ ذَلِكَ، فَإِنْ كَانَ الْمُبَاحُ مَحْصُورًا حَرُمَ، وَلَوْ اخْتَلَطَتْ دَرَاهِمُ أَوْ دُهْنٌ أَوْ نَحْوُهُمَا حَرَامٌ بِدَرَاهِمِهِ أَوْ دُهْنِهِ فَمَيَّزَ قَدْرَ الْحَرَامِ وَصَرَفَهُ لِمَا يَجِبُ صَرْفُهُ لَهُ وَتَصَرَّفَ فِي الْبَاقِي جَازَ لِلضَّرُورَةِ وَلَا يَخْفَى الْوَرَعُ، وَقَدْ قَالَ بَعْضُهُمْ: يَنْبَغِي لِلْمُتَّقِي اجْتِنَابُ طَيْرِ الْبُرْجِ وَبِنَائِهَا.

(وَلَوْ جَرَحَ الصَّيْدُ اثْنَانِ مُتَعَاقِبَانِ، فَإِنْ ذَفَّفَ الثَّانِي أَوْ أَزْمَنَ دُونَ الْأَوَّلِ) أَيْ لَمْ يُوجَدْ مِنْهُ تَذْفِيفٌ وَلَا إزْمَانٌ (فَهُوَ لِلثَّانِي) لِأَنَّ جُرْحَهُ هُوَ الْمُؤَثِّرُ فِي امْتِنَاعِهِ وَلَا شَيْءَ عَلَى الْأَوَّلِ بِجِرَاحَتِهِ لِأَنَّهُ كَانَ مُبَاحًا حِينَئِذٍ (وَإِنْ ذَفَّفَ الْأَوَّلَ فَلَهُ) لِمَا سَبَقَ وَعَلَى الثَّانِي أَرْشُ مَا نَقَصَ مِنْ لَحْمِهِ وَجِلْدِهِ لِأَنَّهُ جَنَى عَلَى مِلْكِ غَيْرِهِ (وَإِنْ أَزْمَنَ) الْأَوَّلُ (فَلَهُ) لِإِزْمَانِهِ إيَّاهُ (ثُمَّ إنْ ذَفَّفَ الثَّانِيَ بِقَطْعِ حُلْقُومٍ وَمَرِيءٍ فَهُوَ حَلَالٌ وَعَلَيْهِ لِلْأَوَّلِ مَا نَقَصَ بِالذَّبْحِ) وَهُوَ مَا بَيْنَ قِيمَتِهِ زَمِنًا وَمَذْبُوحًا كَذَا ذَكَرَهُ فِي الرَّوْضَةِ وَعَلَّلَ أَيْضًا بِإِفْسَادِهِ مَالَ غَيْرِهِ كَمَا لَوْ ذَبَحَ شَاةَ غَيْرِهِ بِغَيْرِ إذْنِهِ قَالَ الْإِمَامُ وَإِنَّمَا يَظْهَرُ التَّفَاوُتُ إذَا كَانَ فِيهِ حَيَاةٌ مُسْتَقِرَّةٌ فَإِنْ كَانَ مُتَأَلِّمًا بِحَيْثُ لَوْ لَمْ يُذْبَحْ لَهَلَكَ فَمَا عِنْدِي أَنَّهُ يَنْقُصُ بِالذَّبْحِ شَيْءٌ وَرَدَّهُ الْبُلْقِينِيُّ بِأَنَّ الْجِلْدَ يَنْقُصُ بِالْقَطْعِ فَيَلْزَمُ الثَّانِيَ نَقْصُهُ وَعَلَيْهِ فَلَا يَتَعَيَّنُ فِي ضَمَانِ النَّقْصِ أَنَّهُ مَا بَيْنَ قِيمَتِهِ زَمِنًا وَمَذْبُوحًا (وَإِنْ ذَفَّفَ لَا يَقْطَعُهُمَا أَوْ لَمْ يُذَفَّفْ وَمَاتَ بِالْجُرْحَيْنِ فَحَرَامٌ) أَمَّا فِي الْأُولَى فَلِأَنَّ الْمَقْدُورَ عَلَيْهِ لَا يَحِلُّ إلَّا بِذَبْحِهِ.

وَأَمَّا فِي الثَّانِيَةِ فَلِاجْتِمَاعِ الْمُبِيحِ وَالْمُحَرِّمِ كَمَا لَوْ اشْتَرَكَ فِي الذَّبْحِ مُسْلِمٌ وَمَجُوسِيٌّ (وَيَضْمَنُهُ الثَّانِي لِلْأَوَّلِ) لِأَنَّهُ أَفْسَدَ مِلْكَهُ فَلَوْ كَانَتْ قِيمَتُهُ صَحِيحًا عَشَرَةً وَمَذْبُوحًا تِسْعَةً نُظِرَ فِي قِيمَتِهِ مَذْبُوحًا ثُمَّ إنْ لَمْ يَتَمَكَّنْ الْأَوَّلُ مِنْ ذَبْحِهِ فَإِنْ كَانَتْ ثَمَانِيَةً فَإِنَّمَا يَلْزَمُهُ ثَمَانِيَةٌ وَنِصْفٌ لِأَنَّ فِعْلَ الْأَوَّلِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ إفْسَادًا لَكِنَّهُ يُؤَثِّرُ فِي حُصُولِ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

كَانَ مَحْصُورًا، وَإِلَّا جَازَ مُطْلَقًا (قَوْلُهُ: فَمَيَّزَ قَدْرَ الْحَرَامِ) مَفْهُومُهُ أَنَّ مُجَرَّدَ التَّمْيِيزِ لَا يَكْفِي فِي جَوَازِ تَصَرُّفِهِ فِي الْبَاقِي، وَيُمْكِنُ تَوْجِيهُهُ بِأَنَّهُ بِاخْتِلَاطِهِ بِهِ صَارَ كَالْمُشْتَرَكِ وَأَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ لَا يَتَصَرَّفُ قَبْلَ الْقِسْمَةِ وَالْقِسْمَةُ إنَّمَا تَكُونُ بَعْدَ التَّرَاضِي وَهُوَ مُتَعَذِّرٌ هُنَا، فَنَزَلَ صَرْفُهُ فِيمَا يَجِبُ صَرْفُهُ فِيهِ مَنْزِلَةَ الْقِسْمَةِ لِلضَّرُورَةِ، وَفِي حَجّ مَا يُوَافِقُ كَلَامَ الشَّارِحِ وَعِبَارَتَهُ بَعْدَ كَلَامٍ ذَكَرَهُ: وَفِي الْمَجْمُوعِ طَرِيقُهُ أَنْ يَصْرِفَ قَدْرَ الْحَرَامِ إلَى مَا يَجِبُ صَرْفُهُ فِيهِ وَيَتَصَرَّفُ فِي الْبَاقِي بِمَا أَرَادَ (قَوْلُهُ: لِمَا يَجِبُ صَرْفُهُ لَهُ) أَيْ إمَّا بِرَدِّهِ لِمَالِكِهِ إنْ عَرَفَهُ وَإِلَّا فَلِبَيْتِ الْمَالِ أَوْ صَرَفَهُ هُوَ بِنَفْسِهِ لِمَصَالِح بَيْتِ الْمَالِ إنْ عَرَفَهَا (قَوْلُهُ: يَنْبَغِي لِلْمُتَّقِي اجْتِنَابُ طَيْرِ الْبُرْجِ) أَيْ اجْتِنَابُ أَكْلِهِ فَيَكُونُ الْوَرَعُ تَرْكَ ذَلِكَ مَعَ جَوَازِهِ فِي نَفْسِهِ، وَلَعَلَّ مَحَلَّهُ إذَا كَانَتْ الْعَادَةُ جَارِيَةً بِأَنَّهُ إذَا خَرَجَ مِنْ الْبُرْجِ يَلْتَقِطُ مِمَّا يَعْرِضُ عَنْهُ أَصْحَابُهُ أَوْ مِنْ الْحَشِيشِ الْمُبَاحِ أَوْ كَانَ يُطْعِمُهُ مَالِكُهُ فِي الْبُرْجِ، أَمَّا إذَا اتَّخَذَهُ وَأَرْسَلَهُ لِأَكْلِهِ مِنْ مَالِ غَيْرِهِ فَلَا تَبْعُدُ حُرْمَةُ الِاتِّخَاذِ وَالْإِرْسَالِ دُونَ أَكْلِهِ مِنْهُ وَالتَّصَرُّفُ فِيهِ وَجَوَازُ بَيْعِهِ لِعَدَمِ زَوَالِ مِلْكِهِ عَنْهُ، وَعَلَى الْحُرْمَةِ يَأْمُرُهُ الْحَاكِمُ بِمَنْعِهِ مِنْ الْإِرْسَالِ كَأَنْ يُغْلِقَ عَلَيْهِ بَابَ الْبُرْجِ (قَوْلُهُ: وَبِنَائِهَا) يَنْبَغِي أَنَّ مَحَلَّ جَوَازِهِ حَيْثُ لَمْ يَقْصِدْ بِهِ اصْطِيَادَ حَمَامِ الْغَيْرِ بِأَنْ يَتَسَبَّبَ فِي إدْخَالِهِ فِيهِ وَإِلَّا حَرُمَ لِأَنَّهُ طَرِيقٌ لِاسْتِيلَائِهِ عَلَى مَالِ غَيْرِهِ

(قَوْلُهُ: فَلَا يَتَعَيَّنُ فِي ضَمَانِ النَّقْصِ) أَيْ بَلْ إمَّا ذَلِكَ وَالتَّفَاوُتُ بَيْنَ قِيمَتِهِ مَقْطُوعَ

ــ

[حاشية الرشيدي]

يُحَرَّرُ (قَوْلُهُ: وَصَرْفُهُ لِمَا يَجِبُ صَرْفُهُ لَهُ) اُنْظُرْ هَلْ الصَّرْفُ الْمَذْكُورُ شَرْطٌ لِجَوَازِ التَّصَرُّفِ فِي الْبَاقِي حَتَّى لَا يَجُوزَ لَهُ التَّصَرُّفُ عَقِبَ التَّمْيِيزِ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ الْعِبَارَةِ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ غَيْرُ مُرَادٍ، وَقَدْ مَرَّ فِي الشَّرْحِ عَنْ فَتَاوَى الْمُصَنِّفِ نَحْوُ ذَلِكَ فَلْيُرَاجَعْ فِي مَظِنَّتِهِ

(قَوْلُهُ: وَعَلَّلَ أَيْضًا) اُنْظُرْ مَوْقِعَ أَيْضًا هُنَا، وَلَعَلَّ الْوَجْهَ حَذْفُهُ وَالتَّعْلِيلُ لَيْسَ فِي الرَّوْضَةِ (قَوْلُ الْمَتْنِ وَمَاتَ بِالْجُرْحَيْنِ) أَيْ وَلَوْ بِالْقُوَّةِ: أَيْ بِأَنْ كَانَا يُزْهِقَانِ الرُّوحَ لَوْ تُرِكَ لِيَتَأَتَّى التَّفْصِيلُ الْآتِي فِي الشَّرْحِ أَنَّهُ تَارَةً يَتَمَكَّنُ مِنْ ذَبْحِهِ وَتَارَةً لَا، وَإِذَا تَمَكَّنَ مِنْ ذَبْحِهِ تَارَةً يَذْبَحُهُ وَتَارَةً لَا لَكِنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ فَحَرَامٌ إنَّمَا هُوَ فِيمَا إذَا مَاتَ بِهِمَا بِالْفِعْلِ فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: نُظِرَ فِي قِيمَتِهِ مَذْبُوحًا) أَيْ لَوْ فُرِضَ أَنَّهُ ذُبِحَ ثُمَّ، هَذَا النَّظَرُ إنَّمَا يُحْتَاجُ إلَيْهِ فِي بَعْضِ أَحْوَالِ الْمَسْأَلَةِ لَا فِي كُلِّهَا كَمَا يُعْلَمُ بِتَأَمُّلِهَا خِلَافُ مَا يَقْتَضِيهِ صَنِيعُهُ.

وَاعْلَمْ أَنَّ

<<  <  ج: ص:  >  >>