ذَبْحُهَا، وَلَا تُجْزِئُ ضَحِيَّةٌ وَإِنْ اخْتَصَّ ذَبْحُهَا بِوَقْتِ الْأُضْحِيَّةِ وَجَرَتْ مَجْرَاهَا فِي الصَّرْفِ، وَعُلِمَ مِمَّا قَرَّرْنَا أَنَّهُ لَوْ نَذَرَ التَّضْحِيَةَ بِهَذَا وَهُوَ سَلِيمٌ ثُمَّ حَدَثَ بِهِ عَيْبٌ ضَحَّى بِهِ وَثَبَتَتْ لَهُ أَحْكَامُ التَّضْحِيَةِ، وَيَنْقُصُ بِفَتْحِ أَوَّلِهِ وَضَمِّ ثَالِثِهِ بِضَبْطِ الْمُصَنِّفِ إذْ هِيَ لُغَةُ الْقُرْآنِ (فَلَا تُجْزِئُ عَجْفَاءُ) وَهِيَ الَّتِي ذَهَبَ مُخُّهَا مِنْ الْهُزَالِ، وَقَدْ يَكُونُ خِلْقَةً أَوْ لِهَرَمٍ أَوْ مَرَضٍ لِلْخَبَرِ الصَّحِيحِ «أَرْبَعٌ لَا تُجْزِئُ فِي الْأَضَاحِيِّ: الْعَوْرَاءُ الْبَيِّنُ عَوَرُهَا، وَالْمَرِيضَةُ الْبَيِّنُ مَرَضُهَا، وَالْعَرْجَاءُ الْبَيِّنُ عَرَجُهَا، وَالْكَسِيرَةُ» وَفِي رِوَايَةٍ «وَالْعَجْفَاءُ الَّتِي لَا تُنْقِي» مِنْ النِّقْيِ بِكَسْرِ النُّونِ وَسُكُونِ الْقَافِ وَهُوَ الْمُخُّ (وَمَجْنُونَةٌ) لِأَنَّهُ وَرَدَ النَّهْيُ عَنْ التَّوْلَاءِ وَهِيَ الْمَجْنُونَةُ الَّتِي تَسْتَدْبِرُ الْمَرْعَى وَلَا تَرْعَى إلَّا الْقَلِيلَ وَذَلِكَ يُورِثُ الْهُزَالَ (وَمَقْطُوعَةُ بَعْضِ أُذُنٍ) أَبْيَنَ وَإِنْ قَلَّ لِذَهَابِ جُزْءٍ مَأْكُولٍ، وَأَفْهَمَ كَلَامُهُ عَدَمَ إجْزَاءِ مَقْطُوعَةٍ كُلِّهَا بِالْأَوْلَى وَكَذَا فَاقِدَتُهَا خِلْقَةً، وَلَا يَضُرُّ فَقْدُ أَلْيَةٍ خِلْقَةً إذْ الْمَعْزُ لَا أَلْيَةَ لَهُ وَلَا فَقْدُ ضَرْعٍ إذْ الذَّكَرُ لَا ضَرْعَ لَهُ، وَيُفَارِقُ مَا مَرَّ فِي فَقْدِ الْأُذُنِ بِأَنَّهَا عُضْوٌ لَازِمٌ غَالِبًا. نَعَمْ لَوْ قُطِعَ مِنْ الْأَلْيَةِ جُزْءٌ يَسِيرٌ لِأَجْلِ كِبَرِهَا، فَالْأَوْجَهُ الْإِجْزَاءُ كَمَا أَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - بِدَلِيلِ قَوْلِهِمْ لَا يَضُرُّ فَقْدُ فَلَقَةٍ يَسِيرَةٍ مِنْ عُضْوٍ كَبِيرٍ (وَذَاتُ عَرَجٍ) بَيِّنٍ بِحَيْثُ تَتَخَلَّفُ بِسَبَبِهِ عَنْ الْمَاشِيَةِ فِي الْمَرْعَى، وَإِذَا ضَرَّ وَلَوْ بِاضْطِرَابِهَا عِنْدَ ذَبْحِهَا فَكَسْرُ الْعُضْوِ وَفَقْدُهُ أَوْلَى (وَ) ذَاتُ (عَوَرٍ) وَعُلِمَ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
قَوْلُهُ: وَلَوْلَا تُجْزِئُ ضَحِيَّةٌ) أَيْ الضَّحِيَّةُ الْمَنْدُوبَةُ وَالْمَنْذُورَةُ فِي ذِمَّتِهِ (قَوْلُهُ: وَهُوَ سَلِيمٌ) أَيْ وَالْحَالُ (قَوْلُهُ: وَتَثْبُتُ لَهُ أَحْكَامُ التَّضْحِيَةِ) قَضِيَّتُهُ إجْزَاؤُهَا فِي الْأُضْحِيَّةِ، وَعَلَيْهِ فَيُفَرَّقُ بَيْنَ نَذْرِهَا سَلِيمَةً ثُمَّ تَتَعَيَّبُ وَبَيْنَ نَذْرِ التَّضْحِيَةِ بِالنَّاقِصَةِ بِأَنَّهُ لَمَّا الْتَزَمَهَا سَلِيمَةً خَرَجَتْ عَنْ مِلْكِهِ بِمُجَرَّدِ النَّذْرِ فَحُكِمَ بِأَنَّهَا ضَحِيَّةٌ وَهِيَ سَلِيمَةٌ، بِخِلَافِ الْمَعِيبَةِ فَإِنَّ النَّذْرَ لَمْ يَتَعَلَّقْ بِهَا إلَّا نَاقِصَةً فَلَمْ تَثْبُتْ لَهَا صِفَةُ الْكَمَالِ بِحَالٍ (قَوْلُهُ: وَضَمُّ ثَالِثِهِ) وَيَجُوزُ فِيهِ أَيْضًا ضَمُّ الْيَاءِ مَعَ تَشْدِيدِ الْقَافِ وَكَسْرِهَا (قَوْلُهُ وَمَقْطُوعَةُ بَعْضِ أُذُنٍ) وَمِثْلُ الْأُذُنِ اللِّسَانُ بِالْأَوْلَى وَهَلْ مِثْلُ قَطْعِ بَعْضِ الْأُذُنِ مَا لَوْ أَصَابَ بَعْضَ الْأُذُنِ آفَةٌ أَذْهَبَتْ شَيْئًا مِنْهَا كَأَكْلِ نَحْوِ الْقُرَادِ لِشَيْءٍ مِنْهَا أَوْ لَا، وَيُفَرَّقُ بِالْمَشَقَّةِ الَّتِي تَحْصُلُ بِإِرَادَةِ الِاحْتِرَازِ عَنْ مِثْلِ ذَلِكَ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الثَّانِي لِأَنَّ مَا لَا اخْتِيَارَ لَهُ فِيهِ حَيْثُ لَمْ يُنْقِصْ اللَّحْمَ مُغْتَفَرٌ كَمَا فِي الْعَرَجِ الْيَسِيرِ وَكَالْمَرَضِ الَّذِي لَا يَحْصُلُ بِهِ شِدَّةُ هُزَالٍ وَنَحْوِهِ (قَوْلُهُ: وَكَذَا فَاقِدَتُهَا) أَيْ بِأَنْ لَمْ يُخْلَقْ لَهَا أُذُنٌ أَصْلًا، أَمَّا صَغِيرَةُ الْأُذُنِ فَتُجْزِئُ لِعَدَمِ نَقْصِهَا فِي نَفْسِهَا كَصَغِيرَةِ الْجُثَّةِ (قَوْلُهُ إذْ الْمَعْزُ لَا أَلْيَةَ لَهُ) مَفْهُومُهُ أَنَّ قَطْعَ الذَّنَبِ مِنْ الْمَعْزِ يَضُرُّ، وَفِي حَجّ وَأَلْحَقَا الذَّنَبَ بِالْأَلْيَةِ، وَاعْتَرَضَا بِتَصْرِيحِ جَمْعٍ بِأَنَّهُ كَالْأُذُنِ بَلْ فَقْدُهُ أَنْدَرُ مِنْ فَقْدِ الْأُذُنِ.
وَبَقِيَ مَا لَوْ خُلِقَتْ الْمَعْزُ بِلَا ذَنَبٍ هَلْ تُجْزِئُ أَمْ لَا فِيهِ نَظَرٌ، ثُمَّ رَأَيْت مَتْنَ الرَّوْضِ صَرَّحَ بِالْإِجْزَاءِ فِي ذَلِكَ (قَوْلُهُ: بِأَنَّهَا عُضْوٌ لَازِمٌ) وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِي ذَلِكَ بَيْنَ كَوْنِ الْأَلْيَةِ صَغِيرَةً فِي ذَاتِهَا كَمَا هُوَ مُشَاهَدٌ فِي بَعْضِ الْغَنَمِ وَكَوْنِهَا كَبِيرَةً، وَلَا يُنَافِيهِ قَوْلُهُ فَقْدُ فَلَقَةٍ يَسِيرَةٍ مِنْ عُضْوٍ كَبِيرٍ لِأَنَّ الْمُرَادَ الْكِبْرُ النِّسْبِيُّ، فَالْأَلْيَةُ وَإِنْ صَغُرَتْ فَهِيَ مِنْ حَيْثُ هِيَ كَبِيرَةٌ بِالنِّسْبَةِ لِلْأُذُنِ، هَذَا وَيَبْقَى النَّظَرُ فِيمَا لَوْ وُجِدَتْ أَلْيَةٌ قُطِعَ جُزْءٌ مِنْهَا وَشَكَّ فِي أَنَّ الْمَقْطُوعَ كَانَ كَبِيرًا فِي الْأَصْلِ فَلَا يُجْزِئُ مَا قُطِعَتْ مِنْهُ الْآنَ أَوْ صَغِيرًا فَيُجْزِئُ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الْإِجْزَاءُ لِأَنَّهُ الْأَصْلُ فِيمَا قُطِعَتْ مِنْهُ وَالْمُوَافِقُ لِلْغَالِبِ فِي أَنَّ الَّذِي يُقْطَعُ لِكِبَرِ الْأَلْيَةِ صَغِيرٌ (قَوْلُهُ: وَإِذَا ضَرَّ) أَيْ الْعَرَجُ (قَوْلُهُ: فَكُسِرَ الْعُضْوُ) وَمِنْ ذَلِكَ مَا لَوْ قُطِعَ بَعْضُ الْعُرْقُوبِ بِحَيْثُ لَوْ بَقِيَتْ بِلَا ذَبْحٍ لَا تَسْتَطِيعُ الذَّهَابَ مَعَهُ لِلْمَرْعَى، فَلَوْ فَعَلَ بِهَا ذَلِكَ عِنْدَ إرَادَةِ الذَّبْحِ لِيَتَمَكَّنَ الذَّابِحُ مِنْ ذَبْحِهَا لَمْ تُجْزِ عَلَى مَا اقْتَضَاهُ قَوْلُهُ فِيمَا مَرَّ وَسَوَاءٌ أَكَانَ النَّقْصُ فِي الْحَالِ كَقَطْعِ فَلَقَةٍ إلَخْ وَمِنْ قَوْلِهِ هُنَا، وَإِذَا ضَرَّ وَلَوْ بِاضْطِرَابِهَا
[حاشية الرشيدي]
قَوْلُهُ: وَكَذَا فَاقِدَتُهَا) أَيْ لَا تُجْزِئُ إذْ لَيْسَ مِمَّا أَفْهَمَهُ الْمَتْنُ بِدَلِيلِ أَنَّهُ يَضُرُّ قَطْعُ بَعْضِ الْأَلْيَةِ وَلَا يَضُرُّ فَقْدُ جَمِيعِهَا خِلْقَةً (قَوْلُهُ: لِأَجْلِ كِبَرِهَا) أَيْ لِأَجْلِ أَنْ تَكْبَرَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute